قاعدة بسيطة لكن مهمة.. ما دام النمو الاقتصادي مستمرا فلن يفقد العالم شهيته الأحفورية

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن التخلي عن الوقود الأحفوري حول العالم، والانتقال نحو الأنماط الكهربائية، والاعتماد على الطاقة المتجددة، وجهود عديدة أخرى لمنع التدهور المناخي، لكن إن كانت الأمور تسير في هذا الاتجاه فهناك أسئلة عديدة متعارضة يجب الإجابة عليها بحسب تقرير لـ"الجارديان".

كيف أوشك إنتاج النفط لأول مرة في التاريخ على تجاوز حاجز 100 مليون برميل يوميًا؟ وكيف يتوقع هذا القطاع نمو الطلب حتى ثلاثينيات القرن الجاري؟ ولم تم الاعتداء من قبل الشرطة على المتظاهرين ضد التنقيب عن الليجنيت في غابة "هامباشر" البالغ عمرها 12 ألف عامًا في ألمانيا التي تعد نموذجًا للتحول الاقتصاد الأخضر النظيف؟ ولماذا أيضًا تضاعفت الاستثمارات في رمال القطران الكندية -التي تعد مصدر النفط الأكثر تلويثًا- خلال عام واحد؟

السر: فتش عن النمو

- الجواب عن كل هذه الأسئلة التي تبدو متناقضة مع التوجهات في كثير من الدول نحو الطاقة النظيفة، هو النمو، نعم قد يكون هناك المزيد من السيارات الكهربائية والدراجات تسير على الطرق حول العالم، لكن هناك أكثر وأكثر من محركات الاحتراق الداخلي والطائرات.

- بالنظر إلى النمو الاقتصادي في الدول الغنية بما يكفي لتلبية احتياجات جميع مواطنيها، فإنه يتطلب مزيدا من الاستهلاك، وهو ما يصعب فصله عن الممارسات الملوثة للكوكب والتي تعتمد بشكل أساسي على الوقود الأحفوري.

- عندما تتوسع الصناعة منخفضة الكربون في اقتصاد متنام، فإن المال الذي تولده يحفز الصناعة مرتفعة الانبعاثات، فعلى سبيل المثال، ينفق رواد الأعمال المهتمين بالبيئة والتنفيذيين في الصناعات الخضراء أموالهم لقضاء الإجازات في الأجزاء البعيدة من العالم والسفر جوًا.

- نمو صناعة السيارات الكهربائية دفع إلى التسابق للبحث عن موارد جديدة مثل الليثيوم، ما بات مصدرًا كبيرًا لتلوث الأنهار وتهدم المواقع البرية الثمينة، لذا فالحقيقة أن مصطلح "النمو النظيف" ليس سوى تناقض لفظي تمامًا مثل "الفحم النظيف"، لكن الإقرار بذلك قد يعد انتحارًا سياسيًا للبعض.

المعضلة السياسية

- في بريطانيا على سبيل المثال، كان التناقض الأكثر وضوحًا، عندما أصدر حزب العمال وثيقة سياسة المطارات، والتي اشتملت على ضمان التزام أي توسع للمطارات بمعايير مكافحة التغير المناخي، لكن الحقيقة أن توسع المطارات لا يمكنه التماشي مع الالتزامات المناخية.

- حتى إذا تم تخفيض انبعاثات الطائرات إلى مستويات عام 2005، فبحلول عام 2050 ستستحوذ وحدها على نصف ميزانية الكربون في المملكة المتحدة، وإذا تم توسيع المطارات فإنها ستستأثر بشق أكبر من الميزانية.

- مع ذلك، وفي مناطق أخرى من العالم، هناك سياسيون أكثر صراحة، إذ تقول رئيسة وزراء نيوزيلندا "جاكيندا أردرن" إنه لم يعد من المناسب إعلان نجاح السياسات لمجرد ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي إذا كان ذلك يضر بالبيئة، لكن كيف سيترجم حزبها هذا التصريح إلى سياسات، وكيف سيعالج تناقضاته الخاصة؟ هذه أمور لم تتبين بعد.

- على جانب آخر كانت تغطية الإعلام لقضية التغير المناخي محدودة، وبحسب تقرير لشركة "ميديا ماترز" للأبحاث، تبين أن تغطية المسألة عبر خمس شبكات إخبارية شهيرة هي "إيه بي سي" و"سي بي إس" و"إن بي سي" و"فوكس" و"بي بي إس" بلغت 260 دقيقة عام 2017، أي أكثر بقليل من أربع ساعات.

- كانت أغلب هذه التغطيات من أجل مناقشة توجهات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" وما إذا كان سينسحب من اتفاق باريس، وما سيحدث عقب هذا القرار، ولم تنصب مباشرة على معالجة الفوضى المناخية نفسها.

- تشير دراسة حديثة إلى أن 65% من الأمريكيين نادرًا ما يناقشون قضايا التغير المناخي مع الأصدقاء أو العائلة، فيما يسمح شخص من كل خمسة أشخاص يسمع عن هذا الموضوع ممن يعرفهم مرة واحدة في الشهر على الأقل.