قد يصبح الرئيس الأمريكي في مأزق إذا ثبت أنه طلب من مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي المقال "جيمس كومي" وقف التحقيق في العلاقة التي تربط مستشاره السابق للأمن القومي بموسكو، إذ يعد ذلك عرقلة للعدالة.
لكنها لا ترتقي أن تكون جريمة جنائية وفقًا للأدلة المتاحة حاليًا، رغم إشارة "كومي" في مذكرته حول طلب الرئيس الأمريكي، لذا يستبعد بشكل كبير أن يتم إدانة "ترامب" من قبل الادعاء العام، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
وهنا يبرز اختلاف جوهري يجب أن يعيه الأمريكيون، فالجرائم العليا تختلف عن الجرائم العادية لاتسامها بطابع سياسي، إذ عادة ما تتعلق بالفساد وسوء استخدام السلطة وتقويض القانون، ولا تحتاج لاستيفاء الشروط الفنية للجرائم التقليدية.
عرقلة العدالة
- ينص القانون الأمريكي على معاقبة كل من يضطلع بأعمال فساد سواء بالتهديد أو بالفعل أو بإرسال أي خطابات تحوي عبارات تهديد أو إجراء اتصالات من شأنها التأثير على مهام العدالة.
- غالبًا لا تنطبق هذه الحالة على واقعة "ترامب" و"كومي"، ومادامت المسألة الدستورية هامة فإنه يجب دائمًا تذكُّر أن مدير مكتب التحقيقات مثله مثل النائب العام وبقية أجهزة إنفاذ القانون الفيدرالي، جميعهم يعملون لصالح الرئيس.
- رغم وجود تقليد راسخ ومتبع لفصل التحقيقات عن متابعة الرئيس، وهو تقليد انتهك بشكل صارخ بعد طلب "ترامب"، إلا أنه لا يزال مجرد تقليد وليس شرطًا قانونيًا.
- من الناحية الدستورية يملك "ترامب" الحق في اقتراح إنهاء التحقيقات، وإذا أراد ذلك يمكنه أن يأمر به بكل بساطة، وليس عليه أن يستخدم سلطة العفو لوضع نهاية لتحقيق ما، فقط عليه أن يوجه مرؤوسيه.
- نظرًا للسلطة الدستورية للرئيس الأمريكي، يصعب القول بأن "ترامب" أفسد أو عرقل مهام العدالة، يضاف لذلك أن طبيعة الخدمة العامة والتاريخ الوظيفي عاملان ينظر إليهما لتحديد ما إذا كان سيتم توجيه التهم له.
التصرف الفاسد
- لا يقصد مما سبق أنه لا يمكن للرئيس الأمريكي اقتراف جريمة عرقلة سلطة العدالة، فالكذب على المحققين أو تضليلهم أو إخفاء أدلة ارتكاب جريمة ما، أفعال تندرج تحت بند جريمة العرقلة الفيدرالية.
- الحجة القانونية الموثوقة التي يمكن أن يعرضها المدعي العام في توجيه الاتهام إلى "ترامب" هي التصرف "الفاسد" إذ كان الهدف الحقيقي هو حماية نفسه وإدارته وليس منح "مايك فلين" استراحة استنادًا لسيرته وتاريخه الطيب.
- على سبيل المثال، لو كان الرئيس الأمريكي مدينًا بالفضل لزعيم عصابة إجرامية ما وطلب من مكتب التحقيقات الفيدرالية إنهاء التحقيق مع هذا الرجل، فسيعتبر هذا بمثابة فعل فاسد وإعاقة للعدالة.
- من غير الواضح كيفية التعرف على نية "ترامب"، إلا بوجود محادثات مسجلة تثبت قطعًا أنه يريد تأمين "فلين" حماية لنفسه فقط، ومن غير الواضح أيضًا إن كان القانون يعتبر هذا إنقاذًا من الإحراج.
- بذلك يكون ارتكاب "ترامب" لجريمة فيدرالية أمرًا مستبعدًا، ومن غير المرجح أيضًا أن يتم التحقيق معه على خلفية التقارير التي نشرت مؤخرًا.
الجريمة العليا
- استخدام منصب الرئيس في محاولة لإيقاف التحقيق مع مسؤول كبير ولاعب رئيسي في الحملة الانتخابية هو إساءة واضحة وسافرة لاستغلال السلطة، وهو أيضًا مثال جلي على تقويض سيادة القانون.
- هذا السلوك بالضبط هو ما كان يعتبر من قبل مؤسسي الولايات المتحدة "جريمة عليا" والتي تنعت بهذه الصفة لأن الرئيس لا يمكن أن يقوم بها إلا بحكم منصبه وسلطانه.
- من الناحية العملية، لا يبدو أن مجلس النواب ذا الأغلبية الجمهورية سيتخلى عن الرئيس، وأن أقل من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ سيصوتون لتوجيه الاتهام لـ"ترامب" وإبعاده من منصبه.
- لكن الحزب الديمقراطي يملك الآن ما يكفي من الأدوات للدعوة إلى إقالة "ترامب"، وحال نجحت جهوده سيكون بمقدور مجلس النواب توجيه الاتهام حتى لو لم يوافق مجلس الشيوخ على إدانة الرئيس.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}