بالنسبة لشخص يتجنب الأضواء، كان ظهور ملياردير الكيماويات البريطاني "جيم راتكليف" في وسائل الإعلام متزايدًا خلال الآونة الأخيرة، لا سيما بعدما توجته صحيفة "صنداي تايمز" في مايو/ أيار الماضي بلقب أغنى رجل في البلاد، لكنه أثار كثيرًا من اللغط والجدل عقب كشف تقارير إعلامية عن اتجاهه لمغادرة المملكة المتحدة من أجل العيش في موناكو، كونه كان داعمًا كبيرًا لحملة "بريكست"، بحسب تقرير لـ"بلومبرج".
ويعمل "راتكليف" على الدخول إلى عالم السيارات عبر تطوير سيارة دفع رباعي تخلف مركبة "لاند روفر دفيندر" التي توقفت "جاكور لاند روفر" عن تصنيعها عام 2014، علاوة على اقتناص مجموعة من الأصول المميزة، مثل صانع ملابس الدرجات النارية الشهير "بيلستاف"، وناد سويسري لكرة القدم ومتنزه للسفاري، كما أشارت تقارير إلى رغبته في شراء نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم.
لا شك أن "راتكليف" البالغ من العمر 65 عامًا يستطيع تحمل هذه المشاريع الطموحة، فقد حققت شركته "إنيوس" للمواد الكيميائية 6.6 مليار دولار من الأرباح -قبل خصم الضرائب والفوائد والإهلاكات ومخصصات استهلاك الدين- في عام 2017، بعدما سجلت مبيعات قدرها 60 مليار دولار، وذلك بفضل الطلب القوي والسيطرة الحكيمة على التكاليف.
ووفقًا لمؤشر "بلومبرج" للمليارديرات، تبلغ الثروة الصافية لـ"راتكليف" نحو 14.5 مليار دولار، بناءً على حصة قدرها 60% من الأسهم في "إنيوس" بالإضافة إلى مجموعة من اليخوت الفاخرة، لكن هذا الحساب قد يكون متحفظًا بعض الشيء بحسب "بلومبرج" نفسها، خاصة أن "صنداي تايمز" قدرت ثروته بحوالي 21.05 مليار جنيه إسترليني، وهو ما يعادل 26.73 مليار دولار.
على أي حال اشتهر "راتكليف" بالغموض وشخصيته المعقدة، تمامًا كشركته الأنجلو- سويسرية المحاطة بسياج من الانطوائية والتكتم، ومع ذلك، فإن الطريقة التي جعلته أغنى رجل في بريطانيا لم تعد سرية بعد الآن، أو على الأقل جزء كبير منها لم يعد كذلك.
لا غضاضة من البدء متأخرًا
- بدأ "راتكليف" الذي درس الهندسة الكيميائية (وعمل في وقت لاحق في مجال التمويل المغامر) كرائد أعمال في عام 1992 عندما كان يبلغ من العمر 40 عامًا، وأسس شركة "إنيوس قبل 20 عامًا فقط من الآن.
- توسعت أعماله عن طريق شراء الأصول البتروكيماوية غير المألوفة التي سعت شركات النفط والكيماويات الكبرى للتخلص منها، وعن طريق خفض التكاليف الثابتة، سرعان ما حقق معظمها الكثير من المال، ما سمح للرجل بإعادة تمويل القروض.
- واحدة من مواهب "راتكليف" الكبيرة هي إقناع البنوك بإقراضه مبالغ طائلة مقابل أصول "إنيوس" لاستخدامها في المزيد من الصفقات، التي كانت أهمها الاستحواذ على "إنوفين" للبتروكيماويات التابعة لـ"بي بي" مقابل 9 مليارات دولار عام 2005، حيث ساهمت هذه الصفقة في جعل "إنيوس" لاعبًا كبيرًا في قطاعها.
- لكن الأزمة المالية أظهرت مدى خطورة هذا الاقتراض، وانخفض الطلب على المواد الكيميائية في عام 2008، وتعثرت "إنيوس" وانهارت سنداتها الدولارية، ومع ذلك، رفض "راتكليف" أن يستسلم وظل يقاوم حتى عبر بالشركة إلى بر الأمان، بيد أنه ما زال يشعر إلى الآن بالاستياء إزاء الرسوم الإضافية التي كان عليه دفعها للمقرضين.
- يبدو أنه استوعب الدرس جيدًا، فقد بلغ صافي دين الشركة أكثر من 7 مليارات يورو أو حوالي 8 مليارات دولار في عام 2009، وهو ما يعادل 7 مرات حجم الأرباح قبل خصم الضرائب والفوائد والإهلاك ومخصصات استهلاك الدين، لكن ذلك انخفض إلى أقل من مرتين بنهاية عام 2017، وتمكنت الشركة من دفع نحو نصف مليار يورو (570 مليون دولار) من توزيعات الأرباح خلال العامين الماضيين.
الامتناع عن بيع الأسهم أو إدراجها في البورصة
- أدار "راتكليف" ذات مرة شركة عامة ("إنسبيك" التي باعها عام 1998) ومنذ ذلك الحين لا يبدو أن لديه النية في تكرار التجربة، فالأسواق العامة وفقًا لمعتقده، لا تقدر السلع الكيميائية الأساسية بشكل صحيح كما تميل إلى البيع باستمرار.
- يقول "راتكليف" إن بيع الأسهم هو غباء إذا لم يكن الشخص مضطرا لفعل ذلك، فمبجرد أن تذهب لن يمكنه استعادتها مرة أخرى، كما ينتقد كثيرًا محللي الأسهم ويعارض المديرين غير التنفيذيين.
- بجانب الملاك الثلاثة، لدى "إنيوس جروب هولدنجز" عضو واحد آخر في مجلس الإدارة، وتشير بعض وكالات الائتمان إلى هذا الأمر باعتباره مشكلة محتملة.
- تدار "إنيوس" من قبل فريق صغير مكون من 40 شخصًا في مقر الشركة في نايتسبريدج في لندن، ويعمل لديها ما يقرب من 20 ألف عامل في أكثر من 30 وحدة للكيماويات والنفط والغاز، وهو ما يجعل الشؤون المالية معقدة للغاية، لكن هذا التعقيد محبب كثيرًا بالنسبة لشخص مثل "راتكليف" بطبيعة الحال.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}