الواقع يؤكد وهن مزاعم الناقلات الأمريكية ضد الخليجية
تأتي الحملة التي تشنها الناقلات الأمريكية والأوروبية على شركات الطيران الخليجية بمثابة تراجع عن مطالباتها المتكررة، باعتماد سياسة الأجواء المفتوحة في جميع الأسواق العالمية بهدف زيادة حصتها السوقية.
وشكلت الناقلات الثلاث (أمريكان إيرلاينز ودلتا ويونايتد كونتننتال)، تحالفاً لقيادة حملة مشتركة بغرض الضغط على الحكومة الأمريكية للحد من التوسعات السريعة لكل من (الاتحاد للطيران، وطيران الإمارات، والخطوط القطرية) في السوق الأمريكي.
تفيد بيانات أمريكية أن شركات طيران أمريكية فقدت ما لا يقل عن خمس نقاط مئوية من حصتها من حجوزات الرحلات الجوية من أمريكا إلى شبه القارة الهندية وجنوب شرق آسيا منذ عام 2008 بسبب المنافسة المحتدمة من ناقلات الخليج.
وتشهد شركات الطيران الأمريكية في الفترة الأخيرة تآكلاً في حصتها من حجوزات الرحلات المتجهة إلى ميلانو وذلك بحسب تقرير أرسلته الشركات إلى البيت الأبيض ووزارات الخارجية والنقل والتجارة.
ويقول التقرير إن الحصة المجمعة لحجوزات السفر بين أمريكا وشبه القارة الهندية لشركات دلتا ايرلاينز ويونايتد ايرلاينز وأمريكان ايرلاينز تراجعت إلى 34 % في 2014 من 39 % في 2008.
ورغم الحملة الكبيرة التي تشنها الناقلات الأمريكية الثلاث الكبرى على شركات الطيران الخليجية الا ان الشركات الثلاث توفر اليوم نحو 69 ألف مقعد أسبوعياً أي نحو 7% من إجمالي المقاعد التي توفرها الناقلات الأمريكية الثلاث البالغة 971 ألف مقعد الأمر الذي أطلق مخاوف شركات الطيران الأمريكية حيال أسواقها المحلية.
واجتمعت الناقلات الثلاث مؤخراً تحت شعار (الشراكة من أجل السموات المفتوحة والعادلة)، موجهة ادعاءات للناقلات الخليجية بتلقي دعم حكومي خلال العقد الماضي، الأمر الذي يعرض الناقلات الأمريكية إلى أضرار كبيرة، الأمر الذي نفته الشركات الخليجية الثلاث، معتبرة هذه الادعاءات غير صحيحة، وأنها بمثابة شماعة تعلق عليها الشركات الثلاث فشلها في تلبية احتياجات عملائها في السوق الأمريكي.
طيران الإمارات
ومن جهتها قالت طيران الإمارات إن الناقلات الثلاث الكبرى وشركاءها، التي تستأثر بنحو ثلثي الرحلات الدولية من الولايات المتحدة، تريد فرض مزيد من القيود على خيارات النقل الجوي المتوفرة للمستهلكين والمطارات الأمريكية وللاقتصادات المحلية والإقليمية.
وفندت طيران الإمارات مزاعم شركات الطيران الأمريكية حيث قالت إن إدعاء الناقلات الأمريكية غير منطقي ولا تستند إلى أي حقائق مشيرة إلى أن الادعاء بأن طيران الإمارات استفادت من دعم مقداره 2.7 مليار دولار وفرته الحكومة لتعويض خسائر نجمت عن عملية تحوط لأسعار الوقود غير صحيح، و إن جميع الخسائر التي تكبدتها طيران الإمارات نتيجة الشراء المستقبلي للوقود خلال السنة المالية 2008/2009، تمت تسويتها بالكامل من الاحتياطات المالية الخاصة بالناقلة، ولم تدفعها حكومة دبي.
وأضافت طيران الإمارات أن الادعاء بأن الناقلة استفادت من مرافق بنية أساسية في المطار مدعومة ب 2.3 مليار دولار كذلك غير صحيح لأن الاستثمار في البنية الأساسية طويل الأجل عادةً.
وقد قامت حكومة دبي بهذه الاستثمارات، مثلها في ذلك، مثل الاقتصادات الناشئة المتقدمة (الصين وسنغافورة)، واضعة في اعتبارها جني المكاسب على المدى البعيد.
ورسوم المطار المنخفضة نسبياً أو الإعفاء من الرسوم لركاب الترانزيت لا تعد دعماً ولا معاملة تمييزية، لأن جميع شركات الطيران العاملة في مطار دبي الدولي تستفيد منها وان طيران الإمارات تدفع الرسوم المعلنة في مطار دبي، على أساس تجاري، وأعلى من الرسوم المفروضة في مطارات أخرى مشابهة، مثل كوالالمبور.
وقالت طيران الامارات انه على الرغم مما تراه بعض شركات الطيران، فإن المسافرين ليسوا ملكاً لها.
وما تفعله طيران الإمارات هو المنافسة في السوق وتوفر طيران الامارات منتجاً رائعاً بأسعار مناسبة تروق للمتعاملين الذين يختارون السفر معها.
وهاجس الناقلات الأميريكية حول حصتها السوقية، يجعل ما تسعى إلى تحقيقه أكثر وضوحاً: فهي لا تريد المنافسة ولا فتح الأسواق، ولا فتح الأجواء، بل تطلب من الحكومة صراحة التحكم في السوق.
وقالت طيران الامارات: «تقدر القيمة الاقتصادية لرحلات طيران الإمارات إلى المطارات والمناطق المجاورة بنحو 8.2 مليار دولار، فرحلات الإمارات تنقل مسافرين من الولايات المتحدة إلى 56 وجهة في إفريقيا (18 محطة) ودول حوض المحيط الهادي الآسيوية (25 محطة)، وإلى الشرق الأوسط (13 محطة)، وجميعها لا تخدمها أي من الناقلات الأمريكية، ونحن نقوم بذلك من خلال توقف واحد في دبي.
ويظهر ارتفاع معدلات ملاءة المقاعد على رحلاتنا الأمريكية إلى ما فوق 80% أن هناك طلباً من العملاء على رحلات طيران الإمارات» و طيران الإمارات تربط الولايات المتحدة بالأسواق الناشئة ب 305 رحلات أسبوعياً إلى 5 من دول البريكس و 94 رحلة أسبوعياً إلى باكستان وبنغلاديش وهي في كل ذلك أضافت قيمة للاقتصاد الأميركي من خلال فرص العمل التي توفرها هذه الرحلات فضلاً عن نشاط الحركة التجارية والسياحية و بدأت طيران الامارات رحلاتها المنتظمة بين دبي ونيويورك في يونيو من العام 2004 لتصل اليوم إلى 9 وجهات من خلال 84 رحلة أسبوعياً ترتفع إلى 10 وجهات مع انضمام اورلاندو في سبتمبر المقبل.
وتشغل الناقلة طائرات بوينغ 777 إلى 5 وجهات أمريكية وتعمل طائرات ايه 380 بمحركات صناعة أمريكية من جنرال الكتريك إلى كل من دالاس ونيويورك وسان فرانسيسكو ولوس انجلوس وهيوستن.
وتحمل رحلات طيران الإمارات مسافري الولايات المتحدة إلى 57 وجهة منها 19 في إفريقيا و26 في آسيا الهادئ، و12 في الشرق الأوسط وجميعها لا تخدمها الناقلات الأمريكية ونقوم بذلك فقط بتغيير الطائرة في دبي للمسافر.
ومنذ العام 2004 نقلت طيران الإمارات 11.3 مليون مسافر من السياح ورجال الأعمال وكان معدل أشغال الرحلات يزيد على 80 % وحملت منذ ذلك الحين 518 ألف طن من الشحن وخلال تلك الفترة نمت الصادرات الأمريكية إلى الإمارات بنسبة زادت عن 442 % وتعد الإمارات اليوم الشريك التجاري الأول للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
الاتحاد للطيران
فند الرد المقدم من الاتحاد للطيران بصورة قاطعة كل المزاعم التي تدعيها شركات الطيران الثلاث بالولايات المتحدة بشأن التمويلات التي حصلت عليها الاتحاد للطيران، حيث قدم الرد تفسيراً واضحاً غير قابل للجدل بشأن تمويل حقوق الملكية والقروض من المساهم المقدمة للشركة من حكومة أبوظبي على أساس الاستثمار في نموذج عمل ناجح، والتي تتسق جميعها تماماً مع أحكام «اتفاقية الخدمات الجوية الموقعة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة ومختلف القواعد الأخرى ذات الصلة.
ويظهر الرد أن شركات الطيران الثلاث الكبيرة قد حصلت على ما يزيد على 70 مليار دولار أمريكي في صورة امتيازات من هيئات تابعة للحكومة الأمريكية، ومن خلال إجراءات قانونية، مثل إعادة التنظيم بموجب الفصل الحادي عشر من قانون إشهار الإفلاس الأميركي، على مدار السنوات الخمس عشرة الماضية.
أشارت الاتحاد للطيران في الرد المقدم منها إلى أن مزاعم وادعاءات ومطالب شركات الطيران الثلاث الكبيرة لا تستند إلى أي حقائق أو منطق أو قوانين أو اتفاقيات، وأكدت الشركة أن سلوك (الاتحاد للطيران)، وحكومة دولة الإمارات، يتسق تماماً مع أحكام اتفاقية الخدمات الجوية الموقعة بين الإمارات والولايات المتحدة، ومع القوانين المنطبقة بالولايات المتحدة، ومع التزامات كلتا الحكومتين بموجب الاتفاقيات بينهما».
وأضافت الاتحاد للطيران أن الملكية الحكومية لشركة ما ليست مسألة إشكالية بموجب أحكام اتفاقية الخدمات الجوية الموقعة بين دولة الإمارات والولايات المتحدة، وأوضح أن رأس المال والقروض المقدمة من المساهم ليست إعانات مالية إطلاقاً، وأن الاتحاد للطيران، مع منافستها بقوة لنقل المسافرين كافة، لا تفرض أسعاراً أقل عن منافسيها بصورة مبالغ فيها، وتابع أن الشركة لا تتسبب أبداً في أي ضرر لشركات الطيران الثلاث الكبيرة بما يوجب اتخاذ إجراءات ضدها، بل إن الشركة في واقع الأمر توفر لهم فوائد تجارية كبرى من حيث إمداد تلك الشركات بالمسافرين على رحلات الربط عبر شبكات تلك الشركات (بما يقدر بنحو 300 ألف مسافر خلال عام 2015).
وقالت إن الاتحاد للطيران نجحت في الأسواق التي اختارت شركات الطيران الثلاث الكبيرة عدم التنافس فيها، ومن ثم توفر في الواقع لتلك الشركات نافذة (من خلال اتفاقيات الشراكة بالرمز ومتابعة الرحلات)، لتوفر لمسافريها إمكانية السفر إلى وجهات اختارت تلك الشركات عدم تشغيل الرحلات إليها بنفسها، وبين أنها تتعامل مع موظفيها في مختلف أنحاء العالم الذين ينتمون إلى أكثر من 140 جنسية، من بينها الولايات المتحدة، بكل نزاهة واحترام.
ومنذ عام 2003، استثمرت الحكومة ما يصل إلى 14.3 مليار دولار أمريكي في الاتحاد للطيران، من بينها ما يصل إلى 9.1 مليار دولار أميركي مقدمة في صورة تمويل لحقوق الملكية إلى جانب 5.2 مليار دولار أمريكي مقدمة كقروض من المساهم.
محاولة مكشوفة لمنع المنافسة
وقالت الخطوط الجوية القطرية ان شركات الطيران الأمريكية الثلاث الكبرى (أمريكان إيرلاينز، دلتا، ويونايتد) تتبنى محاولة مكشوفة لمنع المنافسة الجديدة والحد من الخيارات أمام المسافرين.
واوضحت القطرية موقفها من اتهامات الحصول على دعم من الحكومة القطرية، وشرح الفوائد والمزايا الكبيرة العامة لاتفاقيات الأجواء المفتوحة الحالية، مشيرة إلى أن اتفاقيات الأجواء المفتوحة تتعدى مصالح الشركات الأمريكية الثلاث الكبرى، مبيّناً أن العديد من الشركات والمجموعات الأمريكية تدعم اتفاقيات الأجواء المفتوحة ومن بينها المطارات الأمريكية ومجموعات السفر والتجارة، ومجموعات المستهلكين، وشركات الطيران الأمريكية الأخرى.
وأشارت الناقلة القطرية الى أن المسافرين مع القطرية يدعمون الاقتصاد المحلي الأمريكي، ففي عام 2014 وحده، نقلت الناقلة القطرية 248 ألف مسافر إلى الولايات المتحدة، وأسهمت بمبلغ 900 مليون دولار في الاقتصاد الأمريكي وقطاع التوظيف وكل ذلك بفضل اتفاقيات الأجواء المفتوحة، كما أن «القطرية» تشغّل حالياً طائرات اشترتها مباشرة من شركة بوينج الأمريكية تتجاوز قيمتها 19 مليار دولار، كما ستتسلم مستقبلاً طائرات من هذه الشركة بقيمة 50 ملياراً.
وقالت الخطوط الجوية القطرية إن الشركات الأمريكية الثلاث الكبرى لا تتنافس مع القطرية على الرحلات المباشرة، مشيرة الى إن التبادل الثقافي والتجاري المفيد والذي أصبح ممكناً بفضل اتفاقية الأجواء المفتوحة بين قطر والولايات المتحدة، يجب ألا توقفه الشركات الثلاث الكبرى لمجرد أننا اخترنا أن نخدم الأسواق التي تجاهلتها هذه الشركات.
الاقتصاد الامريكي أكثر المتضررين
وبحسب تقارير دولية متخصصة في قطاع الطيران، تعد الناقلات الخليجية أفضل عميل لدى شركة بوينغ الأمريكية، حيث تشير البيانات إلى أنه لغاية شهر فبراير/شباط الماضي، فإن لدى الشركة طلبيات لنحو 199 طائرة بوينغ، منها 49 طائرة من طراز (بونيغ 777 أي أر 300) و150 طائرة من الجيل الجديد لطراز بونيغ (777 إكس). بالإضافة إلى ذلك، فإن لدى الشركة كذلك طلبيات من الاتحاد للطيران ذات الجسم العريض، منها 69 طائرة دريملاينرز و25 طائرة من طراز 777 إكس وطائرة من طراز 777 للشحن.
وأخيراً، فإن لدى بيونغ كذلك طلبيات من الخطوط القطرية لنحو 71 طائرة عريضة البدن منها 11 طائرة من عائلة 777 إس، و6 طائرات من طراز 777- 300 أي آر، بالإضافة إلى 5 طائرات شحن و50 طائرة من طراز 777 اكس و10 طائرات دريملاينرز.
ووفقاً للأسعار الجارية، تقدر قيمة هذه الصفقات مجتمعة بنحو 120 مليار دولار، يمكن أن تصل إلى 60 مليار دولار مع الخصم النموذجي للمؤسسات الذي يصل إلى نحو 50%، وهو المبلغ الذي يعادل مبيعات سنة كاملة لشركة بوينغ للطائرات التجارية ويرى خبراء أن في حال قيام الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات صارمة ضد توسعات الناقلات الخليجية فإن ذلك لن يقلص حاجتها فقط للطائرات الجديدة، وإنما سيدفعها لتلبية احتياجاتها من هذه الطائرات من المنافس التقليدي لبوينغ بالتحول إلى شركة ايرباص الأوروبية، التي هي بالفعل عميل منافس، الأمر الذي من شأنه أن يقوض برنامج طائرات 777 لشركة بوينغ والذي تدعمه الناقلات الخليجية الثلاث، باعتبارها أول زبائن لهذا الطراز.
آثار سيئة للحمائية
ذكر تقرير صادر عن مؤسسة فلايت جلوبال: إن الحمائية لها آثار سيئة على الجميع، وذلك على جبهتين الأولى تتعلق بادعاءات الناقلات الأمريكية الثلاث في حق شركات طيران الإمارات والاتحاد للطيران والخطوط القطرية، سعياً منها لمنع هذه الشركات من إغراء الركاب الأمريكيين من الحصول على منتجات أفضل، مبررين ذلك بحصول الناقلات الخليجية على دعم حكومي.
ويرى التقرير أن القضية التي صنعتها الشركات الأميركية الثلاث والداعمين لها من الاتحادات، هي قضية واهية، وتعيد للذكريات الوضع الذي كانت عليه أمريكا قبل أربعين عاماً عندما تخلى الأمريكيون عن سيارات الفورد والبوكس واتجهوا إلى السيارات اليابانية مثل تويوتا وهوندا، الأمر الذي اتبعه توجيه الاتهامات لشركات السيارات اليابانية البارعة في الإنتاج الضخم للسيارات والدفع بمستويات أقل للعاملين لديها مقارنة بنظيرتها في ديترويت، بالإغراق، بينما تنتقد شركات الطيران الخليجية الثلاث حالياً بأنها لا تعترف بالاتحادات وبإمكانها دفع أجور أقل للموظفين، ولأنها استثمرت في تأسيس محاور عملاقة للطيران في الصحراء، أرخص في الاستخدام وفي نفس الوقت أضخم من المطارات الكبرى في أمريكا الشمالية أو أوروبا.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}