إلى أين اتجهت صناديق الثروة في عام الجائحة؟ .. "الاستثمارات العامة" ينجح في عمل توازن بين التواجد محلياً واقتناص الفرص عالمياً
كان 2020 عاماً لا مثيل له على جميع المستويات، دخلت صناديق الثروة السيادية أزمة الجائحة وهى في وضع دفاعي وبحوزتها مستويات عالية من السيولة، ونتيجة لذلك كانت مستعدة لدعم اقتصاداتها الوطنية، لكن لم تكن جميعها قادرة على اقتناص الفرص السانحة في الأسواق الدولية فى ظل انهماك معظمها فى الجهود المحلية لمكافحة تفشي الفيروس والاضطرابات الناتجة عنه فى كل الأسواق.
أكبر 10 صناديق سيادية حول العالم – حتى يونيو 2021 |
|
الصندوق |
الأصول تحت الإدارة (بالمليار دولار) |
1. صندوق المعاشات النرويجي |
1289.4 |
2. شركة الاستثمارات الصينية |
1045.7 |
3. هيئة الاستثمار الكويتية |
692.9 |
4. هيئة استثمار أبوظبي |
649.1 |
5. هيئة استثمارهونج كونج |
580.5 |
6. تيمسك السنغافورية القابضة |
484.4 |
7. صندوق الثروة السنغافوري |
453.2 |
8. صندوق الاستثمارات العامة السعودي |
430.0 |
9. الصندوق الوطني للتقاعد الصيني |
372.0 |
10. شركة استثمارات دبي |
320.3 |
إجمالي صناديق العالم |
8635.2 |
تضاعفت تقريباً الاستثمارات المباشرة لصناديق الثروة السيادية حول العالم بحسب ما تم الكشف عنه رسمياً على مدار العام لتصل إلى 65.9 مليار دولار، مقابل 35.9 مليار دولار في عام 2019 وفقاً للمنتدى الدولي للصناديق السيادية.
قفزة في الأسهم
على الرغم من تضاعف استثمارات الصناديق بنسبة تقارب الـ 90% بين 2019 و2020 إلا أنها كانت مركزة في الأسهم؛ حيث استغلت العديد من الصناديق انخفاض الأسعار والتقييمات فى فترة الجائحة مما جعل بعض هذه الشركات مغرية لمن لديه سيولة وكاش بأرقام هائلة لا سيما صناديق الثروة السيادية.
ولأول مرة منذ 2015، وبحسب البيانات الرسمية، تصل استثمارات الصناديق السيادية في الأسهم مستويات 50 مليار دولار عام 2020، مقابل 22.2 مليار دولار فى العام السابق له و37.3 مليار دولار قبل 6 أعوام.
الصناديق تستدير للداخل
بالنظر فى عمق أرقام الاستثمارات التى قامت بضخها الصناديق السيادية حول العالم، نجد توجهاً أو نمطاً جديداً قد بدأ يتشكل مؤخراً بدافع من الجائحة وهو نمط الاستدارة للداخل والتركيز على السوق المحلية والاحتياجات الوطنية.
الكثير من الصناديق السيادية حول العالم وجدت نفسها ملزمة بتحمل مسئوليتها الوطنية تجاه بلدانها وشعوبها فى ظل جائحة تسببت فى مشاكل صحية واقتصادية مزدوجة ضربت جانبي العرض والطلب وتسببت فى انهيار القدرات الطبية وكذلك ركود اقتصادي غير مسبوق حول العالم.
واستلزم ذلك من الصناديق استخدام قدراتها لتخفيف الخسائر والمساعدة فى التعافي من الأزمة، لذا حدث تغير ملحوظ فى توزيع الاستثمارات السيادية بين التوجهات الداخلية والخارجية فى 2020، فقفزت الاستثمارات المحلية أو الداخلية من 11.4% إلي 19.2% من إجمالي استثمارات الصناديق حول العالم فى 2020.
خلال الجائحة لم تكن السياسة النقدية وحدها هي التي تمثل استجابة كافية لمعالجة آثار الأزمة، وكان على الحكومات في الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء، أن تطبق سياسات مالية توسعية بالتزامن مع نظيرتها النقدية.
والدول المحظوظة هى التى تملك صندوق ثروة سيادياً نظراً لما لديها من حيز مالي وسيولة كافية يتم توجيهها لزيادة الإنفاق والاستجابة لحالة الاستنفار والطوارئ الصحية/الاقتصادية على حد سواء، وتقديم الدعم اللازم للقطاع الصحي والحكومة والأسواق والقطاع الخاص.
الصناديق تساعد مجتمعاتها
على سبيل المثال، فى شيلي سحبت وزارة المالية مبالغ من صناديقها السيادية ثلاث مرات فى 2020 تتجاوز الـ 5.2 مليار دولار؛ أولها في أبريل بمبلغ قدره مليارا دولار ثم فى أغسطس بمبلغ قدره 1.6 مليار دولار وآخرها فى أكتوبر بمبلغ قدره 1.6 مليار دولار من صندوق احتياطيات المعاشات التقاعدية.
فى النرويج، حيث أكبر صندوق سيادي في العالم، صندوق المعاشات التقاعدية الحكومي النرويجي، سحبت وزارة المالية فى أكتوبر 2020، ما يقرب من 3% من الصندوق أو ما يوازي 37 مليار دولار فى ذلك الوقت، لتمويل الإنفاق الحكومي المتزايد بسبب الجائحة.
المشاركة فى الجهود الاقتصادية
انخرطت بعض صناديق الثروة السيادية بشكل مباشر في استجابة حكومتها للتعامل مع مكافحة الجائحة، ولكن دون الانحراف عن الغرض الرئيسي لصناديق الثروة السيادية.
ومن أفضل الأمثلة على ذلك صندوق الاستثمار الاستراتيجي الأيرلندي، الذي خصص ملياري يورو (2.4 مليار دولار) لصالح صندوق "الاستقرار والإنعاش في أعقاب الجائحة PSRF" في مايو 2020 كجزء من حزمة الدعم الاقتصادي والمجتمعي التي تقدمها الحكومة استجابةً للوباء.
وفي الفترة بين مايو 2020 ونهاية العام، خصص الصندوق ما يقارب من 90% من جميع استثماراته المباشرة وغير المباشرة للشركات المتضررة من الوباء، وشملت هذه الاستثمارات إنقاذ الأعمال التجارية التي تأثرت بشكل مباشر وبالإغلاقات الطويلة منها على سبيل المثال شركة الخطوط الجوية والناقل الوطني "آير لينجوس".
وكانت شركة "تيماسيك" القابضة السنغافورية والتى تعتبر صندوقاً سيادياً وتملك أصولاً بـ 484 مليار دولار (يونيو 2021)، قد شاركت هى الأخرى بشكل مباشر في دعم الشركات المحلية المتضررة، فعلى سبيل المثال، سوّقت الشركة الحكومية لعدة مشاريع لتحسين إجراءات السلامة اليومية للسنغافوريين، بما في ذلك استخدام الأقنعة.
كما قامت ببناء "كونكت أند شانجي"، وهو مرفق مخصص للإقامة القصيرة لرجال الأعمال بالقرب من مطار سنغافورة؛ حيث إن مهمته تتركز على أن يساعد التنفيذيين والمستثمرين ورواد الأعمال المسافرين جواً - والذين تم حجزهم لعدة أيام لمنع تفشي الفيروس وهو إجراء كان متبعاً قبل اللقاح - فى الحفاظ على استمرارية أعمالهم ونشاطهم التجاري أثناء وجودهم فى فترة الحجز بالمطار لـ 14 يوماً كإجراء احترازي لمكافحة فيروس كورونا، والأهم من ذلك، شاركت "تيماسيك" في دعم شركة الخطوط الجوية الوطنية السنغافورية التى تأثرت عملياتها وخدماتها سلبياً أثناء الفترات الأولية للجائحة.
المشاركة فى الجهود الصحية
وتقود صناديق استثمار سيادية أخرى جهود بلادها الصحية في مكافحة الفيروس، صندوق الاستثمار المباشر الروسي هو المثال الأوضح على ذلك؛ حيث أقام العديد من الشراكات الدولية وانخرط فى عدة مشاريع للتوصل إلي الأدوية المضادة للفيروسات - التي استخُدمت في البداية لمكافحة أسوأ أعراض كورونا.
وفى مرحلة أخرى متقدمة، بالتحديد فى نوفمبر 2020، سجل الصندوق السيادي الروسي أول لقاح في العالم ضد الفيروس "سبوتنك 5 " الذي طوره معهد "جاماليا" الوطني للبحوث في علم الأوبئة وعلم الأحياء الدقيقة.
الصندوق السعودي
كان لـ"صندوق الاستثمارات العامة" السعودي الذي تقدر أصوله في نهاية 2020 بمقدار يتجاوز الـ 400 مليار دولار أو 1500 مليار، مقاربة مختلفة للأزمة.
فبالإضافة إلى دعم الاقتصاد السعودي والاستدارة نحو السوق المحلية أثناء الجائحة وتقديم الدعم للدولة، لم تتراخ الجهود الاستكشافية للصندوق فى الخارج بحثاً عن الفرص، بل قام بضخ مليارات الدولارات فى الأسواق الخارجية مستفيداً من تراجع الأسعار وتقييمات الأسهم وتراجع عدة قطاعات خاصة الطاقة والترفيه والسفر، ليبادر بالاستفادة منها ويحقق مكاسب تعود بالنفع على كلا الطرفين، حيث يقوم بإنقاذ الشركات المتضررة من الجائحة وفى الوقت نفسه يتم تحقيق عائد للصندوق يمكنه من رفع جودة الحياة بداخل المجتمع السعودي.
الاستثمارات الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي فى السوق الأمريكية فى الربع الرابع 2020 |
|||||
الشركة |
الملكية بنهاية الربع الثالث (ألف سهم) |
القيمة بنهاية الربع الثالث (مليون دولار) |
الملكية بنهاية الربع الرابع (ألف سهم) |
القيمة بنهاية الربع الرابع (مليون دولار) |
التغير (ألف سهم) |
ملتي بلان |
-- |
-- |
51250.00 |
409.49 |
51250.00+ |
اكتيفجن بليزارد |
-- |
-- |
14964.12 |
1389.42 |
14964.12+ |
إلكترونيك أرتس |
-- |
-- |
7420.18 |
1065.54 |
7420.18+ |
تيك تو انتراكتيف |
-- |
-- |
3972.98 |
825.55 |
3972.98+ |
نوفاجولد |
13000.61 |
154.6 |
16137.70 |
156.05 |
3137.09+ |
ورفع صندوق الاستثمارات العامة ملكيته في السوق الأمريكية من 12.8 مليار دولار بنهاية الربع الرابع 2020 إلى 15.4 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام 2021.
وبحسب إفصاح للصندوق في هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية عن الربع الأول 2021، اشترى الصندوق أسهماً في 3 شركات جديدة مقارنة بالربع الرابع، تضمنت 7.5 مليون سهم في شركة " كمبوت هيلث اكويزيشن"، و2.9 مليون سهم في شركة "كوبانج"، و2.5 مليون سهم في "ملتي بلان".
فيما أبقى على استثماراته في أسهم 7 شركات أخرى؛ هي "أوبر" و"لايف نايشن" و"كارنيفال" و"أوتوماتيك داتا بروسيسنج" وصندوق "إس بي دي آر لقطاع المرافق" و"ملتي بلان".
الاستثمارات الجديدة لصندوق الاستثمارات العامة السعودي فى السوق الأمريكية فى الربع الأول 2021 |
|||||
الشركة |
الملكية بنهاية الربع الرابع (ألف سهم) |
القيمة بنهاية الربع الرابع (مليون دولار) |
الملكية بنهاية الربع الأول (ألف سهم) |
القيمة بنهاية الربع الأول (مليون دولار) |
التغير (ألف سهم) |
اكتيفجن بليزارد |
14964.12 |
1389.42 |
33435.39 |
3109.49 |
18471.27+ |
إلكترونيك أرتس |
7420.18 |
1065.54 |
14210.00 |
1923.61 |
6789.82+ |
كمبوت هيلث اكويزيشن |
-- |
-- |
7500.00 |
75.68 |
7500.00+ |
كوبانج إي إن سي |
-- |
-- |
2857.14 |
141.00 |
2857.14+ |
تيك تو انتراكتيف |
3972.98 |
825.55 |
5640.00 |
996.59 |
1667.02+ |
ملتي بلان |
-- |
-- |
2500.00 |
2.4 |
2500+ |
استراتيجية الصندوق فى 2021 – 2025 ركزت على مسألة الاستدارة القوية نحو المحلية واستخدام عوائد الأصول العالمية لتحقيق النفع على المجتمع السعودي فى الداخل وذلك عبر تحقيق المستهدفات التالية بنهاية 2025 :
- ضخ 150 مليار ريال سنوياً على الأقل فى السوق المحلية.
- زيادة المحتوى المحلي بـ 60% فى الصندوق والشركات التابعة.
- خلق 1.8 مليون وظيفة، تضاف على 331 ألف وظيفة تم خلقها بنهاية 2020.
- 1.2 تريليون ريال، مساهمة الصندوق فى الناتج المحلي الإجمالي.
إحصائيات صندوق الاستثمارات العامة السعودي |
||
|
2015 |
2020 |
الأصول تحت الإدارة |
570 مليار ريال |
1500 مليار ريال |
إجمالي عائد المساهمين |
3 % |
8 % |
عدد الموظفين |
40 موظف |
1000 موظف |
|
2017 |
2020 |
حصة الاستثمار الدولي إلي إجمالي استثمارات الصندوق |
5 % |
30 % مع وجود مستهدف بخفضه إلى 24% فى خطة 2021-2025 |
التجارة الإلكترونية نموذجاً
ظهر اهتمام كبير فى فترة الجائحة بسوق التجارة الإلكترونية والبيع بالتجزئة عبر الإنترنت، وهو واحد من 15 قطاعاً استراتيجياً ذا أولوية للاستثمار المحلي فى خطة صندوق الاستثمارات العامة السعودي 2021 – 2025.
ويدخل الصندوق السعودي مضمار سوق التجارة الإلكترونية متسلحاً باستعداده الاستباقي والرؤية طويلة الأجل التى سبقت الجائحة بعدة أعوام عبر استثماره فى قطاع التجزئة الإلكترونية.
فبحسب البيانات المتوفرة على "أرقام"، أطلق صندوق الاستثمارات العامة بنهاية عام 2016، مع مجموعة من المستثمرين منصة "نون.كوم" للتجارة الإلكترونية باستثمار مبدئي قدره مليار دولار وملكية بـ 50% لصندوق الاستثمارات العامة، وبدأت المنصة عملياتها في السعودية في ديسمبر 2017.
لم يقتصر الأمر فى استراتيجية 2021-2025 على تعزيز قطاع السلع الاستهلاكية والتجزئة، بل يشمل القطاعات التالية:
1- الطيران والدفاع
2- المركبات
3- القطاع العقاري
4- المرافق الخدمية والطاقة المتجددة
5- النقل والخدمات اللوجستية
6- المعادن والتعدين
7- الأغذية والزراعة
8- الرعاية الصحية
9- مواد وخدمات البناء والتشييد
10- الترفيه والسياحة والرياضة
11- الاتصالات والإعلام والتقنية
12- الخدمات المالية
أبرز الاستثمارات العالمية – خارج الولايات المتحدة - لصندوق الاستثمارات العامة السعودي:
1- صندوق رؤية سوفت بنك
2- استثمارات مشتركة مع الصندوق السيادي الروسي
3- برنامج استثمارات مشتركة مع جمهورية البرازيل
4- الاستثمار فى 8 صناديق فرنسية
5- شركة جيو بلاتفومرز
6- شركة ريلاينس لقطاع التجزئة المحدودة
7- شركة لوسيد موتورز
8- شركة أكور انفست
9- شركة بابيلون هيلث
يقول "المنتدى الدولي للصناديق السيادية" إنه لأول مرة منذ الأزمة المالية فى 2008 تكون الصناديق السيادية متواجدة على جبهة الحرب وفى صدارة استجابات الحكومات للجائحة من الناحية المالية والسياسية والاجتماعية.
وأثناء انشغال العديد من الصناديق بتوجيه تركيزها للداخل لمساعدة الحكومات محلياً على مواجهة آثار الجائحة، كانت هناك صناديق أخرى ذات توجه مزدوج بين المحلية والعالمية مثل "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي، الذي وبحسب المنتدى استطاع أن يوازن بين المسارين مستفيداً من هبوط تقييمات الأسهم العالمية فى ذروة الجائحة مارس 2020 بالتزامن مع دعم خلق الوظائف وتعزيز الاقتصاد السعودي والمجتمع محلياً.
الاستدارة للداخل دون إهمال الفرص المميزة بالخارج كانت هى مفتاح استراتيجية "صندوق الاستثمارات العامة" أثناء الجائحة وهو ما مكنه من تحقيق عوائد كبيرة ساعدت على تنفيذ عدة أهداف ضمن خطة الصندوق 2018-2020 وخلقت مئات الآلاف من فرص العمل والعديد من المشاريع، وكذلك رفعت من طموحات ومستهدفات خطة 2021-2025 للوصول إلى إجمالي حجم أصول بـ 4 تريليونات ريال.
المصادر : أرقام- المنتدي الدولي للصناديق السيادية العالمية – صندوق الإستثمارات العامة السعودي
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}