نبض أرقام
22:22
توقيت مكة المكرمة

2024/07/11

الخناق يشتد أكثر فأكثر .. لماذا تقف الولايات المتحدة عاجزة أمام الانهيار البطيء لصناعة النفط الصخري؟

2020/04/01 أرقام - خاص

في الأسبوع الماضي، وتحديدًا في الأربعاء الموافق الخامس والعشرين من مارس، أرسل 6 من الأعضاء الجمهوريين بمجلس الشيوخ الأمريكي رسالة غاضبة إلى وزير الخارجية "مايك بومبيو" عبروا خلالها عن انزعاجهم من تراجع أسعار النفط، قبل أن يحثوه على اتخاذ ما يلزم من إجراءات تجاه ما وصفوه بالتهديد المباشر للهيمنة الأمريكية الحالية على قطاع الطاقة العالمي.

 

 

ولكن المفارقة هي أن الولايات المتحدة التي تضيق ذرعًا حاليًا بانخفاض أسعار النفط لما في ذلك من تأثير سيئ على شركات النفط الصخري الأمريكية، كانت هي أكثر دولة ساهمت في زيادة المعروض العالمي من الخام في السوق خلال السنوات الأخيرة، وهو ما مهد الطريق أمامها لتتجاوز السعودية وروسيا وتصبح أكبر منتج للنفط في العالم في 2018.

 

الركوب بالمجان

 

منذ نوفمبر من عام 2016، ألزمت كل من أوبك وروسيا أنفسهما بخفض إنتاجهما من النفط الخام من أجل موازنة السوق وحل مشكلة التخمة التي يعاني منها المعروض من الخام. وبدلًا من مشاركتهما في تحمل أعباء دعم السوق، فضل المنتجون الأمريكيون الركوب مجانًا على تضحيات المشاركين في اتفاق خفض الإنتاج.

 

فبدعم من ثورة النفط الصخري، ارتفع إجمالي الإنتاج الأمريكي من النفط الخام من حوالي 8 ملايين برميل يوميًا في عام 2014 إلى ما يقرب من 13 مليون برميل يوميًا في عام 2020.

 

 

ببساطة، على مدار السنوات الثلاث الماضية، استفاد المنتجون الأمريكيون من مستويات الأسعار المرتفعة رغم أنهم رفضوا خفض إنتاجهم وتحمل أي مسؤولية تجاه موازنة السوق، وهكذا أصبحوا المستفيد الأكبر من اتفاق خفض الإنتاج الذي تحملت أعباءه أوبك وروسيا وحدهما.

 

في فبراير الماضي، زادت حدة أزمة فيروس كورونا الجديد التي سرعان ما اتسعت لتشمل إلى جانب الصين أغلب دول العالم وفي مقدمتها الدول الصناعية الكبرى والتي اضطرت لإيقاف وتحجيم نشاطها الاقتصادي بشكل كبير في سعيها للسيطرة على انتشار الفيروس.

 

وتسبب التراجع الحاد الذي شهده النشاط الصناعي حول العالم في تراجع الطلب العالمي على النفط الخام. ولسوء الحظ، سرعان ما تعرض جانب العرض هو الآخر لصدمة كبيرة على إثر فشل كل من أوبك وروسيا في التوصل إلى اتفاق بشأن استمرار إجراءات خفض الإنتاج.

 

انخفاض مؤلم للأسعار

 

على إثر التطورات السابقة فقد النفط الخام الجزء الأكبر من قيمته خلال الأسابيع الأخيرة، مما وضع ضغوطًا على كل منتجي النفط، غير أن المنتجين الأمريكيين كانوا هم الأكثر تضررًا من الوضع الحالي باعتبارهم أصحاب تكلفة الإنتاج الأعلى في السوق.

 

تشير تقديرات شركة استشارات الطاقة "وود ماكينزي" إلى أن استقرار أسعار النفط بالقرب من 25 دولارًا للبرميل من شأنه أن يتسبب في اختفاء 10 ملايين برميل من الإنتاج العالمي اليومي من السوق، مرجحة أن كثيرا من المنتجين الذين سيخرجون من السوق لن يستطيعوا العودة مرة أخرى حتى لو انتعش الطلب العالمي على النفط مجددًا.

 

يشير خبراء الطاقة إلى أن الجزء الأكبر من صناعة النفط الصخري الأمريكية لا يمكنه التعايش مع انخفاض أسعار النفط إلى مستوى قريب من 25 دولارًا للبرميل، موضحين أن قدرة أغلب المنتجين الأمريكيين على الاستمرار في السوق مرهونة باستقرار أسعار الخام فوق الـ45 دولارًا.

 

 

وتمثل أول التداعيات في انخفاض التصنيف الائتماني لما يعادل 110 مليارات دولارات من سندات شركات الطاقة الأمريكية من الفئة الاستثمارية إلى فئة الخردة، وذلك على إثر تنامي الشكوك لدى المستثمرين حيال قدرة هذه الشركات على السداد في ظل انهيار أسعار الخام.

 

في حديثه لـ"فورين بوليسي" قال "ديفيد جولدوين" المبعوث السابق لوزارة الخارجية الأمريكية لشئون الطاقة، إنه "يجب على صناعة النفط الصخري أن تستسلم. وإلى أن يحدث ذلك، لا يوجد لدى المنتجين الآخرين أي حافز لتقليص إنتاجهم، لأن ذلك سيطيل من عمر المنتجين الأمريكيين من جديد".

 

تناقض مثير للسخرية

 

منذ أن أصبحت الأزمة صدمة مزدوجة على جانبي العرض والطلب، حاولت إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تقليل الضغوط الواقعة على صناعة النفط الصخري بغرض مساعدتها على الصمود لأطول فترة ممكنة، غير أن جهودها حتى الآن باءت بالفشل.

 

في الأسبوع الماضي وقف الديمقراطيون بالكونجرس عائقًا أمام تمرير مخصصات مالية بقيمة 3 مليارات دولار ضمن حزمة التحفيز المالي للاقتصاد بغرض تمويل شراء 30 مليون برميل من النفط الصخري الأمريكي لصالح المخزون الاستراتيجي للبلاد من النفط الخام.

 

في الوقت نفسه، طالب العديد من أعضاء الكونجرس إدارة "ترامب" بالعمل على حث "أوبك" على استخدام ثقلها في موازنة أسعار الخام التي تستقر حاليًا عند مستويات تهدد برأيهم الأمن الطاقي للولايات المتحدة، وتضع الكثير من المنتجين الأمريكيين على حافة الإفلاس.

 

 

لكن الطريف هو أن الكونجرس نفسه كان قد سعى قبل عامين فقط لمعاقبة "أوبك" على إجراءاتها التي ساهمت في رفع أسعار الخام والتي تسببت على حسب زعمه في الإضرار بالاقتصاد الأمريكي. ففي عام 2018 ناقش الكونجرس الأمريكي قانون "نوبك" الذي يخول للولايات المتحدة استهداف دول "أوبك" وشركاتها الوطنية تحت ذريعة مكافحة الاحتكار.

 

تعليقًا على هذه المفارقة قال جولدوين "إنه أمر مثير للسخرية إلى حد ما، أن يأتي الآن نفس الأشخاص الذين دعموا قانون نوبك ليقولوا: سنعاقبك إذا ما لم تتصرف كمحتكر وتبدأ في خفض الإنتاج".

 

وتابع المسؤول السابق بوزارة الخارجية الأمريكية  قائلًا: "في سوق النفط، من يملك القوة هم أولئك الذين لديهم طاقة إنتاجية فائضة أو قادرون على تحديد السعر، والولايات المتحدة لا تملك أيًا من ذلك. نحن لا نهيمن، نحن نتوسل من أجل تخفيض الإنتاج".

 

المصادر: أرقام – فينانشيال تايمز – فورين بوليسي – سي إن بي سي

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة