توقع الدكتور كريم الصلح، الرئيس التنفيذي لشركة “جلف كابيتال” للملكية الخاصة التي تستثمر في قطاع الرعاية الصحية، أن ينمو إجمالي نسبة الإنفاق على الرعاية الصحية في دولة الإمارات بمعدل متوسط قدره 9% سنوياً في الفترة ما بين عامي 2010 و2015 وفقاً للبيانات الصادرة عن “بيزنس مونيتور إنترناشيونال” ليصل حجم الإنفاق على القطاع في الدولة إلى 11 مليار دولار (40 مليار درهم) في عام ،2015 مرتفعاً من أقل من 4 مليارات دولار (15 مليار درهم) في عام 2005 .
إيجاد فرص استثمار في الرعاية الصحية معقد في المنطقة
أضاف الصلح أن قطاع الرعاية الصحية في الإمارات ما زال يتمتع بإمكانات كبيرة للنمو والتوسع . فعندما نقارنه بالدول المتطورة والناشئة، فإن معدلات التغلغل في القطاع تبشر بقصة نمو مغرية في السنوات المقبلة . في الحقيقة، ووفقاً للبيانات المستقاة من منظمة الصحة العالمية، ونسبة إلى الاقتصاد، من المقدر أن يبلغ معدل الإنفاق على الرعاية الصحية نحو 8 .2% من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بمعدل عالمي قدره 9 .6% . أما من حيث معدل إنفاق الفرد على الرعاية الصحية، فيقدر أن دولة الإمارات تسجل 1520 دولاراً، أي أقل بكثير من الإنفاق الذي يبلغ 4700 دولار للفرد في مجموعة الدول ذات المداخيل المرتفعة والتي تتمتع بإجمالي ناتج محلي مماثل للفرد مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا .
وأكد أن من المتوقع أن يواصل سوق الرعاية الصحية وتيرة النمو نفسها بسبب عوامل عدة في مقدمتها النمو السكاني المتزايد بمعدل سنوي قدره 3% خلال عامي 2010 و،2015 ما يوفر عامل النمو الضروري للقطاع، كما أن ارتفاع معدل الشباب بين سكان البلاد نسبياً (وفقاً للمعايير العالمية) هو محفز أساسي على المدى الطويل لنمو الطلب على الرعاية الصحية ويغذي إجمالي الناتج المحلي المرتفع للفرد البالغ 58000 دولار والذي يتزايد بمعدل سنوي قدره 5% (وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي) الطلب على المزيد من الرعاية الوقائية والعلاجية، فضلاً عن ارتفاع نسبة تفشي الأمراض غير المعدية والمرتبطة بأسلوب المعيشة (مثل البدانة وداء السكر وارتفاع ضغط الدم)، إضافة إلى النقص في إمدادات الرعاية الصحية من حيث البنى الأساسية والأيدي العاملة . وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، لدى دولة الإمارات 19 سريراً في المستشفيات لكل 10،000 فرد مقارنة ب 59 سريراً في المستشفيات في الدول ذات الدخل المرتفع و29 سريراً على الصعيد العالمي . أما من حيث الأطباء وكادر التمريض، فإن دولة الإمارات لديها 19 طبيباً و41 ممرضاً وممرضة لكل 10000 فرد مقارنة ب 29 و79 في الدول العالية الدخل و14 و30 على الصعيد العالمي .
واعتبر أن قطاع الرعاية الصحية يجب أن يكون مجالاً مغرياً للاستثمار، إلا أن إيجاد الفرص المناسبة للاستثمار في المنطقة أمر أكثر تعقيداً مما نظن في الواقع . فمن وجهة نظر المستثمرين، هناك فقط عدد محدود من الفرص الكبرى التي يمكن الاستثمار فيها، وهذا يرجع لكون القطاع مجزءاً . فلطالما كانت الحكومات على مدى السنوات هي الموفر الأساسي لمعظم خدمات الرعاية الصحية في المنطقة، فيما عدا العيادات الخاصة للأطباء وبعض المستشفيات الصغيرة والصيدليات، مع وجود قوانين وتشريعات تحتم على هذه المؤسسات أن تكون مملوكة من قبل الأطباء أو الصيادلة أنفسهم والمتخصصين في القطاع الطبي . والقلة القليلة من الشركات المتواجدة في السوق عادة ما يكون توقعات أصحابها عالية من حيث تقييم سعر بيعها، الأمر الذي يجعل إمكانية توليد العائدات المطلوبة صعباً .
وأوضح أن أول مجال غالباً ما يفكر فيه المستثمرون هو المستشفيات . ولكن هناك عوامل في هذا المجال تجعله أقل جاذبية من منظور الاستثمار، وهي رأس المال المرتفع والعنصر العقاري الضخم في المعادلة وضرورة الاستخدام اللازم للأسرة لتحقيق الربحية الكافية وصعوبة التدرج أو النمو بسبب التحديات التي يطرحها موضوع إيجاد المهارات المتخصصة، وأخيراً وليس آخراً تطلب وجود رأس مال كبير والفترات الطويلة للتحضير للمشروع والتي قد تستمر لعدة سنوات والهيكليات المعقدة التي يصعب تغييرها ومخاطر القضايا الناتجة عن المسؤولية الطبية . وفي حين أن هذه العوامل عادة ما تنطبق على المستشفيات العمومية، إلا أنها ليست بالقدر نفسه من التعقيد في المستشفيات المتخصصة مثل مستشفيات جراحة الركبة ومستشفيات العيون وعيادات القلب وما إلى ذلك . ومن المتوقع أن تحقق مراكز الامتياز هذه، والتي يتزايد الطلب عليها في المنطقة، حجم أعمال أعلى وهوامش ربحية أكبر وكذلك تعقيدات أقل .
وأضاف أن المجال الآخر الذي يبدو بشكل مبدئي هدفاً واضحاً للاستثمار، هو في مجال رعاية مرضى داء السكر . هناك طلب كبير ومتنامٍ في المنطقة على هذا النوع من الرعاية لا سيما أن أربعة من بين الدول الخمس في العالم التي تسجل أعلى نسبة من مرضى السكر، تتواجد في منطقة الخليج . كما أن نسبة الإصابة تستمر في التزايد مدفوعة بأسلوب المعيشة الذي يتسم بقلة الحركة ونسبة تفشي البدانة في السكان . ولكن معظم خدمات الرعاية حالياً تقدمها الحكومات كما أنها تتوزع على عدة تخصصات طبية، والتخصص فيها قليل (مع بعض الاستثناءات مثل مركز مرض السكر التابع لإمبيريال كولدج في لندن والذي تدعمه الحكومة في أبوظبي) . ولا يوجد حالياً أي شركات خاصة تذكر تستثمر في تخصص علاج مرض السكري . من الممكن تطوير الفرص في هذا المجال، ولكن هذا عادة ليس في صميم استثمارات المستثمرين في الملكية الخاصة .
وقال إن هناك مجالاً آخر غير موجود كفرصة للاستثمار وهو إنتاج المعدات الطبية . فيما عدا المواد الطبية المستهلكة مثل الحقن والقفازات والملابس الطبية وما إلى ذلك، فإن المعدات الطبية يوردها وكلاء محليون إلى منطقة الخليج . أما في مجال الأدوية والعقاقير الطبية، فإنه يتم إنتاج العقاقير والأدوية التي لم تعد تخضع للحماية الفكرية والتي أصبح مسموحاً إعادة تصنيعها تحت أسماء تجارية متعددة . من الممكن أن تكون هناك فرص في هذا المجال في ظل الظروف المناسبة، ومن المجالات التي لا يتم التفكير فيها كثيراً ولكنها مغرية كاستثمار، بعض شركات تقديم الخدمات كمثل مراكز التصوير بالأشعة التشخيصية والمختبرات الطبية ومراكز غسل الكلى ومراكز التخصيب الاصطناعي وما إلى ذلك . فهذه المجالات كثيراً ما تنم عن عوامل مغرية أكثر بالنسبة إلى المستثمرين، كما أنها تقوم على نماذج عمل أقل تعقيداً ولا تعتمد على الأطباء كثيراً، كما أنها يسهل تدرجها عبر فروع عدة أو مواقع، إضافة إلى إمكانية توحيد الإجراءات المتبعة بها .
وحول حجم الاستثمار الخاص في قطاع الرعاية الصحية، أوضح أن الإمارات استقطبت حصة كبيرة من استثمارات الملكية الخاصة في مجال الرعاية الصحية في المنطقة العربية . ووفقاً لبيانات جمعتها “زاوية لمراقبة قطاع الملكية الخاصة” خلال العقد الماضي، فإن قيمة الصفقات في الإمارات تشكل أكثر من 40% من مجمل الصفقات الإقليمية، حيث بلغت القيمة المعلنة ل 10 صفقات منها 181 مليون دولار أمريكي، ويتوقع أن تتوسع مشاركة القطاع الخاص في قطاع الرعاية الصحية في دولة الإمارات خلال السنوات المقبلة . فالمستثمرون يسعون إلى الاستفادة من الزيادة في الطلب على خدمات الرعاية الصحية وقطاع العقار والدواء على المدى الطويل والمشاركة أيضاً في مبادرات الدمج التي يشهدها القطاع، وبحسب بيانات صادرة عن “بيزنس مونيتور إنترناشيونال”، فإن معدلات الإنفاق على قطاع الرعاية الصحية الخاصة يتوقع أن تزداد بمعدل متوسط قدره 12% سنوياً . ويقدر أن ترتفع حصة القطاع الخاص في مجمل معدل الإنفاق على الصحة من 33% في عام 2010 إلى 39% في عام 2015 .
وحول استثمارات “جلف كابيتال” في قطاع الرعاية الصحية، قال “إن إحدى الشركات المنتمية إلى محفظتنا الاستثمارية، وهي شركة “تكنوسكان”، تعمل في السعودية ومصر . و”تكنوسكان” هي أكبر سلسلة خاصة من مراكز التصوير بالأشعة والتشخيص في المنطقة، حيث لديها أكثر من 18 مركزاً في أنحاء مختلفة من السعودية ومصر . ونحن نسعى للتوسع مع نشوء المزيد من الفرص” .
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}