دخلت إمارة أبوظبي مرحلة الإنتاج الصناعي عالي التقنية، خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تعتبر عملية البدء بإنتاج أجزاء وهياكل أحدث الطائرات في العالم، بمدينة العين، واحدة من العلامات البارزة على طريق التحول التقني والمعرفي الذي تشهده دولة الإمارات عامة، وإمارة أبوظبي على وجه الخصوص.
وقال بدر العلماء، الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا»، المتخصصة في صناعة أجزاء وهياكل الطائرات التي تتخذ من مدينة العين مقراً لها، والمملوكة بالكامل لشركة مبادلة، إن الشركة تعمل على تأسيس قاعدة محلية للبحث والتطوير، تمكن الشركة من ابتكار وتطوير وتبني تقنيات جديدة، توفر لها ميزة تنافسية.
وأوضح أنه سيتم بناء مركز الابتكار وبحوث الطيران، بحلول نهاية العام الحالي، وسيقوم المركز بإجراء بحوث تركز على تطوير تقنيات صناعة أجزاء هياكل الطائرات باستخدام المواد المركبة عالية الأداء من الجيل القادم.
وسيتم التركيز في البداية على التقنيات المؤتمتة لتركيب قطع الألياف الكربونية وضخ الصمغ.
وأضاف: «تملك «ستراتا» أحدث التقنيات والتكنولوجيا المتوافرة في العالم في مجال عملها، وتقوم الشركة بتأهيل الكوادر المواطنة لإدارة هذه التكنولوجيا والتعامل معها، لتقديم منتجات منافسة ومتوافقة مع أفضل المعايير الدولية في قطاع صناعة مكونات الطائرات وأجزائها».
تصنيع هياكل الطائرات
وقال الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتا»، «يتم تصنيع أجزاء هياكل الطائرات عن طريق وضع طبقات من المواد، التي تبدو وكأنها قطعة قماش رقيقة لزجة، في قالب على شكل الجزء الذي يتم تصنيعه.
ويجب الحفاظ على القالب عند نقله من مكان إلى آخر، وتنظيفه، بالإضافة إلى تسخينه إلى 180 درجة مئوية وتبريده في كل مرة يتم استخدامه فيها، ما يتطلب تصميماً دقيقاً جداً، واختيار المواد بشكل يضمن أن ما يتم إنتاجه يتوافق مع المواصفات المطلوبة».
وأوضح أن متوسط عدد الطبقات التي يتم وضعها في القالب لتصنيع جزء معين يبلغ 150 طبقة من مختلف الأشكال والأحجام. وتصل المواد إلى «ستراتا» على شكل لفائف يتم تقطيعها بأشكال ملائمة لتصنيع أجزاء هياكل الطائرات، وإذا ما تم ذلك باستخدام اليد، فإنه يستغرق وقتاً طويلاً، لذلك تستخدم «ستراتا» آلة دقيقة للغاية يتحكم بها بواسطة الحاسوب لتقطيع اللفائف إلى قطع دقيقة جداً، وبسرعة عالية تقلص وقت العمل المستهلك من أيام عدة إلى بضع ساعات.
الطبقات
وتابع العلماء «يطلق على هذه القطع اسم الطبقات، ويجب أن يتم وضعها بدقة في القالب لضمان أن يمتلك الجزء المصنع القوة المطلوبة.
وتقوم بعض المصانع بقياس موقع القطعة على القالب ووضع علامة على مكانها في القالب، ولكن «ستراتا» تستخدم جهازاً بالأشعة الليزرية للمساعدة على معرفة مكان تركيب اللفائف في القالب. ويتيح هذا الجهاز للفني وضع اللفائف على القالب بدقة، وسرعة تمكنه من تقليص الوقت اللازم لصناعة الأجزاء».
ويتم تدريب فنيي الطيران في «ستراتا» بشكل معمق لفهم المواد والعمليات، ولمراعاة أدق تفاصيل عملية التصنيع مما يضمن جودة المنتجات. وعندما تقوم الشركة باستخدام تقنيات جديدة، يحتاج فنيوها إلى المزيد من التدريب المتقدم لإتقان هذه التقنيات واستخدامها.
وذكر العلماء أنه يتم تحويل المواد المركبة المتطورة التي تستخدم لصنع أجزاء هياكل الطائرات من الحالة المرنة اللينة إلى بنية قوية وقاسية في «ستراتا».
ويتم ذلك عن طريق تعريضها لحرارة وضغط مدروسين بعناية. وأوضح أنه بهدف القيام بذلك، تستخدم «ستراتا» فرن الأوتوكلاف، وهو فرن توضع فيه الأجزاء ويتم التحكم بالضغط والحرارة الذي يتعرض لهما الجزء بشكل دقيق وباستخدام جهاز حاسوبي.
وبعد خروج الجزء من الفرن، يتم تشذيبه ليكتسب شكله النهائي، كما يتم حفر الثقوب المطلوبة كافة لتثبيت القطع الإضافية فيه. ويجب أن يكون كل جزء من الأجزاء التي تصنعها «ستراتا» جاهزاً للتركيب مباشرة على الطائرة التي صنع لها.
وأضاف: «لهذا يجب أن يتم تشذيب وحفر الأجزاء بشكل دقيق للغاية. وللقيام بذلك، تستخدم «ستراتا» آلات تشذيب وحفر بخمسة محاور يتم التحكم بها بواسطة الحاسوب، وهي قادرة على التشذيب والقطع ثلاثي الأبعاد».
برمجة حاسوبية
وأوضح العلماء أنه يشرف على تشغيل الأجهزة فريق يستخدم البرمجة الحاسوبية المتقدمة لوضع البرامج اللازمة لتشغيل الآلات، بما يتوافق مع شكل الجزء المطلوب حفره.
وقال: «تتعرض الأجزاء إلى أضرار كبيرة لا يمكن إصلاحها إذا تم تشذيبها وحفرها بشكل غير صحيح، وتنتج هذه الأضرار عن ارتفاع درجة حرارة الجزء أو انكساره، ما يجعله غير صالح للاستعمال. فالحفر والتشذيب الخاطئ مماثل لاستخدام أداة حفر حادة تمزق الجزء بدلاً من أن تشذبه.
وبالتالي، تختار «ستراتا» نصل التشذيب والحفر بدقة متناهية لضمان تحقيق أعلى معايير الجودة، وإتمام العمل المطلوب في أقل وقت ممكن».
وأشار إلى أن الشركة تستورد الكثير من المواد التي تستخدمها في صناعة هياكل الطائرات التي تكون قبل معالجتها حساسة جداً للحرارة والرطوبة، وبالتالي يجب على الشركة التأكد من أنها قادرة على تتبع ظروف نقل هذه المواد.
ولفت العلماء إلى أنه هناك العديد من التقنيات المستخدمة في فحص الأجزاء المصنعة في «ستراتا»، مثل فحص الأبعاد الذي يستخدم للتأكد من أن الجزء المصنع منتج وفق الأبعاد المطلوبة.
ولا تستخدم الشركة المعدات التقليدية مثل أمتار القياس والمساطر، بل تستخدم أجهزة الليزر لقياس أبعاد الأجزاء الثلاثية بدقة تصل إلى 0,025 مليمتر.
ويتم استخدام البيانات التي تجمع من هذه الأجهزة في برامج أخرى لإجراء المزيد من عمليات التحليل عليها.
وأضاف: «تستخدم «ستراتا» تقنيات تمكنها من أتمتة عملية الفحص وتحليل النتائج، ومن هذه التقنيات، آلة الفحص بالموجات الصوتية ذات المحاور العشر التي تتحرك بعشر طرق مختلفة لتتمكن من فحص الأجزاء معقدة الشكل مثل الأسطح الخارجية لرفارف الأجنحة، إضافة إلى الفحص بالأشعة السينية للبحث عن العيوب التصنيعية داخل الأجزاء».
وقال: «بعد الانتهاء من جميع المراحل، يتم تجميع الأجزاء وتثبيت القطع الإضافية عليها وطلاؤها قبل أن يتم شحنها ليتم تركيبها على الطائرة».
طموحات مستقبلية
وأكد بدر العلماء أنه من أجل تلبية طموحاتها المستقبلية، تعمل «ستراتا» على تأسيس قاعدة محلية للبحث والتطوير، تمكن الشركة من ابتكار وتطوير وتبني تقنيات جديدة توفر لها ميزة تنافسية.
وفي هذا الصدد، تتعاون «ستراتا» مع شركة مبادلة للتنمية لإنشاء نظام بيئي متكامل للبحث والتطوير، وتنوي الشركة إنجاز بعض الأنشطة في هذا المجال خلال العام الحالي، منها تحديد قدرات البحث والتطوير في جامعات مختلفة في الإمارات وإقامة المشاريع البحثية، ويتمثل أحد هذه المشاريع في توقيع عقد بحث وتطوير مع معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا لتطوير تقنيات الفحص بالأشعة تحت الحمراء، كما أطلقت شركة مبادلة للتنمية وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا والأبحاث، مركز الابتكار وبحوث الطيران.
وأضاف أنه سيتم بناء هذا المرفق المتطور بحلول نهاية عام 2014. وسيقوم المركز بإجراء بحوث تركز على تطوير تقنيات صناعة أجزاء هياكل الطائرات باستخدام المواد المركبة عالية الأداء من الجيل القادم.
وسيتم التركيز في البداية على التقنيات المؤتمتة لتركيب قطع الألياف الكربوينة وضخ الصمغ، وستدعم «ستراتا» بشكل وثيق هذه البرامج.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}