جلفار: انتاج الأنسولين نقلة نوعية في مسار الشركة

تمكنت شركة الخليج للصناعات الدوائية " جلفار " من انتاج مادة الأنسولين من المواد الخام في مختبرات الشركة في رأس الخيمة من خلال التقنية الحيوية فيما سيبدأ الإنتاج التجريبي قبل نهاية العام والإنتاج التجاري العام المقبل.

وقال الدكتور ايمن ساحلي الرئيس التنفيذي لـ"جلفار" ان هذه الخطوة جعلت دولة الإمارات الدولة الرابعة على مستوى العالم في إنتاج هذه المادة .. واصفا هذا النجاح بالمهم والضروري للدخول في تقنيات صناعة الأدوية الإستراتيجية والرئيسية.

وأوضح ان " جلفار " كشركة وطنية تجاوز عمرها أكثر من ربع قرن نجحت في أن تحمل اسم الإمارات على عبوات دوائية بمواصفات جودة عالمية إلى أكثر من 45 بلدا حول العالم وهو ما يعزز موقع الإمارات المتميز على خريطة الصناعة العالمية.

وكشف الرئيس التنفيذي لشركة الخليج للصناعات الدوائية في حوار مع وكالة أنباء الامارات " وام " عن ان مادة خام الأنسولين تم إنتاجها في مصنع التقنية الحيوية الذي بلغت تكلفة إنشائه أكثر من نصف مليار درهم وفق المواصفات والمقاييس العالمية ..مشيرا الى ان طريقة تصنيع المادة تعتبر واحدة من أهم التقنيات المتطورة على مستوى العالم وهي عبارة عن طريقة بيولوجية لاستعمال خلايا حية في إنتاج الأنسولين.

وقال ان خطة "جلفار" في هذا المسار كان قد تم اجازته من قبل هيئة التصنيع الدوائي الأوروبي ويجري حاليا إخضاع انتاج الشركة من الأنسولين الخام للتجربة في ألمانيا .

وأكد الدكتور أيمن ساحلي ان الصناعة الدوائية في دولة الامارات باتت تحتل موقعا متميزا بفضل المكانة والسمعة التي تتمتع بها الدولة على مستوى العالم ..منوها الى ان شركة جلفار أسهمت على مدى أكثر من 25 عاما في تعزيز وتطوير هذه الصناعة بجودة عالية وتقنية متقدمة.

ولفت الى استفادة الشركة من اسم الامارات الذي اقترن بالتميز والإبداع وتفوقها التقني والرقابة الصارمة لمنتجاتها واحترامها للقوانين والمواثيق الدولية في شتى مجالات الصناعة ..مثمنا دور وزارة الصحة في حرصها على دعم الصناعة الدوائية انطلاقا من اهتمامها المشهود بضمان سلامة المجتمع من الأمراض إلى جانب مساعيها لتطبيق أعلى معايير الجودة في شتى القطاعات الصحية .

وقال " نحن مقتنعون بأن ما يصدر من قبل وزارة الصحة من قرارات وقوانين ينسجم مع المصلحة العامة وينعكس إيجابيا على مستحضراتنا في الأسواق الخارجية ونحرص على استمرار التعاون والتنسيق غير انه اكد على ضرورة مضاعفة دعم الوزارة ووقوفها بجانب جلفار في مشروع الأنسولين لانه يعد بمثابة نقلة نوعية في الصناعة المتطورة في دولة الامارات " .

وحول توجه "جلفار" لانتاج مثل هذه الأدوية أوضح ساحلي ان ظاهرة الأمراض المزمنة بدأت تزداد في السنوات الأخيرة وهي أمراض تحتاج الى نوعية معينة من الأدوية وباستمرار وفي حال انقطاعها فترة بسيطة قد تؤدي الى مضاعفات خطيرة لذلك أصبحت مثل هذه الأدوية أدوية إستراتيجية بالنسبة لمعظم الدول المتقدمة ومن هذا المنطلق قامت شركة الخليج ومنذ فترة طويلة بالبحث في إمكانية تصنيع أدوية مهمة ورئيسية فطرقت أبواب شركات عدة وبحثت في تفاصيل إنتاج مادة الأنسولين فعلى الرغم من انها تنتج منذ فترة طويلة الا ان تكنولوجيا تصنيعها بقت محصورة في عدد محدود من الشركات الى ان تمكنت الشركة بعد اكثر من 8 سنوات من البحث والمفاوضات مع شركات عالمية من إنتاج الأنسولين 100 في المائة من مواد الخام من خلال الفريق الفني لـ"جلفار" المكون من 40 شخصا .

وأوضح الرئيس التنفيذي لـ"جلفار" ان شركة جلفار ستنتج خلال العام المقبل ما يقارب 1500 كيلو جرام من مادة الخام للأنسولين سنويا تمكن الشركة من تصنيع ما يقارب 45 مليون حقنة أنسولين او حسب متطلبات السوق ..مشيرا الى ان الانتاج الفعلي سيبدأ قبل نهاية العام على يبدأ الإنتاج التجاري في العام المقبل .

وكشف عن عدة هيئات صحية إقليمية تتفاوض مع "جلفار" لتوفير مواد الخام بحيث يتم توفير هذا المنتج بشكل دائم ومستمر ..مؤكدا ان جلفار أصبحت من الشركات القليلة جدا حول العالم التي تمتلك هذه التقنية المتطورة للغاية في إنتاج الأنسولين بشكل كامل في مختبراتها .

وأكد ضرورة ان تمتلك دول المنطقة أدوات إنتاج الأدوية الرئيسية خاصة وان العالم يشهد بين الفينة والأخرى بعض الأزمات ..وأوضح في هذا المجال ان "جلفار" بدأت الدخول في إنتاج مثل هذه الادوية حيث شرعت بالأنسولين وستتبع هذه الخطوة بمشاريع اخرى في انتاج ادوية مهمة ..مشيرا الى ان "جلفار" تجاوزت مرحلة الادوية العادية وهي بالفعل بصدد التحول الى إنتاج الأدوية الرئيسية والإستراتيجية حيت سيتم بلورة أفكار حول تصنيع أدوية الكبد والفشل الكلوي وبعض أدوية أمراض السرطان حيث تتطلب هذه النوعية من الادوية تكلفة وجهد ووقت غير ان امتلاك مصنع التقنية الحيوية سيسهل لجلفار انجاز مشاريعها المستقبلية .

وأضاف انه تأكيدا لريادة الشركة في الصناعة الدوائية في منطقة الشرق الأوسط فان "جلفار" تعمل برؤية تأخذ بعين الاعتبار دوما الحرص على الابتكار والتطوير بصورة مستمرة وذلك بهدف جعل أدويتها التي تتمتع بثقة الكثيرين ومتوفرة بصورة دائمة ما يجعلها في متناول الجميع وفي اطار تلك المساعي الحثيثة تعمل "جلفار" الى جانب مشروع الأنسولين على تنفيذ مشروعين جديدين بمقرها في رأس الخيمة لزيادة الطاقة الإنتاجية الدوائية حيث من المقرر ان يكونا جاهزين للإنتاج قبل نهاية العام الجاري ..المشروع الاول وتبلغ كلفة إنشائه 65 مليون درهم متخصص في انتاج المراهم والكريمات ومن المنتظر ان تقفز بإنتاج الشركة من مستحضر "الميبو" الى 50 مليون عبوة سنويا وهي كمية تكفي لسد حاجة الاستهلاك في منطقة الشرق الأوسط .. أما المشروع الثاني فهو يمثل وحدة تصنيع الحقن وتبلغ كلفته 20 مليون درهم بينما تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 10 ملايين من نوع الحقن الصلبة و70 مليون للحقن السائلة علاوة على انه يوفر نوعية الحقن المستخدمة في أدوية التقنية الحيوية "الأنسولين والايبوتين" وذلك بطاقة تبلغ 65 حقنة سنويا .

وقال "ان التعاون والتكامل بين الدول العربية دون مستوى الطموح بسبب السياسات الخاصة لكل دولة فيما اتجهت شركات عالمية الي الاندماج والتكامل ..ونرى في الوطن العربي انتشار مصانع دوائية لا تلبي الحاجات الفعلية في انتاج الادوية الرئيسية بسبب عدم وجود استراتيجية حقيقة او رؤية واضحة لمستقبل هذه الصناعة ادى الى منافسة الشركات العربية بعضها لبعض ..مشيرا الى ان الاسواق العربية أسواق صغيرة مقارنة مع الاسواق الاوربية او الامريكية او حتى اسواق شرق اسيا ..فحاجة الشركات العربية الى التعاون والتكامل أكبر من غيرها لمواجهة المنافسة الشرسة للشركات الرائدة في هذا المجال لكن هذا الامر بالنسبة لـ"جلفار" قد لا يؤثر بالدرجة التي تتأثر فيها بقية الشركات الصغيرة وهنا لا بد للمعنيين بالأمر في العالم العربي ان ينتبهوا الى هذا الموضوع وان يدرسوه من كافة جوانبه حتى تكون هناك رؤية واضحة وإستراتيجية فعاله في مجال الصناعة الدوائية العربية".

وأوضح ان "جلفار" سعت وبفضل العلاقات الاقتصادية التي تجمع دولة الإمارات وبقية الدول العربية والإقليمية في هذا الاتجاه من خلال إقامة شراكات اقتصادية واستثمارية مع بعض الدول والتي كانت آخرها مع الجزائر حيث وقعت الشركة اتفاقية مع وزارة الصحة الجزائرية ممثلة في الصيدلة المركزية للمستشفيات بهدف انتاج المحاليل الطبية والحقن والتعاون في مجال الانسولين الى جانب الاستفادة من خبرات جلفار الواسعة في مجال استخدام التكنولوجيا والتقنية الحيوية لإنتاج أدوية مهمة .

وقال انه وفقا لاتفاقية الشراكة فإن عملية تنفيذ المشروع ستتم على مرحلتين بحيث تتضمن المرحلة الأولى تنفيذ جلفار مشروع شراكة يشمل انشاء مصنع دوائي متكامل على أرض الجزائر لإنتاج المحاليل الطبية والحقن الى جانب التعاون بشكل أوسع في مجال الانسولين وفي المرحلة الثانية من الاتفاقية ستتم اضافة المستحضرات من الأشكال الصلبة التي تنتجها جلفار وذلك لسد احتياجات السوق المحلي الجزائري.

واوضح ان لدى الشركة خطة في عمليات تطوير البحوث الحيوية والتطويرية ..مشيرا الى ان البحوث الاستكشافية تحتاج تكاتف عدة شركات وتحتاج دعم قوي للانطلاق الى البحوث الاستكشافية غير انه اكد ان دخول جلفار مجال التقنية الحيوية كان اشارة بارزة على الاهتمام البالغ الذي توليه لبرامج التطوير والبحث العلمي ومن أجل ذلك يتم تخصص جزء من الميزانية العامة للشركة لأغراض البحث العلمي والتطوير لمواكبة كل ما هو جديد ..وفي ذات السياق وقعت جلفار اتفاقات شراكة وتعاون مع عدد من الجامعات ومراكز البحث العالمية بهدف تطوير الصناعة الدوائية اضافة الى ذلك فان "جلفار" لديها أقسام متخصصة تعمل كلها لصالح البحث العلمي مثل قسم الشؤون الطبية والمتخصص بالابحاث الطبية والدراسات السريرية ودراسات التكافؤ الحيوي وفقا لأحدث البروتوكولات والتوجهات العالمية اضافة الى قسم مختبرات البحث والتطوير المجهزة بأحدث التقنيات والتجهيزات العلمية والتي تم اعدادها من قبل خبراء عالميين ومستشارين من منظمات وهيئات الصحة العالمية .

واضاف انه على الرغم من تمتع معظم الشركات بوجود حماية في بلدانها الا ان جلفار تمكنت بفضل جودة منتجاتها العالية الي ان تضع لها موقعا في اكثر من 45 بلدا حول العالم وان تسوق اكثر من 200 مستحضر طبي ..مؤكدا انه ليس هناك ما يقلق " جلفار " من منافسة الشركات الاخرى لأن قناعتنا بأن المكانة التي تتبوأها الشركة في الساحة الدوائية العالمية ليست موضع منافسة والأهم دور "جلفار" في أن تكون عاملا مساعدا على تطور الصناعة الدوائية في الدولة ومحفزا لنشأة المزيد من شركات الأدوية ونظرتنا إلى الشركات الشقيقة تندرج ضمن مفهوم الدور المكمل لدورنا سعيا لدفع جهود الصناعة الوطنية باتجاه المزيد من النجاح والتميز وهو ما من شأنه أن يعزز مكانة الدولة على خارطة صناعة الدواء في العالم.