نبض أرقام
08:33 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

لماذا يظل بريق الذهب خافتًا رغم المخاطر الهبوطية التي تحيط بالأسهم؟

2018/10/02 أرقام

"احذروا، هلموا إلى الملجأ".. قد تبدو هذه الجملة مقتبسة من أحد الأشخاص المحاصرين داخل مبنى يتعرض للقصف المدفعي أو يوشك على التداعي جراء زلزل قوي، لكنها في الحقيقة تبدو مألوفة أيضًا لأولئك في "وول ستريت" وغيره من المراكز المالية حول العالم، فأما المبنى فهو سوق الأسهم، وأما الملجأ فهو الذهب، بينما الخطر الذي يجب الحذر فقد تختلف أسبابه لكن آثاره تتشابه كثيرًا مع الزلازل وحتى الهجوم المدفعي، بحسب تقرير لـ"ساوث تشاينا مورنينغ بوست".

 

جرت العادة أن يكون الذهب أبرز الملاذات الآمنة للمستثمرين خلال الأوقات العصيبة، التي عادة ما تشمل عدم اليقين السياسي والاقتصادي والاضطرابات الجيوسياسية، وهي مخاطر لا شك أنها تحيط بالعالم الآن من شرقه لغربه، ومع احتقان العلاقات بين الولايات المتحدة والصين بسبب النزاع التجاري والضبابية السياسية في بعض البلدان الأوروبية وحتى المخاوف المتعلقة بالشرق الأوسط، لا يبدو أن أسواق الأسهم تسير وفق هذه العادة.

 

 

التحذيرات مؤخرًا جاءت من أطراف عدة، كان آخرها من الاقتصادي الحائز على جائزة "نوبل" "روبرت شيلر" والذي أشار إلى احتمال انفجار فقاعة أسهم في "وول ستريت"، فيما يرى محللون أن الانهيار قد يبدأ من الأسواق الناشئة بضغط من ارتفاع الفائدة الأمريكية والحروب التجارية، وفي سياق غير مختلف توقع بعض المليارديرات والمستثمرين انهيار الأسهم، ومنهم المصري "نجيب ساويرس" الذي كشف مؤخرًا عن استثمار نصف ثروته في الذهب.

 

على أي حال، ومع تكرار التحذيرات مثل تلك التي أطلقها "ساويرس"، يبدو أن مفهوم الملاذات الآمنة في عالم الاستثمار يتبدل، وباتت هناك تساؤلات منطقية حول ضعف أداء سعر المعدن النفيس في الأوقات التي تتزايد فيها المخاوف السياسية والاقتصادية.

 

 

المخاطر تحاصر الأسواق

 

- إن قائمة البنود المسببة لعدم اليقين حول العالم اليوم باتت مثيرة للإعجاب والقلق على حد سواء، وتشمل على سبيل المثال، الحرب التجارية المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، والاضطراب السياسي في البلدان الأوروبية الرئيسية التي لا يحظى منها سوى فرنسا بحكومة مستقرة، جنبًا إلى جنب مع المخاوف الآخذة في التزايد حيال "بريكست"، يضاف إلى ذلك الانهيار الجسيم للعملات الناشئة مثل الليرة التركية والبيزو الأرجنتيني وطبعًا البوليفار الفنزويلي.

 

- في مثل هذه الأوقات، عادة ما يستحوذ الذهب على اهتمام المستثمرين باعتباره أفضل مخزن للقيمة، واعتقد العديد من المحللين أنه بمجرد وصول المعدن النفيس إلى مستوى 1200 دولار للأوقية، سيبدأ مسارًا صاعدًا، لكنه في الحقيقة بدأ يحوم صعودًا وهبوطًا حول هذا المستوى منذ أغسطس/ آب.

 

- رغم عدم وجود أزمة مالية كبيرة في الوقت الحالي، لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال، وهنا تجدر الإشارة إلى ما حدث عام 2008، حيث ظل الذهب مستقرًا حتى نهاية العام عند 870 دولارًا، قبل ارتفاعه إلى 1087 دولارًا نهاية 2009، عندما بدأ اتجاهًا صعوديًا دام حتى 2012.

 

 

- مرة أخرى تسجل الأسهم الأمريكية مستويات قياسية، لكن لا أحد عاقلا سيعتقد أن هذا المسار الصعودي قد يستمر إلى الأبد، بل على العكس، عندما تتلاشى نشوة المستثمرين إزاء التخفيضات الضريبية لـ"ترامب" ونمو الأرباح، سيكون رد الفعل سريعًا ومبالغ في قسوته.

 

- في الواقع، الصورة العامة للاستثمار غريبة إلى حد ما، لأن ما يحدث عادة هو أن ارتفاع عائدات السندات الأمريكية يصحبه هبوط في أسعار الأسهم، لكن في الوقت الحالي يرتفع كلاهما معًا، ما يعكس وجود شهية أكبر للمخاطر وحماس أقل للملاذات الآمنة.

 

- مع ذلك، تظل المخاطر هائلة، فمن غير المرجح استمرار الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دون عواقب أكبر على النظام التجاري العالمي، في الوقت ذاته سيؤدي انشغال الحكومات الأوروبية بكفاحها من أجل البقاء إلى غياب التخطيط السليم على المدى الطويل، في ظل تركيزها على الإصلاحات السريعة التي تضمن إرضاء الناخبين مؤقتًا.

 

إدراك اللحظة الفارقة

 

- لا يتحسن أداء الذهب بالضرورة عندما تنهار أسواق الأسهم، وفقًا لبعض التجارب التاريخية التي وقعت في الفترة بين عامي 1980 و1982، ومرة أخرى في عام 1998، لكن في أكثر الأحيان تكون هناك علاقة مباشرة بين الاتخفاضات الحادة لأسعار الأسهم وارتفاع أسعار الذهب.

 

- الزيادة في أسعار الذهب لا تأتي مصحوبة بزيادة مماثلة في الفضة، وهو سلوك غريب ربما يرجع إلى الخصوصية التي يحظى بها المعدن اللامع بين باقي أقرانه كمخزن للقيمة، ورغم أنه لا يحقق أي عائد للمستثمر بل غالبًا ما يحمله بتكاليف التخزين.

 

- يثمن الصينيون والهنود الذهب بشكل كبير إذ يؤمنون بقدرته وموثوقيته في الحفاظ على قيمة المدخرات في أوقات عدم اليقين، وهو ما دفع لإنشاء نظام تداول سهل الوصول إليه لمستثمري القطاع الخاص في هونج كونج.

 

 

- في ظل الوضع الراهن، يبدو أن المراهنين على تراجع الذهب محقون، فأي شخص استثمر في المعدن خلال الستة أشهر الماضية كان سيشهد تراجعًا في قيمة استثماره، ورغم أن مساره بدأ يتعدل حاليًا، فإنه يحدث دون ما يكفي من الزخم لإثارة اهتمام المستثمرين.

 

- لكن هل تغيرت القواعد بشكل جوهري، بحيث لم يعد من الممكن اعتبار الذهب جزءًا مفيدًا من المحفظة المتوازنة في مثل هذه الأوقات؟ لم يتفق المحللون بعد على إجابة لهذا السؤال، ومع ذلك فإن هناك لحظات في دورة الاستثمار تحظى أسعار الذهب فيها بقوة دفع كبيرة مع تأرجح الأصول الأخرى، وهي لحظة ربما تكون قد حانت.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.