نبض أرقام
05:34 م
توقيت مكة المكرمة

2024/11/24
2024/11/23

تفتيت "جنرال إلكتريك" .. كيف عصفت رياح التغيير بإحدى أيقونات الاقتصاد الأمريكي؟

2021/11/10 أرقام - خاص

يوماً ما، كان المخترع العظيم "توماس إديسون" شريكاً في مسيرة العملاقة "جنرال إلكتريك" التي شارك في تأسيسها نهايات القرن التاسع عشر، كانت وقتها الشركة ولمدة مئة عام قادمة هي المجموعة الرائدة والأشهر والأضخم بلا منازع في مجالها، أو على الأقل كانت ضمن قوائم العشر الأوائل للشركات الأمريكية التي تُقدم تكنولوجيا جديدة ومنتجات مذهلة تيسر من معيشة الناس ومن المجموعات الصناعية النادرة التي ذكرت وسوف تُذكر في كتب التاريخ لتسهيلها كثيراً حياة البشر وتقليل معاناتهم.

 

 

رحلة وإنجازات "جنرال إلكتريك" على مدى التاريخ 1878 - 1971

الفترة الزمنية

الحدث

1847

ميلاد "توماس إديسون".

1878

"إديسون" يقوم بتأسيس شركة "إديسون" للكهرباء.

1892

شركة "إديسون" تندمج مع شركة "تومسون هيوستن" لتشكلا معًا المجموعة الجديدة: جنرال إلكتريك.

1905

المجموعة تبدأ صناعة منتجات استهلاكية للأفراد مثل أول ماكينة تحميص خبز كهربائية لمتوسطي الدخل، وأول راديو أيضا.

1930

بحلول ذلك العام كانت "جنرال إلكتريك" قد طرحت في الأسواق: مكيف الهواء، غسالة الأطباق، غسالة الملابس، والتليفزيون.

1935

أول مباراة بيسبول أمريكية على أضواء كهربائية من صناعة "جنرال إلكتريك".

1946

"جنرال إلكتريك" تصنع أول محرك طائرات نفاثة.

1969

المجموعة تساهم عبر 6 آلاف من موظفيها في صعود أول إنسان إلى القمر "نيل أرمسترونج" عبر إمداد ناسا بحذاء مطاطي من السيليكون، وعملت على توفير نظام للجودة ودعم هندسي للرحلة.

1971

تصنيع أول مكيف هواء متنقل أو محمول باليد.

 

وبعد كل هذا التاريخ العريق والميراث المذهل من العمل والجهد والابتكارات والمنتجات عبر أجيال وأجيال، أعلنت المجموعة الأمريكية "جنرال إلكتريك" عن تقسيم نفسها إلى ثلاث شركات تتخصص في الطيران والرعاية الصحية والطاقة، منها واحدة فقط التي ستحمل اسم "جنرال إلكتريك" هي شركة الطيران، بينما الشركتان الأخريان سوف تحملان اسمين مختلفين وربما ملكيات مختلفة.

 

 

جنرال إلكتريك: بداية الاتجاه الهبوطي

 

مهما كنت كبيراً، فلن تنجو من فخ عدم القدرة على التأقلم مع المتغيرات الجديدة، هذا هو التفسير الأبسط والأكثر مباشرة ووضوحاً لتلخيص قصة تقلص وانكماش العملاقة "جنرال إلكتريك"، الشركة التي كانت يوماً ما في مطلع القرن الحادي والعشرين من إحدى علامات الاقتصاد الأمريكي والتي يُشار إليها بالبنان وضمن قائمة أكبر 10 شركات من حيث القيمة السوقية بالعالم، الآن ترزح في ترتيب متأخر وتكافح لتبقى على قيد الحياة.

 

مقارنة أكبر 10 شركات في العالم من حيث القيمة السوقية مع "جنرال إلكتريك" (مليار دولار)

الشركة

الترتيب

القيمة

مايكروسوفت

1

2522

أبل

2

2472

أرامكو

3

1987

ألفابيت

4

1975

أمازون

5

1808

تسلا

6

1030

ميتا

7

935

نيفيديا

8

762

بيركشاير هاثاواي

9

648

تي إس إم سي

10

629

جنرال إلكتريك

126

122

 
 

بحلول بدايات الألفية الجديدة، اتجه الرئيس التنفيذي في ذلك الوقت "جاك ويلش" بسياسة الشركة نحو التركيز على الذراع المالية للمجموعة "جنرال إلكتريك فينانس"، في عام 2000 بلغت مساهمة الشركة المالية نحو 50% من إجمالي إيرادات المجموعة بأكملها والنسبة دلالة على حجم انكشاف المجموعة على الشركة التابعة المتخصصة في تقديم الحلول والاستشارات المالية والاستثمارية.

 

وبسبب ذلك الانكشاف على القطاع المالي والمصرفي، تدهورت إيرادات المجموعة في 2008 و2009 بسبب تأثرها بانهيار شركة "جنرال إلكتريك فينانس" المتخصصة في المنتجات المالية والمصرفية والاستثمارية، وهبط السهم ليصل إلى 86 دولارًا بدلاً من 320 دولارًا قبل الأزمة.

 

 

جنرال إلكتريك: الأزمة المالية العالمية

 

بعد الأزمة العالمية حاولت الشركة أن تشيح بوجهها بعيداً عن الخدمات المالية وأن تُعيد تقديم نفسها للسوق على أنها الشركة الصناعية التي تقوم بتقديم منتجات يحبها الجميع مثلما كانت قبل مئة عام، وتدخل المستثمر الأمريكي "وارن بافيت" بمبلغ 3 مليارات دولار لدعم إنقاذ الشركة بعد أزمة 2009، لكن المشاكل لم تنته نظراً لأن سنوات الإهمال التي عانت منها الوحدة الصناعية بالمجموعة لصالح الوحدة المالية "جنرال إلكتريك فينانس" كانت كافية لتعطيل ظهور أثر أي محاولة للإصلاح والإنقاذ.

 

 

الإصلاح لم يكن سهلاً على الرئيس التنفيذي في ذلك الوقت "جيف إيميليت"، وبينما كان في ذلك الوقت يحدث الكثير من المتغيرات في العالم والتقنية والاقتصاد الجديد، كانت الشركة منهمكة بين إعادة إحياء وحدتها الصناعية ومنع انهيار وحدتها المالية كي لا تسحب معها المجموعة بأكملها وضرورة قطع الحبل السري الرابط بينهما، وبينما تركز جهودها في ذلك كان العالم من حولها يتغير.

 

لذلك عندما حاول "إيميليت" إنشاء وحدة جديدة للتكنولوجيا أسماها "جنرال إلكتريك تكنولوجي"، افتقدت الوحدة الجديدة الرؤية والهدف والغرض، وكذلك لم يكن الموظفون يعلمون ما المطلوب منهم لمواكبة التغيرات التي فاتتهم، وفي النهاية قدم "إيميليت" استقالته بعد سنوات طويلة من القرارات الخاطئة والحظ العاثر، ثم تولى "لاري كالب" المسؤولية.

 

جنرال إليكتريك: القيادة التنفيذية للمجموعة من 1981 حتى الآن

الرئيس التنفيذي

الفترة الزمنية

جاك ويلش

1981 – 2001

جيف إيميليت

2001 – 2017

جون فلانري

2017 - 2018

لورنس كالب

2018 – حتى الآن

 

استطاع "كالب" أن يعالج جزءاً من قرارات سابقيه الإثنين: "ويلش" و"إيميليت" ونجح في استعادة نصف قيمة الخسائر التي مُني بها سهم المجموعة في السنوات الأخيرة عبر عدة قرارات:

 

1-  التخلص من نحو 13 ألف عامل وموظف لتخفيف أعباء الرواتب.
2- إعادة هيكلة الكثير من ديون الشركة البالغة 75 مليار دولار.
3- إصلاح القوائم المالية وتحسين التدفقات النقدية والسيولة.
4- التركيز والتخصص على منتجات محددة وقليلة.

 

 

جنرال إلكتريك: الجائحة

 

عطل الوباء من خطط إصلاح الشركة بشكل واضح، حيث انخفضت إيرادات الشركة في الربع المنتهي بنهاية مارس 2020 نحو 12.2% على أساس سنوي، واستمرت الإيرادات في 2020 و2021 على الاتجاه الهبوطي مقارنة بالعام الذي يسبقه حتى توقفت سلسلة الهبوط في الربع المنتهي بنهاية يونيو 2021 والذي عنده حققت نمواً في الإيرادات بـ 8.7%.

 

 

جنرال إلكتريك: قرار الانقسام

 

أعلنت الشركة أمس عن تقسيم نفسها إلى ثلاث شركات صغيرة لتنفيذ استراتيجية "كالب" نحو مزيد من التخصص وتخفيض التكاليف والتركيز على قطاعات محدودة لعلاج الضرر البالغ الذي تحملته المجموعة طيلة العشرين عاما الماضية، وذلك في محاولة يائسة لتعويم الشركة ومنعها من الغرق والموت.

 

جنرال إلكتريك: طبيعة الانقسام وكيف سيكون الشكل النهائي

م

القسم/التخصص/الشركة الجديدة

التفاصيل

1

الرعاية الصحية

 

بدايات 2023:

 

- تتخصص في صناعة أجهزة الآشعة الطبية وغيرها من التقنيات الطبية المتطورة.

 

إيرادات 2020: 18 مليار دولار.
- عدد الموظفين: 47 ألفاً.
- الرئيس المكلف بعد الانقسام: بيتر أردويني.

 

2

الطاقة

 

بدايات 2024:

 

- تتخصص في صناعة توربينات الرياح، وتوربينات الغاز والبخار اللازمة لتوليد الطاقة الكهربائية.

 

- سوف تندمج فيها أقسام معدات الطاقة والطاقة المتجددة مع التكنولوجيا.

 

إيرادات 2020: 33.3 مليار دولار.

عدد الموظفين: 74 ألفاً.

الرئيس المكلف بعد الانقسام: سكوت سترازيك.

 

- هذا القطاع يراهن على التوجه ناحية مكافحة تغير المناخ ويستثمر قمة "جلاسكو 2021" لمصلحته.

 

- كما أنه سوف يركز على قطاع ينمو بقوة حالياً حول العالم: نُظم إدارة المنازل الذكية.
 

3

الطيران


- الشركة الوحيدة التي ستبقى كما هي بنفس اسمها "GE Aviation" لذا فهي الوحيدة التي ستنطلق في العمل الآن.

 

- تتخصص في صناعة وخدمات ما بعد البيع لمحركات الطائرات التجارية والعسكرية.

 

إيرادات 2020: 22 مليار دولار.

عدد الموظفين: 40 ألفا.

 

الرئيس المكلف بعد الانقسام هو نفسه الرئيس الحالي:جون سلاتري.
 

 

وهكذا بعد كونها مجموعة عملاقة لأكثر من قرن من الزمان والعلامة التجارية الصناعية الاستهلاكية الأكثر شهرة وتأثيراً في حياة ملايين البشر بعشرات ومئات الاختراعات والابتكارات من المنتجات المنزلية الصغيرة حتى محركات الطائرات النفاثة، تنقسم "جنرال إلكتريك" إلى ثلاثة أقسام لمنع دخول الشركة إلى مرحلة الاختفاء والانقراض، وتحقيق الهدف النهائي من عملية الهيكلة والإصلاح: مزيد من الحوكمة، مزيد من التخصص، قليل من التنوع، مصاريف أقل، استثمارات أكبر، عودة للهوية الأصلية وإرث الشركة.

 

 

يقول "لاري كالب" لبلومبرغ صباح يوم إعلان الإنقسام: "أنا راهنت فريق عملي على أن فوائد التركز والتخصص أكبر بكثير مقارنة بفوائد التوسع وامتلاك الأذرع الكثيرة، ونفعل هذا الآن لأننا احتجنا إلى وقت طويل لمعالجة قوائمنا المالية التي كانت مثقلة بـ 75 مليار دولار من الديون، كما أننا كان علينا أن نعمل على زيادة تدفقات النقدية، والديون والنقدية عنصران هامان كانا يجب امتلاكهما قبل أن نبدأ خطة الإصلاح والانقسام".

 

وبفضل الإرث العظيم والتاريخ المبهر للشركة، تبقى شيء واحد لم يصبه عطب أو تدهور وهو شعار الشركة الذي يعرفه كل مستهلك في الولايات المتحدة ودول كثيرة عبر أجيال عديدة متلاحقة، هذا الشعار يقدر بـ 20 مليار دولار بمفرده دون حساب أصول الشركة الآخرى، ورغم أنه حتى الآن لم يتأكد أي شركة سوف تحمل الشعار وتحظى بهذا الامتياز والشرف بعد الانقسام والهيكلة، لكن المؤكد أن الشركة أدركت أخيراً أن التمسك بالأصول هو طريقها نحو المستقبل وطوق نجاتها من شبح الاختفاء.

 

المصادر: أرقام –بلومبرج- companiesmarketcap – timetoast –سي ان بي سي – macrotrends –نيويورك تايمز.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.