- عند سؤال شات جي بي تي عن استهلاك الطاقة، أجاب بأن هذا الاستهلاك يختلف باختلاف نموذج الذكاء الاصطناعي، إلا أنه بشكل عام يتطلب كميات كبيرة من الطاقة.
- وتشير التقديرات إلى أن استجابة واحدة من شات جي بي تي قد تستهلك طاقة تفوق طاقة عشرة عمليات بحث عادية على جوجل، ومع تزايد عدد مستخدمي هذه الأنظمة بشكل هائل، يرتفع الطلب على الطاقة بشكل كبير.
- يساهم هذا الطلب المتزايد، من خلال بناء وتشغيل مراكز البيانات الضخمة اللازمة لتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي- في زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تساهم في تغير المناخ.
- من جانبها، تؤكد الشركات الرائدة في هذا المجال، مثل مايكروسوفت، على هذه الحقيقة، حيث أعلنت مايكروسوفت -التي استثمرت بكثافة في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي- زيادة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30% منذ عام 2020، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى توسع مراكز البيانات لديه.
- ومع أن أدوات الذكاء الاصطناعي تَعِد بتحقيق تقدم في مجالات عديدة، إلا أنها تطرح تحديات بيئية كبيرة تتعلق بارتفاع استهلاك الطاقة، لذا، فإن تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الأدوات يتطلب إيجاد حلول مبتكرة لتقليل أثرها البيئي.
ما الذي يحرك الطلب على الطاقة من جانب الذكاء الاصطناعي؟
- لا يشكّل استهلاك الذكاء الاصطناعي للطاقة حاليًا سوى نسبة ضئيلة من إجمالي استهلاك قطاع التكنولوجيا، والتي تقدر بنحو 2-3% من الانبعاثات العالمية الكلية.
- ومع ذلك، من المتوقع أن يشهد هذا الاستهلاك زيادة ملحوظة مع تزايد اعتماد الشركات والحكومات والمنظمات على الذكاء الاصطناعي في عملياتها لتحقيق المزيد من الكفاءة والإنتاجية.
- يتطلب الذكاء الاصطناعي قدرات حوسبية هائلة، إذ تستهلك أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي طاقة تفوق نظيراتها التقليدية بحوالي 33 ضعفاً لإنجاز المهام ذاتها.
- ومع التطور المتسارع لهذا المجال، تتزايد الحاجة إلى مراكز بيانات ضخمة لتدريب وتشغيل هذه النماذج المعقدة، مما يفرض ضغوطاً شديدة على شبكات الطاقة العالمية.
- وهنا تجدر الإشارة إلى أن تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة نماذج مثل شات جي بي تي، هو عملية مستهلكة للطاقة بشكل كبير، تتطلب تشغيلاً مستمراً على مدار الساعة.
- فوفقاً للتقديرات، استهلك تدريب نموذج جي بي تي-3 ما يعادل استهلاك 130 منزلاً أمريكياً سنوياً من الكهرباء، بينما استهلك نموذج جي بي تي-4 الأكثر تطوراً نحو 50 ضعفاً من هذه الطاقة.
ويشير هذا إلى أن القوة الحاسوبية المطلوبة لدعم تطور الذكاء الاصطناعي تتضاعف بشكل كبير كل فترة قصيرة.
كيف يمكن لصناعة الذكاء الاصطناعي تحسين كفاءة الطاقة؟
- يُثير تطور الذكاء الاصطناعي تساؤلات جوهرية حول مستقبلنا من بينها: هل تكافئ الفوائد الاقتصادية والمجتمعية التي يجنيها المجتمع من هذا التطور التكاليف البيئية المترتبة عليه؟ وماذا عن تأثيره على قطاع الطاقة، أبرز القطاعات التي يُنتظر أن يشهد تحولاً جذرياً بواسطته؟
- إن تحقيق التوازن بين هذه التحديات والفرص المتاحة هو المدخل الأمثل للإجابة على هذه التساؤلات المعقدة.
- ورغم التوقعات التي تشير إلى قدرة الذكاء الاصطناعي على خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية بنسبة تتراوح بين 5 و10% بحلول عام 2030، إلا أن السؤال الأبرز يبقى: ما الخطوات العملية التي ينبغي اتخاذها لتحقيق هذا التوازن المنشود؟
- من جانبها، بدأت الهيئات الرقابية، ومنها البرلمان الأوروبي، في فرض قيود على الأجهزة الإلكترونية، مشدّدة على ضرورة تصميمها بحيث يمكن تتبع استهلاكها للطاقة بدقة.
- وفي السياق نفسه، يعكف الباحثون حاليًا على تطوير أجهزة متخصصة، مثل المعالجات المتقدمة والرقائق ثلاثية الأبعاد، والتي توفر أداءً أعلى بكثير مع استهلاك طاقة أقل.
- وعلى صعيد مراكز البيانات، تشهد هذه المراكز تحسينات ملحوظة في كفاءة الطاقة، وتسعى العديد من الشركات إلى دفع هذه التحسينات إلى آفاق أبعد من خلال استكشاف تقنيات تبريد جديدة، واختيار مواقع مناسبة لإجراء العمليات الحسابية المكثفة خلال الفترات التي تكون فيها الطاقة متوفرة بأسعار أقل وأكثر استدامة.
ماذا عن تأثير الذكاء الاصطناعي على شبكات الكهرباء؟
- لا يقتصر الضغط على شبكات الطاقة على الذكاء الاصطناعي وحده، بل يتأثر بعوامل متشابكة، فالنمو السكاني المتسارع والتحوّل الرقمي الذي يعتمد بشكل كبير على الكهرباء يزيدان من الطلب عليها بشكل ملحوظ، مما يشكّل تحديًا أمام تحقيق هدف الانتقال إلى شبكات طاقة نظيفة ومستدامة.
- ومع ذلك، فإن بناء شبكات طاقة نظيفة وحديثة يُعد أمرًا حيويًا لتحقيق اقتصاد خالٍ من الانبعاثات، ولذلك، يعمل خبراء الطاقة على استكشاف مصادر طاقة بديلة، مثل الطاقة النووية، وتقنيات تخزين الطاقة مثل الهيدروجين.
- وهنا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا حاسمًا في مساعدتنا على دمج كميات هائلة من الطاقة المتجددة في شبكاتنا الحالية، والتغلب على التحديات التي تواجهنا في هذا المجال.
- تُعاني شبكات الطاقة المتجددة من تحدٍ رئيسي يتمثل في تقلب الإنتاج، حيث تزيد الطاقة المنتجة بشكل كبير خلال أوقات الذروة وتنخفض بشكل حاد خلال فترات الهدوء، يؤدي هذا التذبذب إلى هدر الطاقة وعدم استقرار الشبكة.
- لحل هذه المعضلة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحلل كميات هائلة من البيانات المتعلقة بالطقس وأنماط الاستهلاك، مما يتيح له التنبؤ بدقة بإنتاج الطاقة المتجددة.
- وبناءً على هذه التنبؤات، يمكن جدولة مهام مراكز البيانات وتحويل أحمالها لتتناسب مع توفر الطاقة المتجددة، مما يضمن استقرار الشبكة وكفاءتها واعتمادها على مصادر طاقة نظيفة على مدار الساعة.
- تُعد التكنولوجيا الرقمية، لا سيما الذكاء الاصطناعي، حليفًا قويًا في مساعدة مختلف القطاعات، ومنها قطاع الطاقة، على تحقيق هدف الحياد الكربوني.
- يساهم الذكاء الاصطناعي في تعزيز كفاءة الطاقة في الصناعات كثيفة الانبعاثات، من خلال نمذجة المباني وتوقع استهلاكها للطاقة وتحسين أنظمة التدفئة والتبريد، وصولاً إلى تحسين كفاءة التصنيع عبر الصيانة التنبؤية.
- وفي قطاع الزراعة، تساعد أجهزة الاستشعار والصور الملتقطة بالأقمار الصناعية في التنبؤ بالإنتاج الزراعي وإدارة الموارد بكفاءة.
- ومع ذلك، يتطلب الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي مواجهة تحديات متشابكة تتعلق بالتوازن بين استهلاك الطاقة والانبعاثات والفوائد المجتمعية، مما يستدعي تبني نهج شامل يجمع بين مختلف الأطراف المعنية.
- وهنا تجدر الإشارة إلى أن تحالف حوكمة الذكاء الاصطناعي التابع للمنتدى الاقتصادي العالمي يسعى إلى استكشاف آليات الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحويل مختلف القطاعات، مع التركيز على الابتكار والاستدامة والنمو الاقتصادي.
- ويتم ذلك من خلال تبني منظور شامل يشمل جميع الصناعات، مع دراسة كل قطاع على حدة، وفي إطار هذه المبادرة، أطلق مركز الطاقة والمواد ومركز الثورة الصناعية الرابعة مسارَ عملٍ متخصصًا في تقييم استهلاك الطاقة المرتبط بأنظمة الذكاء الاصطناعي، وسبل الاستفادة من هذه التقنية لدفع التحول في قطاع الطاقة.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}