منذ سبعة قرون، كانت مدينة "جنوة" الإيطالية الأغنى على مستوى العالم، فقد هيمن أسطولاها التجاري والعسكري على البحر المتوسط على مدار أكثر من 100 عام، وفقا لـ"بلومبرج"، بل إنها كانت بمثابة إمبراطورية مستقلة تمتد حتى شبه جزيرة القرم – التي ضمتها روسيا عام 2014.
وأسهم التجار والممولون في "جنوة" – شمال شرق إيطاليا – في إنعاش وهيمنة المدينة على تجارة البحر المتوسط كما روجوا لكنوزها المعمارية حول العالم ليصبح السكان المحليون فخورين بالمدينة التي لقبوها بـ"الرائعة".
أقل روعة الآن
- اختلف الأمر كثيراً اليوم، فلا يمكن وصف المدينة بالروعة التي كانت عليها قبل سبعة قرون، وسكانها حالياً أقل عدداً وأعلى في متوسط الأعمار، وتحتل المرتبة السادسة بين أكبر المدن الإيطالية.
- لا تتميز بقوة سوق العمل، فالوظائف عددها قليل في "جنوة" بينما يمر عدد قليل من الشحنات التجارية الضخمة عبر مينائها التاريخي، أما عن مصرفها الأكبر "Banca Carige SpA"، فهو خاضع تحت إدارة البنك المركزي الأوروبي.
- انطبع في أذهان الكثير من المدن العالمية أن "جنوة" تمر بحالة من الفوضى عندما أطلقت الشرطة الرصاص على أحد المحتجين في مظاهرات عنيفة مناهضة لقمة مجموعة الثماني الكبرى عام 2001.
- علاوةً على ذلك، تسببت انهيارات طينية في مقتل ستة أشخاص عام 2011 كما تعرضت "جنوة" لفيضانات عارمة بعد ذلك بثلاث سنوات أثارت غضباً بين السكان بسب ضعف جهود الإنقاذ.
- انتشرت حيوانات برية في "جنوة" عام 2017 ودعت السلطات المواطنين لقتلها ومهاجمتها للحد من وجودها داخل المدينة.
كارثة من الحاضر
- كانت الكارثة الأبرز والتي لفتت أنظار العالم في عام 2018 هي الأسوأ لـ"جنوة" عندما انهار جسر "موراندي" ليضيف فصلاً جديداً من المأساة التي تعاني منها المدينة.
- بالنسبة للكثيرين، بدا انهيار جسر "موراندي" في الصيف بمثابة كارثة جديدة تعكس مدى السقوط الذي تواجهه المدينة مقارنة بتاريخها العابر، ولكن عمدة "جنوة" "ماركو بوتشي" له رأي آخر.
- عندما انهار الجسر في الرابع عشر من أغسطس وأسفر عن مقتل 14 شخصاً وقسم المدينة إلى نصفين، رأى "بوتشي" – 59 عاماً – إمكانية جذب الأنظار بشكل أكبر إلى المدينة مستفيداً من تسليط الضوء عليها.
- جمع "بوتشي" قادة العمل المدني في "جنوة" لبحث مشكلة البنية التحتية التي تعاني انهياراً وخطة لإحيائها وإنعاشها من جديد رغم أن انهيار الجسر عطل المواصلات وقطع الطرق التي ربطت المدينة بإيطاليا وفرنسا.
- قال "بوتشي" في أعقاب المأساة إن المدينة لم تصبح خاوية على عروشها بشكل كامل، ولو استغلت الحكومة المركزية في روما الأوراق المتاحة على الطاولة جيداً، يمكن أن تصبح "جنوة" أكثر روعة حتى عما كانت في الماضي.
كلمة السر..البنية التحتية
- في خضم الحداد في المدينة، استهدف "بوتشي" استغلال المأساة ورأى بصيص أمل يمكنه انتشال "جنوة" من عثرتها من خلال عدة خطوات الأولى تأكيده على إعادة بناء الجسر المنهار في زمن قياسي بهندسة وتقنيات حديثة وبواسطة أحد أبرز المعماريين في المدينة "رينزو بيانو".
- الخطوة الثانية استغلال عمدة "جنوة" الشعور السائد بين المواطنين بالتضامن للحصول على تمويلات حكومية لتعزيز وتطوير وإعادة ترميم البنية التحتية المتهالكة منذ سنوات من تحديث الطرق والسكك الحديدية إلى المطارات والموانئ.
- يستهدف "بوتشي" من هذه الخطوة الحصول على الدعم الحكومي لإعادة إحياء تراث المدينة واستعادة مكانتها كميناء بحري أوروبي عن طريق بنيتها التحتية، ونجح في الحصول على دعم الساسة ومسؤولي الحكومة حتى المشككين.
- أطلقت الحكومة ووزراؤها تصريحات نارية لاستلهام الهمة من أجل إعادة بناء ليس الجسر فقط بل البنية التحتية المتضررة بمدينة "جنوة" رغم بوادر اقتصادية سيئة على رأسها انخفاض عدد السكان وضعف سوق العمل.
- تمتد سواحل "جنوة" إلى 35 كيلومتراً بين سفوح جبال الألب والبحر المتوسط، وتعج بقصور بنيت على الطراز الخاص بعصر النهضة والتراث المعماري الذي يصور الميناء التجاري القديم مع وجود مصانع للصلب وترسانات للسفن.
- فقد مطار المدينة 20 ألف مسافر منذ كارثة الجسر كما تراجعت أعداد السائحين والمقيمين بالفنادق، ولكن تم رصد 14 مليار يورو (حوالي 15.5 مليار دولار) للبنية التحتية ربما ستكون بداية لاستعادة روعة "جنوة".
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}