لم تنته بعد أزمة العملة في الأسواق الناشئة التي أصابت عددا من البلدان أبرزها الأرجنتين وتركيا والهند وإندونيسيا، بل ربما تتحول إلى عدوى تنتشر في نطاق أوسع، وهو ما يهدد بانخفاض الطلب على النفط الخام، بحسب تقرير لموقع "أويل برايس".
وخلال الأسبوع الأخير من أغسطس/ آب، هبط البيزو الأرجنتيني بنسبة 20 %، ليعمق خسائره السنوية إلى أكثر من 50 %، ورفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 15 نقطة مئوية إلى 60 في المائة، أملًا في وقف نزيف القيمة الذي تتعرض له العملة المحلية.
الاقتصاد العالمي قد يتعثر
- عوضت العملة الأرجنتينية بعد ذلك بعض خسائرها، لكنها تتداول الآن قرب 37 بيزو للدولار الواحد، مقارنة بـ27 بيزو في أوائل الشهر الماضي، و18 بيزو في بداية العام الجاري، وبطبيعة الحال تبدو الدولة اللاتينية في أزمة حقيقية، لكن اضطراب العملة يدل على وجود مشكلة أوسع في الأسواق الناشئة.
- فقدت عملات عدة الكثير من قيمتها هذا العام، ما دفع البنوك المركزية إلى رفع الفائدة، أو بقول آخر؛ فإن قوة الدولار النابعة من تشديد سياسة الاحتياطي الفيدرالي وضعت ضغوطا هبوطية على العملات في جميع أنحاء العالم.
- هذا يؤكد مشكلة أعمق في الاقتصاد العالمي، فبعد عقد من فرض أسعار فائدة قريبة من الصفر، كيف للبنك المركزي الأمريكي التراجع عن سياساته المحفزة دون الضغط على الاقتصاد العالمي؟
- الدولار القوي يضر بالأسواق الناشئة بعدة طرق، أولها تقويض عملات هذه الأسواق بشكل مباشر عبر خفض قيمتها أمامه، ومن هنا تزداد المشكلة سوءًا، فالعملة الأضعف ستجعل الديون الدولارية في هذه البلدان أكثر كلفة وتصعب سدادها.
- قد يؤدي ذلك إلى إبطاء تحرك تلك الاقتصادات لأن الشركات سيتحتم عليها خفض النفقات، وسترتفع مخاطر التخلف عن السداد، ويضاف إلى ذلك حقيقة أن الحكومات بحاجة إلى وقاية من عدم استقرار الاقتصاد الكلي، وهو ما يعني أن عليها هي الأخرى تقليل الإنفاق، بجانب رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة لوقف تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج، والحد من التضخم، وتدعيم العملات.
دواء بمرارة السقم
- إن صدمة التكيف المالي هي ترياق الثقة المفقودة في الأسواق وفقًا لمحللي مصرف "جولدمان ساكس"، لكن بطبيعة الحال، يميل التقشف وأسعار الفائدة المرتفعة إلى تعميق الانكماش الاقتصادي، على الأقل خلال الأجل القريب، والحقيقة أن العلاج بهذه الطريقة يشعر المريض بنفس الألم الذي يتسبب فيه المرض.
- أصبحت مشاكل العملة أكثر وضوحًا في جميع أنحاء العالم، حيث تعرضت عملات بلدان مثل البرازيل والهند وجنوب إفريقيا وإندونيسيا وروسيا وحتى الصين لضغوط قوية، لكن الأرجنتين وتركيا كانتا أكبر المتأثرين.
- انخفض الريال البرازيلي والراند الجنوب إفريقي بنسبة 10% لكل منهما على مدار الشهر الماضي، بينما هبط البيزو الأرجنتيني والليرة التركية بمقدار الثلث خلال الفترة ذاتها، لكن في الحالة الأرجنتينية، من المفيد التذكر أن الأزمات المالية وضغوط العملة يمكن أن تقع بسرعة.
- حتى حزمة الإنقاذ التي وافق عليها صندوق النقد الدولي هذا العام والبالغة 50 مليار دولار، لم تكن كافية، بل إن الهبوط الأخير في العملة جاء بعدما قال رئيس الأرجنتين "ماوريسيو ماكري" إنه سيسعى للاتفاق مع الصندوق على تسريع وتيرة منح بلاده الدفعات.
النفط غير محصن ضد العدوى
- تسبب هبوط البيزو بمشاكل في قطاع الطاقة الأرجنتيني، نظرًا لأثر ذلك على مبيعات النفط داخل البلاد والمقومة بالعملة المحلية، وقياسًا على ذلك، بدأت اضطرابات العملات في هذه الأجزاء من العالم تأخذ شكل العدوى واسعة الانتشار.
- في الواقع يختلف المحللون حول ما يحدث في الأسواق الناشئة، لكن حتى لو نجح النظام المالي في تجنب عدوى مالية أشد وطأة وأوسع نطاقًا، سيظل هناك ما يكفي من الرياح المعاكسة التي يمكنها إبطاء العديد من الاقتصادات.
- سيكون نصيب سوق النفط من هذه الرياح هو تراجع الطلب على النفط، فالتباطؤ العام في الأسواق الناشئة سوف يعطل الطلب بشكل مباشر، لكن الأسوأ هو أن مشكلة فقدان العملات لقيمتها سيضخم الأثر.
- بما أن النفط يقوم بالدولار، فإن الانخفاض الحاد في أسعار صرف بعض العملات سيجعل تكلفة شراء الخام أكبر، وبالتالي سيترتب على ذلك تخفيض الاستهلاك.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}