نبض أرقام
01:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/06
2024/07/05

"الصين تلعب بالنار" .. كيف يقود التضخم المواقف الأمريكية الأخيرة تجاه تايوان وبكين؟

2022/05/24 أرقام - خاص

"الصين تلعب بالنار بالمناورات التي تجريها في بحر الصين الجنوبي باستمرار، والولايات المتحدة الأمريكية مستعدة لاستخدام كافة إمكاناتها العسكرية لأجل التصدي لأي خطوة صينية لضم تايوان بالقوة"، هكذا جاءت تصريحات الرئيس الأميركي "جو بايدن" أمس في اليابان أثناء جولته الآسيوية.

 

وعلى الرغم من محاولة وزارة الدفاع الأمريكية تخفيف آثار تصريحات "بايدن" بالتشديد على أن السياسة الأمريكية حيال تايوان لم تتغير، وهي القائمة على تسليح الجزيرة ولكن دون التورط في حرب مباشرة مع بكين، إلا أن الصين حذرت واشنطن أنها هي من يلعب بالنار، وأن عليها ألا "تستهين" بـ"عزيمة" الصين فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة أراضيها.

 

 

استثمارات وتجارة

 

وبعيدا عن الأهمية الاستراتيجية لتايوان –على أهميتها- بمعنى إمكانية استخدامها كشوكة في حلق بكين إذا احتاجت واشنطن، فما دوافع أمريكا الاقتصادية لتأييد تايبيه بهذا الشكل؟

 

هناك أكثر من سبب لعل أولها يتعلق بحقيقة أن الاستثمارات الأمريكية زادت كثيرا في الجزيرة الآسيوية حتى وصلت إلى 31 مليار دولار في عام 2020 فقط بزيادة 7% عن العام الذي سبقه، وذلك وسط اتخاذ تلك الاستثمارات اتجاها تصاعديا منذ عام 1998.

 

والشاهد أن الاستثمارات الأمريكية في تايوان في مجالات هامة للغاية سواء في تصنيع الرقائق الإلكترونية -أشباه الموصلات- أو حتى في المجال المالي، بما يجعل أهمية تلك الاستثمارات تتعدى الرقم "الخام" لتأثيرات أكبر على الاقتصاد الأمريكي في حالة وضع بكين يدها على تلك المصانع الممولة أمريكيا.

 

كما أن تايوان هي ثامن أكبر شريك تجاري للبضائع للولايات المتحدة (114.1 مليار دولار في إجمالي تجارة السلع)، وعاشر أكبر سوق تصدير (36.9 مليار دولار)، وسابع أكبر مصدر للواردات (77.1 مليار دولار)، وفقًا لبيانات الولايات المتحدة لعام 2021، وكما هو الحال في الاستثمارات فإن الكثير من واردات أمريكا من تايوان "بلا بديل حقيقي".

 

أشباه الموصلات

 

كما تضم تايوان شركة "تي.إس.إم.سي" (TSMC) لتصنيع الرقائق والتي يعتبرها كثيرون بمثابة أبرز شركاتها، والسبب الكبير لاهتمام الولايات المتحدة بها، حيث تقدم منتجاتها لشركات عملاقة مثل "أبل" و"كوالكوم" ويقول المحللون إن شركة تصنيع الرقائق ذات قيمة كبيرة للغاية حتى من الناحية الاستراتيجية وليس فقط الاقتصادية.

 

 

والأزمة التي تواجه أمريكا في التعامل مع "تي.إس.إم.سي" تحديدًا ليس فقط في حجم الإنتاج الذي تمد به الأسواق العالمية ولكن في نوعيته أيضًا، حيث إن قرابة 20%-25% من إنتاج الشركة من الرقائق هو "إنتاج حصري" تمتلك الشركة وحدها "المعرفة المتفردة" لتصنيعها بما يجعلها غير قابلة للاستبدال.

 

وسيكون إنتاج عمالقة التكنولوجيا الأمريكية مهددًا بالتوقف التام، أو حتى بالانخفاض إلى درجة كبيرة للغاية، إذا سيطرت بكين على تايوان وقررت استخدام إنتاج تلك الرقائق كسلاح في مواجهة الولايات المتحدة في أية مواجهة اقتصادية لاحقة.

 

ولعل هذا هو ما يبرر التصعيد الأمريكي الذي يبدو متناقضا مع موقف "بايدن" نفسه الذي أعلن قيامه حاليا بدراسة تخفيف التعريفات التي تفرضها الولايات المتحدة على السلع الصينية منذ عهد سلفه "دونالد ترامب".

 

كلمة السر التضخم

 

ولكن يبدو أن لمكافحة التضخم دورا في الموقفين ففي خفض الرسوم على السلع الصينية محاولة من الرئيس الأمريكي لامتصاص التضخم الذي تراجع بشكل طفيف إلى 8.3% في أبريل مقارنة مع 8.5% في مارس، ولكنه بقي في مستويات قياسية غير مسبوقة منذ 40 عامًا.

 

ومن شأن خفض الجمارك على السلع الصينية أن يحد من تأثير التضخم، في ظل تأكد الإدارة الأمريكية من أن رفع الفائدة لربع في المائة ثم لنصف في المائة لم يفلح –حتى الآن- في امتصاص الضغوط التضخمية، بما يحثها على ضرورة البحث عن خطوات إضافية من أجل امتصاص التضخم في ظل عجز أدوات السياسة النقدية عن العمل منفردة.

 

وفي نفس الوقت فإن المخاوف الأمريكية من استغلال الصين لأجواء الحرب الأوكرانية للسيطرة على تايوان تثير مخاوف من ارتفاع جديد في معدلات التضخم في الولايات المتحدة إذا تعطلت سلاسل الإمدادات من تايوان مع تعرضها لصعوبات من الصين حاليا- هذا بجانب الناحية الاستراتيجية والعسكرية التي لا يمكن إنكارها.

 

 

لذا فإن الولايات المتحدة ليست مستعدة لقبول وقوع اضطرابات في دولة تمد العالم بأكثر من 50% من احتياجاته من الرقائق الإلكترونية، وتسعى –فيما يبدو- لاتخاذ خطوات أو تحذيرات استباقية للصين تجنبها الدخول في المزيد من المتاهات الاقتصادية التي ستؤدي حتما للمزيد من الضغوط التضخمية الداخلية.

 

ويبدو أن انتخابات التجديد النصفي لـ"الكونجرس" في نوفمبر المقبل تدفع الرئيس الأمريكي لمحاولة السيطرة "بأي شكل" على التضخم سعيًا لاستقرار الأوضاع قبلها بما يمنح الحزب الديمقراطي، الذي ينتمي "بايدن" إليه، فرصة أفضل، ولو اشتمل ذلك على إطلاق تهديدات يضطر "البنتاجون" لتفسيرها أو لاتخاذ مواقف تبدو متعارضة لكثيرين.

 

المصادر: أرقام- سي.إن.بي.سي- بلومبرج- رويترز

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة