كيف بدأت رحلة إير بي إن بي؟ وكيف غيرت مفهوم خدمات الضيافة على مستوى العالم؟

تحولت "إير بي إن بي" إلى شركة عالمية بقيمة تجاوزت 60 مليار دولار في غضون قرابة 11 عاماً على تأسيسها، وغيرت مفهوم خدمات الضيافة والإقامة أثناء السفر على مستوى العالم بفضل استفادتها من الثورة التقنية في مطلع الألفية الجديدة.

 بداية الفكرة

بدأت فكرة "إير بي إن بي" في عام 2007 حين أدرك "بريان تشيسكي" و"جو جيبيا" زميلا الدراسة في كلية "رود" للتصميم الهندسي والصناعي أنهما بحاجة للمال لتغطية نفقات معيشتهما أثناء الدراسة، وأثناء حضور مؤتمر في سان فرانسيسكو، وجدا صعوبة في العثور على فندق للإقامة، ومن هنا جاءت لهما فكرة تأجير المنازل والشقق بنظام الليلة الواحدة.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

المرحلة الأولى

كان النموذج الأولي للمشروع هو تأجير المنزل أو الشقة لمدة ليلة واحدة مقابل 80 دولاراً تشمل وجبة إفطار، وقرر الزميلان إنشاء موقع إلكتروني تحت اسم "إير بد آند بريكفاست دوت كوم" لجذب عملائهما الأوائل، ونجحا في استضافة 3 أشخاص في بادئ الأمر.

تأسيس الشركة

وبعد النجاح الأولي للفكرة، دعا " تشيسكي" و"جيبيا" زميلهما السابق "ناثان بليتشارزيك" للتعاون معهما في تأسيس شركة بالمفهوم الكامل، وإنشاء منصة إلكترونية تساعد الباحثين عن أماكن للإقامة في التواصل مع أصحاب العقارات الراغبين في تأجيرها.

عقبة التمويل

حاول الشركاء الثلاثة جذب انتباه الإعلام عند إطلاق منصتهم من خلال المشاركة في المؤتمرات والفعاليات المختلفة، لكنهم فشلوا في ذلك ووجدوا أنفسهم مثقلين بالديون لعدم توليد إيرادات بعد، لذا اضطروا في عام 2008 بحلول الانتخابات الأمريكية لإنتاج إصدار محدود من علب حبوب الإفطار تحمل شعارات انتخابية مثل "أوباما أوز" و"إفطار التغيير"، وبيعها مقابل 40 دولاراً للواحدة.

ثمرة المغامرة

نجح الشركاء الثلاثة من خلال هذه المغامرة في جمع مبلغ 30 ألف دولار، والأهم من ذلك أنهم أصبحوا محل اهتمام من المؤسسات الإعلامية أثناء تغطية الانتخابات، ورغم عدم حصولهم على أي استثمارات بعد، دعاهم "باول جراهام" مؤسس "واي كومباينيتور" للاشتراك في أحد البرامج التابعة لشركته المتخصصة في دعم المشروعات الناشئة.

إعادة الهيكلة

قرر المؤسسون في مارس من عام 2009 اختصار اسم الشركة والموقع الإلكتروني "إير بي إن بي" ليصبح أكثر جاذبية، وإجراء زيارات للأماكن إقامة العملاء، وكتابة مراجعات لها على الموقع الإلكتروني، والتقاط صور احترافية للمنازل من الخارج والداخل لرفعها على الموقع.

أول خطوة على طريق النجاح

استطاع الشركاء من خلال البرنامج التابع لـ "واي كومباينيتور" تكوين شبكة علاقات قوية مع عملائهم، وحصلوا على تمويل أولي بقيمة 20 ألف دولار، وقرروا بعدها السفر إلى نيويورك حيث يتواجد جمهورهم المستهدف من العملاء، ومع إصرارهم على مواصلة العمل، وفي غضون شهر واحد فقط من الانتقال، حصلوا على تمويل بقيمة 600 ألف دولار من "سيكويا كابيتال".

وبعد مرور 4 سنوات عسيرة منذ التأسيس، تدفقت استثمارات بقيمة 112 مليون دولار إلى الشركة في عام 2011، وبلغ تقييمها آنذاك مليار دولار، وبحلول عام 2013، بلغ عدد الحجوزات التي تمت عبر موقع "إير بي إن بي" الإلكتروني وتطبيق الجوال 7 ملايين.

العقبات تتوالى

كان من أولى العقبات التي واجهت "إير بي إن بي" بعد توسع أعمالها هي شكاوى المضيفين من أن النزلاء يتركون المنازل في حالة سيئة بعد المغادرة، تغلبت الشركة على هذه المشكلة من خلال إعداد نظام تأمين للمضيفين بلغت قيمته مليون دولار عام 2012، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حاولت عدة مدن حظر خدمات الشركة وفرضت نظاماً يمنع تأجير العقار لهذا الغرض لأكثر 30 يوماً.

ولاء العملاء

ظلت "إير بي إن بي" حريصة على مواصلة أعمالها وحل أية مشكلات تظهر تباعاً، حتى أشارت دراسات أجريت عن نظام عمل الشركة أن عملاءها لم يرغبوا في الإقامة بالفنادق بعد تجربة خدماتها لأول مرة.

الأثر الإيجابي

كان لدى "إير بي إن بي" 34 مكتباً على مستوى العالم بحلول عام 2018، وأصبح لأعمالها أثر إيجابي على اقتصادات الدول التي تعمل بها من خلال إنفاق عملائها على خدمات المطاعم والمقاهي الموجودة في الأحياء التي يقيمون بها لفترات مؤقتة.

الطرح العام في البورصة

 طرحت "إير بي إن بي" أسهمها في البورصة الأمريكية عام 2020 وجمعت 25.9 مليون دولار عبر سلسلة من جولات التمويل، وأصبح إجمالي السيولة لديها 3.5 مليار دولار، لتُبرم في العام ذاته اتفاقات مع 400 حكومة محلية ودولية لأتمتة جمع ضرائب السياحة، وبحلول عام 2022، توسعت أعمال الشركة لتشمل أكثر من 220 دولة.

الخلاصة

"إير بي إن بي" رحلة نجاح لشركة تأسست بناء على فكرة بسيطة لإيجاد حل لمشكلة تواجه قطاعاً من الناس، وركزت على التعامل مع العقبات المتتالية التي واجهتها بطرق مبتكرة مع الحفاظ على جودة الخدمة المقدمة، وضمان حقوق أصحاب المنازل، مع الحرص على مواصلة إعادة هيكلة نموذج العمل إذا اقتضت الظروف ذلك.

المصدر: إندستري ليدرز ماجازين