كيف يمكن لتطبيق الاقتصاد الدائري أن يضمن الأمن المائي مستقبلًا؟

- لقد كان صيفًا حارًا جدا وربما كان استثنائيا، مع حرائق الغابات في أوروبا وكندا، ودرجات الحرارة القياسية في الصين، وعاصفة غير مسبوقة في كاليفورنيا.

- ومع ذلك، فإن الشيء الوحيد الذي لا يؤخذ في الاعتبار دائمًا عند مناقشة ارتفاع درجات الحرارة وتغير المناخ هو توافر المياه.

- ارتفعت مستويات ندرة المياه إلى مستويات قياسية في ظل ارتفاع الاستهلاك السنوي للمياه بنحو 3500 مليار متر مكعب على مستوى العالم خلال القرن الماضي.

- يستحق هذا الأمر نفس القدر من الاهتمام العالمي الذي يستحقه تغير المناخ.

- ويمكن أن يكون لزيادة إعادة تدوير المياه من خلال التعاون العالمي تأثير إيجابي كبير، من خلال الحد من مخاطر الجفاف ودعم الأهداف المناخية وتعزيز التنمية الاجتماعية لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

- جدير بالذكر أن مسألة تأمين مستقبل إيجابي للمياه هي في صميم "التعطش إلى التغيير"، وهو بحث جديد أصدره المعهد البريطاني للمعايير (BSI) ومنظمة (Waterwise) غير الحكومية.

- كما يوضح البحث، أنه على الرغم من وفرة المياه على الأرض، فإن 0.5 % فقط منها متاحة كمياه عذبة.

- كما تؤدي عوامل النمو السكاني وتغير المناخ والتنمية الاقتصادية إلى زيادة الطلب وفرض ضغوط متزايدة وغير مستدامة على هذه الموارد.

- والأهم من ذلك، تبين أن توفير المياه واستخدامها يساهمان بنحو 10 % من انبعاثات الكربون العالمية، في حين يمكن أن يؤثر الجفاف على ما يصل إلى 75 % من سكان العالم بحلول عام 2050.

- ومن كل ما سبق نخلص إلى أن العمل الآن على قضية المياه يمكن أن يؤتي ثماره - تمامًا مثل قضية المناخ – وهما مرتبطان ارتباطًا وثيقًا.

مشكلة عالمية

- يُعد الأمن المائي -شأنه في ذلك شأن تغير المناخ- قضية ذات صلة بجميع الاقتصادات، وليس فقط تلك المعروفة بالأراضي القاحلة.

- قيّم مؤشر الأمن المائي الصادر عن المعهد البريطاني للمعايير مدى التوافر في 40 موقعًا، وحصلت الولايات المتحدة والصين والهند على أعلى تصنيف، مما يعني أنها تواجه أعلى تحدٍ ممكن للأمن المائي.

- تواجه الولايات المتحدة تحديات معتدلة في مجال توافر المياه، ولكن مستويات الاستهلاك الشخصي مرتفعة للغاية، في حين تتعرض مناطق بعينها لضغوط شديدة، مثل لوس أنجلوس.

- وفي الصين، حيث تواجه مدن تشنغدو وتيانجين وشيان وبكين وشنغهاي إجهادًا مائيًا حادًا، هناك التحدي المزدوج المتمثل في انخفاض مستويات المياه المتجددة المتاحة للفرد ومستويات عالية من الاستهلاك.

- حتى المملكة المتحدة – والمعروفة بهطول الأمطار – تُصنف على أنها متوسطة، في ضوء امتلاكها لأحد أدنى مستويات موارد المياه المتجددة المتاحة للفرد.

فكر الاقتصاد الدائري

- هناك الكثير الذي يمكن القيام به لإحداث تأثير إيجابي ومواجهة هذا التحدي، - خاصةً إذا تعاونت الحكومات والقطاعات العالمية المعنية بالمياه والجهات الفاعلة الأخرى، بما في ذلك المنظمات، على نطاق واسع.

- ولعل نقطة البداية الأمثل هي تسهيل اختيار المنتجات الموفرة للمياه على المستهلكين، على سبيل المثال، عن طريق وضع ملصقات على المنتجات.

- وعلى نطاق أوسع، يتعلق الأمر بترسيخ عقلية الاقتصاد الدائري التي تجعل من مسألة الحفاظ على المياه أولوية قصوى.

- يعد الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة أمرا بالغ الأهمية. يمكننا أن نفعل الشيء ذاته فيما يتعلق بالمياه وإحداث التغيير إذا كثفنا الجهود الرامية إلى إعطاء الأولوية لمعالجة تحديات توافر المياه.

- فضلًا عن تشجيع ثقافة إيجابية لتوفير المياه بين الأفراد والمنظمات والمجتمع، في المنزل وفي مكان العمل، وعبر مختلف قطاعات الصناعة.

- لم يعد الأمر يتعلق برؤية الماء على أنه مورد لا ينقطع، ولكن بدلاً من ذلك إدراك أن إعادة تدوير المياه وإعادة استخدامها أصبح السبيل الوحيد أمامنا.

- توفر إعادة استخدام المياه فرصة كبيرة للحد من عمليات سحب المياه العذبة ومعالجة الطلب المتزايد.

- وقد يعني هذا ضمان إدراج تدابير إعادة استخدام المياه في المناطق التي تعاني من شُح المياه في المباني الجديدة.

- كما يمكن التوسع في استخدام تجميع مياه الأمطار لغسل المرحاض بدلاً من استخدام مياه الشرب عالية الجودة.

- عندما يتم اقتراح التنمية في المناطق التي تعاني من نقص المياه، يمكن للحكومات دفع عجلة التقدم باستخدام القواعد التنظيمية ومعايير أصحاب المصلحة المتعددين لتشجيع إعادة الاستخدام وحتى الحياد المائي.

- وبالمثل، يسهم تضافر الجهود المجتمعية في تشجيع رصد أكبر للتقدم المحرز في تدابير إعادة تدوير المياه وإعادة استخدامها بطريقة موحدة.

- كذلك، يمكن أن يساعد تطبيق عقلية الاقتصاد الدائري في معالجة بعض الدوافع الرئيسية للمشكلة.

إدراك أكبر للمشكلة

- حيثما توجد الإرادة تتوفر الوسيلة – وبالتالي، سنحصل على النتائج المنشودة بعد إدراك أهمية إدارة المياه.

- وفقًا لاستطلاع للرأي أجرته مؤسسة مالفيرن إنسايت بتكليف من المعهد البريطاني للمعايير، فإن ثلثي المستهلكين و80% من قادة الأعمال الصغيرة (في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) حددوا المياه النظيفة والصرف الصحي على أن ذلك "جزء من الاستدامة".

- في حين وضع نصف المستهلكين و44% من قادة الأعمال الصغيرة قضية المياه ضمن أهم خمس قضايا ينبغي تركيز الموارد والجهود العالمية عليها.

- إن الماء هو أحد أهم موارد الأرض وأثمنها. إذا تضافرت الجهود العالمية، كما هي الحال مع قضية تغير المناخ، فسوف نتوصل لاستراتيجيات تحسين توافر المياه التي يمكن أن تفيد الناس والكوكب.

- يمكن أن يكون ضمان مستقبل آمن للمياه فرصة كبيرة للاستدامة مثل الحد من انبعاثات الكربون، ويمكن أن يساعدنا في تسريع مسيرة التقدم نحو عالم مستدام.

المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي