سيدات أعمال يدعمن المنتجات اليدوية المحلية بـ 60 % رغم التحديات
علمت "الشرق" أن عدداً كبيراً من السيدات القطريات نجحن في دعم القطاع الحرفي والصناعات التقليدية اليدوية، بنسبة 60% رغم الصعوبات المالية التي يتعرضن لها بين الحين والآخر، حيث جاءت الأسر المنتجة القطرية والتي تمثل النساء فيها الغالبية العظمى، على رأس هرم الإنتاج المحلي التقليدي مثل خياطة الملابس التراثية والسدو ومنتجات البخور والعطورات ودلال القهوة والفخار.
لى جانب الإهتمام بمجال الحناء وصناعة التحف والحلي والسلع التقليدية، التي تجد اليوم رواجاً كبيراً بين المواطنين والمقيمين والسواح، هذا وأشار المصدر إلى أن هناك أكثر من 80 محلاً يعمل محليًا لصالح سيدات قطريات يشتغلن بشكل يدوي، تهتم تلك المحلات بالصناعات التراثية والتقليدية التي زاد الإقبال عليها بشكل كبير مع اهتمام الدولة بهذا المجال والتشجيع على إحياء الثقافة القطرية.
هذا وقال عدد من المستثمرين أن قطر نجحت في دعم مشروعاتها الصغيرة بنسبة تتعدى 67% من نسبة المشروعات، وذلك لإيمانها بأهمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة في دعم الإقتصاد المحلي.
مؤكدين أن سوق واقف على سبيل المثال، نجح في دعم واستقطاب رواد الأعمال القطريين من الجنسين، وتشجيعهم على الانخراط في الصناعات اليدوية التقليدية، التي تعكس الثقافة القطرية، وتترجم التطور التاريخي، وهو ما يلقى إقبالاً كبيراً من المواطنين والسواح، مشيرين إلى أن الصناعات الحرفية تمثل ثروة سياحية قائمة بذاتها، ومحفز كبير للاقتصاد المحلي.
وبيّن المستثمر أحمد الشيب أن سوق واقف نجح بشكل مميز، على التشجيع لصناعة وبيع الصناعات اليدوية التقليدية، ودعم رواد الأعمال القطريين الراغبين بالانخراط في هذا المجال، مشيرًا إلى أن هذا القطاع يدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر محفزاً قوياً للإقتصاد.
حيث تتجه دول العالم بالإهتمام بهذا المجال، ودعم حرفيي المنتجات اليدوية التي تعتمد على الأيدي الماهرة، دون استخدام الآلات الحديثة.
وقال: كما أن وزارة الشؤون الاجتماعية تولي الأسر المنتجة أهمية كبيرة في دعم منتجاتهم والترويج لها محليًا، وهو ما يجد إقبالا كبيرا من قبل السواح على وجه الخصوص، وهذه الخطوة في دعم وتنمية الإنتاج الحرفي المحلي، يعزز من وضع المشاريع الصغيرة، فعلى سبيل المثال سوق الحرف اليدوية في السعودية تتجاوز 2 مليار ريال، وهو مبلغ كبير يمكن أن يدعم الاقتصاد والسياحة ويعزز القطاعات الأخرى بشكل كبير، والحقيقة نحن نشيد بالأدوار التي تبذلها سيدات الأعمال القطريات والأسر المنتجة باتجاههن اليوم نحو الصناعات الحرفية اليدوية التي تعكس الثقافة القطرية.
واستعادة صناعات الأجداد التي ترجعنا لأيام البساطة والجدية في العمل، بواسطة أدوات قليلة، إلا أنها أعمال تستحق الاقتناء لجودتها العالية واحترافي صانعيها، وأتوقع خلال الفترة المقبلة أن تشهد الدولة أسواق شعبية جديدة مع تزايد اهتمام المستثمرات والمستثمرين القطريين في هذا القطاع، إلى جانب اهتمام المؤسسات المالية والاجتماعية والثقافية المحلية بالمشروعات الصغيرة التي من شأنها أن تدعم الإنتاج المحلي اليدوي من مشغولات ومنتجات أخرى، مع إمكانية تصديرها للخارج، وهو المسار الذي تخطو عليه اليوم العديد من دول العالم لدعم اقتصاديتها المحلية.
السياحة التراثية
ويرى أحمد حسين المدير العام لسفريات توريست أن الصناعات الحرفية القطرية، تعكس التراث والثقافة القطرية الأصيلة، وهي تجد إقبالا كبيرا من قبل السواح خاصة من أوروبا وأمريكا، الذين يهتمون بالتعرف على التذكارات والصناعة التراثية التي تعكس تاريخ هذا البلد، كما أن هذه المنتجات تجد إقبالا كبيرا عليها من قبل المواطنين أنفسهم، وقد دعمت الهيئة العامة للسياحة، هذا الجانب من خلال الترويج للسياحة الثقافية والتراثية في قطر، حيث تشهد إقبالاً كبيراً عليه.
وتابع: أن السائح لأي بلد يتجه دوما نحو الأماكن والأسواق الشعبية أو التراثية التي تروي وتحاكي تاريخه وثقافته، لذلك نجد العالم يهتم بهذا الجانب بشكل ملفت وكبير جدا، فمثلا هناك السوق الشعبي التركي «غراند بازار» وهو من أشهر الأسواق في إسطنبول بتركيا، يبلغ عدد زوار السوق 400.000 زائر يوميا، ويعد السوق من أكبر الأسواق المغطاة في العالم، ويضم 3000 محل تجاري، والتي تعرض البضائع التركية التراثية، وتبادل العملات وغيرها من المنتجات، وغيرها من الأسواق الشعبية العالمية القديمة في الهند وتايلندا والمغرب وبريطانيا وغيرها، أن هذا التوجه العالمي نحو دعم الأسواق الشعبية والصناعات اليدوية من شأنه أن يدفع بالاقتصادات والإنتاج المحلي نحو مراتب متقدمة خلال العام الواحد، مدعوما بالاستقطاب السياحي.
وأضاف: ولابد من الإشارة هنا إلى النجاحات التي حققها سوق واقف في جذب أعداد كبيرة من سواح العالم والخليج، بفضل الاهتمام باستعراض التراثيات القطرية وسط أجواء مفعمة بالثقافة المحلية القديمة كالديكور وتصميم المحلات، وهو ما يتطلع له السائح خلال زيارته للدوحة، أضف على ذلك جملة الأنشطة والفعاليات الترفيهية والموسيقية التي أسهمت في إحياء هذا السوق وجعله موقعا مميزا في برنامج أي زائر للبلاد.
وبحسب موقع الهيئة العامة للسياحة، فإن ثقافة قطر تتجسد في الكثير من الأنشطة والفعاليات المتوفرة، فعلى سبيل المثال، هناك سوق واقف الذي يقدم تجربة تسوق فريدة تتيح فرصة الاستمتاع بأجواء المحال التجارية التقليدية، كما أنه مركز يجمع بين الأعمال التجارية ووجهات الجذب المحلية.
كما لا تزال قوارب الداو الخشبية التقليدية تجوب مياه الخليج العربي، ولا تزال سباقات الهجن وعروض مربي الصقور والموسيقى التقليدية تعكس التراث القطري الغني، فضلًا عن الحرف اليدوية ووسائل الترفيه التقليدية التي لا تزال مرغوبة حتى يومنا هذا.
جوائز محلية
وترى سيدة الأعمال د. نوال العالم أن هناك اهتماما محليا كبيرا في دعم النساء القطريات في مشاريعهن الصغيرة، والتي تعتمد غالبا على الإنتاج اليدوي، حيث تتجه النساء اليوم للصناعات الحرفية البسيطة مثل خياطة الملابس التقليدية وصناعة البخور وكذلك الولوج في الأعمال اليدوية والكورشيه التي أصبحت تستقطب شريحة نسائية كبيرة للعمل فيه.
كما واهتمت وزارة الشؤون الاجتماعية بتشجيع الأسرة المنتجة على الإنتاج الحرفي واليدوي، من خلال طرح تمنح إدارة تنمية الأسر المنتجة بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية خدمة الترشح للحصول على جائزة أفضل داعم لأنشطة الأسر المنتجة، وهذه الجائزة من شأنها أن تدعم القطريات الراغبات بخوض هذا المجال والذين لا يمتلكون الداعم المالي لمنتجاتهم، وقد نجحت العديد من هذه الأسر في إبراز منتجاتهم والترويج لها وفق إمكاناتهم البسيطة، حيث تجد اليوم الصناعات اليدوية إقبالا عالميا في الدول التي تهتم بها.
حيث ما يميز هذه الصناعات بأنها لا تعتمد على آلات أو أي من القوى المحركة الأخرى، بل اعتمادها على الخامات المتوفرة محليًا، وعلى المهارة اليدوية المكتسبة، وقد مارسها الإنسان منذ القدم، ولا يزال يمارسها في أجزاء كثيرة من إفريقيا وأمريكا الجنوبية وآسيا، ومن هذه الصناعات: صناعة الأواني الفخارية، ودبغ الجلود وحفظ اللحوم بطريقة التجفيف وغيرها، وبعض هذه الصناعات البدائية اليدوية تمارس في الدول التي تقدمت كوسيلة لزيادة دخل الأسرة، مثل صناعة السجاد في تركيا، وإيران، وصناعة التحف المختلفة، والحفر على المعادن في مصر، والجزائر، وصناعة الألعاب في سويسرا، وإيطاليا، واليابان، ومثل هذه الصناعات اليدوية من الحرف القديمة في المملكة العربية السعودية، وما زال بعضها قائم حتى الآن، كصناعة الأحذية الجلدية، والمشالح الصوفية.
الصناعات الحرفية
وقال الخبير الاقتصادي د. حسني خولي إن قطر أولت المشاريع الصغيرة التي تهتم بالحرف التراثية والصناعات الحرفية التقليدية، بشكل كبير جدًا، والدليل على ذلك الاهتمام إلى أن نسبة المنشآت الصغيرة إلى إجمالي المنشآت في قطر تقترب من الـ67% وهذا مؤشر جيد بكل المقاييس، وأضاف: أن التجارب الناهضة والناجحة في مجال الصناعات الحرفية مثلًا في ماليزيا والهند والبرازيل وتركيا لوجدنا آلاف الأسباب التي تجعل الدول الخليجية تقف بجوار تلك الصناعات ودعمها نظرًا لكونها تعتبر قاطرة لنمو الناتج القومي وأنها وسيلة لتحقيق العدالة وتقليل الفوارق وتقليل البطالة، ولتأكد للجميع ضرورة وأهمية معالجة أي مشكلات اقتصادية تواجه تلك الصناعات، خاصة أن الاقتصاد الخليجي اقتصاد ريعي يعتمد على بيع النفط والغاز، وتلك العوائد تتذبذب بدرجة خطيرة تبعًا لأسعار برميل النفط الذي تحدده الأسواق العالمية، وبالتالي فإن الدول الخليجية تحتاج لتنويع مصادر الدخل وتلك الصناعات من الممكن أن تسهم بفعالية في زيادة الدخل الوطني خارج عوائد النفط.
ولذا يبقى الأمل أن تتضافر الجهود الحكومية مع القطاع الخاص وجهات التمويل في الاهتمام بتلك الصناعات ومتابعة تطورها وإيجاد حلول لمشاكلها، يتفق معظم الاقتصاديين على أهمية الصناعات اليدوية وأثرها الإيجابي على التنمية الاقتصادية، وإيجاد مزيد من فرص العمل، وتقليل الفقر، والمساهمة في العدالة الاجتماعية بين فئات السكان، فالأثر الإيجابي للصناعات الحرفية يتوزع بين البداوة أو الريف والحضر وبين الإناث والذكور، وبين الشباب والكهول، وبين المتعلمين وغير المتعلمين، وبين الفقراء ومتوسطي الدخل.
إلا أن تلك الصناعات في الوقت الحالي تواجه تحديات كثيرة منها التغيرات التكنولوجية التي طرأت على تلك الصناعات وزيادة التقنيات، وعدم وجود مدارس ومعاهد تهتم بتدريب وتطوير أصحاب تلك الحرف بالشكل الذي يلاحق التطورات حتى لا يتم الاستغناء على منتجات تلك الحرف واستبدالها بأخرى مستوردة بأسعار تقل عن المصنوعات اليدوية المحلية.
هذا بالإضافة إلى التحولات الاجتماعية الناجمة على الطفرة النفطية في الخليج العربي وما أحدثه من تغيرات بنائية سواء كانت اقتصادية أو ثقافية في المجتمع القطري كمثل باقي دول الخليج أدت في مجملها إلى عزوف بعض الشباب عن العمل في تلك الصناعات، وهجرها سعيا وراء الوظائف التي تحقق لهم دخلا أكبر وأكثر ضمانا.
حيث أصبحت الوظيفة من محددات الوضع الاجتماعي للشخص وبالتالي ينظر إلى الوظيفة التي يشغلها وجهة العمل بالإضافة إلى مستوى الدخل الذي يتقاضاه، ألا وأنه كما يبدو أن النساء القطريات والخليجيات عدن لإحياء هذه الصناعات حيث باتت هناك معارض متخصصة لهن لعرض ما ينتجنه من سلع ومنتجات. وتجدر الإشارة إلى أن أوروبا تتجه اليوم بقوة نحو الاهتمام بالمجال الحرفي والتراثي.
حيث وصلت السلع الصناعية المنتجة بكميات ضخمة إلى جميع نواحي الحياة في أوروبا، والصناعات اليدوية لا تزال قادرة على المنافسة، إذ توجد في ألمانيا مثلًا، وحدها أكثر من 300 شركة لإنتاج السلع يدويًا بعيدًا عن خطوط الإنتاج الصناعية.
مركز ارسيكا
الجدير ذكره فقد عقدت العديد من الندوات والمؤتمرات الإقليمية والدولية بمن قبل المنظمات العربية والإسلامية خصوصًا مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية «إرسيكا» بإسطنبول التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، والذي يقوم بمهام إحياء تراث شعوب الدول الإسلامية والبحث والنشر والتوثيق وغيرها من النشاطات التوثيقية والإعلامية بهدف التعريف الأفضل بالثقافة والفنون الإسلامية والعمل على وضع برامج لتطوير الفنون والصناعات والحرف اليدوية.
والمساهمة في إيجاد أفضل السبل للتفاهم بين الثقافات، وقد شرع مركز (إرسيكا) منذ العام 1990م بالاهتمام بتطوير ميدان الصناعات والحرف اليدوية في الدول الأعضاء المنتمين إليه.
ومن الأهداف الرئيسية لمركز إرسيكا هو تناول موضوعات حرفية ومعاينتها وتقييم الوضع الحالي لها وآفاقها المستقبلية بهدف تنمية جوانبها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وتحقيق هذا الهدف يتطلب دراسة وبحثًا مكثفًا من خلال تنظيم ندوات ومؤتمرات تناقش قضايا التصميم وتنمية المهارات وجودة الإنتاج الحرفي والتمويل وفرص التسويق والسياسات الوطنية المتعلقة بالمستهلكين.
وتتطلع هذه الندوات أيضًا لبحث موضوعات السياسات والبرامج والمعايير الواجب اتخاذها لمراقبة الأخطار التي تتعرض لها هذه الحرف والآفاق المستقبلية للتطوير، ومن أهدافه: تقييم الوضع الراهن للفنون والصناعات والحرف اليدوية وتحديد المعايير الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الواجب مراعاتها للتطوير المستقبلي لهذا الميدان، ومناقشة الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتفادي فقدان القيم والتقاليد الإسلامية بهدف المحافظة على الطبيعة المميزة والخاصة بالفنون والصناعات والحرف اليدوية، حث الشباب الحرفي على إنتاج أعمال جديدة، وتأهيل جيل من الواعين بأهمية الصناعات والحرف اليدوية من خلال برامج تعليمية مخصصة للأطفال في المدارس، وزيارات ميدانية للمواقع التي يتم فيها صناعة هذه الفنون للتفاعل معها، واتخاذ التدابير اللازمة لحماية بعض الفنون والصناعات والحرف اليدوية التي تتعرض للخطر وضمان استمراريتها، وتطوير إستراتيجية للتعاون الدولي في هذا المجال.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}

تحليل التعليقات: