نبض أرقام
09:50 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/03
2024/11/02

لماذا تقرر البنوك المركزية الكبرى دائماً مصير الأسواق الناشئة؟

2021/09/29 أرقام - خاص

قبل سبعة عشر شهرا مضت وبالتحديد في أبريل من العام الماضي، هوى العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً إلى أدنى مستوياته منذ عام 1975 على الأقل، وذلك عند وصوله لـ 0.9%، الهلع الذي أصاب الأسواق فى ذلك الوقت دفع العائد للانخفاض مع أصول أخرى عديدة فى تلك الفترة الدقيقة والصعبة.

 


لكن بعدها بعام، ما لبث العائد أن تهاوى قبل أن يعود للتحسن وتحقيق المكاسب وصولاً إلى أعلى مستوياته أثناء الجائحة عند 2.3% فى أبريل الماضي، وبفضل التدخلات من البنوك المركزية للاقتصادات المتقدمة وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي، لم تحدث ارتفاعات كبيرة للعائد على أدوات الدين الحكومية طويلة الأجل، وهو شيء إيجابي للأسواق الناشئة.

 

 

ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يُحدث أثراً كبيراً بالأسواق الناشئة، على سبيل المثال:

رفع الفائدة من الفيدرالي قد يرفع العائد على سندات الخزانة الأمريكية ويرفع جاذبية الاستثمار في الدولار.

- ا
رتفاع جاذبية الدولار والأصول الأمريكية يكون على حساب الأصول فى الأسواق الناشئة التي تشهد انسحابات جماعية كبيرة.

- ا
رتفاع الاستثمار في الدولار يرفع من قيمته أمام باقي العملات، تصبح الأسواق الناشئة أكثر ضعفاً.

- ا
نخفاض قيمة العملات الناشئة أمام الدولار في ظل مديونية كبيرة بالدولار، يجعلها – أي الناشئة – عرضة للانكشاف المالي والمتاعب النقدية.

 

ماذا عن التضخم؟

 

الحديث عن سعر الفائدة يقودنا للتضخم، السيطرة على التضخم وتحسن سوق العمل والوظائف في السوق الأمريكي يشجع الفيدرالي على تثبيت أو تخفيض الفائدة، والعكس صحيح، والتضخم وسوق العمل مرتبطان بالتلقيح الخاص بكورونا والسياسات التحفيزية الحكومية، لذلك فأخبار الوظائف والتضخم الأمريكي تهم صانعي القرار الاقتصادي في الأسواق الناشئة أيضا.

 

يستهدف الفيدرالي الأمريكي 2% للتضخم، بينما هو الآن عند مستويات 5% لأربعة شهور متتالية، ووصل إلى أعلى مستوى فى 13 عاماً في يونيو ويوليو الماضيين.

 

 

التضخم في الولايات المتحدة منذ بداية الجائحة

الشهر

المعدل (%)

أبريل 2020

0.3

مايو

0.1

يونيو

0.6

يوليو

1.0

أغسطس

1.3

سبتمبر

1.4

أكتوبر

1.2

نوفمبر

1.2

ديسمبر

1.4

يناير 2021

1.4

فبراير

1.7

مارس

2.6

أبريل

4.2

مايو

5.0

يونيو

5.4

يوليو

5.4

أغسطس

5.3

 

الخوف المشروع

 

حين ترتفع المخاطر وحالة عدم اليقين تنسحب التدفقات الأجنبية من الأسواق الناشئة والصاعدة الصغيرة وتتجه نحو الأسواق الكبيرة المتقدمة والتي تُعتبر ملاذاً آمناً لأموال المستثمرين في أدوات الدين الحكومية في فترات الخوف والقلق، وهذا السيناريو تكرر مرتين أثناء الجائحة، الأولى بين مايو وأكتوبر من العام الماضي والثانية فبراير وأوائل مارس من العام الجاري.

 

ولكن الخوف والضيق لدى البنوك المركزية في الأسواق الناشئة تجاه نظيرتها فى الأسواق المتقدمة يُعد تخوفاً مشروعاً وضيقاً مُبرراً، لأن القرار الذي يتخذ في "واشنطن" أو "بروكسل" أو "لندن" لا يؤثر فقط داخل الولايات المتحدة أو منطقة اليورو أو المملكة المتحدة محلياً وفقط، بل ينتقل الأثر ويطير آلاف الأميال ليصل إلى "برازيليا" و"المكسيك" و"القاهرة" و"نيودلهي" و"جاكرتا" و"هانوي" وغيرها من الأسواق الناشئة.

 

سعر الفائدة الأحدث في عدد من الأسواق الناشئة (%)

الدولة

السعر

الأرجنتين

38.0

تركيا

18.0

نيجيريا

11.5

الإكوادور

9.3

أوكرانيا

8.5

مصر

8.25

باكستان

7.25

روسيا

6.75

البرازيل

6.25

المكسيك

4.5

الهند

4.0

فيتنام

4.0

إندونيسيا

3.5

جنوب إفريقيا

3.5

الفلبين

2.0

كولومبيا

1.75

ماليزيا

1.75

كوريا الجنوبية

0.75

 


الإفصاح والتعاون: التزام وليس تطوعا

 

هنا يجب على الأسواق المتقدمة الالتزام بالشفافية والإفصاح اللازم والضروري عن سياستها النقدية المستقبلية في ظل وجود عشرات الاحتمالات والسيناريوهات المرجحة، فإذا كانت تنوي شراء المزيد من السندات وضخ المزيد من الأموال في الاقتصاد يجب عليها إعلان ذلك بشكل واضح، والعكس صحيح فيما إذا كانت متجهة نحو التشديد وسحب التحفيز، لذا فالإفصاحات التزام وليست عملاً تطوعياً.

 

كما أن الأسواق الناشئة ليست على نفس الدرجة من معدلات التلقيح المرتفعة نسبة إلى عدد سكانها مثل الأسواق المتقدمة، وبالتالي فظروف سوق العمل والتضخم مختلفة بين السوق والآخر خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف القدرة على الشراء والوصول إلى اللقاحات وبالتالي اختلاف توقيتات العودة والتعافي الاقتصادي، وبناءً عليه تظهر هنا مسؤولية وتعاون مطلوبان من القوى الاقتصادية الكبيرة لضمان وصول اللقاح للجميع وعدم ترك أحد في الخلف أثناء البحث عن طريق التعافي والنمو.

 

 

تشديد مُبكر

 

بعض الأسواق الناشئة قامت بخطوات استباقية على الفيدرالي الأمريكي وقامت بالتشديد ورفع سعر الفائدة مبكراً إما مضطرة لمشاكلها الداخلية مع التضخم أو لمحاولة الاستعداد المبكر لتشديد عالمي موسع وربما يكون قرار التشديد وسحب التحفيز ودعم الأنشطة مبكراً أكثر من اللازم لكن يبدو أن ظروف التضخم كانت ضاغطة على هذه الأسواق ومنها: البرازيل، روسيا، كوريا، المكسيك والتشيك.

 

رفع سعر الفائدة في عدد من الأسواق الناشئة مؤخراً

الدولة

تاريخ التدخل

سعر الفائدة قبل

سعر الفائدة بعد

البرازيل

سبتمبر 2021

5.25

6.25

روسيا

6.50

6.75

المجر

1.50

1.65

كوريا الجنوبية

أغسطس 2021

0.50

0.75

المكسيك

4.25

4.50

التشيك

0.50

0.75

 
تقارب أكثر من اللازم

 

السؤال الذي يفرض نفسه: لماذا تقترب الأسواق الناشئة بهذه الدرجة من الأسواق المتقدمة إلى حد التماهي والذوبان دون أدنى استقلالية؟ للإجابة عن هذا السؤال يمكنك أن تنظر إلى الجدول أعلاه الذي يبين أن عددا من الأسواق الناشئة – خاصة كوريا والتشيك – استطاعت أن تنفذ التشديد النقدي قبل الفيدرالي بأريحية ومرونة كبيرة دون أن تواجه متاعب أو تشهد مشكلات فى النمو والتضخم.

 

وهنا تطل علينا نصيحة صندوق النقد الدولي للبنوك المركزية فى الأسواق الصاعدة التي تحلُم بالصمود في أصعب الظروف حتى مع هرب رؤوس الأموال والتخارج الكبير من الاستثمار بالأصول وأدوات الدين الحكومية الخاصة بالدول الناشئة كما حدث مرتين أثناء الجائحة دون التأثير سلباً على سعر الصرف والتضخم في مجتمعاتها، ولكي يتحقق ذلك يجب على هذه الاقتصادات القيام بما يلي:


1- الالتزام بمعايير الشفافية، الحوكمة، الوضوح والإفصاح فى عملية صنع واتخاذ القرار النقدي.

2- 
محاولة تحسين التصنيف الائتماني السيادي لسندات الدولة ووضعه كمستهدف رئيسي للسياسة الاقتصادية.

3- إطالة أجل استحقاق الديون لتعزيز الصلابة المالية.

4- 
تنويع عملات الديون الحكومية وعدم الارتهان بعملة صعبة واحدة.

5- 
تعزيز العلاقات مع المؤسسات التمويلية الدولية التي تمتلك خطوط ائتمان طارئ إنقاذي فى أوقات الطوارئ مثل صندوق النقد الدولي.

 

 

مصادر: أرقام – صندوق النقد الدولي – بحوث البنك الفيدرالي الأمريكي – مركز أبحاث CFR – Project Syndicate – Global Rates.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.