نبض أرقام
08:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

مراجعة كتاب "السوق الحرة: تاريخ فكرة"

2022/10/08 أرقام

كتب ألبرتو مينجاردي هو المدير العام بمعهد برونو ليوني، وهي مؤسسة فكرية إيطالية للسوق الحرة، وهو أيضاً أستاذ مشارك في تاريخ الفكر السياسي بجامعة "IULM" في مدينة ميلانو، مقالةً يراجع فيها كتاب "السوق الحرة: تاريخ فكرة" "Free Market: The History of an Idea" لجاكوب سول.

 

 

- ويقول مينجاردي إنه لا يوجد نقص في الكتب التي تجادل بأن "فكر السوق الحرة يفشل في تفسير فشل السوق الدوري والمدمر"، أو الادعاء بأن الاقتصادي الأمريكي ميلتون فريدمان دافع عن "الداروينية الاجتماعية للشركات التحررية" وتوبيخه بسبب تقاربه المفترض من حاكم تشيلي الدكتاتور أوغوستو بينوشيه.

 

- إن القول بأن اقتصاديي السوق الحرة المعاصرين كانوا "يقاتلون محاربي الحرب الباردة بقليل من الصبر بسبب الفروق الدقيقة أو التناقضات في أفكارهم" هي فكرة متكررة تناولها العديد من الباحثين.

 

- ويشير الافتقار المفترض إلى الفروق الدقيقة إلى الإحجام عن رؤية أن المحاولات الغربية للتخطيط المركزي تختلف اختلافاً جوهرياً عن تلك التي تمارس في الدول الواقعة ما وراء الستار الحديدي، وهو مصطلح يطلق على الجهود التي بذلها الاتحاد السوفيتي لعزل نفسه والدول التابعة له من التواصل المفتوح مع الغرب ودوله الحليفة.

 

- ومع ذلك، فإن جاكوب سول أذكى من منافسيه الكثيرين؛ فهو يبدأ كتابه "السوق الحرة: تاريخ فكرة" بالكاتب الروماني شيشرون ولا يصل إلى فريدمان حتى الصفحة 250 من الكتاب.

 

- يسرد سول حكمة القدماء وألفي عام من التاريخ لتوظيفها في معركته -العدو، في هذه الحالة، هو فكرة الاقتصاد غير منظم، الذي تكون فيه سلطة الحكومة محدودة للغاية.

 

- ويمتنع سول عن استخدام المصطلحات التحقيرية مثل "الليبرالية الجديدة" ويشير بدلاً من ذلك إلى "السوق الحرة". إن مثل هذه الشهامة - أن يسمي خصومه بما يحبون أن يسمون به- جديرة بالثناء.

 

- ومع ذلك، فإن تعريفاً أوضح لـ "فكر السوق الحرة" وتفسير لاستخدامه لهذا التعبير كان من الممكن أن يكون مفيداً في التفرقة بين هذا المصطلح ومصطلحات أخرى مثل الفردية أو الرأسمالية.

 

- لا يمكن أن يكون نطاق تحليل سول أوسع.. إنه واسع المعرفة بالتأكيد، وهو يقود قارئه عبر هذه المتاهة الأدبية بلطف.

 

- ويكون سول في أفضل حالاته عند مناقشة حياة وعصر رجل الدولة الفرنسي في القرن السابع عشر جان بابتيست كولبير، الذي يتخصص فيه.

 

- ويمكن للقراء تعلم الكثير من أمثلة سول ومن الحكايات العديدة التي يستخدمها لإضفاء الإثارة إلى سرديته.

- غير أن مشكلة الكتاب تكمن في منطقه؛ فوجهات نظر سول غير مطورة بشكل كامل، كما أنها غير دقيقة، إذ إنه نشرها فقط لتأكيد تحيزه لصالح الإجراءات الحكومية.

 

- يعرّف سول "أيديولوجية السوق الحرة" على أنها الاعتقاد بأن "منتجي الثروة، سواء كانوا مزارعين في القرن الثامن عشر، أو بناة في القرن العشرين، أو رواد أعمال، أو مساهمين أثرياء، يجب ألا يخضعوا للضرائب"، وهو خيط ربط مزعوم بين الاقتصادي الفرنسي فرانسوا كيسناي وفريدمان.

 

- إنه يتعامل مع التاريخ كمستودع للأمثلة التي تبين أنه لا يمكن ترك نظام الأسعار يعمل بمفرده لأنه، في جوهره، لم يُترك مطلقاً ليكون حراً تماماً، وهو يؤسس وجهة نظره على نوع من الفلسفة الهيجلية الساذجة، بمعنى أن كل ما هو حقيقي يجب أن يكون دائماً عقلانياً.

 

- يبدو أن سول يفهم أفكار السوق الحرة باعتبارها أيديولوجية قدمت "حلولاً خارقة": اترك الأشياء وشأنها، وستهتم هي بنفسها- غير أن هذا يؤدي إلى توليد منافع لبعض الجماعات الخاصة.

 

- كما أنه لا يُظهر الكثير من التعاطف مع الواقعية السياسية من النوع الذي مارسه مكيافيلي وهوبز، والتي يعتقد أنها مبنية على رؤية "ساخرة" للإنسانية.

 

- يميل سول إلى مساواة أفكار السوق الحرة بنظرية التوازن العام، ويؤكد أن التحرريين المعاصرين يتعاملون مع الحكومة بصرامة، وبلطف مع القطاع الخاص.

 

- وهو يتهمهم بنسيان تحذير آدم سميث من رجال الأعمال، ونصيحته بالحذر من تدخل نشاط الأعمال في السياسة.

 

- ومع ذلك، فهو يدافع عن تدخلات الحكومة بافتراض أنها استجابات ضرورية لمشاكل لا يمكن معالجتها بأي وسيلة أخرى.

 

- يدافع سول عن بطله، جان بابتيست كولبير، ضد سميث، الذي "ظن خطأ" أن كولبير أصدر الكثير من اللوائح الحكومية لأنه كان متأثراً بطبقة التجار.

 

- دعونا نعترف، من أجل الجدل، بأن سول على حق، وأن كولبير لم يكن ملوثاً بهذه المصالح المكتسبة، هل يمكننا أن نفترض أن الأمر نفسه ينطبق على خلفائه؟

 

- وإذا لم يكن كولبير قد تأثر بضغوط طبقة التجار، لماذا لا نفترض أن المسؤولين يتصرفون بشكل مستقل أيضاً عندما يطالبون بقدر أقل من التنظيم والقيود في الأسواق؟

 

- عندما ينتقل سول خارج مجال خبرته الفرنسية، يتولد لدى المرء انطباع بأن لديه معرفة سطحية بالمؤلفين الذين يذكرهم، وكمثال على هذا، انظر إلى التعليقات التي يقدمها على كتاب "الطريق إلى القنانة" "The Road to Serfdom" للكاتب فريدريش هايك.

 

- يعلق سول على الكتاب قائلاً: "بعد إدراك متأخر ومعرفة بدور الحكومة في النمو الاقتصادي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، يتجلى افتقار الكتاب التام إلى إدراك حقائق فترة النمو التي أعقبت الحرب وتبنيه رؤية متعصبة للدولة باعتبارها قوة شريرة".

 

- يعلق سول قائلاً: "لابد أن هايك عرف شيئاً عن الدور الرائد الذي لعبته الصناعة الخاصة الألمانية في دعم هتلر. . . . تتوافق اقتصاديات النازية مع شكوك سميث تجاه معاداة الشركات".

 

- إن هذا تصريح كوميدي تقريباً، إذ إن هايك ألف كتاب "الطريق إلى القنانة" لتوضيح ما اعتبره مفاهيم خاطئة شائعة بين المثقفين البريطانيين، بما في ذلك فكرة أن النازية تمثل المحاولة الأخيرة للطبقة البرجوازية المتداعية لمقاومة الاشتراكية.

 

- في كتابه "الطريق إلى القنانة"، يكتب هايك بإسهاب عن نظام "الإدارة الاقتصادية" البروسي وكيف أن رفض الليبرالية انتشر عبر اليسار واليمين الألماني.

 

- ومن المضحك أيضاً ادعاء سول بأن هايك لم "يشرح كيف تعمل الاحتكارات الخاصة"، أو أن هايك كان غريباً عندما ربط الاحتكار بـ "النقابية والدولة ".

 

- في الواقع، يأخذ هايك على محمل الجد فكرة أن الاحتكار هو النتيجة "الحتمية" للابتكار التكنولوجي، وقد شرح لاحقاً أنه في ألمانيا "تم تعزيز نمو التحالفات الاحتكارية والنقابات بشكل منهجي منذ عام 1878 من خلال سياسة متعمدة".

 

- يمكنك أن تختلف مع هايك، لكن لا يمكنك إنكار أنه تناول المشكلة.

 

- كذلك، يتساءل المرء كيف يبدو أن مؤلف كتاب عن "السوق الحرة" لم يسمع أبداً أن السلطة السيادية تكافئ الاحتكارات، وأن النقابات العمالية تميل إلى التصرف بطريقة احتكارية أيضاً عند مكافحة قوة احتكار أصحاب العمل.

 

 

المصدر: مجلة City Journal

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.