بعد حادثي تحطم طائرتين من طراز "737 ماكس 8"، راح ضحيتهما جميع المسافرين، فإن الشركة المصنعة "بوينج" باتت في سباق مع الوقت الذي خسرت منه الكثير ولم يعد بمقدورها تضييع المزيد منه، بحسب تقرير لـ"سي إن إن".
على مدار أيام، كان أبرز ما قام به الرئيس التنفيذي للشركة "دينيس مويلنبرج"، اتصاله بالرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" للتأكيد على تحلي الطائرة بالأمان الكافي، وفقًا لمصادر مطلعة، وهو خبر أدى إلى تكهنات بأن "مويلنبرج" يسعى لإعاقة التحركات الحكومية.
وجاءت هذه التكهنات نتيجة نشاط الضغط الذي تمارسه الشركة، وتبرعها بمليون دولار للجنة المسؤولة عن حفل تنصيب "ترامب" رئيسًا، ومع ذلك يبدو أن "مويلنبرج" لم ينجح في بلوغ مقصده في النهاية.
يجب على "بوينج" أن تكون أكثر نشاطًا من رد الفعل إزاء الحادثين إذا كانت تأمل في استعادة ثقة الجمهور وإعادة بناء قيمة علامتها التجارية، ومن الجيد تطويرها للأنظمة الإلكترونية والبرمجيات، لكن هناك الكثير الذي يمكنها فعله لتخطي الأزمة.
التوقيت يهم
- ارتكبت "بوينج" خطأ جسيمًا، عندما استغرق الأمر منها ثمانية أيام منذ تحطم طائرة الخطوط الجوية الإثيوبية، ليبدأ "مويلنبرج" إبداء تعاطف الشركة مع ضحايا الحادث والاستجابة لردود الفعل عبر بيان مصور.
- من الناحية المعنوية، بدا البيان ممتازًا، لكنه كان متأخرًا للغاية، حيث سبقه مقطع فيديو متعاطف للرئيس التنفيذي لشركة "ساوث ويست إيرلاينز" للخطوط الجوية، "جاري كيلي"، في حين كان ينبغي أن تكون "بوينج" أول من يفعل ذلك.
- بالطبع يشعر محامو الشركة بالقلق حيال ما يقوله أو يفعله التنفيذيون خلال الأيام التالية للأزمة، إذ سيتعين عليهم التعامل مع الدعاوى والتحقيقات (لا مفر منها) التي ستستند إلى مثل هذه الأقوال والأفعال كدليل إدانة.
- مع ذلك، فإن قلة التصريحات الصادرة عن الشركة خلقت "فجوة تعاطف"، حيث بدت باردة المشاعر ولا تأبه بالأمر، بدلًا من الاعتراف بالمصاب الأليم وعدم اليقين والقلق الذي يشعر به أهل وأحباء الضحايا الذين لقوا حتفهم خلال الحادثين.
- أهم الخطوات التي يجب اتخاذها الآن، هي الاستماع والاستجابة بعناية، وإجراء حوارات جماعية بدلًا من الأحاديث الفردية، والإنصات إلى الأسر المكلومة والطيارين.
- دعت "بوينج" الطيارين والجهات التنظيمية بالفعل إلى عرض مقترحاتهم وآرائهم، لكن علاوة على ذلك، يجب أن تستجيب الشركة بإجراءات ملموسة تعكس اهتمامات أصحاب المصلحة وتساعد على منع وقوع حوادث مماثلة في المستقبل.
بناء السمعة أصعب من هدمها
- سمعة "بوينج" التي أمضت سنوات عديدة في بنائها وإكسابها الثقة، باتت محل شك كبير، وفي حين كان اهتمام الركاب بتصميم وتصنيع الطراز محدودًا، فإنهم سيراقبون ذلك عن كثب بعد الآن، وسيؤثر كل قرار أو فعل من الشركة على رؤية الناس لها.
- أفضل دليل إرشادي لـ"بوينج" في مثل هذه الحالة، هو استجابة الرئيس التنفيذي السابق لشركة "جونسون آند جونسون"، "جيمس بورك" لحادث التسمم عام 1982، عندما توفي 3 أشخاص في شيكاغو لتناولهم عقاقير "تايلينول".
- تمحورت استراتيجية "بورك" حول استدعاء المنتج من الأسواق، وكانت استجابته سريعة للغاية، ووضع ثقة المستهلك فوق المبيعات على المدى القصير، ليصبح في النهاية نموذجًا دائمًا لحسن الاستجابة لأزمات الشركات من قبل الرؤساء التنفيذيين.
- يحتاج "مويلنبرج" إلى التركيز على المستقبل والتأكد من التحلي بالشفافية والتواضع، ويجدر به السعي لإثبات جدارة شركته بالثقة، وألا يمنعه شيء من جعل الأمور تسير في طريقها الصحيح، وذلك يبدأ بمزيد من الإنصات، خاصة للموظفين.
- الافتراض العام، هو أن لا أحد في "بوينج" يعرض سلامة الركاب للخطر عن عمد، ومع ذلك، ربما تسببت عوامل مثل الضغوط التنافسية في تقليل بعض من المخاطر وبالتالي الحد من الضوابط الداخلية.
- تتوافر الإجابات عن جميع التساؤلات داخل الشركة، ولبناء سمعة "بوينج" مجددًا، يجب أن تبدأ العملية من الداخل إلى الخارج، فالأجدر أن تستعيد الثقة في نفسها من خلال تحليل جذري لأسباب الخلل.
- لو لم تكن الشركة فعلت حتى الآن، فعليها أن تسارع بجمع كل موظفيها معًا وإجراء محادثة صادقة ومعمقة حول كيفية اتخاذ القرارات التي أدت إلى هذه النتيجة في النهاية.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}