نبض أرقام
03:16 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

الأصول غير الملموسة .. لماذا تشكل عبئًا على الميزانية العمومية للشركات؟

2021/05/29 أرقام - خاص

يدور الحديث منذ سنوات ليست بالبعيدة عن هيمنة مرتقبة للشركات ذات "الأصول غير الملموسة" على الاقتصادات، نظرًا للاتجاه العالمي الذي يعظّم فوائد التحول الرقمي والاستفادة من الابتكارات غير المادية.

 

وتجسدت هذه التحولات في ارتفاع نجم شركات مثل "أوبر" و"إير بي إن بي" و"علي بابا"، والتي تحظى بتقييم سوقي يتراوح بين عشرات ومئات المليارات لكل منها، رغم أنها لا تمتلك تقريبًا أي أصول مادية تؤهلها لهذه القيمة، ولكنها تعتمد على مفهوم المنصة.

 

 

أصبح المستهلكون أكثر اعتمادًا على جوالاتهم في تلبية احتياجاتهم الأساسية، وتضمن لهم هذه الشركات طريقة يسيرة ومرنة للحصول على خدمات مثل النقل وطلب الطعام واستئجار المساكن وحتى تسوق الملابس والأجهزة الكهربائية وإجراء المعاملات المالية.

 

في الحقيقة، الأصول غير الملموسة ليست اكتشافًا حديث العهد؛ إذ يقصد بها الأصول الفكرية التي يصعب تحديد قيمتها، ومع ذلك يحتمل أن تكون أكثر قيمة من الأصول المادية التي تشمل الأصول المتداولة والثابتة مثل النقود والأوراق المالية والمعدات والأثاث والمباني.

 

تشمل الأصول غير الملموسة (تعرف أكثر من هنا) بنودًا مثل؛ براءات الاختراع وحقوق الملكية واتفاقيات التراخيص والتصميمات والأسرار التجارية والسمعة، وهي بطبيعة الحال لا تُقبل كضمان للإقراض ويصعب تسييلها، بخلاف الأصول المادية التقليدية.

 

وفي ظل التحولات التي يشهدها قطاع الأعمال والاعتماد المتزايد على الأصول غير الملموسة في بناء الأنشطة التجارية، أصبح هذا البند وتقديره نقطة نقاش ساخنة في عالم الاستثمار لما يشكله من تأثير كبير على العلامة التجارية وقيمة الشركات.

 

السر وراء الخسائر الضخمة

 

- تشير البيانات إلى أن نسبة الشركات في مؤشر "Russell 3000 " الأمريكي التي سجلت صافي دخل سالب، ارتفعت من دون 5% خلال عام 1980 إلى قرابة 40% بحلول عام 2020، وفقًا لبيانات "فاكت ست".

 

- وفقًا لتقرير لمصرف "مورجان ستانلي" فإن هذا العدد المتضخم من الشركات الخاسرة كان نتيجة التحول إلى الاستثمار في الأصول غير الملموسة. تسجل الشركات خسائر لأن إنفاقها على الاستثمار يتجاوز الأرباح الحالية، وهو أمر جيد إذا كانت هذه الاستثمارات تنبئ بعائدات مغرية مستقبلاً.

 

 

- عادة ما كانت تعتبر الاستثمارات في بيان التدفق النقدي "نفقات رأسمالية"، ويتم توزيع قيمة الإهلاك على مدار العمر الإنتاجي للأصل (إذا دشن المستثمر مصنعًا بتكلفة 20 مليون دولار، ويتوقع استمراره 20 عامًا، فهذا يعني أن تكلفة السنة هي مليون دولار).

 

- لكن عندما يتعلق الأمر مثلًا بالبحث والتطوير، يصبح الأمر أكثر صعوبة؛ إذ عادةً ما يتم دفع تكاليف البحث والتطوير وتكاليف الإعلان بالكامل، وبالمقارنة في المثال السابق، لو أنفق المستثمر 20 مليون دولار لتطوير أداة رقمية، فإن ذلك يؤثر مباشرة في صافي أرباحه دون حاجة لاحتساب معدل إهلاك أو الرسملة.

 

- بموجب القواعد الأمريكية الموضوعة عام 1975، لا يمكن للمحاسبين اعتبار البحث والتطوير أصلاً ذا قيمة محددة في الميزانية العمومية، ولكنه مصروف يقلل من أرباح الشركات.

 

- ببساطة ولفهم ما سبق، فإن الإنفاق على الاستثمارات غير الملموسة لا يحقق مبدأ التطابق المحاسبي، إذ يتم التعامل معه باعتباره جزءًا من "النفقات اليومية" رغم فوائد هذا الإنفاق على المدى البعيد، وبالتالي يقلل ذلك من الأرباح المسجلة، وبمجرد تراجع هذا الإنفاق ستبدو الأرباح تنمو بشكل أسرع.

 

- هذا نوع من التشويه، تبدو معه الصناعات الاستثمارية كثيفة الاعتماد على الأصول المادية مثل "جنرال موتورز" أو "لوكهيد مارتن" أو "كاتربيلر"، أكثر ربحية بكثير من شركات التكنولوجيا، فقط لأن تكلفة الاستثمار يمكن أن توزع على مدى سنوات عدة.

 

- بالعودة إلى بيانات "فاكت ست" المشار إليها، فقد يكون الأمر هو أن المزيد من الشركات الأمريكية تكافح من أجل جني الأرباح، أو ببساطة مجرد مزيج من الشذوذ في قواعد المحاسبة وتحول الشركات لتكون أقل تركيزًا على الأصول المادية (من المحتمل أن يكون كلاهما صحيحًا).

 

- لكن ذلك يشير إلى أهمية معرفة التوازن بين المصروفات والاستثمار، حيث يصبح من السهل نسبيًا تحديد الشركات التي كانت تدر (على سبيل المثال) 1.20 دولار مقابل دولار استثمرته، سواء أنفقت هذه الأموال على بناء أنظمة مبيعات جديدة أو مصنع أو برنامج إلكتروني داخلي.

 

 

صورة مربكة للمستثمرين

 

- وجد "مورجان ستانلي" عبر طريقة لتحديد الإنفاق على الأصول غير الملموسة طورها الأكاديميان "لومينيتا إيناتشي" و"أنوب سريفاستافا" أن الاستثمار في هذا الجانب لشركات "روسيل 3000" بلغ 1.8 تريليون دولار في عام 2020.

 

- يعادل هذا الرقم أكثر من ضعفي الإنفاق الرأسمالي البالغ 800 مليار دولار الذي رصده المصرف في الميزانيات العمومية للشركات، وهذه مشكلة كبيرة لا تصدق بالنسبة لأي شخص مهتم بالتخصيص الفعال لرأس المال.

 

- إذا قدمت إدارة الشركة معلومات مناسبة عن الاستثمارات غير الملموسة في الحسابات، فإنها ستحتاج أيضًا إلى فرض رسوم إهلاك محرجة بشكل متكرر لأن طبيعة العديد من الأصول غير الملموسة (مثل البحث والتطوير) تعني أن الفشل سيناريو محتمل.

 

- بالنسبة للمدققين، فإن وجود عنصر جديد يصعب التحقق من صحته وتقييمه، يزيد من مخاطر التقاضي، لذا تعتبر المعالجة المحاسبية للأصول غير الملموسة مشكلة كبيرة للمستثمرين أيضًا، ويجب أن يكون جميع المستثمرين على دراية بمدى خلل الأرقام في بيانات الدخل والميزانية العمومية للعديد من الشركات.

 

- لذلك عندما يتعلق الأمر بالأصول غير الملموسة، غالبًا ما تقدم بيانات دخل الشركات صورة مربكة تمامًا، فيما يمتلك اللاعبون الكبار في هذا المجال ميزانيات عمومية تقلل بشكل كبير من المستوى الحقيقي لاستثمار النشاط التجاري، وهذا غالبًا ما يجعل مثل هذه الشركات تبدو أكثر كفاءة في تخصيص رأس المال مما هي عليه.

 

الفوز للفكرة الواعدة

 

- رغم هذه الضبابية المحاسبية وصعوبة التقييم، فإن أصحاب الفكرة الواعدة يفوزون بدعم وتأييد كبار المستثمرين، وشركة التكنولوجيا الحيوية "مودرنا" التي عُرفت قبل الجائحة بتسجيلها للخسائر، أصبحت أبرز مثالًا لدورها في إنهاء الوباء، ما منحها تقييمًا سوقيًا بعدة مليارات.

 

- في حين أن الشركة تمتلك المعدات والأموال اللازمة، فإن ما يجعل المستثمرين على استعداد للإنفاق وقبول نتائجها هو أنها تمتلك آفاقًا واعدة مستمدة من استثمارها في البحث والتطوير، والذي بطبيعة الحال يسجل كإنفاق يُخصم من الأرباح.

 

 

- الآن تتراجع أسماء استثمارية كبيرة في وول ستريت مثل "Wellington Management"، ويغيرون نماذج الاستثمار الخاصة بهم لتسهيل تقييم الشركات القائمة بالأساس على الأصول غير الملموسة.

 

- قال "كامبل هارفي" كبير مستشاري شركة "Research Affiliates" في تقرير حديث: نحن الآن في اقتصاد أكثر توجهًا نحو الخدمة والتكنولوجيا، لذا من المهم دمج هذه المقاييس الخاصة بالأصول غير الملموسة، حيث يؤدي دمج الأصول غير الملموسة في القيم الدفترية إلى أداء متفوق للمستثمرين.

 

 

المصادر: أرقام- فايننشال تايمز- إنفستورز كرونيكل- بلومبيرغ

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.