نبض أرقام
00:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/12
2024/07/11

لماذا تلقى بيانات "الميزان التجاري" اهتماما رغم وجود مؤشرات أكثر شمولية؟

2019/04/10 أرقام - خاص

بينما يرفض بعض الخبراء الالتفات إلى الميزان التجاري كمقياس لمتانة الاقتصاد، ويفضلون الاعتماد على مؤشرات أخرى مثل ميزان المدفوعات، فإن المؤشر الأول كان حاضرًا بقوة في أحاديث المسؤولين لا سيما ذوي النزعة الشعبوية أمثال "دونالد ترامب" خلال السنوات القليلة الماضية.

 

 

ويعبر الميزان التجاري عن الفرق بين قيمة صادرات بلد ما وبين قيمة وارداته (يشمل ذلك السلع والخدمات)، وإذا كان الناتج موجبًا فذلك فائض، وإن كان سالبًا فإنه عجز، لذا يعد مقياسًا لصحة الاقتصاد وقدرته التنافسية، لكن خبراء يرونه مؤشرا غير كاف للحكم على الأداء.

 

أما ميزان المدفوعات، فهو مؤشر أكثر شمولية حيث يأخذ بعين الاعتبار كافة المعاملات الدولية، وبجانب صادرات وواردات السلع والخدمات، فيشمل بنودا مثل الاستثمارات والمنح والإعانات والفوائد والأرباح وعائدات العقارات والضرائب والقروض وحركة رؤوس الأموال وغيرها.

 

 مع ذلك، اعتبر الرئيس الأمريكي منذ يومه الأول في رئاسة البلاد -بل حتى قبل فوزه بانتخابات عام 2016- العجز التجاري بأنه تهديد رئيسي لاقتصاد الولايات المتحدة، ويعتقد محللون أن هذا الاعتقاد سيشكل ضغطًا عليه في الانتخابات القادمة، لفشله حتى الآن في السيطرة عليه كما وعد.

 

 

ومن التعريفات السابقة يبدو ميزان المدفوعات أكثر قدرة على إعطاء نتائج تحليلية أعمق حول أداء الاقتصاد مقارنة بالميزان التجاري، بيد أن الأخير يظل مهمًا كونه يساعد في فهم التأثيرات السياسية على الاقتصاد والأهم أنه يعكس القدرة التنافسية للبلدان.

 

لماذا يكره المسؤولون العجز ويحبذون الفائض؟

 

- يحدث العجز التجاري عندما تتجاوز قيمة واردات الدولة لصادراتها، أي أن هناك المزيد من المنتجات المصنعة خارج البلاد تتدفق إلى داخلها، وهو ما يأتي على حساب المنتجات المصنعة محليًا ويمكن توريدها إلى بلدان أخرى.

 

- يعكس ذلك القدرة التنافسية للبلد، فكلما زاد العجز كانت حاجة البلاد للاستيراد أكبر مقارنة بقدرتها على التصدير، ولعل ذلك يفسر اهتمام الساسة البالغ بالميزان التجاري، فلو استطاعوا عكس هذا الاتجاه، سيترتب عليه فاتورة شراء أقل وعائدات تصدير أكبر.

 

- إذا كانت صادرات البلد "س" إلى البلد "ص" أكبر من الواردات، فيعني ذلك أنها تحقق مكاسب مالية أكبر وتحظى منتجاتها بقدرة تنافسية أعلى، والأهم أن الصادرات المتزايدة تعني نشاطا إنتاجيا متسارعا في المصانع وتعاظم وتيرة التوظيف ودعما إضافيا للنمو.

 

 

- من الناحية النظرية، يؤثر العجز التجاري على مستويات العمالة في الدولة، ومع تراجع الطلب على منتجاتها في الداخل والخارج لصالح منتجات منافسة، فإنها قد تبدأ فقدان الوظائف، ولذلك عواقب اقتصادية سيئة بطبيعة الحال، بحسب تقرير لموقع "ذا ستريت".

 

- غالبًا ما يحدث ذلك عندما تقوم الدول الأجنبية بتصنيع وبيع المنتجات والخدمات نفسها بسعر أقل بكثير من تلك المصنعة محليًا، وبالتالي لا يمكن للمنتجات المحلية منافسة نظيرتها الأجنبية، وبالتالي تهجر الوظائف إلى البلدان التي تحظى بتكلفة إنتاج أقل.

 

أسباب حدوث العجز

 

- يقول مجلس العلاقات الخارجية، وهو مركز أبحاث يهتم بالنظر في سياسات الولايات المتحدة الخارجية، إن السبب الأساسي للعجز التجاري هو غياب التوازن بين معدلات الادخار والاستثمار في بلد ما.

 

- يشير "جاري كلايد هوفباور" و"جياو لو" من معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي، إلى عدد من القوى التي تؤثر على حجم العجز التجاري ويقولان إن ارتفاع الإنفاق الحكومي أدى إلى عجز أكبر في الميزانية الفيدرالية الأمريكية، وقلل من معدل الادخار الوطني ووسع الفجوة التجارية.

 

 

- يعد سعر صرف الدولار أمرًا مهمًا، حيث إن الدولار القوي يجعل المنتجات الاجنبية أرخص بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين لكنه يجعل صادرات البلاد أغلى للمستهلكين الأجانب، وعلى النقيض فهو يجعل استيراد البلدان الأخرى للسلع أكثر تكلفة وتصديرها أكثر ربحًا.

 

- في بلد غني مثل الولايات المتحدة، يحظى باقتصاد متنام، فإن العجز التجاري غالبًا ما يتعاظم بمرور الوقت، نظرًا لأن المستهلكين يتمتعون بمداخيل أكبر تمكنهم من شراء المزيد من السلع والخدمات من الخارج.

 

كيف تصبح التجارة أكثر عدلًا؟

 

- كما أشرنا من قبل، رغم ما يعنيه العجز التجاري من نتائج سيئة على الاقتصاد، فإنه غالبًا لا يعطي نظرة شاملة للأداء وربما لا يحظى باهتمام كبير في البلدان المتقدمة والغنية التي حققت بالفعل الاكتفاء الذاتي من الإنتاج وتمتلك مصادر متنوعة للدخل بخلاف الدول الفقيرة.

 

- على أي حال، لا شك يبحث الجميع عن تجارة أكثر عدلًا للعالم للجميع، ووفقًا لنصائح وتوجيها البنك الدولي فإن ذلك يتطلب عددا من الإجراءات، منها حماية المنتجين الضعفاء من الصدمات التجارية، ودعم والاستماع لصغار الصناع والمزارعين والتجار.

 

 

- يضاف إلى ذلك أهمية الحذر من دعم الحكومات الغنية الذي يؤثر على منافسة المنتجين في البلدان الفقيرة، وضمان ترابط وتناسق السياسات، وتبسيط إجراءات التبادل التجاري بين البلدان، علاوة على التطبيق الفعلي والالتزام بمعايير التجارة الشفافة.

 

- أظهرت دراسة لجامعة كورنيل، أنه لو التزمت الولايات المتحدة بمخصصات الدعم المقترحة في مسودة الدوحة خلال الفترة بين عامي 1998 و2007، لكانت أسعار القطن العالمية أعلى 6% في المتوسط، وهو ما كان سيعود بالنفع على المصدرين الأفارقة مثل بنين وتشاد ومالي.

 

- وفقًا لمنظمة التجارة الحرة العالمية، فإن مبادئ العدالة التجارية تشمل، ضمان الفرص للمنتجين المهمشين، وتفعيل مبادئ المساءلة والشفافية، وتبني مفاهيم المدفوعات العادلة، ونبذ عمالة الأطفال والعمالة الإجبارية، وخلق ظروف عمل ملائمة، وحماية البيئة.

 

- يقصد بالمدفوعات العادلة، دفع مقابل معقول للمنتجين على أن يكون غير مبالغ فيه ومقبولا من وجهة نظر السوق، مع مراعاة مبدأ الأجر المتساوي بين الرجال والنساء، وفي النهاية يهدف هذا المبدأ لإيجاد أسعار وأجور عادلة للجميع تنتهي إلى مستوى معيشي جيد.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة