كثيرًا ما بذل الاقتصاديون جهدًا من أجل التوصل لتعريف واضح وصحيح لمفهوم "السعر العادل"، بين وضع نسبة معينة للأرباح للمُصنّع أو التاجر، وبين الاهتمام بمعدل دوران المخزون لتحديد الربحية، وبين الاهتمام بتأثير التضخم على الربحية "الحقيقية".
 

وبعد زمن رأى كثيرون أن السعر العادل هو الذي يجعل المشتري والبائع راضين – أو حتى غير غاضبين - من الصفقة التي تمت، ولكن يبقى الأمر بالنهاية خاضعًا لتقييم شخصي للطرفين؛ لأن "الرضا" ليس مفهومًا حسابيًا يمكن قياسه باستخدام معادلات حسابية ولكنه بالنهاية "شعور" للمتعامل، وهو ما ينطبق إلى حد كبير على سعر الأسهم في الأسواق المالية.
 


  

المؤشرات التقليدية
 

فعلى الرغم من وجود العديد من المؤشرات "التقليدية" التي يتم استخدامها لقياس ما إذا كان سعر سهم الشركة "عادلًا" أم مبالغًا في تقديره أو أن قيمته الحقيقية أكبر من تلك الحالية، وفي مقدمة تلك العناصر مكرر الربحية إلا أن اختلاف مجالات عمل الشركات يجعل التقييم من خلال المكرر مختلفًا تمامًا.
 

فعلى سبيل المثال بلغ مكرر الربحية لبنك "جولمان ساكس" 8 يوم 12 أغسطس 2022، وفي نفس اليوم يبلغ مكرر الربحية لشركة "تسلا" 108 وذلك لاختلاف طبيعة الأصول للشركتين وطبيعة المنتظر منهما.
 

فالبنك – بطبيعته وأي بنك - نشاط مستقر وتقليدي لن يحقق أرباحًا أو توسعات استثنائية ولن يصل لأبحاث أو اختراعات تتيح له تحقيق قفزات في السوق على عكس شركة تكنولوجية صناعية مثل "تسلا" يمكن للمتداولين الرهان على توسعها وزيادة إنتاجها مستقبلًا، فضلًا عن تحقيق الاستثمار في التطوير والأبحاث لعائدات استثنائية (بغض النظر عن تحقق هذا الرهان لاحقًا أم لا).
 

ولذلك ظهرت العديد من العوامل الأخرى، التي تضاهي مكرر الربحية في الأهمية وربما تفوقه، لتحديد ما إذا كان السهم مبالغًا في قيمته أم أن قيمته الحالية أقل مما ينبغي، ومنها القطاع الذي تعمل به الشركة، وطبيعة أصولها، وحالة الاقتصاد العامة، وغيرها.
 

البحث والتطوير
 

وتربط دراسة حديثة بين الشركات المبالغ في تقديرها وبين توجه تلك الشركات لإجراء المزيد من الأبحاث والدراسات حيث تشير إلى أن أكثر من 70% من أكثر 500 شركة يمكن تصنيفها على أنه مبالغ في سعر أسهمها (أي أن مكرر ربحيتها كبير نسبيًا مثلا) تنفق بسخاء وبنسب كبيرة من دخلها على الأبحاث والتطوير (غالبًا ما يكون اعتبار النسبة كبيرة عندما تتخطى 30% من دخل الشركة).
 


  

وعلى ذلك تزداد نسبة الشركات المبالغ في تقييمها –ولو نظريًا- في القطاع التكنولوجي الذي يعتبر الإنفاق على الأبحاث والتطوير فيه بمثابة حجر الزاوية لنموه، وفي بعض القطاعات الأخرى مثل الأدوية أيضًا.
 

ومن ذلك تضاعف سعر شركة "فايزر" بين شهر مارس 2020 (شهر بدء كورونا في الانتشار في الغرب) حيث كان سعره أكثر من 27 دولارًا بقليل ليصل سعره بنهاية 2021 إلى أكثر من 59 دولارًا، وذلك بسبب تقديم الشركة لمصل كورونا.
 

ولذلك أيضًا فإن "تسلا" و"سامسونج" وغيرهما تترقب الأسواق باستمرار الإعلانات منهما عن أي اختراقات علمية في مجال البطاريات تحديدًا لأنه يشكل عنق زجاجة في صناعة السيارت الكهربائية وفي صناعة الإلكترونيات ومع ضخ الشركتين مبالغ كبيرة في الأبحاث والتطوير للبطاريات يصبح الوصول بنتائج إيجابية بمثابة خبر مهم للأسواق يدفع سعر السهم للارتفاع أملًا في تحقيق وفورات كبيرة مع الاختراقات التكنولوجية.
 

والشاهد أن في اعتبار البحث والتطوير جانبًا من تقييم الشركات له شقان، الأول يجعل هذا الأمر منطقيًا لأن الشركة التي تتميز في الأبحاث والتطوير قادرة على التمتع بميزة نسبية عما عداها من الشركات في السوق.
 

ولكن في المقابل فإن نجاعة الاختراعات تبقى محل شك دائمًا و"الرهان" على فاعلية البحث والتطوير ومدى تأثيره يحتاج لمعلومات داخلية من الشركات وأخرى علمية لا تتوافر لغالبية المستثمرين بما يجعل في الأمر مغامرة.
 

إقبال كبار المستثمرين
 

ومن بين أهم الأسباب التي تؤثر على سعر سهم شركة بعينها في السوق إقبال أحد المستثمرين الكبار عليه، ومن ذلك ارتفاع سعر سهم شركة "أوكسيدنتال بتروليوم" الأمريكية بنسبة تفوق 10% في بداية شهر أغسطس 2022 بسبب قيام المستثمر الشهير "وارين بافيت" بزيادة حصته في الشركة البترولية.
 


 

فمع اتباع بعض المستثمرين لأسلوب مستثمر الظل، أي القيام بتتبع حركة مستثمر كبير وناجح بالشراء والبيع وتقليده يحدث بعض "التضخم" في أسعار الأسهم التي يختار هؤلاء المستثمرون الكبار شراءها بسبب الإقبال المفاجئ والكبير عليها.
 

وهناك حاليًا بعض التطبيقات الإلكترونية التي تعمل بنظام الذكاء الاصطناعي والتي ترصد تحركات أكبر 5% من المستثمرين في السوق وتسعى لعمل محفظة مالية متنوعة مما يستثمر فيه هؤلاء المستثمرون، وتبدو هذه طريقة ناجعة لحفظ أموال المستثمرين قليل الخبرة لكنها تسهم أيضًا في زيادة أسعار بعض الأسهم بصورة تفوق الطبيعي أيضًا.
 

فعلى الرغم من أن كثيرين لم يكونوا يرون لماذا يستثمر "بافيت" في تلك الشركة، إلا أنه خلال الأيام الماضية ظهر السبب من خلال إقرار الكونجرس الأمريكي لمشروع قانون يزيد الإنفاق على حماية البيئة بـ35 مليار دولار، وفي الوقت نفسه يسمح بالبحث عن النفط في الأراضي الحكومية الأمريكية، وهو ما سيسمح لشركات النفط الأمريكية في التوسع بأعمالها وتجاوز فترة "الاختناق" بسبب أجندة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" البيئية الصارمة.
 

والشاهد أن ما دفع  "بافيت" للاستثمار في شركة النفط هي تقارير الوكالة الدولية للطاقة التي أشارت إلى عجز متوقع بنحو 3 ملايين برميل في سوق الطاقة خلال شهر أبريل، وقد يمتد خلال 2022 مع استمرار الحرب الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية بسبب مشاكل متعلقة بالإنتاج الروسي للنفط و"قبول" الدول الغربية به.
 

وعلى الرغم من أن هذا العجز يجعل الاستثمار "منطقيًا" إلا أن اتباع الكثير من المستثمرين الصغار لخطى المستثمر "الخبير" من شأنه أن يرفع السعر بشكل مبالغ فيه في أعقاب عمليات الشراء الكبيرة، وهو ما يجعل سعر السهم مبالغاً في تقديره ولو لفترة زمنية.
 

الأصول عالية المخاطرة
 

وهناك بعض الحالات لشركات مقيمة بأكثر من قيمتها الحقيقية لأسباب أخرى، ومن ذلك شركة "مايكروستراتيجي" الأمريكية، فالشركة التي بدأت كمؤسسة لتقديم الحلول البرمجية انتقلت إلى الاستثمار المكثف في البيتكوين على مدار عام 2021 حتى أنها حصلت على قروض لهذا الغرض.
 


  

وعلى الرغم من استمرار الشركة في تحقيق أرباح بسبب قوة القطاع الخدمي للشركة والخاص ببيع البرامج بوصفها خدمة، إلا أن طبيعة أصول الشركة الآن أصبحت عالية المخاطرة ولذلك يرى الكثير من المحللين أن سعر سهم الشركة أعلى من قيمته الحقيقية كثيرًا حتى مع التعافي النسبي للعملات الرقمية بعد انحدارها الشديد.
 

وعلى الرغم من أن نتائج الأعمال هنا قد تكون جيدة إلا أن الأصول عالية المخاطرة قد تعتبر عنصرًا مهمًا في تقييم الشركة كذلك، لأن الشركة قد تضطر لتسييل بعض أصولها حال التعثر، وستكون تلك الأصول منخفضة القيمة إذا كان السوق متراجعًا.
 

ولذلك فعلى المستثمر تقييم كل العناصر السابقة، لكي يتأكد أن استثماره في سهم شركة بعينها سيكون له لا عليه، وأن ارتفاع سعر شركة بعينها ليس "فورة" ستنقضي ولكنْ ارتفاع له ما يبرره وليس مجرد رهان على أبحاث "محتملة" أو اتباع لمستثمر بعينه أو "مقامرة" على توسعات مستقبلية غير محسوبة.

 

المصادر: أرقام- فوربس- سي.إن.بي.سي- إنك- بارون

1
1
314

Mish3lOtaibi

منذ 2 سنه
النهدي والدواء على سبيل المثال نفس القطاع بينما النهدي ١٩٢ والدواء ٧٧ لكنني كمتابع للاخبار ارى استمرارية الدواء لسياستها الداخلية وتنوع راس المال في نفس المجال، بينما الاخرى لا يعدو كونه مستثمر سيرحل متى ما انخفضت الارباح .. اعتماد التوقع مبنى على الحدس وليس توصية للبيع او الشراء
2
14
1541

I LOVE MBS

منذ 2 سنه
اسهم الدوائية والكيميائية واسترا لاتقارن بالنهدي والدواء مع ميزة مثل الكيميائية بنشاط اخر غير الادوية وهو الصناعات العسكرية وتننتظر اخبار رائعة ومع ذلك كل يوم سعر السهم في نزول متواصل بدون شفقة او رحمة. اذاً اسعار الاسهم بالدرجة الاولى يحددها مظارب السهم ليس الا
12
0
37

abo mohammed 010

منذ 2 سنه
رداً على   I LOVE MBS
الشركه الجيده يتم الضغط عليها لتجميع اكبر عدد من الاسهم فعلا الكيميائية خير مثال
3
1
314

Mish3lOtaibi

منذ 2 سنه
كذا يكون سعر السهم مبالغ فيه بناء على الممضارب ولايفتك الا ويرجع لتقييمه الطبعي سواء المضارب نفس طويل او نفس قصير.. اتفق معك جدا لكن هذا راي لك ان تقبله ولا عليك لو ترفضه
4
12
306

مستثمر ذكي

منذ 2 سنه
رداً على   Mish3lOtaibi

كلامك سليم 100 % هناك مقوله مشهورة يتداولها المستثمرين في كل اسواق العالم أن السوق دائما يرجع للأساسيات معناه مهما فعل المضاربين من رفع السعر بشكل مبالغ فيه أو خفض سعره بشكل مبالغ فيه السوق في الاخير سوف يحدد القيمه العادله للسهم المستثمر يجب أن يكون واعي و ملم بالامور الماليه لكي يستطيع في أغلب الاحيان الشراء و البيع بسعر مناسب و عادل

5
5
794

دروب السهر

منذ 2 سنه
فيش مصاري فيش فائده 🤣 كثير يبغى توزيعات وعوائد واذا مافيه توزيعات نوعا ما تتفق مع سعر السهم مافيه فائده من كل هالحشو
6
306
11045

ابن الشيخ

منذ 2 سنه

أخي العزيز ..... عندما تذهب لشراء عقار  لغرض أستثماري ( عمارة ) مثلاً  !؟ فأول سؤال تسأله بعد معرفة سعر ذلك العقار هو : بكم يؤجر ؟ ( أي )  حتى تعرف % العائد ع استثمارك .... فلو : قام المستثمرون أو المتداولون في سوق الأسهم ( بطرح  ) نفس السؤال عندما يريد أن يشتري سهم ما  وسأل نفسه كم يربح السهم؟... لصلح السوق وأصبح سوقاً كفوءً  ، ولأجبر المتداولون الشركات من تحسين وضعها  ( أي ) إرتفع السهم الذي يجب أن يرتفع وإنخفض السهم الذي لايستحق سعره .... بناءً على النتائج . 

8
306
11045

ابن الشيخ

منذ 2 سنه
رداً على   ابن الشيخ

في إعتقادي ..... أن معظم المتداولين ( يعرفون ) وفي كثير من الأحيان أن السهم ( يستحق  أو  لايستحق)  المال الذي يدفعه فيه من مقارنة السهم بالقطاع الذي هو فيه  أو  من مقارناته بأسعار أسهم السوق بشكل أعم .... ولكنه يشتريه !؟!؟ ....

 

1- فإن إشترى سهماً ( لايستحق ) مادفعه فيه = خشاش ، فإن إرتفع السهم رماه في يد متداول آخر وإن نزل السهم ... يلوم نفسه .

 

2- بعكس من يشتري سهماً ( يستحق ) مايدفعه فيه = إستثماري ، فإن إرتفع وهو المفروض فخير وبركة ، وإن نزل السهم .... يلوم السوق .  

9
306
11045

ابن الشيخ

منذ 2 سنه
رداً على   ابن الشيخ

..... إكتملت نتائج النصف1 2022 ، وبالإمكان الآن معرفة مقدار ربح ( كل شركة ) من شركات السوق .... إضرب مقدار ربح السهم لنصف العام ضرب 2  حتى تحصل على ( معدل ربح السنة ) ... ثم إضرب النتيجة في رقم معين مثل : 20 أي مكرر السوق  أو  15 أقل من مكرر السوق .... وقارن النتيجة بسعر السهم السوقي ...... اكيد سوف تتضح لك الصورة ، وستعرف أي الأسهم أقل  أو  أعلى من سعرها الحقيقي . ...... وفق الله الجميع .

10
306
11045

ابن الشيخ

منذ 2 سنه
رداً على   ابن الشيخ

مقارنةالربع مع الربع المقابل من العام الماضي ليس مجدياً !؟ فقد مر على ذلك زمن طويل  ، والمقارنة بالربع الذي سبقه ستكون أجدى ... إعرف كم ريال هو(ربح السهم) عند مقارنتك لنموالسهم ، وليس مجرد %النمو وقارن ذلك بسعره السوقي.....  لأنه مثلا : فسهم ربح العام الماضي (هللة واحدة) وربح في هذا العام (هللتين) = لذيه نمو 100% ، فانظر هل الربح مجزي ومعقول مقارنة بسعره السوقي؟!؟!؟!

11
1
314

Mish3lOtaibi

منذ 2 سنه
رداً على   ابن الشيخ
متعلقين ٩٠٪؜ وخسرانين ١٠٪؜ والضحية انا وانت ❤️‍🩹
13
114
8701

(أبوفيصل)

منذ 2 سنه
رداً على   ابن الشيخ

ههههههههه العقار حالياً كسر تلك القاعدة أوالمعادلة ومع ذلك تجد من يشتريه؟! عمارة بدون مستأجرين أوأخرى دخلها 40أو60الف سنوياً وقيمتها 2مليون أن لم يكن أكثر وعمرها10أو15عام!  قواعد مكسورة وتخبيص وتضخم  بكل شئ ولايحكم ماتجده  أوماتراءه  أمام عينيك أي عقل أومنطق فوضى بكل شئً!!

7
0
12

elrihany321

منذ 2 سنه
اشوف انه انسب محدد لسعر السهم هو مقارنة السعر السوقي مع سعر الدفتري
14
3
461

كاشف2020

منذ 2 سنه
مكرر الربح التشغيلي + القيمه الدفتريه
15
16
2604

الديم

منذ 2 سنه
اسواق الاسهم لاتنطبق عليها القواعد الاقتصادية لانها ليست سلعة بل ورقة مالية وماينطبق على السلعة المحسوسة ولها كيان لاينطبق على الارقام المتداولة في سوق الاسهم لأن السوق يعمل بإستقلالية تامة عن اداء الشركات الواقعي ولو سألت مدير تنفيذي في شركة مساهمة عن السهم فسيجيب لاعلاقة لنا بما يدور في سوق الاسهم لذلك المضاربة هي المتحكم في سوق الاسهم وهنا تكمن خطورة السوق التي تسبب القلق والاكتئاب والحسرات
16
5
354
رداً على   الديم

هذه مغالطة كبيرة وهي الفرق الأساسي بين المضارب الذي يشتري على الشاشة ويبيع على الخبر وبين المستثمر الذي يشتري ويبيع على القوائم المالية والتحليل الأساسي، لو شركة معينة أعلنت تصفيتها لا سمح الله، المضارب سيكون أول شخص يوقف الخسارة ويبيع السهم أيا كان السعر. أما المستثمر فينتظر التصفية بفارغ الصبر إذا ما زود حصصه وأشترى أكثر، لأنه يعلم بالظبط كم نصيبه المالي منها، وقد ينتهي به الحال بإستلام 10 أضعاف ما دفعه في السهم بعد التصفية. سوق الأسهم ليس سوق إفتراضي مبني على المقامرة، كل سهم في السوق يمثل الشركة التابعة له.

عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.