نبض أرقام
04:30
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

إلى أي مدى يؤثر "التعليم الجيد" في النمو الاقتصادي؟

2018/10/05 أرقام - خاص

كثيرًا ما تتم الإشارة إلى ضرورة وجود تعليم جيد في مختلف الدول بما يسمح لها بالازدهار والتقدم، حتى أصبحت هذه الفكرة من المسلمات، ولكن يبقى التساؤل حول مدى تأثير التعليم فعليًا في معدلات النمو الاقتصادي، والعائد "الملموس" منه.

 

 

جودة التعليم والناتج القومي

 

"في مقابل كل عام يقضيه المرء في الدراسة بعد المرحلة الابتدائية يزيد دخله قرابة 10% سنويًا بعد التحاقه بقوة العمل".. هذا ما كشفته دراسة حديثة صادرة عن البنك الدولي حول تأثير التعليم على الدخل.

 

ولا يقتصر الأمر على المستوى الفردي لكنه يمتد ليشمل نظيره القومي أيضًا، حيث أجرت المؤسسة الدولية دراسة عن العلاقة بين جودة التعليم (والذي تمت قياسه باستخدام اختبارات عالمية في الرياضيات والعلوم) ومستوى نمو الدخل القومي.

 

وخلصت الدراسة التي أجريت على بيانات 50 دولة طيلة 40 عامًا إلى تفوق الدول التي تتمتع بتعليم أفضل على تلك التي لا تتمتع به في معدلات النمو بنسبة تبلغ 2% سنويًا خلال تلك الأعوام الأربعين.

 

وتلفت دراسة لـ"هارفارد" إلى أن أهمية التعليم وتأثيره في النمو ترجع لأكثر من سبب، لعل أولها مساهمة رأس المال البشري في 62% من الناتج العالمي، ومع زيادة نسبة الخدمات في الناتج حول العالم تزيد النسبة، بينما تقدم الآلات والموارد الطبيعية النسبة الباقية.

 

ويؤكد هذا أن الاستثمار في البشر أمر مربح أكثر من الاستثمار في الآلات أو في اكتشاف الموارد الطبيعية (على أهميتهما).

 

كما تؤشر الدراسة إلى أن الدولار الذي يتم إنفاقه على التعليم في أية دولة، لا سيما الدول النامية، يعود إليها دخلًا سنويًا يناهز عشرة 7-10 دولارات بين 15-20 سنة بما يؤشر لاستثمار رابح طويل المدى وليس مجرد تحسين لمهارات وقدرات الشعوب.

 

المهارات الإدراكية

 

وعلى سبيل المثال يشيد مركز "راند" للدراسات بما وصفه بـ"التمهيد" اللائق للنمو، من جانب السلطات السنغافورية والماليزية، حيث أقرت السلطات في البلدين في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي برامج تعليمية أدت لتحقيقهما معدلات نمو متفوقة على جيرانهما في السنوات اللاحقة.

 

 

ويشير تقرير لمنظمة "اليونيسكو" إلى أهمية ما يصفه بـ"المهارات الإدراكية" والتي يقصد بها المعارف التي يجمعها  الشخص بعيدًا عن المهارات المباشرة مثل قدرته على القراءة والتحدث بلغة ما (مهارة إدراكية)، والتي تختلف عن قدرته على استخدام آلة ما في عملية صناعية (مهارة مباشرة).

 

فـ"المهارات الإدراكية" تدر على العامل وعلى الاقتصاد منافع أكبر بكثير من المهارات المباشرة، حتى تقدر المنظمة الدولية أن العمالة التي تتمتع بدرجة عالية من المهارات الإدراكية تحصل على ما يفوق ضعف ما تحصل عليه العمالة العادية، مما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد ككل.

 

ويختلف تأثير التعليم الجيد بين الدول المتقدمة ونظيرتها النامية، ففي الأولى لا يتعدى تأثير التفاوت في جودة التعليم على معدلات النمو الاقتصادي نصفا في المائة سنويًا وذلك بسبب تدني معدلات النمو أولًا (لا تتجاوز 3% بأقصى تقدير) ولتشابه أسس النظم التعليمية هناك ثانيًا.

 

أما في الدول النامية فيصل تأثير جودة التعليم إلى فارق نمو يزيد على 3% سنويًا، بل ويمكن اعتباره أكبر من ذلك إذا أخذنا في الاعتبار التأثير التراكمي لبرامج التعليم والتي لا يظهر تأثيرها بين ليلة وضحاها بطبيعة الحال.

 

"وصفة" للنمو

 

ويضع البنك الدولي "وصفة" للدول الراغبة في استغلال التعليم لتحقيق نهضة مستقبلية وسريعة من خلال التركيز على 5 مهارات: المهارات الاجتماعية، حل المشكلات، إدارة الوقت والمهارات الشخصية، مهارات الاتصال، ومهارات التعلم المستمر.

 

ويصف البنك الدولي تلك المهارات بأنها المفتاح الرئيسي للمهارات الإدراكية التي يشكل تعلمها وإتقانها الخطوة الفارقة في مسيرة تحول الدول من نامية إلى متقدمة، بل ويضرب مثلًا بدولة غانا التي نجحت في تحقيق معدلات نمو قياسية بسبب برنامجها القومي لتطوير التعليم.

 

وحققت الدولة الإفريقية معدل نمو يصل إلى 14% عام 2011، قبل أن يتراجع معدل النمو ليصل إلى 8% هذا العام (متوقع) ولكن معدلات التنمية لم تكن لتصل إلى هذه النسب المرتفعة دون برنامج إصلاح التعليم الذي بدأ مع بداية الألفينات.

 

 

وأقرت غانا هذا البرنامج بسبب وصول معدلات البطالة عام 2000 إلى مستويات قياسية بلغت 10.6%، بسبب "انفصال التعليم عن السوق" ومع تعديل المناهج التعليمية أصبحت معدلات البطالة في إطار 2.5% خلال الأعوام الأخيرة في تراجع ملحوظ يرجع أولًا لبرامج التعليم الحديثة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة