حين تمكن القدماء فيما مضى من اكتشاف النار، بات بإمكانهم تدفئة أنفسهم، إلا أن تبريد الجو حين يكون حارًا كان يمثل تحديًا.
فقد كان الإمبراطور الروماني " Elagabulus" يرسل شعبه لجلب الثلج من الجبال، ووضعه في حديقته، حتي يمكن للنسائم أن تحمل الهواء البارد إلى الداخل.
ومنذ اختراع المكيف صار من السهل السيطرة على الطقس داخليًا، مما كان له العديد من الآثار غير المتوقعة.
في هذا الإطار، نشرت شبكة "بي بي سي" تقريرًا يتضمن تاريخ اختراع المكيف وتأثيره على العالم.
1- مشكلة الرطوبة
في القرن التاسع عشر تمكن "فريدريك تودور" من تكوين ثروة من خلال جمع الجليد من بحيرات نيو إنجلاند المجمدة في فصل الشتاء، ووضعه في نشارة خشب، وإرسالها إلى المناطق الأكثر دفئًا من أجل فصل الصيف، إلا أن المكيف كما يعرفه الناس بشكله الحالي لم يظهر إلا عام 1902، حين واجهت شركة الطباعة " Sackett & Wilhelms " مشكلات بسبب تأثير الرطوبة على الورق والحبر عند الطباعة بالألوان، حتى أنها كانت تضطر لطبع الورقة الواحدة 4 مرات، وطلبت من شركة التدفئة " Buffalo Forge" وضع نظام للسيطرة على الرطوبة. وتمكن المهندس الشاب "ويليس كارير" من اختراع طريقة لضبط الرطوبة والحرارة عند 55% بشكل ثابت.
2- فوائد أكبر
قام بوفالو فورج ببيع اختراع كارير للأماكن التي تتسبب الرطوبة بمشكلات فيها مثل مطاحن الدقيق وشركة "جيليت"، حيث تتسبب الرطوبة في تعرض شفرات الحلاقة للصدأ، وفي عام 2006 اكتشف كارير إمكانية تطبيق اختراعه في المباني العامة مثل المسارح التي كانت عادة ما تغلق أبوابها في فصل الصيف، بسبب عدم وجود نوافذ، وشهد الجمهور لأول مرة مكيفا في صالة سينما في عشرينات القرن العشرين.
3- التحول الهائل
لم يعد المكيف مجرد وسيلة للراحة، لكنه بات له تأثير كبير على طريقة ومكان العيش، فقد تتعطل أجهزة الكمبيوتر إذا تعرضت للسخونة أو الرطوبة الشديدة، كما أحدث المكيف ثورة في الهندسة المعمارية، فقد كان يتم تضمين المباني بجدران سميكة وسقوف مرتفعة ونوافذ وفناء فيما مضى للحفاظ على برودتها في المناخ الحار.
وبمجيء عام 1980 كانت الولايات المتحدة تستخدم أكثر من نصف أجهزة المكيف الموجودة في العالم، وبدأت الاقتصادات الناشئة تظهر في ذلك الوقت بسرعة، كما زادت نسبة المنازل المكيفة في المدن الصينية من أقل من العُشر إلى أكثر من ثلثين خلال 10 سنوات فحسب، ويشهد سوق مكيفات الهواء نموًا متضاعفًا في دول مثل البرازيل والهند وإندونيسيا.
وتظهر الدراسات العديد من الفوائد لمكيف الهواء، إذ إنه يقلل الوفيات أثناء موجات الحرارة، كما أنه حين تتجاوز درجة الحرارة 21 أو 22 درجة مئوية في قاعات الامتحان، يحصل الطلاب على درجات أقل في اختبارات الرياضيات.
ويساعد وجود مكيف الهواء في المكاتب على أن يصبح الموظفون أكثر إنتاجية، فوفقًا لإحدى الدراسات التي أجريت في وقت مبكر ساعد المكيف العاملين على الآلة الطابعة في الحكومة الأمريكية على زيادة إنتاجيتهم بنسبة 24%، وأكد الاقتصاديون منذ ذلك الحين على وجود علاقة بين الإنتاجية وإبقاء الجو باردًا.
4- التأثير السلبي لمكيف الهواء
وجدت دراسة أجريت في مدينة فينيكس بولاية أريزونا أن الهواء الساخن الذي تضخه المكيفات في الخارج يؤدي إلى زيادة درجة حرارة المدينة ليلاً درجتين مئويتين، كما يمكن أن تؤدي أنظمة تبريد مترو الأنفاق إلى رفع درجة حرارة الأرصفة بشكل كبير، وإضافة إلى ذلك فإن الكهرباء التي تستخدم في تشغيل أجهز المكيف تأتي عادة من حرق الغاز أو الفحم، وهو ما يؤدي إلى زيادة غازات الدفئية في الجو، والتي تسهم في ظاهرة الاحتباس الحراري، ورغم أن تقنية مكيفات الهواء صارت أكثر اخضرارًا، إلا أن الطلب عليها ينمو بسرعة هائلة، وسوف يكون هناك زيادة ثمانية أضعاف في استهلاك الطاقة بحلول عام 2050، وهو ما قد يسهم في تغير المناخ.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}