قطر : 50% ارتفاعا في أسعار الأراضي التجارية

سجلت التداولات العقارية انتعاشا كبيرا خلال الفترة الماضية، وانعكس ذلك على الأرقام القياسية التي تسجلها إدارة التسجيل العقاري والتوثيق، التي تشير إلى انه تم خلال الفترة من 31/3/2006 وحتى 1/4/2007، تداول ما قيمته 24.9 مليون ريال على العقارات في قطر.

ويأتي هذا الحجم من التداولات العقارية ليؤكد استمرار ارتفاع الطلب على العقارات، والناتج عن التوسعات الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها الدولة حاليا، والناتجة عن سياسة الانفتاح الاقتصادي، حيث تتوافد الاستثمارات الأجنبية على قطر بشكل متواصل، وهو الأمر الذي أدى إلى تنامي أعداد العمالة الوافدة، مما أدى إلى الضغط على قطاع المساكن.

وعلى الجانب الآخر، ما زالت أسعار الأراضي في مختلف المناطق تشهد أسعارا قياسية، متأثرة بالطلب القوي على الشراء، وخلال الربع الأول من العام الحالي، ارتفعت أسعار الأراضي في مختلف المناطق، متأثرة بالطلب القوي على الشراء، حيث وصلت الزيادة مقارنة مع نهاية العام الماضي، إلى نحو 50% في بعض المناطق التجارية مثل الدفنة وروضة الخيل وام صلال، وتراوحت بالنسبة للمناطق السكنية، بين 7% كما في منطقتي السد والنجمة و33% كما في منطقتي المرخية ومدينة خليفة الجنوبية.

وارتفع حجم الطلب مقارنة بالمعروض نتيجة للطفرة العمرانية التي تشهدها الدولة حالياً، ويرى خبراء عقاريون أن الارتفاع النسبي الذي شهدته حركة تداول الأراضي جاء بفضل توافر فرص استثمارية عديدة في المجال العقاري، حيث قفزت أسعار الأراضي إلى مستويات قياسية خلال الفترة الماضية، ومازال الطلب يتنامى على الأراضي في حين أن العرض محدود للغاية، مما أعطى الفرصة لملاك الأراضي للتحكم بالأسعار ورفعها إلى مستويات قياسية.

ويعتقد الخبير العقاري السيد خليفة المسلماني أن عودة أسعار الأراضي والعقارات إلى الارتفاع خلال الشهرين الماضيين، جاء بسبب استمرار تدفق رؤوس الأموال باتجاه القطاع العقاري، الذي بات مفضلا على قطاع الأسهم والقطاعات الأخرى، وذلك نظرا للعائد الكبير الذي يحققه قطاع العقارات والبالغ نحو 10 في المائة سنويا، مما يعني أن مالك العقار يستطيع أن يسترد قيمة العقار خلال عشر سنوات.

وكشف المسلماني لـ الشرق عن وجود نحو 2000 وحدة سكنية فارغة في مناطق مختلفة من الدوحة، وذلك بسبب غلاء القيمة الإيجازية التي يطلبها الملاك، التي ما زالت فوق الـ 8 آلاف ريال شهريا للشقة المكونة من غرفتي نوم فقط، وتزيد مع زيادة المساحة، وقال أن ارتفاع أسعار الإيجارات رغم وجود شقق معروضة للإيجار، سببه ارتفاع التكلفة الإجمالية للبناء، سواء من حيث ارتفاع قيمة الأرض أو قيمة مواد البناء، لذلك فالمالك مضطر لرفع سعر الإيجار من اجل تحصيل العائد في 10 سنوات.

وأشار إلى انه لا يتوقع أن تنخفض الإيجارات في الوقت الحالي، لكن إذا استمر هذا الحال فان انخفاضا تدريجيا ربما يحدث في الفترة المقبلة، خاصة أن معظم ملاك العقارات قاموا بتمويل بناء عقاراتهم من خلال قروض بنكية، وبالتالي فإنهم لن يصبروا طويلا على بقاء عقاراتهم فارغة، وإنما سيضطرون فيما بعد إلى التنازل والقبول بأسعار اقل، مما سيسهم في تخفيض مستوى الإيجارات.

وأوضح أن معالجة مشكلة الإيجارات تحتاج أساسا إلى بناء العديد من المجمعات السكنية، وذلك من اجل زيادة العرض لاستيعاب الطلب المتزايد، مشيرا إلى أن الحكومة قامت بعمل رائع عندما خصصت أرضا لشركة بروة العقارية لكي تبني عليها مساكن بإيجارات معتدلة، وأضاف أن هذا الإجراء يعتبر خطوة صحيحة في طريق حل مشكلة السكن، ولكن يجب القيام بخطوات أخرى من قبل الحكومة، من خلال المضي في تخصيص المزيد من الأراضي بأسعار رمزية إلى القطاع الخاص، للقيام ببناء مشاريع سكنية عليها بتكلفة اقل، وبالتالي بإيجارات منخفضة.

وأوضح المسلماني أن السوق العقاري القطري يحتاج إلى نحو 40 ألف وحدة سكنية جديدة على الأقل لكي تتعادل معادلة العرض والطلب وبالتالي تستقر الإيجارات، في حين أن هنالك نحو 7 آلاف وحدة سكنية تحت الإنشاء حاليا، مما يجعلنا بحاجة إلى مزيد من مشاريع العقارات السكنية لتلبية الطلب المتزايد على المساكن.

وقال أن مشكلة الإيجارات أصبحت مقلقة، خاصة بالنسبة للمقيمين الذين بدأ قسم كبير منهم بالعودة إلى دياره بسبب عدم القدرة على مجاراة ارتفاع السكن.

وأكد أن بقاء الوضع كما هو الآن سوف يقود إلى مزيد من الارتفاع بسبب قلة العرض وزيادة الطلب، مشيرا إلى أن توافر السيولة النقدية لدى المواطنين، أدى إلى اتجاههم إلى سوق الأراضي والعقارات لاستغلال هذه السيولة النقدية في مشاريع حيوية تدر عليهم عائداً استثمارياً جيداً، كما شجع ارتفاع إيجارات الوحدات والشقق السكنية، العديد من المواطنين للاتجاه إلى الاستثمار العقاري، حيث أن نمو العائد على الاستثمار العقاري دفعهم نحو التوسع في استثماراتهم العقارية.

وقال المسلماني انه يعد حاليا بالتعاون مع مكتب استشاري متخصص، دراسة جدوى لمشروع سكني ضخم في الدوحة تصل تكلفته إلى نحو نصف مليار ريال، حيث تتضمن المرحلة الأولى من المشروع بناء 2000 وحدة سكنية.
وأشار إلى أن الهدف من مشروعه هو المساهمة في حل مشكلة نقص الوحدات السكنية وارتفاع الإيجارات، حيث يتمثل في تنفيذ مشاريع عقارية لبناء ما يزيد على 4000 وحدة سكنية على مرحلتين، كل مرحلة تتضمن بناء 2000 وحدة سكنية، ولكن بشرط الحصول على أراض من الدولة بإيجار رمزي يشمل توفير البنية التحتية، مشيرا إلى أن مشروعه سوف يؤدي إلى تخفيض أسعار الإيجارات السكنية بنسبة 40% في حالة تنفيذه.

وأعرب عن أمله في موافقة الجهات المعنية على منحه الأرض بسعر رمزي ليتمكن من إقامة المشروع، حيث يتوقع أن يكون المشروع جاهزا خلال عامين إذا تمت الموافقة عليه.
وأشار إلى انه في حالة الموافقة، فان المشروع يحتاج إلى مساحة 200 ألف متر مربع من الأرض ، بحيث يتم بناء ما لا يقل عن 200 بناية سكنية بارتفاع 8 ادوار لكل بناية، موضحا أن هذا المشروع ينسجم مع الدور الذي يفترض أن يقوم به القطاع الخاص في مساعدة الجهات المختصة على حل مشاكل قطاع السكن، داعيا الشركات الأخرى إلى التفكير في حلول عملية لمشكلة السكن من خلال تنفيذ مثل هذه المبادرات.

ومن جهته قال السيد طوني حجار مدير عام شركة عقارات للوساطة والاستشارات أن ارتفاع أسعار العقارات والإيجارات لا يعكس ارتفاعا في الطلب، والدليل وجود العديد من الشقق السكنية الفارغة التي تبحث عمن يستأجرها ولكن بأسعار مرتفعة.

وأشار إلى أن الارتفاع في الأسعار لن يصمد طويلا، فقد بدأت حركة تصحيحية في أسعار الإيجارات، ومن المتوقع أن تصل نسبة التراجع في الأسعار مع نهاية العام الحالي إلى 10 بالمائة، مشيرا إلى أن ملاك العقارات بنوا عقاراتهم بتكلفة مرتفعة وحسب أسعار الإيجارات التي كانت سائدة في العام الماضي، وبالتالي فإنهم يترددون كثيرا قبل تخفيض الإيجارات، مما يعني أن التراجع في الإيجارات سيكون تدريجيا.

ويؤكد خبراء عقاريون أن الارتفاعات التي شهدتها أسعار الأراضي في الفترة الأخيرة، تركزت على المناطق الشمالية التي لم يكن لها نصيب من الارتفاع السابق الذي شهدته أسعار الأراضي في العام الماضي، مشيرين إلى أن هذا الارتفاع جاء بسبب تحرك العديد من المستثمرين العقاريين نحو تلك المناطق لبناء مشاريع سكنية مستفيدين من الأسعار المغرية للأراضي، وزيادة الطلب على المساكن.

ويعتقد الخبراء أن المناطق الواقعة إلى الشمال من مدينة الدوحة سيكون لها مستقبل كبير في السنوات القليلة المقبلة، حيث أن شبكة الطرق التي تقوم الدولة بتنفيذها حاليا في مختلف المناطق والتي سوف تربط مدينة الدوحة بالمناطق المحيطة بها، إلى جانب طريق الـ "هاي وي" الذي يؤدي إلى بداية جسر المحبة المزمع إقامته بين قطر والبحرين، سوف تؤدي إلى تسهيل عملية المرور والتنقل بين الدوحة ومختلف المدن والمناطق الأخرى، مما سوف يكون له تأثير كبير على انتقال بعض الأسر إلى العيش في تلك المناطق، وان كانوا يعملون في الدوحة، حيث ستكون عملية تنقلهم من وإلى الدوحة سهلة وميسرة بوجود شبكة الطرق الحديثة، كما أن هذه الطرق سوف تنعش التعاملات العقارية في المناطق المحاذية لها.

وقفز سعر قدم الأرض في منطقة الدفنة من 200 ريال إلى 230 ريالا في الأراضي السكنية، ومن 1800 ريال إلى 2200 ريال في الأراضي التجارية، ويعتبر هذا الارتفاع لافتا حيث وصلت نسبته إلى 50% بالنسبة للأراضي التجارية، مما يفسر الإقبال الكبير على الأراضي التجارية في الدفنة، أما في منطقة السد، فلم تشهد الأسعار ارتفاعا ملحوظا، بل استقرت عند 7% ، في حين وصل الارتفاع في فريج بن محمود إلى 25% بالنسبة للأراضي التجارية بواقع 1000 ريال للقدم الواحد، كما بقيت أسعار الأراضي التجارية في شارع النصر عند مستوى 1200 ريال للقدم الواحد وبدون أي تغيير.

وحسب ما تشير إليه تقديرات شركة عقار للتطوير والاستثمار العقاري لأسعار الأراضي في قطر، فانه من اللافت للانتباه التغير الكبير في أسعار الأراضي في منطقة روضة الخيل حيث وصل سعر القدم المربع بالنسبة للأراضي التجارية من 1000 ريال إلى 1500 ريال بزيادة نسبتها 50%، وكانت الزيادة اقل بقليل في منطقة فريق عبد العزيز حيث وصلت إلى 40% بواقع 1200 ريال للقدم المربع.

وما زالت أسعار الأراضي التجارية في منطقتي الجسرة والأسواق هي الأعلى على الإطلاق، حيث ارتفع سعر القدم في كل من منطقة الأسواق والجسرة والنجادة من 2500 ريال في حده الأعلى إلى 3000 ريال بزيادة نسبتها 25%، فيما شهدت أسعار الأراضي السكنية في مناطق اللقطة، الدحيل، المطار القديم، الثمامة، مسيمير، الخليفات الجديدة، المعمورة، السودان، الوعب، مريخ، العزيزية، الغانم الجديد، المرة، معيذر، الريان الجديد، الريان القديم، الناصرية ، الغرافة، ازغوة، شمال الدحيل، الخريطيات، والوسيل، استقرارا واضحا، حيث لم تتجاوز الزيادة في أسعار الأراضي في هذه المناطق نسبة 10%.
وارتفعت أسعار الأراضي في المناطق الجنوبية مثل الوكرة، بنسبة 20%، حيث ارتفع سعر القدم المربع في الأراضي التجارية من 300 ريال إلى 350 ريالا، أما في الأراضي السكنية فكانت الزيادة من 95 ريالا إلى 110 ريالات.

لكن نصيب الأسد في الارتفاعات تركز على المناطق الشمالية مثل ام صلال علي وام صلال محمد، حيث ارتفع سعر القدم المربع فيهما بالنسبة للأراضي التجارية من 200 ريال إلى 300 ريال بنسبة زيادة 50%، وفي الأراضي السكنية من 60 ريالا إلى 70 ريالا بنسبة زيادة 16%، وارتفع سعر القدم المربع في ام عبيرية من 55 ريالا إلى 70 ريالا بنسبة زيادة مقدارها 33%، وكان نصيب الأراضي التجارية في الرويس هو الأوفر حظا في الزيادة، حيث ارتفع سعر القدم المربع من 70 ريالا إلى 100 ريال بزيادة نسبتها 42%، في حين بلغت الزيادة في الأراضي السكنية نحو 10 ريالات من 35 ريالا إلى 45 ريالا وبنسبة 28%.

وحسب الخبراء فان ارتفاع أسعار الأراضي له عدة مبررات، حيث أن الارتفاع يتم حسب الاستخدام وقيمة الإيجار في المنطقة وحسب إمكانية بناء الشقق والمكاتب ومستويات تأجيرها، فحاليا ما زال هنالك نقص في المباني الإدارية المرخصة للمكاتب، وهو الأمر الذي أسهم في ارتفاع أسعار مثل هذه المباني إلى جانب زيادة المشاريع الجديدة التي ما زال معظمها في طور البناء.

ورغم ذلك فان السوق العقاري حذر جدا في هذه الفترة، حيث يلاحظ من معادلة العرض والطلب أن الذين يعرضون عقاراتهم للبيع أو الإيجار يطلبون أسعارا مرتفعة وتزيد عن الأسعار الطبيعية للسوق، بينما الذين يطلبون مثل هذه العقارات سواء للشراء أو التأجير، يريدون الشراء بأسعار اقل من المعروض، ولذلك فان معادلة العرض والطلب ما زالت غير منضبطة، وهو الأمر الذي يخلق حالة عدم الاستقرار في التعاملات العقارية.

وينظر الخبراء إلى السوق العقاري بتفاؤل كبير في أن تستقر أسعار العقارات خصوصا الإيجارات السكنية خلال هذا العام، مشيرين إلى أن البلد يشهد حاليا حركة بناء واسعة، حيث ستكتمل العديد من المشاريع العقارية قريبا، مما يجعلنا نتنبأ بوفرة في العرض، وهو ما سيقود الأسعار إلى التراجع، لكنه يؤكد في ذات الوقت أن هذا التراجع لن يكون سريعا، بل سيأخذ فترة تتراوح بين عام وعامين.

وتساعد شبكة الطرق التي تقوم الدولة بتنفيذها حاليا في مختلف المناطق لتربط مدينة الدوحة بالمناطق المحيطة بها، على تسهيل عملية المرور والتنقل بين الدوحة ومختلف المدن والمناطق الأخرى، مما سيكون له تأثير كبير على انتقال بعض الأسر إلى العيش في تلك المناطق وان كانوا يعملون في الدوحة، حيث ستكون عملية تنقلهم من وإلى الدوحة سهلة وميسرة بوجود شبكة الطرق الحديثة، كما أن هذه الطرق سوف تنعش التعاملات العقارية في المناطق المحاذية لها.