هل تصبح السيرة الذاتية شيئاً من الماضي قريباً؟

فرضت تطورات الأوضاع الاقتصادية في الآونة الأخيرة واقعاً جديداً في كثير من نواحي الحياة والأعمال، ولا سيما في سوق العمل الذي أصبح أكثر تشدداً، في ظل الضغوط التي تتعرض لها الشركات في تسيير أعمالها، فضلاً عن زيادة تطلعات الموظفين المحتملين.

ويبدو أن هذا الواقع الجديد يدفع أصحاب الأعمال نحو تغيير نهج التوظيف التقليدي من خلال الاعتماد على تعيين أصحاب المهارات، بدلاً من أصحاب السير الذاتية المكدسة بالمعلومات عن الخبرات السابقة، والخلفية التعليمية، والاهتمامات، والأعمال التطوعية.

وتوضح بيانات منصة التوظيف الشهيرة "لينكد إن" أن حوالي 45% من الشركات استخدمت البيانات المتعلقة بالمهارات على وجه التحديد، لتعيين مواهب جديدة خلال العام الماضي، ويبدو أن هذا الرقم قد زاد منذ ذلك الحين.

وقال "آدم هوكينز" رئيس قسم البحث والتوظيف في مناطق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا؛ لدى المنصة في تصريح لشبكة "سي إن بي سي"، إن أكثر من 50% من الموظفين الموجودين على "لينكد إن"، يستخدمون الآن بشكل صريح البيانات المتعلقة بمهاراتهم لشغل الوظائف، وأضاف مستخدمي المنصة أكثر من 500 مليون مهارة إلى ملفاتهم الشخصية على مدار الـ 12 شهرًا الماضية.

وترى "جوليا بولوك" كبيرة الاقتصاديين لدى منصة "ZipRecruiter"، أن الحصول على سيرة ذاتية "مثالية" أصبح لا يعني الكثير لأصحاب العمل، كما كان الحال في الماضي، حيث أدى ظهور "شات جي بي تي" وغيره من الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي إلى تسهيل الحصول على سيرة ذاتية قوية، ما يعني أنها أصبحت ذات قيمة أقل بالنسبة لأصحاب العمل.

كما تتوقع "بولوك" أن الشركات سوف ترغب مستقبلاً في مقابلة الموظفين المحتملين في وقت مبكر من عملية التوظيف عما تفعله حاليًا، حتى لو كان ذلك افتراضيًا فقط، فضلاً عن إضافة المزيد من عمليات تقييم المهارات إلى نهج التوظيف الخاص بها.

ويعتقد "دايف ريزو" رئيس عمليات واستراتيجيات المواهب لدى "ديلويت"، أن السيرة الذاتية في المستقبل لن تبدو كما هي الآن، وأنها سوف تتضمن المزيد من التفاصيل التي تجعل المرشحين "ينبضون بالحياة"، مثل "مهاراتهم، وتأثيرهم، وشخصيتهم، والغرض الذي يحاولون تحقيقه، والأمور الهامة بالنسبة لهم.

وقال "ريزو" في مقابلة مع "سي إن بي سي"، إن الشكل التقليدي للسيرة الذاتية الذي يتضمن تسلسلاً زمنيًا للتعليم، والمسميات الوظيفية، وسنوات الخبرة، وغيرها من المعلومات النمطية، بدأ يتلاشى، لذا فقد تظهر طرق جديدة لتقييم المرشحين في المستقبل.

وأضاف أن ملفات السيرة الذاتية سوف تتطور على الأقل إلى ما يسميه "الملفات الرقمية"، موضحاً أن هذه الملفات ستكون مرتبطة بقواعد بيانات مختلف الصناعات والمجالات، ويمكن تحميلها بسهولة إلى محركات البحث عن الوظائف.

المصدر: سي إن بي سي