نبض أرقام
08:01 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

النفط والغاز والتجارة والثروة السمكية .. الحرب الباردة في بحر الصين الجنوبي

2017/11/24 أرقام - خاص

"لقد قلت له، هذا حقنا. سوف نقوم بالتنقيب عن النفط هناك. ولكنه رد قائلاً، نحن أصدقاء ولا نريد أن نتشاجر معكم ... نرغب في الحفاظ على الدفء الذي تتسم به علاقتنا الحالية، ولكن إذا أقدمتم على التنقيب عن النفط هناك، سندخل معكم في حرب".




هذا ما قاله الرئيس الفلبيني "رودريغو دوتيرتي" في مايو/أيار الماضي، حول محادثة جرت بينه وبين نظيره الصيني "شي جين بينج"، حذره فيها الأخير من الإقدام على التنقيب عن النفط في بحر الصين الجنوبي، الذي تتنازع ما يقرب من 6 دول السيادة على أجزاء مختلفة منه.

 

منذ عقود ويعتبر بحر الصين الجنوبي مصدراً للتوترات بين عدة بلدان في شرق آسيا، ومع مرور الوقت تزداد هذه النزاعات سوءًا. ففي السنوات الأخيرة زادت الصين من أنشطتها التي تهدف من خلالها إلى بسط سيطرتها على المنطقة، مثل قيامها ببناء جزر اصطناعية ومهابط للطائرات المقاتلة.
 

أين يقع؟ وما هي الأطراف المتنازعة عليه؟
 

- يقع بحر الصين الجنوبي على الطرف الغربي من المحيط الهادئ، ويشمل المنطقة الممتدة من سنغافورة إلى مضيق تايوانجرد، وتبلغ مساحته 1.4 مليون ميل مربع (3.5 مليون كلم مربع)، ويحتوي على مجموعة من الجزر، أشهرها جزر سبراتلي وجزر باراسيل وجزيرة سكاربورو شول.

 

- البلدان التي تتنازع السيادة على بحر الصين الجنوبي، هي: الصين وسلطنة بروناي وماليزيا والفلبين وتايوان وفيتنام. وفي حين أن الدول الخمس الأخيرة تتنازع على أجزاء مختلفة من المنطقة، تدعي الصين في المقابل سيادتها على كامل الممر المائي تقريباً.

 

- تنص اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار على أنه يمكن للدول السيطرة على المياه الإقليمية في حدود 200 ميل بحري (370 كلم) قبالة شواطئها، وهي ما تسمى بالمنطقة الاقتصادية الخالصة. كما نصت الاتفاقية الصادرة في عام 1982 على أن المناطق التي لا تقع في نطاق المنطقة الاقتصادية الخالصة لأي بلد، هي مياه دولية يتقاسمها الجميع.



 

- السؤال الآن، إذا كانت هناك مبادئ توجيهية واضحة، لماذا هذه الضجة؟.. المشكلة هي أن الصين ترى أنها تستحق أكثر من 200 ميل بحري من شواطئها، وتدعي السيادة على أجزاء كبيرة من المياه الاقتصادية الخالصة الخاصة بكل من فيتنام والفلبين وماليزيا وبروناي.

 

- تقول بكين إن العديد من الجزر الواقعة في المناطق التي تتنازع السيادة عليها مع جيرانها، اكتشفها البحارة الصينيون قبل آلاف السنين، وهي جزء لا يتجزأ من الصين. وفي عام 1947 حددت الصين حقوقها في المياه المتنازع عليها من خلال رسم خريطة على شكل حرف "U" تغطي نحو 70% من مساحة بحر الصين الجنوبي.
 

دور النفط والغاز في الصراع
 

- من المتوقع أن يسهم النمو الاقتصادي القوي الذي تشهده آسيا في ارتفاع الطلب على النفط في القارة خلال العقود القليلة المقبلة. فوفقاً لبيانات إدارة معلومات الطاقة، من المرجح أن تمثل الصين والهند وغيرهما من البلدان النامية في آسيا حوالي 72% من صافي الزيادة المتوقعة في استهلاك النفط العالمي حتى عام 2040.

 

- تشير تقديرات إدارة معلومات الطاقة أيضاً إلى أن بحر الصين الجنوبي يحتوي على 11 مليار برميل من النفط و190 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، مصنفة على أنها احتياطيات مؤكدة أو محتملة، وهو ما يقترب من حجم الاحتياطيات النفطية المؤكدة لدى المكسيك، وثلثي الاحتياطيات المؤكدة من الغاز الطبيعي في أوروبا (باستثناء روسيا).

 

- لكن في المقابل، تبدو التقديرات الصينية أكثر تفاؤلاً. فمثلاً تشير تقديرات مؤسسة النفط الوطنية الصينية (CNOOC) إلى أن بحر الصين الجنوبي يحتوي على 125 مليار برميل من النفط الخام و500 تريليون قدم مكعبة من الغاز.

 

- النقط المثيرة للاهتمام هي موقع هذه الاحتياطيات. حيث تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة إلى أن معظم حقول النفط والغاز المكتشفة تقع في الأجزاء غير المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، على مقربة من شواطئ الدول الست، في حين توجد كميات ضئيلة جداً من النفط وأقل من 100 مليار قدم مكعبة من الغاز في الحقول القريبة من جزر سبراتلي المتنازع عليها.



 

- اختارت العديد من البلدان المتورطة في هذا النزاع التعاون مع بعضها في بحر الصين الجنوبي. فعلى سبيل المثال، قامت ماليزيا وبروناي بتسوية النزاعات القائمة بينهما في عام 2009، وتشاركت الدولتان في مشاريع لاستكشاف النفط والغاز في الحقول البحرية في بروناي.

 

- على الرغم من النزاعات الإقليمية الجارية بينهما، تتعاون كل من ماليزيا وتايلاند وفيتنام في تطوير حقول نفط وغاز في مناطق مختلفة بخليج تايلاند.

 

- لكن رغم ذلك، بافتراض أن تقديرات الموارد الحالية دقيقة، لا ينبغي أن نتوقع أن يصبح بحر الصين الجنوبي منطقة تصدير رئيسية للنفط والغاز. ففي الصين على سبيل المثال ينتقل الغاز الطبيعي الذي تنتجه بكين في بحر الصين الجنوبي إلى المدن الساحلية القريبة.

 

- الفرضية الأكثر منطقية، هي أن بحر الصين الجنوبي، ستزداد أهميته مع مرور الوقت بالنسبة للاقتصادات الإقليمية كممر مائي يمر به جزء معتبر من التجارة الدولية.
 

أهميته الإستراتيجية كممر مائي
 

- تعتمد أسواق الطاقة الدولية على طرق نقل موثوقة، ويتحرك ما يقرب من 63% من النفط المنتج عالمياً عبر طرق بحرية، ويعتبر مضيق هرمز في الخليج العربي ومضيق ملقا الذي يربط بين المحيطين الهندي والهادئ، هما أهم نقاط الاختناق الإستراتيجية في العالم.

 

- تزايدت أهمية مضيق ملقا خلال العقدين الماضيين، لأنه أقصر طريق بحري يربط موردي النفط من أفريقيا والخليج العربي مع المستهلكين الآسيويين.

 

- ارتفع حجم التجارة النفطية المارة عبر مضيق ملقا من حوالي 7 ملايين برميل يومياً في عام 1993 (20% من النفط العالمي المنقول بحرياً) إلى 15.2 مليون برميل يومياً في نهاية 2013، وهو ما مثل نحو 27% من النفط العالمي المنقول بحرياً، وفقاً لبيانات مركز التحليلات البحرية.

 

- في المقابل، بلغ حجم التجارة النفطية المتدفقة عبر مضيق هرمز الذي يفصل ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج مكران وبحر عُمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى، حوالي 17 مليون برميل يومياً في عام 2013.



 

- الغالبية العظمى من النفط الذي يصل إلى مضيق ملقا تمر عبر بحر الصين الجنوبي، قبل أن تصل في النهاية إلى الصين واليابان، وهما أكبر مستهلكين للنفط في آسيا، في حين تذهب كميات أقل بكثير، تقترب من المليون برميل يومياً إلى مصافي تكرير في سنغافورة وماليزيا.

 

- بعد تكرير النفط الخام، يتم شحن المنتجات النفطية مثل البنزين ووقود الطائرات، مرة أخرى إلى الأسواق الآسيوية عبر بحر الصين الجنوبي.

 

- يعتبر بحر الصين الجنوبي أيضاً وجهة رئيسية لصادرات الغاز الطبيعي المسال. في عام 2011، مر حوالي 6 تريليونات قدم مكعبة من الغاز الطبيعي المسال أو أكثر من نصف التجارة العالمية للغاز الطبيعي المسال عبر بحر الصين الجنوبي، وصل نصفها إلى اليابان، والباقي تقاسمته كوريا الجنوبية والصين وتايوان وغيرها من البلدان الآسيوية.



 

- أخيراً، تستمر الحرب الباردة والنزاع الإقليمي في شرق آسيا على الممر المائي المزدحم، الذي تمر عبره سنوياً بضائع بقيمة 5.3 تريليون دولار، والغني أيضاً بالثروة السمكية، حيث يسهم بنحو 10% من تجارة الأسماك في العالم.

 

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.