في العاشرة من عمره، عندما طلب منه معلمه إحضار شيء يمكنه بيعه لأصدقائه في الصف الرابع ضمن الأنشطة التطبيقية للمدرسة، لم يكن ما يجول في خاطر "هنري بيرنر" آنذاك، هو مجرد إبهار المدرسين والزملاء لضمان الحصول على العلامة الكاملة في هذا المشروع فحسب، أو إعداد بعض المخبوزات التقليدية دون عناء، لكن خياله قاده إلى ما هو أبعد بكثير، إلى ما يمكن القول بأنها لحظة إصابته بحمى ريادة الأعمال وشغف المغامرة.
في هذه الأثناء، خلال عام 2013، كان يدرس "بيرنر" تاريخ المراكز التجارية الحدودية في أمريكا قديمًا، في مدرسة "فول سيتي" الابتدائية في واشنطن، وكان على طلاب الصف بيع وشراء السلع التي أنتجوها يدويًا في إطار النشاط التطبيقي -باستخدام عملات رمزية من البلاستيك-، وحينها قرار الفتى اللجوء إلى معدات الخياطة وصناعة الأزرار القديمة التي تستخدمها والدته حتى يتمكن من صنع منتجاته الخاصة بدلًا من مقترح الحلوى المخبوزة التقليدي.
بدأ "بيرنر" البالغ من العمر حاليًا 15 عامًا، بيع الأزرار القابلة للتعليق لزملائه في الفصل خلال الصيف، وفي أحد الأيام عاد إلى المنزل وسأل أمه إذا كان بإمكانه كسب المال الحقيقي جراء ذلك، في البداية انتقل إلى بيع منتجاته في أسواق المزارعين المحليين، ثم اقترحت الأم التحول إلى التجارة الإلكترونية.
وفي 2014، بدأ البيع عبر موقع إلكتروني خاص بجانب "أمازون"، ومنذ ذلك الحين نمت أعماله لتشمل الأزرار والمغناطيسات وشرائط تعليق الهوية وغيرها، والآن تصل منتجاته إلى متاجر "وول مارت"، ولديه براءة اختراع، ويعمل لديه عدد من الموظفين البالغين، كما وضعت مجلة "فوربس" اسمه ضمن قائمة "30 تحت 30" لعام 2018.
منفذ صغير لعالم كبير
- في مدينة كارنيشن الصغيرة في واشنطن، يمكن للمتسوقين في متجر "بوتنسميث" العثور على مجموعة واسعة من المنتجات بداية من قطع المغناطيس الصغيرة إلى الثلاجات الضخمة، بحسب موقع مجلة "فاست كومباني".
- لكن هذا ما يبدو فقط للزوار الغرباء، ففي واجهة هذا المنفذ توجد منشأة على مساحة 3 آلاف قدم مربع (280 مترًا مربعًا تقريبًا)، مزوده بمزيج من الآلات القديمة والجديدة؛ لإجراء عمليات قص الشرائط، والخياطة، ومقص يعمل باستخدام الحاسوب، وغيرها من الأدوات المستخدمة في إنتاج السلع الخاصة بـ"بوتنسميث".
- هناك أيضًا مصنع لا يعلم غالبية الزوار والسائحين بشأنه، والذي يتولى مهام إنتاج الأزرار والأسلاك للعملاء (بلغ عددهم 150 ألف عميل في 2017)، كما تعتبر "بوتنسميث" شركة برمجيات أيضًا، لعملها على تطبيقات برمجية ذات صلة بترويج المنتجات بالتعاون مع "أمازون" و"أدوبي" و"وول مارت".
- في بداية مشواره، كانت عملية صنع الأزرار بالطريقة التقليدية تستغرق وقتًا طويلًا، لكن "بيرنر" عمل على تسريعها، كما حصل على براءة اختراع لتصميمه أداة مرنة لتثبيت الهوية، بحسب تقرير لموقع "ذا بست سكولز".
توسعٌ سريع
- يقول "بيرنر" إنه وصل إلى 1600 متجر تابع لـ"وول مارت"، وكان قادرًا على بيع العديد من المنتجات عبر منصة "أمازون"، وهو ما يراه أكبر إنجازاته، بجانب منتجاته المصنعة 100% محليًا، وفقًا لما أورده موقع "منتال فلوس".
- لم تعتمد "بوتنسميث" طويلًا على التمويل الذاتي لأسرة "بيرنر"، ومع توسع الأعمال في 2015، أكملت الشركة حملة تمويل جماعي عبر منصة "كيك ستارتر" ساعدتها في بدء تصنيع حاملات بطاقات الهوية القابلة للسحب.
- خلال العام ذاته، تم نقل مقر الشركة الرئيسي ومنشأة التصنيع من منزل العائلة إلى كارنيشن في واشنطن والذي شمل المتجر الصغير السابق الإشارة إليه، وتواصل نمو العائدات بوتيرة متسارعة.
- مع استمرار التوسع، استعان "برنير" بموظفين بالغين لمعاونته في الإنتاج وإدارة الأعمال، ويصل عددهم الآن إلى 18 موظفًا، بحسب الموقع الرسمي للشركة، ومن أجل تسهيل الطلبيات المصممة خصيصًا، طورت "بوتنسميث" مجموعة من البرمجيات التي تساعد المستهلكين على اختيار المنتج بالشكل الذي يرغبونه.
مراهق مختلف
- رغم أن الشركة تبيع بعض الأنواع من منتجاتها بكميات كبيرة، فإن السلع المباعة حسب الطلب هي ما قادت النمو المتسارع، وتقول الرئيسة التنفيذية "دارسي بيرنر": الأزرار التي تحمل أسماء الأشخاص ويمكن إنتاجها في أشكال مختلفة حسب الطلب، وصور الحيوانات الأليفة الخاصة بالعملاء، لعبت دورًا كبيرًا في نمو الأعمال.
- يمكن للشركة تنفيذ طلب تلقته عبر نظام التصميم الخاص المشترك مع "أمازون" في غضون ثماني دقائق فقط، ونتيجة لذلك، حققت الشركة إيرادات إجمالية العام الماضي قدرت بنحو مليوني دولار، ارتفاعًا من 250 ألف دولار في عام 2014.
- في مايو/ أيار الماضي، تناول موقع "إنترناشونال فايننس" قصة "بيرنر" قائلًا: النجاح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمثابرة والتصميم، وقد أثبت "بيرنر" صحة هذا القول المأثور، ففي حين يستعد معظم المراهقين في سنه لامتحانات الالتحاق بالجامعات والمدارس والاختبارات الرياضية، شق الصبي طريقه نحو مجال الأعمال بشركة تجزئة قيمتها 20 مليون دولار، ولديها أكثر من 250 ألف عميل.
- في رده على سؤال الموقع حول استراتيجيته لجمع التمويل، قال "بيرنر" إن شركته تلقت كل الدعم المطلوب حتى الآن، لكنها تستعد لجولة استثمارية أخرى، مضيفًا: حماية الاستثمارات التي أجريناها في الهندسة والتصميم من خلال براءات الاختراع وتوثيق حقوق النشر أمر بالغ الأهمية لنجاحنا، وستسمح لنا بجني ثمار ما زرعناه.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}