نبض أرقام
22:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/11

كيف هددت "ساعة الاقتصاديين" تماسك المجتمعات؟

2019/09/21 أرقام - خاص

مع الفشل الاقتصادي المتكرر وعجز الحكومات عن الوصول لمعدلات نمو مرضية في منتصف القرن الماضي، لجأت تلك الحكومات إلى الاستعانة بدرجة أكبر بالاقتصاديين في صنع السياسات العامة، ليتولد عن ذلك ما يعرف بـ"ساعة الاقتصاديين" (والمقصود زمنهم) وهي تقريبًا الفترة بين عامي 1969-2008.
 

 

معاناة
 

"بينجامين أبيلبوم" الكاتب والمحلل الاقتصادي في صحيفة "نيويورك تايمز" قدم كتابه "ساعة الاقتصاديين: أدعياء السوق الحر المزيفون وتدمير مجتمع"، واهتم برصد أثر ما يصفه بـ"تلاعب" بعض الاقتصاديين بأداء الاقتصادات المختلة وإسهامها في ظهور حالة من غياب العدالة.
 

فالاقتصاديون لم يكونوا موجودين في صدارة المشهد، حيث اعتبر الرئيس الأميركي "روزفلت" أن المفكر الاقتصادي البارز "كينز" كان بمثابة "إحصائي"، بينما رفض كينيدي عام 1963 الاستعانة باقتصاديين أكاديميين لرسم السياسة النقدية لبلاده مفضلًا الاستعانة بـ"أبناء الصناعات".
 

ويشير "أبيلبوم" في كتابه إلى أنه في الوقت الذي سيطرت فيه الاقتصادات الحرة على الأسواق الأمريكية بشكل شبه كامل إبان الحرب العالمية الثانية، وذلك بفعل سيادة أفكار "آدم سميث" في ذلك الحين، فإن العمال لم يستطيعوا التمتع بحقوقهم الاقتصادية.
 

وفي الواقع إن شركة مثل "جنرال موتورز" لم تمنح عمالها حقوقهم في الزيادات السنوية إلا من خلال إضراب ناجح قام به كل عمال صناعة السيارات بين عامي 1945-1946 انتهى بحصولهم على الحق في زيادة الأجر على أساس الإنتاج والتضخم، وليس على أساس الإنتاج فحسب كما كان قائمًا قبلها.
 

تغيير في عصر "نيكسون"
 

واستمرت معاناة الاقتصاديين في الغياب عن مشهد اقتصاد القرار حتى السبعينيات، حيث أقنعوا الرئيس الأمريكي حينها "ريتشارد نيكسون" بضم دائرة مقربة غالبيتها من الاقتصاديين بدلًا من العسكريين، وبدؤوا في لعب أدوار محورية "متزايدة" في كافة الدوائر الأمريكية بما فيها المحاكم.
 

 

ويكشف "أبيلبوم" عن وجود ما يسميه بـ"التقييم المادي للحياة البشرية" لدى إدارة "نيكسون" حيث اعتبرت الإدارة -ضمنيا- قيمة الحياة البشرية بنحو 200 ألف دولار، ورأت الإدارة حينها أن الإنفاق حفاظا عليها سواء في متطلبات الأمن والسلامة أو الرعاية الصحية يجب أن يكون في هذا الإطار (أي لا يتخطاه).
 

ومع سيطرة "الاقتصاديين الجدد" ازدادت سيطرة الشركات على الاقتصاد الأمريكي، إذ تربط هؤلاء الاقتصاديين علاقات مباشرة بالشركات الكبرى، حتى إنه بين عامي 1977-1988 ازدادت "تكلفة الفساد" على الولايات المتحدة حوالي 500 مليار دولار.
 

ويشير "أبيلبوم" إلى عدد من الخرافات التي روجها الاقتصاديون بغية الدفع نحو مزيد من السيطرة الرأسمالية على الاقتصاد، ولعل أبرزها ارتباط النمو بسعر النفط، ففي المتوسط زاد الدخل الحقيقي للأمريكيين بنسبة 2% بينما زاد بنسبة 2.5% في عام 1973 الذي شهد صدمة النفط الأكبر في التاريخ.
 

خداع وتلاعب
 

كما يروج الاقتصاديون لارتفاع مستوى معيشة المواطن الأمريكي ويستدلون على ذلك بالارتفاع المستمر في متوسط العمر خلال الخمسين عامًا الأخيرة حتى وصلت إلى 79 عامًا تقريبًا في عام 2016.
 

غير أن الشاهد هو إخفاؤهم جزءًا من الحقيقة هو أن متوسط حياة المواطنين الأغنياء زاد أكثر من 15 عامًا تقريبًا بينما انخفض متوسط عمر المواطن الفقير خلال العقود الثلاثة الأخيرة، بما يؤكد أن الرعاية الصحية أتت "لمن يستطيع دفع ثمنها" وأن الجميع لم يتشاركوا حصاد ثمار النمو.
 

 

ويشير "أبيلبوم" إلى أن الأزمة تتجسد في استطاعة الاقتصاديين المرتبطين بالشركات العالمية من الوصول إلى دوائر صنع القرار بما مكنهم من استخدام علم الاقتصاد وتسويقه بشكل يوحي بأنه يخدم الاقتصاد بينما في الواقع كانوا يخدمون مصالح شركات محدودة ويهددون المجتمع ككل.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة