الأحداث تتصاعد بدرجة مخيفة في شرق أوروبا بل وتصل سخونتها إلى ما وراء الأطلنطي، حيث تحشد القوى العظمى كل قدراتها الدبلوماسية والاستخبارية والسياسية والاقتصادية والعسكرية لتحقيق أهدافها في هذه المنطقة من القارة العجوز.
الكثير من التحليلات تذهب إلى أن المعركة السياسية بين الناتو وروسيا تدور حول: كازاخستان مقابل أوكرانيا، أي لو أن روسيا استمرت في محاولة فرض النفوذ على أوكرانيا (التي تقع بملاصقة حدود الناتو) فإن الناتو سوف يضايق موسكو عبر تفخيخ مصالحه في كازاخستان (التي تقع بملاصقة حدود روسيا)، وأيا ما كان سبب التصعيد الأخير، تُرى ما هي انعكاساته الاقتصادية؟
الزاوية الاقتصادية في التصعيد بشرق أوروبا وأزمة أوكرانيا |
|
الحشد العسكري |
|
محادثات مع حلفاء وتهديدات بين الخصوم |
- الرئيسان الأمريكي والأوكراني يجريان محادثات هاتفية، يؤكد الأول دعمه للأخير بوجه أي غزو روسي لأراضي أوكرانيا.
- الرئيس الأمريكي "بايدن" يحذر روسيا من خسائر فادحة حال غزت أوكرانيا وعقوبات اقتصادية غير مسبوقة. |
التأثيرات على إمدادات الطاقة الأوروبية |
- روسيا تنفي الاتهامات الأوروبية باحتمالية التفكير في قطع إمدادات الغاز حال غزوها أوكرانيا.
- خط نورد ستريم 2 سيكون من أكبر المشروعات المتضررة من سيناريو الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو المشروع المجمد أصلا حتى هذه اللحظة بقرار ألماني وضغوط أمريكية رغم اكتمال بنائه سبتمبر الماضي بنسبة 100%.
- 40 مليار متر مكعب من الغاز الروسي التي تمر عبر أراضي أوكرانيا تعتبر مهددة حال قرار غزو روسيا لحدود "كييف"، في نفس الوقت تريد روسيا تقديم نفسها للعالم على أنها شريك تجاري مسؤول يعتمد عليه وتريد أن تثبت للعالم أنها لا تقوم بتسييس تجارتها مع أوروبا، ولا تستغل صادراتها الطاقاوية في فرض هيمنتها الجيوسياسية.
- عقود الغاز وصلت في منتصف ديسمبر إلى مستويات غير مسبوقة وغير طبيعية تقارب الـ 180 يورو بدلا من 17 يورو قبل عام، قبل أن تخمد فورتها وتنخفض إلى نحو 80 يورو يناير الجاري، وهو مستوى لا يزال بعيدا عن المستويات الطبيعية لما قبل الجائحة وحتى أثنائها. |
بيلاروسيا تظهر في الواجهة |
- جزء رئيسي من العقوبات الأمريكية، فرض عراقيل على تصدير الأسمدة البيلاروسية "البوتاس خصيصاً" وهو ما يمثل ضربة اقتصادية قوية لاقتصاد "مينسك"
- البوتاس يمثل 7% من حصيلة صادرات بيلاروسيا. - العقوبات فُرضت على أكبر شركة تصدر السماد وهي شركة "بيلاروسكالي" الحكومية. - بيلاروسيا تستحوذ على خُمس سوق البوتاس العالمي.
- جزء آخر من العقوبات الأمريكية استهدف الطروحات الجديدة من السندات البيلاروسية، مما صعب على حكومة "مينسك" سد عجز ميزانيتها الناجم عن انخفاض حصيلة صادراتها الناجمة بدورها هي الأخرى من العقوبات الأمريكية.
- عرقلة إصدار السندات الدولية، رفع تكلفة الاقتراض على الحكومة البيلاروسية وكلفها أموالا أكثر من الوضع فيما قبل العقوبات.
- شملت العقوبات الغربية (الأمريكية الأوروبية) شركة "بيلاروس نفط" المتخصصة بالنفط.
- سبق وأن هدد الرئيس البيلاروسي "ألكسندر لوكاشينكو" (حليف روسيا)، ديسمبر الماضي - رداً على عقوبات الغرب على بلاده - بقطع إمدادات الغاز الروسي المتجهة إلى أوروبا عبر أراضيه، وهو ما أثار حفيظة الناتو. |
عقود الغاز في مهب الريح
واحدة من أكبر وأسوأ الآثار الجانبية لما يحدث بجسد الاقتصاد العالمي في العامين الأخيرين هو التذبذبات العنيفة التي هيمنت على أداء منحنى سعر عقود الغاز الأوروبية، الأسباب لم تقتصر على التحشيد العسكري شرق أوروبا، بل شملت أيضا:
1- فورة في الطلب مقابل ضعف قدرة العرض على مواكبة الحاجة من الغاز في أعقاب رفع كثير من القيود التي فرضت في بداية الجائحة.
2- انخفاض إمدادات الغاز القادمة من روسيا، وتراجع مخزونات الغاز في أوروبا.
3- زيادة الاعتمادية والارتهان الأوروبي بالغاز الروسي دون أي بديل آخر، مما رفع التهديدات والمخاطر فتضاعفت الأسعار.
4- تراجع إنتاج الكهرباء الأوروبية من باقي المصادر المختلفة بخلاف الغاز، وعلى رأسها طاقة الرياح والطاقة النووية والديزل.
5- دخول العديد من الحقول الأوروبية لمرحلة الصيانة مثلما حدث مع النرويج وهولندا في توقيت متزامن مع أزمة الغاز في أوروبا.
6- الشتاء القارس أكثر من المعتاد نتيجة آثار التغير المناخي في أوروبا، مما رفع الحاجة إلى مزيد من غاز التدفئة للمنازل.
7- التصعيد شرق أوروبا وتهديد أنابيب الغاز الروسية المارة عبر أراضي أوكرانيا وبيلاروسيا.
8- تجميد إطلاق خط الغاز "نورد ستريم2" بسبب ضغوط أمريكية على الاتحاد الأوروبي وبخاصة ألمانيا.
الاقتصاد الأوكراني
اقتصاد أوكرانيا لا ينقصه المزيد من العوامل الهبوطية، ومن الجلي تأثير الحروب والأزمات الجيوسياسية والتوترات العسكرية على موارد الدولة وجاذبيتها للاستثمارات وخلق فرص العمل، فقد سُجل في العشرة أعوام الأخيرة نمو هزيل في سبعة أعوام من العشرة، وفي ثلاثة منها سُجل انكماش كبير ضيّع أثر النمو الذي حققته، وفي عام الجائحة سُجل انكماش بمقدار 4%، مما أدى لتقليص حجم الناتج الأوكراني من 175 مليار دولار في 2012 إلى 93 مليار دولار في 2015 قبل أن يعاود الصعود قليلاً قبل حلول الجائحة.
المصادر: أرقام – البنك الدولي – بلومبرغ.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}