الفليج: لن نفرِّط في ريادتنا.. هذه هي فلسفتنا دائماً وأبداً
في الكويت كفاءات مصرفية من الطراز الأول، كفاءات يزخر بها القطاع حضوراً وفعاليةً وتميّزاً لافتاً.. وصلاح الفليج من تلك الكفاءات، لا بل في مقدمها، كيف لا وهو الرئيس التنفيذي لأكبر بنك في البلاد؛ البنك الرائد على كل المستويات. يقول الفليج في حوار مع القبس إن فلسفة عمل البنك قائمة على عدم التفريط في ريادته للقطاع المصرفي.
يأخذك الحوار مع الفليج إلى مكان غير عادي؛ إذ هو يتجاوز الكلام العام والعلاقات العامة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، ويذهب بعيداً في نقاش صُلب الموضوعات الجوهرية. لا يتوسّع كثيراً في ذكر قوة البنك الوطني، فهي معروفة ومكرّسة، ولا أدنى شك فيها لديه؛ لذا يخوض في أجوبة عن أي أسئلة مهما كانت، لا سيما إذا تناولت الوضع الاقتصادي العام وشؤون القطاع المصرفي وشجونه.
للرجل رؤية محلية عميقة، لكنه أيضاً بأفق إقليمي وعالمي لا يستهان به؛ ففي أجوبته عن أسئلة القبس كلُّ الأبعاد الممكنة بعيداً عن أي زاوية ضيقة وأفق محدود.
لكن لانفتاحه الصحافي هذا حدوداً من نوع آخر، تلمسه عندما تنصت إليه، ويخبرك عن مقابلة له منذ سنوات طويلة جرَّت عليه انتقادات، كان في غنى عنها، ليس لأنه أخطأ في الاجابة، بل لأن النشر خالف الأصول، وخان أمانة النقل.
لذا؛ عندما يثق ويطمئن، تراه محدّثاً لبقاً بمنهجية نادرة، وتركيز لا مثيل له، ومهنية عالية في فهم كل شاردة وواردة مصرفياً واقتصادياً.
وعندما يجد محدّثه متابعاً جيداً يزيد اطمئنانه، فيشرح ويستفيض في الإضاءات الكاشفة على المحاور من دون استثناء، اللهم إلا السياسة؛ فعندما يصل الحوار إليها يبتسم ولا يخوض، ليس لأنه غير عالم بها، وهو ابن عائلة عريقة من عائلات الرعيل الأول الباني للكويت الحديثة، بل لأن السياسة هذه الأيام لا تسرّ خاطر أحد، خصوصاً عندما تخرج عن أطر الحوار البنّاء والنقاش الهادئ، فالصراخ لا يعنيه، ولا المهاترات.. إنه رجل عملي من رجال الاقتصاد الكويتي.
تطرّق الحوار مع الفليج إلى معظم القضايا الاقتصادية والمالية والمصرفية، وحتى التكنولوجية أيضاً، فإذا به يربط بينها في رؤية جامعة، تدل على انه ليس مصرفياً فحسب، بل هو قادر بجدارة على الرؤية الاقتصادية الإستراتيجية الشاملة. وفي ما يلي نص الحوار:
* كيف يمكن قراءة اتجاهات نمو القروض في عام 2019 وفقا للقطاعات المختلفة؟
- تسجل محفظة القروض لدينا نمواً جيداً ويمكن وصف هذا النمو بالمستقر خلال السنوات الماضية وهو يقارب %7 سنوياً، وتعد تلك المستويات أعلى من متوسط القطاع المصرفي ككل، ويمكن ملاحظة أن النمو القوي الذي تحققه محفظة القروض يشمل كل قطاعات الأعمال الرئيسية لدينا. وفيما يخص اتجاهات نمو الاقراض في العام الجاري فإننا نتوقع ارتفاعاً مماثلاً للأعوام السابقة، وسوف تتوزع مصادر ذلك النمو على مستوى كل قطاعات الاعمال المختلفة، فمن جهة إقراض الشركات نتوقع نمواً جيداً خلال 2019 بعد التحديات التي واجهت القطاع في 2018، وتمثلت في ارتفاع مستويات السيولة لدى الشركات وحدوث بعض التسويات غير المتوقعة، وعلى الرغم من ذلك نحتفظ بحصة سوقية تبلغ حوالي %70 تقريباً في سوق الشركات الأجنبية و%35 تقريباً في مجال التمويل التجاري بجانب دورنا كلاعب رئيسي لتعاملات مؤسسة البترول الكويتية والشركات التابعة لها، حيث نتواجد في معظم صفقات قطاع النفط والغاز المحلي.
وفيما يخص قطاع التجزئة نسجل مستويات نمو جيدة كما نتوقع الحفاظ على تلك المستويات في 2019 بفضل المواءمة مع متطلبات العملاء من خلال تحسين الخدمات الرقمية وتعزيز جهود استقطاب عملاء جدد والاحتفاظ بقاعدة العملاء الحاليين، كما نضع نصب أعيننا تأمين النمو المستقبلي من خلال التركيز على فئة الشباب، بما يساهم في الحفاظ على مكانتنا الريادية في السوق المحلية وكذلك من خلال تحديث وتحسين الخدمات المصرفية الرقمية عن طريق إطلاق خدمات جديدة وتطبيق معايير التحول الرقمي في فروعنا التقليدية.
الإقراض الشخصي
* هل تتوقع تسارع نمو الاقراض الشخصي بعد رفع سقف الاقتراض؟
- التوقعات حيال نمو الاقراض الشخصي تستند إلى شقين: الأول وهو القروض المقسطة أو السكنية وهي لم تشهد أي تغيير على الصعيد التنظيمي، والثاني الإقراض الاستهلاكي، وفيما يخص الأخير نتوقع أن نشهد الارتفاع الطبيعي المعهود لنمو القروض الاستهلاكية خاصة بعد التعافي الاستثنائي الذي تم تسجيله للقطاع المصرفي ككل وبلغت نسبته %10 للإقراض الاستهلاكي منذ إقرار البنك المركزي رفع سقف القروض الشخصية مع نهاية العام الماضي، حيث يرجع الفضل في هذا التعافي إلى المركزي الذي راعى في قراره العديد من العوامل المهمة مثل معدلات النمو السكاني والتضخم وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية والأجور والرواتب.
وبشكل عام، لا نتوقع ارتفاعاً يمكن اعتباره مؤثرا في الإقراض الاستهلاكي على خلفية رفع سقف إجمالي الاقتراض، وذلك يرجع إلى بقاء قيمة أقساط القروض الاستهلاكية والمقسطة التي يحصل عليها العميل في حدود لا تتخطى %40 من صافي الراتب الشهري لذلك يمكن القول إن شريحة أصحاب الدخل المرتفع ستكون الأكثر استفادة من رفع سقف الاقراض فضلاً عن كونها ليست الشريحة الأكبر من العملاء.
تسوية المديونيات
* كيف ينعكس ارتفاع وتيرة تسويات مديونيات كثير من الشركات على نمو الائتمان؟
- عام 2018 شهد بعض التحديات نظراً لارتفاع مستويات السيولة لدى الشركات، وحدوث بعض التسويات غير المتوقعة، لكن وبصفة عامة يعتمد جزء لا بأس به من نمو القروض اعتماداً شديداً على المشروعات التنموية الكبرى، فبعد التباطؤ الذي شهدته وتيرة ترسية المشروعات خلال العام الماضي نتوقع تعافي في عمليات الترسية في مختلف القطاعات في عام 2019 بما يعزز من فرص زيادة نمو القروض. لقد أثرت التسويات الأخيرة التي قامت بها بعض الشركات سلباً على نمو ائتمان الشركات بشكل عام، إذ إن البنوك تحتاج إلى مزيد من عمليات الاقراض الجديدة لتغطية تلك المبالغ، وزيادة النمو في صافي القروض.
كما ان التسويات وضعت ضغوطاً أيضاً على الربحية، حيث تحتاج البنوك إلى التركيز أكثر على إدارة العلاقات مع العملاء، لتتمكن من الاحتفاظ بعملائها والدفاع عن حصتها في السوق. من جهة أخرى، يتعين على البنوك خفض تكلفة ممارسة الأعمال التجارية حتى تتمكن من الاحتفاظ بعملائها حتى مع نشاط إقراض أقل، إذ يشكّل رضا العملاء جانبا مهما، ولهذا تقدم البنوك خدمات أخرى للعميل بجانب الإقراض.
تضاعف نمو الأرباح
* تضاعف معدل نمو أرباح القطاع من %9 الى أكثر من %18 في 2018.. فما تفسيركم؟
- لقد كان 2018 عاماً جيداً للغاية بالنسبة لربحية القطاع المصرفي الكويتي، حيث استفادت البنوك من عنصرين أساسيين: الأول يتمثل في نشاط جيد لحجم الإقراض، والثاني يتمثل في الاتجاه الصعودي لمسار الفائدة الذي ساعد في ارتفاع هوامش البنوك، وبالتالي زيادة ربحيتها، وكل ذلك جاء وسط بيئة مشجعة، حيث ظلت جودة الأصول مستقرة، بالإضافة إلى أن تكلفة ممارسة الأعمال التجارية لم تتعرض إلى ضغوط كبيرة.
وعلى الجانب الآخر، نرى أن الأمور ستتغير على نحو طفيف في عام 2019، حيث إن أحد أهم المحاور سيتلاشى تأثيره، إذ لا نتوقع استمراراً في مسار رفع أسعار الفائدة على مستوى العالم، الأمر الذي سينعكس على ثبات الهامش على المستوى المحلي، ولكن من ناحية أخرى نتوقع أن يكون لتطبيق المعيار الدولي للتقارير المالية 9 IFRS في عام 2018 تأثير إيجابي على ربحية البنوك في المستقبل، وذلك بفضل النهج المحافظ للبنك المركزي الكويتي تاريخياً في تجنيب المخصصات، حيث تشير توقعاتنا إلى ثبات في وتيرة تجنيب المخصصات إلى حد ما في المستقبل، الأمر الذي سيساعد في تحسن ربحية البنوك في المستقبل.
ارتفاع الفائدة
* مع ارتفاع الفائدة على الودائع بنحو 3 مرات في 2018.. كيف ترى تأثير إعادة تسعير الودائع ذات آجال الاستحقاق الطويلة؟
- القطاع المصرفي استفاد من زيادة سعر الخصم خلال عامي 2017 و2018، تمثلت في التحسن في صافي الهوامش لمعظم البنوك. ومع تثبيت أسعار الفائدة شهدنا خلال الربعين الثالث والرابع من عام 2018 أن بدأت بعض الضغوط على الهوامش، وذلك يمثل انعكاساً للآثار اللاحقة لإعادة تسعير الودائع ذات آجال الاستحقاق الطويلة، وبشكل عام ستكون هناك تحديات تواجه تحسن الهوامش خلال المرحلة المقبلة.
ومن الواضح أن التطورات الأخيرة للسياسات النقدية عالمياً وتحديداً الفدرالي الأميركي تكشف عن تلاشي مستويات الثقة بمواصلة مسار ارتفاع أسعار الفائدة، ومع فرضية عدم حدوث زيادة في معدلات الفائدة خلال 2019، فإن ذلك يعني إمكانية ثبات الهوامش على الأرجح عند نفس مستويات نهاية عام 2018، مع إمكانية تغيرها قليلاً وفق التغير في مزيج الأصول لدى كل بنك.
الودائع بالدينار
* إلى أي مدى يمكن للبنوك استيعاب جهود «المركزي» في تعزيز أسعار الفائدة على الودائع بالدينار مع تثبيت أسعار الفائدة على القروض؟
- كان جلياً، وخلال فترة تشديد السياسة النقدية عالمياً منذ نهاية عام 2015، نجاح «المركزي» الكويتي في المحافظة على استقرار الهامش بين أسعار الفائدة على الودائع بالدينار، وأسعار الفائدة على الودائع بالدولار، مع بقاء ذلك الهامش لمصلحة الودائع بالدينار. فخلال السنوات الماضية رأينا قدرة «المركزي» على تثبيت سعر تكلفة الاقراض في بعض الأوقات، بسبب تواضع معدلات النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، فيما واكب قرارات الفدرالي الأميركي برفع الفائدة في مرات أخرى، في حين أن «الفدرالي» رفع الفائدة 9 مرات منذ 2015، إلا أن المركزي قام برفع سعر الخصم محلياً 4 مرات فقط. وفي جميع المرّات التي ثبت فيها المركزي أسعار الفائدة رفع سعر إعادة الشراء «الريبو» وسندات وتورق البنك المركزي ونظام قبول الودائع لأجل من البنوك المحلية والتدخل المباشر لمواكبة التغيّر في أسعار الفائدة عالمياً.
وما يمكن التأكيد عليه هو أن السياسة الحصيفة التي ينتهجها «المركزي» نجحت في إرساء دعائم استقرار الدينار، وجعلته أكثر جاذبية كوعاء ادخاري، كما حافظت على تنافسيته مقابل العملات الأخرى، إذ يمتلك «المركزي» مرونة كبيرة في هذا الصدد بسبب ارتباط الدينار بسلة العملات، على عكس الدول الأخرى المرتبطة بالدولار التي تضطر الى اللحاق بالفدرالي.
مستويات السيولة
* في ظل ارتفاع مستويات السيولة.. هل تضاءلت المنافسة بين البنوك على استقطاب الودائع الجديدة؟
- تأثير ارتفاع معدلات السيولة في الجهاز المصرفي على معدلات النمو سيكون على المدى القصير فقط، لكن على المدى الطويل ستدعم هذه السيولة النمو في محفظة القروض، وكذلك إقراض المشاريع الحكومية ضمن خطط التنمية، التي نتوقع معها تعافياً كبيراً في وتيرة الترسيات لتلك المشاريع.
ويمكن التأكيد أن البنك المركزي يلعب دوراً حيوياً في امتصاص السيولة الفائضة في الجهاز المصرفي عبر الاصدارات المختلفة، ولا يمكن إغفال أن هناك ظروفاً مؤقتة تصاحب ارتفاع مستويات السيولة داخل الجهاز المصرفي، تتمثل في تأخر إقرار قانون الدين العام، الذي يساهم بشكل فعّال في إدارة وامتصاص هذه السيولة، وهناك مخاطر كبيرة جراء تأخر إقرار قانون الدين العام، تتمثل في استمرار تأكل الاحتياطي العام وتعرضه للنفاد بسبب استمرار السحب منه وتحميله العبء الأكبر من تمويل عجز الموازنة.
وبالتزامن مع ذلك لا يمكن اغفال أن تكلفة إصدار السندات في دول مجلس التعاون قد تراجعت خلال الفترة الماضية، ومثال على ذلك الاصدارات الأخيرة من قبل بعض دول المجلس، وهو ما يجعل الفرصة جيدة أمام الكويت من أجل اللجوء مجدداً إلى أسواق الدين العالمية، خاصة أنها تتمتع بوضع مالي قوي واحتياطيات مالية ضخمة، الأمر الذي يدعم حصولها على تكاليف اقتراض تنافسية للغاية بالمقارنة مع نظرائها الخليجيين.
ويمكن التأكيد أن التكلفة المترتبة على تسييل الاحتياطي العام من أجل تمويل عجز الموازنة ستكون أعلى من تكلفة اللجوء إلى أسواق الدين، لذلك هناك ضرورة ملحة لإقرار مجلس الأمة قانون الدين العام الذي انتهى أجله منذ قرابة العامين.
وفي ظل وضع السيولة المتزايد وعدم وجود قنوات كافية لامتصاصها تتراجع شهية البنوك في استقبال الودائع، ولكن أريد أن أؤكد أن البنوك لابد لها من الاخذ بعين الاعتبار أن الحفاظ على علاقات وثيقة وطويلة الأمد مع العملاء هو أهم الأولويات، فلا يمكن التعامل مع العملاء في ظل وفرة السيولة بمنطق لا نحتاج إلى ودائعكم، فلا يمكن أن تستمر مرحلة تخمة السيولة لفترات طويلة، ولابد في المرحلة المقبلة أن يكون هناك انتعاش وحركة دؤوبة في ترسية المشاريع، ومن ثم زيادة في نشاط الاقراض للقطاع الخاص.
ونحن في بنك الكويت الوطني لدينا نظرة مختلفة لموضوع فائض السيولة، فالبنك يعتبر هذا الفائض لفترة مؤقتة، فيما تعتمد فلسفة عملنا طريلة الأمد على تشجيع وتحفيز ثقافة الادخار والاستثمار وذلك عبر العديد من المنتجات التي نقدمها ومنها حسابات الودائع المختلفة التي تلبي كافة احتياجات العملاء، وكذلك الصناديق الاستثمارية هذا بجانب الخدمات التي يطلقها البنك بشكل دائم والتي كان آخرها خدمة «سمارث ويلث»
المخصصات 2019
* ما نظرتكم الى المخصصات في 2019 وفقاً للمعيار المحاسبي رقم 9؟
- بفضل النهج المُحافظ للبنك المركزي المتعلق بالمخصصات فلن يشكل IFRS 9 عبئًا على غالبية البنوك الكويتية بسبب المخصصات المتراكمة لديها التي ستحد من تأثير تطبيق هذا المعيار، فعند مقارنة القطاع المصرفي الكويتي مع الأسواق الأخرى فإنه مع تطبيق IFRS 9 في هذه الأسواق أحدث على الأغلب عجزاً بالمخصصات، وبالتالي صدمات سلبية لربحية النظام المصرفي في تلك الأسواق.
ونحن في «الوطني» أدرجنا المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية منذ فترة طويلة ضمن جدول أعمالنا، وتم حسم المسألة بنهاية العام الماضي بحيث يتم العمل بخسائر مخصصات الائتمان الأعلى من بين القيم الناتجة عن طريقتين لاحتسابها وهما طريقة احتساب المخصصات وفقاً للمعيار أو بناءً على توجيهات «المركزي» وأحكامه بهذا الخصوص. ونتوقع أن يسهم تطبيق المعيار على المدى الطويل في تراجع تدريجي بوتيرة تجنيب المخصصات وهو ما سينعكس إيجاباً على مستويات الربحية.
وفي ما يخص موازنة تكلفة المخاطر ستبقى من وجهة نظرنا تقديرية، حيث شهدنا تراجعاً في وتيرة تجنيب المخصصات في الربع الأخير من عام 2018 والربع الأول من 2019، ونأمل مزيدا من التراجع إجمالاً على مدار عام 2019. وتشكل النقطة المحورية في أن التغيير الذي طرأ على اتجاه تكلفة المخاطر بنهاية العام الماضي كان تطوراً محموداً، ونأمل أن يكون إشارة دالة على التحسن القادم مستقبلاً.
شطب الديون
* مرت اكثر من 10 سنوات على الأزمة ومازالت البنوك تشطب ديوناً.. إلى متى؟
- جاءت عملية شطب الديون في إطار التحضير لتطبيق المعيار الدولي لإعداد التقارير المالية IFRS9 حيث قامت غالبية البنوك بعملية تنظيف للمحفظة الائتمانية بما يعزز جهودها للتحضير تدريجياً لتطبيق المعيار، وفي إطار ذلك ومع تطبيقه العام الحالي تم استخدام المخصصات الاحترازية الزائدة على الاحتياج لتهيئة البيانات المالية لتطبيق المعيار بأسلوب أسهل وأكثر سلاسة، وكان ذلك هو الغرض من شطب الديون.
ويمكن القول إنه وبفضل النهج المُحافظ لـ«المركزي» المتعلق بالمخصصات لم يشكل IFRS 9 عبئًا على غالبية البنوك بسبب المخصصات المتراكمة لديها التي ستحد من تأثير تطبيق هذا المعيار.
إقراض الأفراد
* ما حصة «الوطني» من تمويل المشروعات الحكومية، وهل يؤثر ذلك في حصة إقراض الأفراد؟
- يقوم «الوطني» بدور رئيسي في دعم النمو الاقتصادي ومساندة جدول أعمال خطة التنمية الوطنية «رؤية الكويت 2035»، انطلاقاً من مكانتنا الريادية كالخيار الأول في تمويل المشروعات العامة والخاصة كما يتمثل دعمنا المباشر لنمو الاقتصاد الكويتي في مواصلة لعب دور حيوي في تمويل مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص وعلى الجانب الآخر، فإننا نؤمن بأن تمويل المشروعات الضخمة لن يؤثر في حصة تمويل الافراد بسبب عدد من المعطيات: الأول أهمها وفرة السيولة التي تسهم في تنويع القدرة على التوسُّع في التمويل على الجانبين، وثانياً أن من أهم الركائز الاستراتيجية للبنك هي الاهتمام بقطاع الأفراد عبر تبني التحول الرقمي، وهو ما يتمثل في الحلول المتطورة التي نقدمها عبر خدمة الوطني عبر الموبايل والإنترنت، والتي تستهدف فئة الشباب نظرا لارتفاع هذه الفئة ضمن التركيبة السكانية اذ تبلغ الفئة العمرية الاقل من 30 عاماً أكثر من %63 من إجمالي السكان.
صفقات كبيرة
* أعلنتم أن ربع صفقات التمويل الكبيرة محلياً لـ«الوطني».. هل ما زال بوسعكم زيادتها أكثر؟
- زيادة حصتنا في السوق تعد دائمًا هدفًا حتى لو كان يمثل ذلك تحديًا، فكما ذكرت سابقاً يعد «الوطني» اللاعب الرئيس وأكبر المستفيدين من الفرص التمويلية للمشروعات الحكومية بفضل حجم الميزانية العمومية للبنك وهيمنته الفعلية على السوق، وما ينفرد به من قدرات وخبرات مميزة.
وأؤكد أن فلسفة عمل البنك قائمة على عدم التفريط في ريادته للقطاع المصرفي، وفي سبيل ذلك نسعى دائماً لمزيد من النمو عن طريق زيادة حجم المعاملات في السوق المحلية عن طريق خدمة العملاء الحاليين والجدد على حد سواء، مع توقع الاستفادة من تدفق قوي لصفقات قطاع النفط والغاز، وفي هذا الإطار تبرز الميزة التنافسية للبنك بصورة أكثر وضوحاً، بالإضافة إلى المساهمة في المشروعات التنموية الكبرى، والتي تم تخصيص نفقات رأسمالية هائلة لها ضمن برنامج التنمية الاقتصادية للدولة.
الإنفاق الرأسمالي
* هل يشكل مسار النفط المتذبذب مصدر قلق لاستمرار وتيرة الإنفاق الرأسمالي؟
- يتمتع الاقتصاد الكويتي بمتانة كافية لمواجهة تذبذب أسعار النفط بفضل ما يمتلكه من مركز مالي قوي وثروة سيادية ضخمة، ولذلك أتوقع أن لا يتأثر الإنفاق الرأسمالي للحكومة في ظل الحاجة المتزايدة للإسراع بوتيرة ترسية المشروعات من أجل دفع عجلة النمو الاقتصادي.
وقد وصل الإنفاق الرأسمالي في الموازنة التقديرية للعام المالي الحالي 2019 – 2020 إلى 3.3 مليارات دينار، وهو ما يفوق التقديرات بموازنة العام الماضي، ما يشير إلى عزم الحكومة على مواصلة ترسية المشروعات التنموية، ويأتي ذلك على الرغم من التباطؤ النسبي الذي شهده إسناد المشاريع خلال عام 2018، إلا أن معدلات التنفيذ كانت تسير بوتيرة قوية، وهو ما يجعلنا نتوقع تسارع تلك الوتيرة خلال عام 2019.
مشروعات الشراكة
* كيف ترى التأخر في مشروعات الشراكة وعدم تنفيذ عدد كبير منها؟
- القطاع الخاص شريك استراتيجي مع الحكومة في جميع خطط التنمية المحلية واحدى ركائزها الأساسية، وقد أعلنت الحكومة عن استراتيجيتها نحو زيادة مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد وتفعيل أكبر لدوره في تنفيذ المشروعات التنموية العملاقة. ولكن في المقابل لا تزال برامج الخصخصة تعاني من بطء في التنفيذ، بالإضافة إلى غياب الزخم المأمول بوتيرة ترسية المشروعات، وكذلك تأخر تنفيذ مشروعات الشراكة، ونأمل في المقابل أن يحدث تغيير سريع في المشهد لمصلحة تولي القطاع الخاص دفة المشروعات الاقتصادية لما يمكن أن يحدثه ذلك من أثر ملموس في دفع عجلة النمو الاقتصادي في وقت قصير.
في الأغلب يعود التأخر في تنفيذ مشروعات الشراكة بين القطاعين إلى عدم مواءمة وتباطؤ بعض الأطر التشريعية واللوائح والإجراءات التنفيذية التي تحكم إطار ترسية وتنفيذ تلك المشروعات، وهو ما يحتاج لمراجعات تساعد على الإسراع بوتيرة تنفيذها، ولكني متفائل بإمكانية تسارع وتيرة تنفيذ تلك المشروعات في المستقبل القريب، وأرى أن هناك فرصة كبيرة لزيادة عددها في ظل طرح المزيد من المشروعات الضخمة ضمن تنفيذ رؤية «كويت جديدة 2035».
الدين العام
* كيف تتأثر البنوك بتأخر إقرار قانون الدين العام؟
- منذ انتهاء العمل بقانون الدين العام في أكتوبر 2017 تزامنت مجموعة من الظروف المصاحبة التي أدت إلى زيادة مستويات السيولة بالقطاع المصرفي الكويتي لما كان لأدوات الدين العام المستخدمة في تمويل عجز الموازنة من أثر فعال ومباشر في إدارة وامتصاص هذه السيولة. بالإضافة إلى ذلك فقد قامت الحكومة خلال تلك الفترة ومنذ انقضاء العمل بالقانون بسداد 1.8 مليار دينار للبنوك ما يمثل قيمة سندات استحقت السداد ليصل صافي رصيد أدوات الدين العام في الوقت الحالي إلى 3.2 مليارات دينار مقارنة برصيد بلغ نحو 5 مليارات دينار وقت انقضاء العمل بالقانون وهو ما زاد من السيولة بالقطاع.
وفي المقابل نجح «المركزي» في إدارة ملف تنامي السيولة بالقطاع المصرفي من خلال استخدام كل أدواته بفعالية لامتصاصها وتخفيف أثارها على القطاع من خلال إصدار سندات وودائع قصيرة الأجل، ولكن لا يمكنه ان يتحمل وحده القيام بهذا الدور لذلك تأتي أهمية قانون الدين العام وكذلك تبرز أهمية القانون للقطاع المصرفي ليس فقط في استيعاب السيولة ولكن لما تمثله عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل من مرجع أساسي في تسعير الودائع والقروض.
التحول الرقمي
* هل لك أن تطلعنا على تفاصيل عملية التحول الرقمي في «الوطني»؟
- استثمر «الوطني» جهداً كبيراً نحو التحوّل الرقمي خلال عام 2018، وذلك كأحد أهم العناصر التي ركّزنا على تحقيقها ضمن توجهنا الاستراتيجي لتنويع الخدمات التي نقدّمها وقد تم تتويج جهودنا خلال العام الماضي بالانتهاء من رسم خريطة طريق رقمية للبنك في إطار السعي لتحقيق هدفنا الاستراتيجي لنصبح بنكاً للمستقبل وبما يساعد في الحفاظ على ريادتنا للسوق الكويتية. كما أنه لدينا آلية احترافية لتنفيذ خريطة الطريق الرقمية للبنك والتي تعمل وفق مؤشرات واضحة لقياس الأداء وترتبط بشكل مباشر بالربحية وهو ما يسمح لنا بتقييم مستوى التقدّم الذي يتم إحرازه بشكل أكثر فعالية.
وفي ذلك الإطار نسعى لاستقطاب المزيد من الكوادر والخبرات المتميزة في مجال التكنولوجيا والمعلومات وإضافتها إلى فريق العمل بما يزيد من ثراء وتنويع هيكل قيادة رحلة التحول الرقمي، كما أن للتكنولوجيا مكانة راسخة في صدارة استراتيجية مجموعة الخدمات المصرفية الشخصية نظرا لارتفاع فئة الشباب ضمن التركيبة السكانية للكويت، وقد تمت ترجمة تلك المكانة من خلال تركيز اهتمامنا على برنامج الوطني عبر الموبايل، حيث أطلقنا 14 تحديثاً وخدمة جديدة خلال العام الماضي ومطلع العام الحالي والتي كان أبرزها خدمة الوطني لتعقب التحويلات عبر الحدود ليكون الوطني أول مؤسسة مصرفية في الكويت تطلق تلك الخدمة باستخدام حلول شركة «ريبل نت» التي توظف أحدث الوسائل التكنولوجية المبتكرة المعروفة بـ «الـبلوك تشين»، بالإضافة إلى ذلك قمنا بإطلاق خدمة المدفوعات الإلكترونية e-Payments وكذلك خدمة NBK Quick Pay لتوفير طريقة فورية لتحويل الأموال أو سداد الفواتير والمستحقات مهما كانت صغيرة.
وكذلك أطلق الذراع الاستثمارية للبنك ممثلة في الوطني للاستثمار خدمة Smart Wealth والتي تعد الحل الإلكتروني الأفضل للاستثمارات المالية طويلة الأجل في الكويت والمنطقة، حيث تمكن العملاء من امتلاك محفظة متنوعة من الأسهم العالمية، والسندات، والصناديق العقارية والسلع، من خلال صناديق الاستثمار المتداولة ETFs، وذلك اعتماداً على تكنولوجيا حديثة لتلبية احتياجاتهم الاستثمارية.
تحديات التحول
* ما التحديات التي تواجه عملية التحول الرقمي في البنك؟
- تتسم التكنولوجيا المصرفية بالتطور السريع والمستمر وفي ظل حرصنا على تقديم أحدث الخدمات والمنتجات لعملائنا يمثل تلبية احتياجات العملاء المتنوعة والمتغيرة أحد أبرز التحديات، وفي ذلك الاطار نسعد بارتفاع معدل رضا العملاء متخطيا أكثر من %96، وذلك بدعم من التحديثات والخدمات الجديدة التي نضيفها إلى برنامج الوطني عبر الموبايل.
وإلى جانب ذلك يأتي تحقيق أمن المعلومات والأمن السيبراني في أولوياتنا كأحد أبرز تحديات عملية التحول الرقمي التي نوليها اهتماماً كبيرا، وقد قام البنك مؤخراً بإتمام عملية تقييم الأمن السيبراني بالتعاون مع جهة مستقلة في ظل تطلعنا لتحسين خطوط دفاع البنك وآليات حمايته لنقدم لعملائنا أعلى مستويات الأمان وسعياً منا لتحقيق ذلك، قمنا بزيادة الميزانية المخصصة لمبادرات الأمن السيبراني بمعدل مرتفع من %3 قبل عامين إلى %10 من إجمالي الميزانية المخصصة لتقنية المعلومات.
التكنولوجيا المالية
* كيف يمكن للبنوك أن تحتضن شركات الـ Start – up خاصة في قطاع التكنولوجيا المالية؟
- تشهد المعاملات المالية والمدفوعات الإلكترونية تناميا كبيرا في الوقت الحالي، مما ادى إلى ظهور العديد من الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا المالية Fintech وهو ما كان يحتاج الى تنظيم يرسم المعالم الأساسية لعمل تلك الشركات في السوق.
وأشيد هنا بدور «المركزي» الذي تحرك سريعاً بإصداره تعليمات موجهة إلى مقدمي خدمات ونظم الدفع والتسوية الإلكترونية في سبتمبر الماضي بشأن تنظيم أعمال الدفع الإلكتروني للأموال، وقد أسند لبنك الكويت المركزي كامل صلاحيات الإشراف والرقابة على أعمال الدفع الإلكتروني للأموال، بالإضافة إلى صلاحية إصدار التعليمات الملزمة في هذا الشأن.
ونقوم في «الوطني» برعاية تلك الشركات وتقديم الدعم اللازم لها من خلال تدشين حاضنة تكنولوجية خاصة بالبنك لدعم المبادرات في مجال التكنولوجيا بشكل عام ورسم إطار لكيفية التعاون المشترك مع أصحاب تلك المبادرات، وذلك في ظل تصدر الاستثمار في التكنولوجيا بشكل عام والتكنولوجيا المالية على وجه التحديد قائمة أولوياتنا.
أرقام خيالية
* أسعار التطبيقات الإلكترونية بأرقام خيالية.. البعض يقول ان منافسة البنوك السبب؟
- يشهد العالم وليس الكويت على وجه التحديد العديد من صفقات الاستحواذ والاندماج، خاصة بين شركات التكنولوجيا المالية التي تمتلك تطبيقات تقدم خدمات لملايين العملاء والتي كان اخرها استحواذ شركة أوبر العالمية على الشركة المالكة لتطبيق كريم لخدمات النقل، ويعد تنامي الاعتماد على التطبيقات الالكترونية واتمام صفقات كبيرة في ذلك المجال بالكويت ميزة تنافسية للاقتصاد الكويتي الذي يسعى إلى تنويع مصادره وعدم الاعتماد على النفط.
وفي ما يخص شراء البنك تطبيقات إلكترونية، فقد أعلنت شركة الوطني للاستثمار التابعة للبنك عن تفاصيل صفقة للاستحواذ على نسبة حاكمة في الشركة المالكة لأحد التطبيقات منذ أشهر، وذلك عن طريق أحد الصناديق الاستثمارية التي تديرها الشركة فيما لم تكن للبنك علاقة بتلك الصفقة.
المنافسة المصرفية
* من خلال خبرتكم الطويلة.. كيف تصفون طبيعة المنافسة حالياً والأداء الرقابي؟
- تبقى التكنولوجيا والتحول الرقمي المضمار الرئيسي للمنافسة المصرفية، وذلك في ظل ما وصل إليه القطاع من نمو، ولهذا نسعى في «الوطني» إلى ترسيخ ريادتنا من خلال استراتيجية التحول الرقمي التي تستهدف تقديم أفضل الخدمات المصرفية المتميزة والأكثر تطوراً لعملائنا. فقد نجح القطاع المصرفي الكويتي في تخطي العديد من الأزمات التي تعرض لها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، مروراً بالتراجعات الحادة في أسعار النفط، بدءاً من النصف الثاني من 2014، ويرجع الفضل في ذلك إلى برنامج الإصلاح التنظيمي والرقابي الذي طبقه «المركزي» في السنوات الأخيرة، الذي ساهم بفعالية في تخطي البنوك لتلك الأزمات واستعدادها لتطبيق معايير بازل 3 وتفوقها من حيث قوة الرسملة وجودة الأصول على بقية بنوك المنطقة.
وتتجلى حصافة «المركزي» في تطبيقه للإصلاحات التنظيمية والرقابية كونها لم تكن صارمة بدرجة تحول دون الابتكار أو متساهلة بما يهدد استقرار النظام المصرفي، بالإضافة إلى اعتبار تلك الإصلاحات عملية مستمرة لا تتوقف، بحيث تضع المصارف في مأمن من أي مخاطر مستقبلية محتملة بدعم من المراجعة المستمرة لسياسات التحوط والمعايير الرقابية المعتمدة.
* كيف تقيم أداء البورصة وتوقعات تدفقات الاستثمار الأجنبي بعد الترقية؟
- نستطيع القول الآن إن المياه الراكدة بدأت تتحرك بعد سنوات كانت البورصة فيها خاملة على نحو كبير، وبدأنا نرى ثمار مجهودات هيئة الأسواق وشركة البورصة في تطوير الإطار التنظيمي للسوق، وهو ما ساهم بالنهاية في ترقية البورصة إلى سوق ناشئة ضمن مؤشر FTSE، بالإضافة إلى وضع البورصة على قائمة المراقبة لاحتمالات الترقية ضمن مؤشر MSCI. وعززت خطوات هيئة الأسواق والبورصة من استقطاب الاستثمار الأجنبي على نحو أكبر، خصوصاً أننا شهدنا انعكاس تلك الخطوات في الارتفاع الكبير الذي شهدته تدفقات للاستثمار الأجنبي خلال عام 2018 ببلوغها 331 مليون دينار، وهو ما يعادل المليار دولار أي بزيادة تتخطى %400 عن العام الذي سبقه، بجانب ارتفاع صافي عمليات شراء من قبل الأجانب خلال الربع الأول من العام إلى 216 مليون دينار. وفي اعتقادي أن ترقية البورصة ستشجع الخصخصة، وستشكّل على المدى المتوسط دافعاً لزيادة الطروحات الأولية والاندماجات والاستحواذات، وزيادة التركيز على تحسين عائدات المساهمين واستحداث أدوات جديدة في السوق مثل المشتقات، فضلاً عن تحسن شامل في بيئة الاستثمار بالكويت، عبر زيادة وجود الاستثمار المؤسسي، الأمر الذي يعزز ثقة المستثمرين في السوق، ويزيد مستوى الشفافية والحوكمة.
بوبيان ركيزة تنوع وميزة تنافسية
أكد الفليج أن استحواذ «الوطني» على نسبة حاكمة في بنك بوبيان في عام 2012 جاء ضمن رؤية ثاقبة لإدارة البنك، وتطبيقاً لاستراتيجية المجموعة للتنوع التي تستهدف تعدد مصادر الدخل والحفاظ على حصة مهيمنة في السوق المحلية، حيث يساهم بوبيان بقرابة %10 من صافي أرباح المجموعة، كما تمثل أصوله نحو %16 من إجمالي أصول المجموعة في 2018.
ويضيف لنا بنك بوبيان ميزة تنافسية في السوق المحلية من خلال تقديم المعاملات المصرفية بأنواعها المختلفة. ويساهم بنك بوبيان كذراع إسلامية للوطني في الحفاظ على وتيرة نمو أرباح البنك في ظل ما تشهده وتيرة المعاملات المصرفية الإسلامية من نمو، وذلك إضافة إلى كونه ركيزة أساسية ضمن استراتيجية البنك لتخفيف المخاطر وتنوع طبيعة الأنشطة ما بين التقليدية والإسلامية.
%70 من المعاملات اليومية تنجز إلكترونياً
قال الفليج: نجح البنك في انجاز حوالي %70 من جميع المعاملات المالية وغير المالية يومياً عبر القنوات الإلكترونية خارج فروع البنك فيما يعد انجازاً هائلاً من شأنه المساهمة في إعادة تصميم عمليات الفروع وتقديم أفضل مستويات خدمة العملاء.
أداء البورصة يدعم الضمانات
إن حالة الاستقرار التي تعيشها البورصة تدعم قيمة الضمانات لدى البنوك بشكل عام، وبالتالي تعطي طمأنينة لنسبة المخاطر الإجمالية لدى أي بنك.
ويضيف الفليج أن الضمانات تشكِّل مرحلة ثانوية في عملية منح الائتمان؛ فالأهم هو المقاييس التي يتم منح الائتمان على أساسها. فتمويل الشركات يعتمد على تقييم الجدارة الائتمانية للعميل، من خلال الكثير من المحددات؛ منها تحليل كمّي ونوعي للبيانات والقوائم المالية لتحديد تطور الأداء المالي، بالإضافة إلى تحليل التدفّقات النقدية وقراءة جودة الأصول وإنتاجيتها. وتكمن أهمية تحليل التدفّقات النقدية في كونها من أهم محدّدات منح الائتمان، وهي ما يمكن الاعتماد عليها في تقييم قدرة العميل على خدمة الأعباء التمويلية وخدمة الدَّين، في ظل سيناريوهات مختلفة، فضلا عن دراسة التدفّقات النقدية المستقبلية وإجراء الكثير من التحليلات حيالها.
كما أن البنوك تقوم بعمل اختبارات الضغط على القوائم المالية للعميل والهيكل التمويلي لقياس مدى تحمّل العميل الأعباء التمويلية، تحت أكثر من سيناريو، بالإضافة إلى إعداد توقّعات وتقدير التصنيف الائتماني في ضوء التوقّعات المستقبلية للشركة.
وتأتي الضمانات في المرحلة اللاحقة، وهنا بأريحية أؤكد أن محفظة الضمانات إجمالاً ومعدلات التغطية لدى بنك الكويت الوطني في مستويات مريحة للغاية، حتى في أسوأ الظروف التي وصلت إليها السوق، وهذا يعود إلى سياسة البنك الحصيفة والاحترازية في التحوّط وتجنيب المخصَّصات. أما في ما يخص النظرة الأكثر شمولية للضمانات، فهناك اختلاف كبير في سياسات إدارة المخاطر في كل بنك على حدة، وفي المجمل، وعلى مدى السنوات السبع الماضية تراجعت ضمانات الأسهم لدى القطاع المصرفي الكويتي إلى حوالي %19 من إجمالي الضمانات لدى البنوك، مقارنة بــ %40 في عام 2010، في حين يبلغ إجمالي القروض التي يقدمها القطاع المصرفي لشراء أوراق مالية 2.5 مليار دينار.
Fintech تعيد رسم خريطة البنوك
حول خريطة القطاع المصرفي للـ5 سنوات المقبلة قال الفليج: يشهد القطاع المصرفي منافسة شديدة في ظل محدودية حجم السوق، وأعتقد أن التطور التكنولوجي سيكون قاطرة التغيرات المستقبلية التي من الممكن أن يشهدها القطاع وذلك في ظل سعي كل البنوك إلى تقديم أفضل الخدمات والمنتجات المصرفية التي تلبي احتياجات العملاء المتنوعة والمتغيرة، وبذلك فإن ما سيحرزه كل بنك من تقدم في ذلك المجال سيحدد شكل التغيرات في الحصص السوقية والخدمات فيما بين البنوك الكويتية في المستقبل. كما ستساهم عوامل أخرى في رسم تلك الخريطة ومن بينها مدى التقدم الذي سوف يتم إحرازه في تطوير حلول الدفع والمشتريات الإلكترونية التي تعتمد على التكنولوجيا المالية Fintech التي تتمثل في تطبيقات الدفع الإلكترونية وغيرها، بالاضافة إلى الحلول الإلكترونية الخاصة بالدفع أيضاً، التي تقدمها بعض شركات الاتصالات.
تعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}