نبض أرقام
09:58 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/23
2024/11/22

معدل النمو.. حتى تعبر الأرقام عن مدلولها الصحيح

2018/10/13 أرقام - خاص

كثيرًا ما تفتخر الحكومات حول العالم بقدرتها على تحقيق معدلات نمو عالية، أو على الأقل تلك المستهدفة، وتعتبر ذلك دليلًا "منفردًا" على تحقيق التقدم والرخاء الاقتصادي، على الرغم من وجود العديد من العوامل التي تؤثر في معدل النمو وتجعل تأثيره "حقيقيًا" أو "زائفًا".

 

 

التضخم والنمو

 

ويأتي التضخم في صدارة العوامل التي تؤثر في اعتبار النمو حقيقيًا من عدمه، فعلى سبيل المثال حققت الصين معدل نمو للناتج المحلي بلغ 6.7% عام 2016، وفي نفس العام بلغ التضخم 2%، أما فرنسا فحققت معدل نمو 1.2% بمعدل تضخم 2.3%.

 

ويؤشر هذا لنمو صيني أعلى ليس فقط في الرقم المجرد، ولكن كنمو حقيقي، في المقابل يبدو النمو الحقيقي لفرنسا سالبًا إذ إنه ومع انخفاض نسبة النمو عن نسبة التضخم يعني ذلك أن المتاح من السلع والخدمات في الأسواق انخفضت ولم ترتفع.

 

وبل تؤثر طبيعة التضخم أيضًا في تحديد تأثير النمو على بلد ما، ففي دول مثل الهند وروسيا حققت معدلات نمو مرضية، ولكن أسعار الغداء فيها شهدت ارتفاعات متواصلة، بما يؤشر لمعاناة الطبقات الأفقر، والتي تنفق غالبية دخلها على الغذاء من ظروف معيشية قاسية رغم النمو الاقتصادي.

 

ويأتي سعر صرف العملة كأحد أهم العوامل المؤثرة على معدل النمو، وعلى سبيل المثال فقدت العملة التركية 65% من قيمتها خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، في الوقت الذي تراوحت معدلات التضخم حول 4% سنويًا خلال نفس الفترة، بما يعني معدلًا تراكميًا يتجاوز 20%.

 

تأثيرات سعر الصرف

 

ولكن هذا المعدل لا يصل أبدًا إلى موازنة أثر التراجع في قيمة العملة، ويؤشر إلى معدل نمو حقيقي سالب في ظل تراجع القوة الشرائية للعملة المحلية، لا سيما مع زيادة حجم واردات أنقرة عن صادراتها بشكل ملموس، وتفوق معدلات نمو الأولى عن الثانية.

 

 

وتأتي الزيادة السكانية كعامل هام أيضًا في تحديد تأثير النمو الاقتصادي، ولعل هذا ما دفع دول جنوب شرق آسيا جميعًا لإقرار برامج للتحكم في الزيادة السكانية، التي تعني توزيع الدخل على عدد أكبر من المواطنين وبالتالي تراجع نصيب المواطن من الدخل.

 

ونجحت الصين في ذلك بشكل لافت، ولكن بسلبيات سياسة الطفل الواحد، بينما حققت إندونيسيا معدل نمو 5% وزاد سكانها 1.1% في عام 2016، بما يؤشر لزيادة نصيب الفرد من الناتج الحقيقي، بينما لا تزال دول مثل الفلبين والهند تعاني من ابتلاع الزيادة السكانية لثمار النمو الاقتصادي.

 

وتأتي الديون كعامل محدد أيضًا لتأثير النمو الحقيقي، فدولة مثل الأرجنتين حققت معدلات نمو جيدة تتجاوز 4% قبل الأزمة المالية التي عانتها وأدت لإشهار إفلاسها، غير أن ذلك اقترن بنمو كبير للغاية في الديون، ولا سيما الحكومية بما أدى لانهيار الاقتصاد ككل لاحقًا.

 

طبيعة النمو وتوزيعه

 

والملاحظ هنا استخدام الحكومة الأرجنتينية للديون لدفع مشروعات البنية التحتية في البلاد بغية زيادة معدلات النمو وعلى الرغم من نجاعة هذا الأسلوب في تحقيق النمو المنشود إلا أن التأثير التدريجي للبنية التحتية لا يضمن عائدات مباشرة تغطي أثر الديون الكبيرة.

 

وتختلف طبيعة النمو من دولة لأخرى، ففي بعض الدول تكاد تحقق النمو المتوازن في مختلف القطاعات، زراعية وصناعية وخدمية، بما يعني توزيعًا شبه عادل لثمار النمو الاقتصادي، بينما لا يحدث هذا في غالبية الحالات.-

 

ففي الولايات المتحدة على سبيل المثال، تقدر شبكة "سي.إن.بي.سي" أن القطاع الخدمي استحوذ على 80-90% من ثمار النمو الاقتصادي خلال الأعوام الخمسة الأخيرة، وبالتالي فإن العاملين والمنظمين في هذا القطاع هم من حصدوا ثمار التنمية.

 

 

بل تشير الشبكة إلى أن القطاع الزراعي عانى من نمو سالب على الرغم من نموه رقميًا، وذلك إذا ما تم احتساب تأثير التضخم، مما أدى لزيادة حاجة القطاع للدعم الحكومي خاصة لمنتجي السلع الرئيسية مثل الذرة وفول الصويا.

 

يتأكد من كل ما سبق أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي وحده لا يعبر بدقة عن حال الاقتصاد، وإذا لم يتم احتساب آثار التضخم وتغير سعر صرف العملة المحلية وطبيعة النمو وتفاقم أزمة الديون وغيرها فسيبقى رقمًا مجردًا قد يؤشر لاقتصاد يعاني ويئن رغم ارتفاع معدلات نموه.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.