أغلق سهم "آبل" (AAPL.O) جلسة الخميس الماضي عند 207.4 دولار وهو أعلى مستوى قياسي على الإطلاق دفع القيمة السوقية للشركة لتجاوز تريليون دولار لتصبح أول شركة أمريكية مدرجة تبلغ هذا الحاجز.
ويعزي العديد من الخبراء نجاح "آبل" إلى المؤسس الشريك "ستيف جوبز" حيث أن تقريرا نشرته "بيزنس إنسايدر" أظهر مدى الجهود التي بذلها المدير التنفيذي الراحل لإنقاذ الشركة بعد أن تعرضت لكارثة شديدة.
في عام 1996، أعلنت "آبل" خطة لإعادة مؤسسها الشريك "ستيف جوبز" إليها بعد 11عاما من مغادرتها، وذلك عن طريق الاستحواذ على شركته "نيكست" مقابل 429 مليون دولار، وبعد الانضمام إليها، تمت الإطاحة بالمدير التنفيذي في ذلك الوقت "جيل أميليو" ليتولى "جوبز" القيادة.
كانت "نيكست" معنية ببيع حواسب ذات شاشات عالية الدقة مخصصة للجامعات والبنوك، وأملت "آبل" في إحياء "جوبز" صناعتها لحاسوب "ماك" بعد هبوط سهمها إلى أدنى مستوى في 12 عاما تحت قيادة "أميلو".
في الرابع من يوليو/تموز 1997، أقنع "جوبز" مجلس إدارة "آبل" للإطاحة بـ"أميليو"، وتم تعيينه كمدير تنفيذي مؤقت ثم بشكل دائم، وأعلن في أغسطس/آب من نفس العام أن "مايكروسوفت" استثمرت 150 مليون دولار في "آبل"، وصرح "جوبز" حينها بأن الشركة تحتاج لكل الدعم الممكن.
كان الوضع المالي لـ"آبل" مذريا عام 1997 لدرجة أن المدير التنفيذي ومؤسس شركة "دل " "مايكل دل" صرح وقتها بأنه لو أنه في مكان "جوبز"، لأغلق "آبل" وأعاد المال إلى المساهمين.
رغم ذلك، أعلن "جوبز" في معرض "كاك وورلد إكسبو" في"سان فرانسيسكو" عام 1998 أن "آبل" أخيرا عادت لتحقيق الأرباح مجددا بفضل منتجاتها وبدعم من "مايكروسوفت".
في نفس العام، عين "جوبز" "تيم كوك" لقيادة عمليات "آبل" العالمية وظل الأخير في الشركة إلى أن تولى منصب المدير التنفيذي حتى يومنا هذا.
في تلك الأثناء، كان "جوبز" مدير تنفيذيا لكل من "آبل" و"بيكسار ستوديوز" التي أصبح مستثمرا رئيسيا بها عام 1986 من خلال ضخ عشرة ملايين دولار بها حتى أنه كان منتجا تنفيذيا لفيلم "توي ستوري" عام 1995.
خلف الكواليس، كان "جوبز" يحدث تغييرات جذرية من خلال موظفي "آبل" وكان حريصا على توفير سبل الترفيه والراحة لهم مثل الكافيتيريا وتحسين الوجبات الغذائية لكنه منعهم من جلب حيواناتهم الأليفة لمقر الشركة من أجل التركيز، وبعد عام من استثمارات "مايكروسوفت"، طرحت "آبل" حاسوب "آي ماك".
تميز "آي ماك" بألوانه المتعددة، وهو ما كان غريبا في الأسواق العالمية وباعت "آبل" منه 800 ألف وحدة بعد خمسة أشهر فقط من طرحه.
اقترح "جوبز" اسم "ماك مان" على الحاسوب الجديد، لكنه اقتنع بعرض مسؤول تنفيذي في وكالة الإعلانات التي تدير حملات "آبل" "كين سيجال" الذي اقترح إضافة حرف "آي" إلى "ماك" ويشير "i" إلى الحرف الأول من كلمة "Internet"، لكن "آبل" تقول إنه يشير إلى كلمتي " individuality" و" innovation" أي "التفرد" و"الإبداع".
تم الاحتفاظ بحرف "آي" في العديد من المنتجات اللاحقة التي طرحتها "آبل" مثل "آي بوك" عام 1999.
اتخذت الشركة خطوة هامة عام 2001 عندما أصدرت "ماك أو إس إكس" وهو تصميم بني على تكنولوجيا "يونيكس" و"بي إس دي" التي استخدمها "جوبز" في حواسب "نيكست".
من هذا المنطلق، بدأت الأمور تتحسن وتتطور سريعا، وافتتحت "آبل" أول متجر تجزئة تابع لها عام 2001 في "فرجينيا" و"كاليفورنيا".
في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، اتخذت "آبل" خطواتها الأولى بعيدا عن "ماك" من خلال مشغل الموسيبقى "آيبود" الذي كان قادرا على استيعاب ألف أغنية رقمية يمكن الاحتفاظ بها في جهاز يوضع في الجيب، لكن بداياته في المبيعات كانت بطيئة بسبب سعره الذي بلغ 399 دولارا وكان يعمل فقط على أجهزة "ماك".
عام 2003، فتحت "آبل" متجر الموسيقى "آي تيونز" الذي كان يوفر الأغنية مقابل 99 سنتا.
في نفس العام، تلقى "جوبز" أنباء سيئة غطت على نجاحاته في "آبل" وهي إصابته بالسرطان، لكنه أبقى الأمر سرا حتى أبلغ موظفيه به عام 2004.
في غضون 6 سنوات فقط، أصبحت "آبل"لاعبا رئيسيا في القطاع التكنولوجي وقفز سهمها في الفترة بين عامي 2003 و2006 من 6 دولارات إلى 80 دولارا، لكن الشركة ظلت خلف "مايكروسوفت" من حيث القيمة السوقية.
بمرور السنوات، كان على "جوبز" دراسة تغيير تصميمات منتجات "آبل" والعمل على تطوير شاشة تعمل باللمس، وفي 2004، تم إطلاق مشروع "بروجمت بيربل" تحت إشرافه لإنتاج شاشة تعمل باللمس، وكان المقصود أن تكون جزءا من حاسوب لوحي، لكنها امتدت إلى الجوال لاحقا.
كانت مسيرة "آيبود" بطيئة نوعا ما، وهو ما دفع "آبل" لإطلاق نسخ متنوعة من هذا الجهاز مثل "آيبود نانو" و"آيبود ميني" وكلاهما يتعلقان بصغر الحجم.
عام 2005،قدمت "موتورولا" جوالا تحت اسم "ROKR" بالتعاون مع "آبل"، وكان أول جوال يمكنهتشغيل موسيقى من متجر "آيتيونز" لكن بعدد 100 أغنية فقط.
عام 2006، اتخذ "جوبز" خطوة جوهرية ربما كانت السبب في إنقاذ "ماك" من خلال طرح "ماك بوك برو" بجانب نسخة "آي ماك" جديدة وكلتاهما زودتا بمعالجات "إنتل".
كان هذا يعني إمكانية تثبيت نسخة "ويندوز" للمرة الأولى على حواسب "ماك".
افتتحت "آبل" متجرا جديدا في"مانهاتن" عام 2006 وكان ذو تصميم عصري مناسب لمدينة نيويورك.
بدأت صحة "جوبز" تضعف شيئا فشيئا، ولاحظ المحيطون به ذلك.
كان عام 2006 بمثابة انتصار شخصي لـ"جوبز" حيث بعث برسالة عبر البريد الإلكتروني لجميع الموظفين في "آبل" قائلا: "فريق العمل..يبدو أن (مايكل دل) لا يجيد التكهنات أو التنبؤ بالمستقبل، فعلى أساس إغلاق السهم، أصبحت (آبل) أعلى قيمة من (دل)، ربما يهبط أو يرتفع السهم غدا، لكنني رأيت أن هذه اللحظة فارقة".
بعد سنوات من التكهنات، كشف "جوبز" رسميا في يناير/كانون الثاني عام 2007 عن "آيفون"وجمع بين مزايا "آيبود" من حيث تشغيل الموسيقى وشاشة اللمس.
كان وقع "آيفون" على مسامع السوق قويا للغاية حيث باعت "آبل" مليون وحدة في غضون 74 يوما فقط من غطلاقه في أغسطس/آب عام 2007.
في عام 2008، أطلقت "آبل" أول تحديث كبير لـ"آيفون" من خلال "آيفون 3 جي إس" التي تميز بدعمها للشبكات السريعة، ولكن التغير الأكبر كان من خلال إطلاق "متجر آبل" للتطبيقات الذي أتاح للمطورين تثبيت برمجياتهم وتطبيقاتهم عليه.
لا زالت صحة "جوبز" في تدهور، وفي أغسطس/آب عام 2008، نشرت "بلومبرج" بالخطأ مقالا تنعي فيه "جوبز" الذي أطلق مزحات وفكاهة بشأن هذا الأمر في مؤتمر خلال الشهر التالي.
في عام 2009، تولى "تيم كوك" منصب المدير التنفيذي بشكل مؤقت بعد أن حصل "جوبز" على إجازة مرضية للمرة الأولى،وحتى بعد عودته من الإجازة، ظل "كوك" يتولى مهاما رئيسية.
عام 2010، اطلق "جوبز" أخيرا الحاسوب اللوحي "آيباد" الذي لطالما أراد إصداره منذ أوائل الألفية الجديدة.
في بداية 2011 وخلال آخر عطلة مرضية، تحدث "جوبز" في آخر ظهور للإعلان عن منتجات "آبل"الجديدة من خلال الكشف عن "آيباد 2" وخدمة "آي كلاود".
كان آخر ظهور علني لـ"جوبز" في يونيو/حزيران عام 2011 عندما اقترح إنشاء مقرجديد لـ"آبل" ، وبعد سنوات، تم افتتاح المقر الجديد "آبل بارك" عام 2017 واتخذ شكل سفينة فضائية وتكلف خمسة مليارات دولار.
تنحى "جوبز" عن منصب المديرالتنفيذي من "آبل" في الرابع والعشرين من أغسطس/آب عام 2011 وقبل تولي دور رئيس مجلس الإدارة، وذلك بعد تدهور حالته الصحية وانتشار السرطان في جسده، وبعد ذلك بفترة قصيرة، أُعلن عن وفاته في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، وهو ما يعني أنه عمل لآخر يوم في حياته في "آبل".
تولى "كوك" منصب المدير التنفيذي بشكل دائم بعد استقالة "جوبز"، وواصلت الشركة نموها بشكل مبهر تحت قيادته إلى أن تخطت قيمتها عتبة التريليون دولار.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}