نبض أرقام
02:22
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

الاستثمار.. كيف يكون "أخلاقياً" و"مربحاً"؟

2018/12/29 أرقام - خاص

كثيراً ما يتم تصوير الاستثمار على أنه "بلا قلب"، ويسعى للربح بأي ثمن، وقد يكون هذا صحيحاً في الكثير من الأحيان، إلا أن هذه الصورة استدعت ظهور نقيضها في هيئة ما يعرف بـ"الاستثمار الأخلاقي".

 

ويقصد بالأخير أن تكون الأخلاق بمثابة "البوصلة" التي توجه المستثمرين، بأن يتخذ مستثمرٌ قراراً-على سبيل المثال- بدعم الصحة العامة في دولة ما، فيستثمر أمواله في المستشفيات التي تعمل على تقديم خدماتها بتكلفة تحقق ربحًا لكن دون غلو.

 

 

"صناديق أخلاقية"

 

وتطبيقاً لمبدأ الاستثمار الأخلاقي ظهرت العديد من الصناديق الاستثمارية التي اتخذت قرارها بتبني المبادئ الأخلاقية في توجيه أموالها والتي تتوافق "إلى حد كبير" من حيث المبدأ مع التوجهات الإسلامية السمحة، من خلال تجنب الاستثمار في الخمور والتبغ والمواد الإباحية أو الأسلحة والقمار بل والمزارع التي تستغل الحيوانات بشكل مبالغ وغير رحيم.

 

وعلى الرغم من أن صناديق الاستثمار الأخلاقي ما تزال صغيرة في معظمها برؤوس أموال لا تتعدى عشرات الملايين من الدولارات، إلا أنها وخلافاً لما هو متوقع تُحقق أرباحاً كبيرة للغاية، على عكس ما قد يتبادر للذهن من ارتباط الاستثمار الأخلاقي بالخسائر.

 

وعلى سبيل المثال يبرز صندوق "بينجانا" الأسترالي للاستثمار الأخلاقي، وقد حقق عائدات 41% على استثماراته العام الماضي، كما يبرز صندوق "بيتا شير" بعائدات 31% للاستثمارات، لتبلغ عائدات صناديق الاستثمار الأخلاقي ما يماثل الكثير من الشركات العالمية الكبيرة من حيث النسبة بالطبع.

 

وتتراوح عائدات صناديق الاستثمار الأخلاقية الأهم حول العالم بعد ذلك بين 16-24%، وتستعين الكثير منها باستشارات المراكز البحثية والإدارية لمعاونتها على توجيه استثماراتها بكفاءة لتظل قادرة على تحقيق نسب أرباح قياسية تعينها على النمو والاستثمار.

 

الدول النامية تعاني

 

وتعتمد تلك الصناديق في غالبيتها على شراء حصص صغيرة في الشركات الناشئة في مجالات مثل الطاقة النظيفة أو المؤسسات التعليمية أو الصحية، بحيث تدفع بأموالها في اتجاه الشركات التي تدفع في اتجاه "التنمية المستدامة" لتدعم الأخيرة، وتحقق الصناديق أرباحاً قياسية في ظل تبني فرص استثمارية واعدة.

 

 

وتلفت "إيكونوميست" إلى أزمة تواجه الاستثمار الأخلاقي في الأسواق الناشئة، حيث تقل عائداته بنسبة 18% في تلك الأسواق عن "الاستثمار العادي"، وذلك للعديد من الأسباب منها حداثته هناك نسبيًا والمخاوف الشعبية المتعلقة بضعف مردوداته.

 

ويقول "شارلي روبرتسون" من بنك "رينيسانس كابيتال" الاستثماري لـ"إيكونوميست": إن الدول الإسكندنافية تتمتع بميزة نسبية كبيرة للغاية لشركات الاستثمار الأخلاقي، بسبب تبني الحكومات هناك لسياسات مشجعة لمثل هذا الشكل من الاستثمار.

 

غير أن "روبرتسون" يؤكد أن دولاً أخرى نامية، مثل إندونيسيا وبولندا وتشيلي تعد فرصاً كبيرة للاستثمار الأخلاقي هناك، بسبب وجود إما قواعد واسعة من الأعمال الخيرية التي توفر بيانات حول أشكال الاستثمار الأخلاقي الممكنة، أو بداية حكومات تلك الدول في تبني سياسات تشجع هذا الشكل من الاستثمار.

 

وتعد أستراليا في صدارة دول العالم التي تتبنى شركاتها وصناديقها الاستثمارية لمبدأ الاستثمار الأخلاقي، وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن الأخير يصل إلى قرابة 7% من الاستثمارات في البلاد، وهي النسبة التي تفوق ضعف أية دولة أخرى في أفضل التقديرات.

 

تنامي الاستثمار الأخلاقي

 

ومن المرجح أن يتنامى مبدأ الاستثمار الأخلاقي ويتنوع في المرحلة المقبلة، إذ كشف استطلاع لـ"مورجان ستانلي" عن توجه أكبر لدى الشباب للاستثمار في الشركات التي ترتكز على أهداف بيئية أو تنموية، وبلغت نسبة هؤلاء المستعدين للاستثمار في تلك الشركات بين المستثمرين في عمر 18-35 ضعف النسبة بين من هم أكبر من ذلك سنًا.

 

وتسعى شركات "الاستثمار الأخلاقي" إلى تجنب ما يعرف بـ"المخاطر الأخلاقية" ويقصد بها تحمل طرف لعبء أكبر من غيره. ومن ذلك مثلًا أن تكون مرتبات مندوبي المبيعات "جيدة" وألا يعتمدوا بشكل كامل على نسبة من مبيعاتهم، لأنهم بذلك يتحملون ضغطاً عصبياً ونفسياً كبيراً و"غير عادل".

 

 

وتتجنب "الاستثمارات الأخلاقية" كذلك الاستثمار في البنوك والمؤسسات المالية، بسبب الأزمة المالية العالمية التي تسببت فيها البنوك بسياساتها التوسعية، وتحمل العالم كله تبعاتها، فيما يعتبر بطبيعة الحال "ممارسة غير عادلة".

 

وختاماً يجب التفرقة بين الاستثمار الأخلاقي، بمعنى أن يكون توجه الشركة كله لإنفاق الأموال في مجالات التنمية المستدامة، وبين قيام بعض الشركات والمستثمرين بمراعاة "البعد الاجتماعي" من خلال الإنفاق على مراعاة البيئة أو دعم الصحة والتعليم، فالأخير يبدو كما لو كان "ذراً للرماد في العيون" إذا ما قورنت بالأولى بطبيعة الحال.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة