ما العلاقة بين بناء ناطحات السحاب وركود الاقتصاد؟

قامت "أرقام" برصد تأثيرات المتغيرات الملازمة لتسارع بناء الأبراج وربط ذلك مع ضعفٍ للاقتصاد كما أشارت بعض الدراسات، حيث أوضح مؤشر ناطحات السحاب الذي يُصدره بنك "باركليز" تزامن تشييد ناطحات السحاب تاريخيًا مع بدايات الركود الاقتصادي.

10- دلائل على مر التاريخ

يمتلئ التاريخ بعشرات الأمثلة التي تُشير إلى ارتباط تشييد ناطحات السحاب بالأزمات المالية، وفيما يلي 10 أدلة على ذلك:

1- Equitable Life Building (1873)

تزامن بناء مبنى "Equitable Life" عام 1873 في مدينة نيويورك، مع الكساد الطويل والركود الاقتصادي وانهيار البنوك الذي شهدته الولايات المتحدة الأمريكية في الفترة بين 1873 و1878، وكان هذا المبنى هو أول ناطحة سحاب في العالم، ويبلغ ارتفاعه 43 مترًا.

2- أوديتوريوم (1889) ومبنى نيويورك العالمي 1890

اكتمل بناء "أوديتوريوم" أو صالة عرض شيكاغو عام 1889 بارتفاع يبلغ نحو 82 مترًا، بينما اكتمل بناء مبنى نيويورك العالمي عام 1890 بارتفاع يبلغ نحو 91 مترًا، وتزامن ذلك مع الأزمة المصرفية البريطانية عام 1890 والركود العالمي.

3- مبنى " Park Row" وقاعة مدينة فيلادلفيا (1901)

تزامن بناء مبنى "Park Row" الذي يبلغ ارتفاعه 119 مترًا، مع اكتمال تشييد مبنى قاعة مدينة فيلادلفيا، الذي بلغ ارتفاعه نحو 156 مترًا؛ مع الانهيار الأول لسوق الأسهم في بورصة نيويورك عام 1901.

5- مبنى سانجر، وبرج ميت لايف (1907)

في عام 1907، تم تشييد مبنى "سانجر" في نيويورك، البالغ ارتفاعه نحو 187 مترًا، ومبنى "متروبوليتان لايف" (الذي يبلغ ارتفاعه 213 مترًا)، وهو نفس العام الذي حدث فيه الذعر المصرفي الأمريكي واستمر حتى 1910.

والذعر المصرفي، هو أزمة مالية وقعت بعد انهيار بورصة نيويورك بصورة مفاجئة، فاقدة ما يقرب من 50 % من الحد الأقصى للقيمة المالية التي حققتها في العام السابق. وترجع هذه الأزمة إلى ما شهدته بنوك نيويورك من سحب للسيولة، وفقدان الثقة لدى المودعين، وعدم وجود صناديق ضمان للودائع.

6- ناطحة سحاب 40 وول ستريت (1929)، كرايسلر (1930)، مبنى إمباير ستيت (1931)

تزامن بناء المباني الثلاثة مع بداية الكساد العظيم. فالمبنى الأول الذي اكتمل بناؤه عام 1929، وصل ارتفاعه إلى نحو 283 مترًا، وتبعه بناء مبنى "كرايسلر" عام 1930، وبلغ ارتفاعه نحو 319 مترًا، بينما بلغ ارتفاع "إمباير ستيت" 381 مترًا. وتعتبر فترة الكساد العظيم أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين.

7- مبنى التجارة العالمي (1972-1973) وبرج سيرز (1974)

في عام 1973، اكتمل بناء برجيّ مركز التجارة العالمي، والذي بلغ ارتفاع أحدهما 417 مترًا، وبلغ ارتفاع الآخر 415 مترًا. وفي عام 1974 اكتمل بناء برج "سيرز" في مدينة شيكاغو بارتفاع 442 مترًا. وتزامن ذلك مع انهيار سوق الأوراق المالية في أمريكا في يناير 1973، والذي أثر على جميع أسواق الأوراق المالية الرئيسية في العالم خاصة إنجلترا.

وتزامن ذلك أيضًا مع انهيار نظام "بريتون وودز"، وارتفاع أسعار النفط، مما تسبب في أزمة اقتصادية وركود عالمي، والمضاربة في الأسهم والعقارات والسفن والطائرات.

8- برجا بتروناس التوأم (1997)

تزامن الانتهاء من تشييد "برجا بتروناس التوأم" (452 مترًا) في كوالالمبورعام 1997 مع الأزمة الاقتصادية الآسيوية، وانخفاض قيمة العملة، والمضاربة في الأسهم والعقارات، وقد استمرت الأزمة حتى عام 1998.

9- تايبيه 101 (1999)

بدأ بناء مركز تاييه المالي (509 أمتار) عام 1999، واكتمل بناؤه عام 2004، تزامن ذلك مع بداية "فقاعة الانترنت"، والركود عام 2000 واستمرارها حتى عام 2003.

10- برج خليفة

اكتمل بناء برج خليفة عام 2010، والذي بلغ ارتفاعه 828 مترًا، ليكون بذلك أطول ناطحة سحاب في العالم، إلا أن ذلك تزامن مع الركود الاقتصادي والأزمة المالية العالمية التي بدأت في سبتمبر عام 2008.

واعُتبرت هذه الأزمة الأسوأ من نوعها منذ زمن الكساد العظيم، وبدأت أولاً بالولايات المتحدة الأمريكية ثم امتدت إلى دول العالم  وتأثرت بها دول الخليج، والدول الأوروبية والدول الآسيوية، والدول النامية التي يرتبط اقتصادها مباشرة بالاقتصاد الأمريكي، وقد وصل عدد البنوك التي انهارت في الولايات المتحدة خلال 2008 إلى 19 بنكًا.

أبراج: "سكاي سيتي"،"المملكة"و"خور دبي"

ويقود هذا التاريخ الطويل من الارتباط بين الأزمات الاقتصادية العالمية وتشييد ناطحات السحاب إلى طرح سؤال عن المستقبل.

فمن المعروف أن الصين تضم 53% من مشروعات ناطحات السحاب الحالية في العالم، بما في ذلك مبنى "سكاي سيتي" خارج مدينة تشانغشا، والذي بدأ بناؤه في يوليو الماضي، ومن المتوقع أن يستغرق الانتهاء منه 7 أشهر، ليبلغ ارتفاعه حينها نحو 838 مترًا.

كما تنتظر السعودية تشييد واحدة من أطول ناطحات السحاب، وهو "برج المملكة"، الذي من المقرر أن يصل ارتفاعه 1008 أمتار حين يكتمل بناؤه عام 2019، بينما كشفت دبي قبل أيام عن بدء بناء ناطحة "خور دبي" التي ستتجاوز "برج خليفه" لتكون الأعلى عالميا مع افتتاحه عام 2020.

فهل يُنذر ذلك بأزمة مالية جديدة؟