بأسعار رخيصة وتكنولوجيا منخفضة .. السيارات الصغيرة تفرض وجودها على السوق الصيني

في كل صباح تصطحب "لي شيشن" طفلتيها في في سيارتها الصغيرة لتوصل إحداهما إلى المدرسة، وعندما تجلس الإبنة الصغيرة على ساقيها تصبح سعة السيارة كافية، وفقاً لما ذكره تقرير لـ"وول ستريت جورنال".
 

وبينما تقود الأم التي يبلغ عمرها 36 عاماً في ساعة الذروة الصباحية، اكتشفت أن أعداد الناس الضخمة في المدينة التي يبلغ عدد سكانها حوالي نصف مليون نسمة وتبعد عن بكين بمائتي ميل تقود مركبات كهربائية ضعيفة وصغيرة الحجم على اعتبار أنها سيارات "حقيقية". وقالت "لي" إن السيارة آمنة، وإنها لا تسير بسرعة كافية لكنها غير خطيرة.
 

ويشكل التحول إلى شراء السيارات الكهربائية الصغيرة دفعة للصين لتتصدر سوق المركبات الكهربائية عالمياً، حيث بلغت مبيعات السيارات الصغيرة في الصين 1.75 مليون سيارة خلال العام الماضي بأكثر من ضعف مبيعات السيارات الكهربائية العادية التي بلغت 777 ألف سيارة، وفقاً لتقديرات التنفيذيين بالقطاع، وبيع معظمها في عدد من المقاطعات الريفية.
 

ويستمر نمو السوق بسرعة كبيرة في ظل وجود 400 مصنع صيني ينتج عدد لا نهائي من طُرز السيارات، وتلقت مصانع المركبات الكهربائية دعم مالي كبير من الحكومة.
 

مع ذلك، السيارات الكهربائية الصغيرة التي يفضلها الناس في الريف – لكونها رخيصة وبطيئة ولا تحتاج لتكنولوجيا عالية – ليست ما يفكر به سكان بكين، وحظرت بعض المدن الصينية بما فيها مناطق قرب "جيوتانغ" تلك السيارات بالكامل، لتشجيع المستهلكين على شراء السيارات الكهربائية كاملة الحجم.
 

لكن من الصعب تخيل أن يُطبق ذلك على "جيوتانغ" التي يعتبرها البعض عُقر دار المركبات الكهربائية منخفضة السرعة، وتقول مندوبة المبيعات لدى "دوجو" - إحدى شركات تصنيع المركبات الكهربائية المحلية – إن كل من شقيقتها ووالدها وهي وإحدى قريباتها يمتلك سيارة صغيرة، وأضافت: "كل عائلة هنا تقريباً تمتلك واحدة".

أسباب الإعتراض على السيارات الكهربائية الصغيرة
 

بينما يشكو المعارضون لتلك السيارات من أمرين أساسيين: أولهما استخدام بطاريات الرصاص الحمضي التي تضر بالبيئة، وعدم وجود نظام حماية من الحوادث.
 

وتتطلع الحكومة المركزية حالياً إلى فرض نظام من خلال تقنين السيارات الكهربائية منخفضة السرعة وعالية الكفاءة، وحظر الأخرى الرديئة، وحددت مسودة اللوائح في العام الماضي جودة السيارات الكهربائية الصغيرة بامتلاك سرعة قصوى تتراوح بين 25 و43 ميلاً في الساعة، مع وضع شروط للوزن والحجم، كما طالبت بتزويدها بنظام حماية ضد الحوادث واستخدام بطاريات الليثيوم.
 

من حيث الحجم، ينبغي أن تكون السيارة الكهربائية منخفضة السرعة أصغر من السيارة "سمارت" ذات المقعدين التي تنجتها "دايملر"، وتُباع سيارات "سمارت" التي تسير بسرعة أكثر من 95 ميلاً في الساعة بسعر 15 ألف دولار وبها مميزات متقدمة للحماية، في حين أن السيارات الكهربائية منخفضة السرعة يبدأ سعرها من ألف دولار وتفتقر أي ميزة للحماية ضد الحوادث.
 

لكن مسألة الأمان نسبية حيث يقول "تشاو دونجوي"، الذي يقيم بالقرب من جينان، أثناء شراءه سيارة جديدة في معرض المدينة السنوي للسيارات الكهربائية منخفضة السرعة في مارس/آذار، إن السيارة قطعاً أكثر أماناً من حمل أطفالك على دراجة بخارية لإيصالهم للمدرسة.
 

كما تتفوق السيارات الصغيرة على الأخرى كاملة الحجم بميزة أخرى، حيث قال رئيس مجلس إدارة "جيوجياكسنغ" لصناعة السيارات الصغيرة "ليو فايانغ": "أنت لا تحتاج لرخصة قيادة لتتمكن من قيادتها، وإذا كانت مهارات القيادة لديك ضعيفة، فلا هناك مشكلة كبيرة".
 

وباحتلالها مركزاً قانونياً وسطياً بين الدراجات البخارية والسيارات، يمكن قيادة السيارات الكهربائية الصغيرة على الطرق أو مسارات الدرجات لتبتعد عن الأزدحام المروري.
 

في الحقيقة، قيادة سيارة صغيرة في مسار الدراجات أكثر أماناً من قيادة دراجة عادية أو بخارية، لكن على طريق السيارات أمر مختلف؛ حيث تدفع السيارات كاملة الحجم والشاحنات بالسيارات الصغيرة على جانبي الطريق مستخدمين آلة التنيه والوميض لإفساح الطريق لهم.

هل تضع الشركات الصغيرة المحلية نظيرتها الكبرى في مأزق
 

يعتمد اقتصاد مدينة جيوتانغ على المقيمين بها، وتتكتل أكثر من عشر شركات منتجة للسيارات الكهربائية الصغيرة في مقاطعة شاندونغ التي كانت تعرف بإنتاج الورق وزيت الطعام حتى وقت قريب.
 

وتنتج شركة "جيوجياكسنغ" سيارات صغيرة لكافة الاحتياجات المختلفة، فهناك سيارة إطفاء مصغرة، وسيارة شرطة صغيرة، وأنواع عديدة من سيارات الركاب وتبدأ أسعارها من ألف دولار.
 

وبالنظر إلى مصانع الشركة غير المرفهة يتضح السبب وراء أسعار السيارات الزهيدة، حيث يأخذ العمال أجزاء السيارات من الصناديق الضخمة ثم يقومون بتجميعها يدوياً دون وجود روبوتات.
 

وبالتالي تواجه شركات صناعة السيارات الكربائية الكبيرة بالصين معضلة كيفية طرح سيارة مطابقة للمعايير دون حساب المستلك العادي في ثورة السيارات الكهربائية في البلاد، وبالتالي تتراجع الشركات الصينية الكبيرة عن إنتاجها، نظراً لاستثمارهم مليارات في السيارات الكهربائية الحقيقية.
 

وقال مؤسس شركة "هوندجي" لصناعة السيارات الصغيرة "وانغ شيهونغ": "نعلم أن الشركات الكبيرة تضغط علينا لأننا نقلل حصتهم السوقية"، مضيفاً أن تدمير شركات صناعة السيارات الكهربائية الصغيرة  سيكون غير عادل إلى حد كبير.
 

لكن يرى المسؤولون أن السيارات المصغرة بمثابة عودة إلى زمن التكنولوجيا المنخفضة ، وهي صورة تعجز الحكومة عن تغييرها، إضافة إلى أن تلك الصناعة تساهم قليلاً في تبديد صورة الصين كدولة تحمي العلامات التجارية الرديئة.