نائب رئيس "هيئة السوق المالية": كتاب "قصة السوق" يُوثق مراحل مهمة في تاريخ الاقتصاد السعودي لم يتم تناولها من قبل
"يوسف البليهد" نائب رئيس مجلس "هيئة السوق المالية"
بينما تمضي سوق المال السعودية أكبر أسواق المنطقة وأكثرها سيولة وجذباً لاهتمام المستثمرين السعوديين وغير السعوديين، فإن تاريخ هذه السوق أصبح مثار اهتمام المستثمرين حول العالم لما له من تاريخ لا يقل أهمية عن الزخم الحالي الذي تشهده السوق.
وفي محاولة جادة لتوثيق المحطات التاريخية التي شهدتها السوق منذ نشأتها، يأتي كتاب "قصة السوق" ليعطينا مبادرة غير مسبوقة لتوثيق قصة نجاح يشهدها القطاع الاقتصادي بالمملكة والأسواق المالية بالمنطقة.
يقول الأستاذ يوسف البليهد، نائب رئيس مجلس هيئة السوق المالية السعودية، رئيس اللجنة التوجيهية لتوثيق السوق المالية السعودية، إن الهيئة عملت على مبادرة لتوثيق تاريخ السوق المالية السعودية بشكل علمي وتوثيقي لفصول من تاريخ السوق المالية تختصر على الباحثين والمختصين والمستثمرين معايشة أبرز الأحداث التي شهدتها السوق المالية بالمملكة منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه.
وأوضح البليهد أن رحلة التوثيق استغرقت قرابة العامين من البحث، والرجوع لمئات الوثائق التاريخية وأكثر من 80 مقابلة مع شخصيات اقتصادية أسهمت وشاركت في رحلة السوق المالية، والكثير من المراجع العلمية.
وكشف عن وجود معلومات نشرت للمرة الأولى في كتاب "قصة السوق" توضح جهد الآباء المؤسسين وحرصهم على نشر الفكر الاقتصادي المتطور آنذاك خلال الفترات الأولى من توحيد المملكة.
وإلى تفاصيل الحوار:
*ما مبادرة توثيق السوق المالية السعودية؟
- هي مبادرة تبنتها هيئة السوق المالية السعودية لتوثيق تاريخ السوق المالية منذ نشأتها، وتهدف هذه المبادرة لتوثيق رحلة السوق المالية وتاريخها بشكل علمي وجمع ما تفرق من وثائق ومعلومات، سواء المكنون في صدور من عمل عليها أو عاصر تطورها، لتكون مرجعاً علمياً لذوي الاختصاص من الأكاديميين والباحثين وذوي العلاقة في السوق المالية، ودروساً مستفادة للهيئة، فيما تشهده من تطورات متلاحقة.
واستهدفت المبادرة جمع أكبر عدد من الوثائق ذات العلاقة بتطور السوق وحفظها، بحيث تساهم في الأبحاث المستقبلية لتطوير السوق المالية.
ومن المعروف أن السوق المالية مرت بمراحل عدة، كان فيها لبعض الشخصيات دور كبير أضاف عمقا ونظاما للسوق، فمن خلال تلك المبادرة يمكننا تكريم وتقدير من ساهم في التأسيس والتطوير من خلال توثيق أدوارهم وجهودهم التي قطف ثمارها الأجيال التالية، والتي استفادت بشكل كبير من هذا التطور في ظل توافر الدعم الكامل من مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله – وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله.
*ما المنتجات التي ستقدمها المبادرة غير كتاب "قصة السوق"؟
- المبادرة شملت عدة منتجات، بدأناها بكتاب "قصة السوق" على إصدارين، إصدار بحثي، تناول إطار (سيرة) تحكي واقع الفترة التاريخية بمهنية وموضوعية.
وإصدار آخر مصور، اختصرنا فيه الإصدار الأول في عدد من الصور المعبرة، ويمكن أن يستفيد منه غير المتخصصين، الذين يرغبون في الاطلاع على ملخص يحكي بالصور قصة السوق المالية.
وسنقوم بإصدار العديد من المنتجات الأخرى خلال الفترة المقبلة بإذن الله.
*بمناسبة إطلاق كتاب "قصة السوق"، ما مضمون الكتاب؟ وماذا يقدم للقارئ؟
- كتاب "قصة السوق" هو كتاب تناول تاريخ السوق المالية السعودية من خلال جهد توثيقي بمنهجية علمية، عبر قراءة الأحداث وجمع الوثائق وتنقيحها، وعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين ذوي العلاقة بالسوق المالية، والخبراء والمختصين والممارسين الذين كان لهم دور مباشر أو غير مباشر في مسيرة السوق المالية وتطورها.
أرخ الكتاب التوثيقي مسيرة السوق المالية السعودية عبر ثلاث مراحل، بدءا بتأسيس شركات المساهمة الوطنية في مطلع القرن الماضي، والتحديات التي واجهتها، ثم انطلق إلى المرحلة الثانية مع إسناد الإشراف على السوق المالية للجنة وزارية، إيذانا بالوصول إلى المرحلة الثالثة، التي شهدت إصدار نظام السوق المالية السعودية، وتأسيس المنظومة المرتبطة بها.
اعتمد الجهد التوثيقي للكتاب منهجية علمية تمزج بين المنهج التاريخي والوصفي، عبر قراءة للأحداث انطوت على خطوات عدة تراوحت بين جمع الوثائق وتنقيحها، وعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين الحاليين والسابقين ذوي العلاقة بالسوق المالية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومجموعة متنوعة من الخبراء والمختصين والممارسين، الذين كانوا شهودًا على مسيرة السوق المالية في مراحل سابقة ومعاصرة، والتنقيب في بطون الكتب، والبحث في أرشيف الصحف، والتدقيق في التقارير السنوية، للبحث عن المعلومة وتقديمها إلى القارئ في قالب تاريخي قصصي يكتنفه الحرص على تبسيط المفاهيم المالية المتخصصة، والنأي عن المفردات التي قد يستعصي على القارئ غير المتخصص إدراكها.
*من أبرز الشخصيات التي التقيتموها لتوثيق قصة السوق؟
- في البداية، باسمي وباسم أعضاء اللجنة التوجيهية لتوثيق السوق المالية السعودية ونيابة عن هيئة السوق المالية نتقدم بالشكر الجزيل لكل من أسهم وقدم يد العون في إنجاح رحلتنا التوثيقية، فلولا توفيق الله، ثم ما قدمه هؤلاء من جهد، ما كان لهذا العمل أن يظهر للنور.
قابلنا خلال رحلة التوثيق أكثر من 80 شخصية، منهم أصحاب المعالي الوزراء الذين كان لهم بالغ الأثر في نهضة السوق المالية، فالتقينا معالي الأستاذ محمد أبا الخيل، وزير المالية السابق، ليحدثنا عن الأسواق المالية في الخمسينيات حتى توليه منصبه في السبعينيات، وحاولنا ربط الماضي بالمستقبل، فأكرمنا معالي الأستاذ محمد الجدعان، وزير المالية، رئيس الهيئة سابقا، بلقاء مطول وحديث شيق ربط لنا فيه الصورة الأكبر لاقتصاد الوطن وتطور السوق المالية في عهده.
التقينا معالي الدكتور إبراهيم العساف، ومعالي الأستاذ حمد السياري، ومعالي الدكتور فهد المبارك، ومحافظي البنك المركزي، بالإضافة لرؤساء الهيئة وأعضاء مجلسها الحاليين والسابقين والعديد من المتخصصين والخبراء العاملين فيها.
أيضا لم ننس القطاع الخاص ودوره في تأسيس السوق، فالتقينا عدداً كبيراً من المؤثرين في السوق المالية في هذا القطاع.
*المطلعون على السوق المالية والشركات المساهمة، يعرفون أن بداية السوق المالية كانت في ثلاثينيات القرن الماضي، فهل توصل البحث الذي قمتم به لمعلومات جديدة تؤرخ لهذه المرحلة المهمة من تاريخ الوطن؟
- نعم توصلنا لمعلومات عدة لم تنشر من قبل، وتنشر لأول مرة في كتاب "قصة السوق"، حيث تعود نشأة فكرة المساهمة وتأسيس شركات المساهمة إلى ما قبل توحيد المملكة، فقد ظهرت بعض شركات المساهمة مبكرا في عام 1916م مع "الشركة الوطنية الخادمة لسكان بلد الله الحرام"، والتي تناولنا قصة تأسيسها بالتفصيل في الكتاب.
ويعود الفضل بعد الله- عز وجل- إلى الملك عبد العزيز– طيب الله ثراه– فيما وصلنا إليه اليوم، فلم تشغله هموم توحيد المملكة وتوطيد أركانها عن فكرة المساهمة، والتي كانت حاضرة في ذهنه قبل توحيد المملكة، فعقب حصول النقابة الشرقية العامة على امتياز التنقيب عن النفط عام 1923م باشر الملك عبد العزيز – طيب الله ثراه – في اتخاذ الترتيبات اللازمة لتأسيس شركة نفط وطنية مساهمة، بالإضافة إلى أنه بعد دخوله إلى الحجاز وإعلانه ملكا للحجاز ونجد، أُسست أولى شركات المساهمة الوطنية في مارس 1926 وهي "الشركة المساهمة السعودية الوطنية لسير السيارات".
*سمي الكتاب (قصة السوق) فهل تناول الكتاب شرحا للمعلومات المتعلقة بالسوق المالية فقط أم تناول تأريخا وقصصا لأهم أحداث السوق؟
- المعلومات المالية والاقتصادية هي معلومات متخصصة وتحليلية، قد لا يتقبلها الكثير من القراء وفي كتاب "قصة السوق"، حاولنا تقديم هذه المعلومات بأسلوب تاريخي قصصي شيق يمزج بين اللغة العربية السهلة والقصص الممتعة والمعلومات المالية.
سيجد القارئ في الكتاب معلومات لم يتم تناولها في أي كتاب آخر متعلق بأسواق المال، حيث تحدثنا عن مجلس التجارة السابق للنظام التجاري، وقصص تأسيس شركات الكهرباء والجبس والأسمنت والغاز.
ونقلنا قصصاً لم تذكر من قبل، على لسان من حضرها، فعلى سبيل المثال تناولنا قصة تأسيس صندوق الاستثمارات العامة، وطرق التداول من خلال مكاتب الأسهم.
وكشفنا عن اللبنات الأولى لتأسيس سوق منظمة، من خلال قصة اللجنة الوزارية التي أنشئت بعد مبادرة معالي الأستاذ محمد أبا الخيل وزير المالية آنذاك بإرسال مذكرة إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز – رحمه الله – يوضح فيها العديد من الأمور الهامة التي لحقت بالسوق في تلك الفترة، وأيضا الدور الهام للبنك المركزي السعودي (مؤسسة النقد العربي السعودي سابقا) ودوره مع البنوك في المرحلة الأولى من عمر السوق، ثم قصة القاعة المركزية للتداول كأول محاولة لإنشاء سوق منظمة، والدور الهام الذي قام به معالي الأستاذ جماز السحيمي -رحمه الله- خلال تلك الحقبة الهامة من عمر السوق المالية السعودية، وذلك للربط بين مرحلتين هامتين قبل إنشاء هيئة السوق المالية وبعد إنشائها، وعرضنا لأول مرة قصة إصدار نظام السوق المالية وأول مجلس لهيئة السوق المالية.
وتناولنا بعض الاكتتابات الهامة المؤثرة في السوق كاكتتاب بنك الرياض وتأسيس شركة سابك وقصة اكتتاب أرامكو وما اكتنفها من أحداث هامة.
وعرضنا أحداث أزمة 2006، وقابلنا الكثيرين ممن عاشوها، ليوضحوا للقارئ ظروفها وما حدث فيها.
كما سيجد القارئ في كتاب "قصة السوق" عددا من الوثائق التاريخية، كبعض الأوامر الملكية الهامة، وشهادات الأسهم القديمة، وإشعارات الملكية، وبعض الصور التاريخية.
بذل فريق العمل جهدا كبيرا للاطلاع على العديد من الوثائق الهامة والأبحاث والكتب باللغة العربية أو اللغات الأجنبية والتي تناولت السوق المالية، وحاولنا تقديم الموثق منها بلغة سهلة وجاذبة.
*ما التحديات التي واجهتكم أثناء رحلة التوثيق؟
- استمرت رحلة التوثيق ما يزيد على عامين من البحث المضني، استنادا إلى مئات الوثائق التاريخية وترتيب لقاءات مع أكثر من 80 شخصية أسهمت وشاركت في رحلة السوق المالية، والكثير من المراجع العلمية.
واجهنا العديد من التحديات في ندرة التوثيق وغياب المصادر العلمية في المرحلة الأولى، فاعتمدنا على المتاح من المعلومات ضمن الوثائق والأبحاث والكتب التاريخية. كما حصلنا على معلومات كثيرة متفرقة بين أكثر من جهة، واخترنا منها ما تواتر وما تؤكده الوثائق التاريخية.
كما أن المرحلتين الزمنيتين الأولى والثانية من عمر السوق المالية كانتا في غاية الصعوبة في ظل غياب بعض الرموز ممن توفاهم الله، بالإضافة لندرة الوثائق في تلك المراحل.
وفي المرحلة الثالثة كانت الصعوبة كامنة في صياغة الكم الكبير من الوثائق والمؤلفات العلمية المتخصصة في قالب سهل يصل للشرائح المستهدفة من الكتاب بشكل علمي غير معقد.
*كيف يمكن لنا الحصول على كتاب "قصة السوق" بإصداريه البحثي والمصور؟
- يمكن للقراء الاطلاع على الكتاب بنسخته الإلكترونية على موقع الهيئة الرسمي، وسيتم توفيره بشكل تدريجي على منصات أخرى، كما يمكن تصفحه من خلال التطبيقات والأجهزة الذكية، وسيتم توفير نسخ مطبوعة من خلال المكتبات العامة ومكتبات الجامعات في مناطق المملكة المختلفة.
*هل تتوقعون إصدار نسخة محدثة من الكتاب لاحقا؟
- نتوقع تلقي المزيد من الوثائق والمستندات المتعلقة بالسوق المالية من المهتمين بعد إطلاق الكتاب، وندعو كل من لديه مقترحات ووثائق للمساهمة بها في تحديث نسخة الكتاب الحالية بالتواصل مع الهيئة، فالمجال مفتوح أمام الجميع ليشاركنا البناء.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}