البنك الأهلي الكويتي من المصارف التي تجاوزت الأزمة وأخذت منها دروسا قيّمةً، وقد عبر البنك الى بر الأمان بسهولة ويسر، اذ هو الآن في مأمن وفقاً لمؤشرات عدة، أبرزها أن نسبة القروض غير المنتظمة لا تتجاوز %2.35، اي انها بين الأدنى محليا واقليميا ودوليا، علما بأن التغطية بالمخصصات وصلت الى %250، اي انها بين الاعلى مقارنة بالمتوسط العام.
التقت القبس عبدالله السميط نائب رئيس المديرين العامين في البنك الاهلي، فوجدته مرتاح البال مطمئنا، لا يعكر صفو تفاؤله بمستقبل البنك شيء.
السميط من المصرفيين الوطنيين القلائل الذين يؤمنون بدور الصحافة وحرية حركتها الاعلامية والتنويرية، لذا تجده يفتح ابوابه «ويوسّع صدره»، مستعدا للاجابة والحوار بما استطاع من شفافية، وبما تسمح به المناخات الرقابية والسرية المصرفية.
إنه قارئ جيد جدا ومتابع لمجريات الأحداث وتطورها، لذا لا يتركك وحدك تسأل، بل يبادر بالسؤال باحثاً عن اجابات، لتبقى يده على نبض السوق العام.. هذا بكل جدية وبعيداً عن اي أقاويل وإشاعات
عبدالله السميط مريح جدا في تعامله، مُصغٍ الى أبعد حدود، دمث في تعاطيه الانساني والشخصي، فرغم ضيق وقته كأي مصرفي، تراه يمنحك من ذلك الوقت الثمين ما تحتاجه، مساهمة منه في زيادة الوعي المصرفي في الكويت.
وبالعودة الى «الاهلي»، يؤكد ان البنك حافظ على توزيع الارباح على مساهميه منذ 2009، اي انه لم يتأثر بالأزمة كغيره، وفي موازاة ذلك استمر في تجنيب المخصصات العامة والخاصة حتى بلغت 170 مليون دينار، ولا يفوته التذكير باهمية الاستمرار في تمويل الشركات، فالبنك متميز في هذا المجال برأيه، كما انه يقدم الافضل للافراد بخدمات ومنتجات وبطاقات ائتمانية متنوعة، كل ذلك مع تبسط الاجراءات وتحت شعار «البساطة والسرعة»، على الصعيد العام تركز الحوار ايضا على دروس الازمة التي أكد انها كثيرة، لكن ابرزها «7»، ومنها الابتعاد عن المضاربات وتحسين ادارة المخاطر وتطبيق الحوكمة والاعتماد على حجم التدفقات النقدية وليس الضمانات كأساس لمنح التسهيلات والقروض.
لا يفوت السميط التذكير بسوء اوضاع البورصة وعدم وجود مبادرات لدعمها، كما يسرد وبإسهاب ما على الحكومة فعله على الصعيد التنموي، علما بأنه يقر بأن عام 2014 شهد تحسّنا في الاداء
وفي ما يأتي نص الحوار:
* هل يمكن القول إن ميزانية البنك الأهلي باتت نظيفة؟
-كان للسياسة المتحفظة التي يتبعها البنك الأهلي الكويتي أبلغ الأثر لتخطي الأزمة الاقتصادية العالمية، ومع ذلك تم أخذ المخصصات الكافية لحماية ميزانية البنك. كما تعتبر نسبة القروض غير المنتظمة في البنك الأهلي الكويتي من النسب المتدنية جدا في القطاع المصرفي بشكل عام، حيث بلغت %2.35.
وعموماً، يعتبر البنك الأهلي الكويتي من أفضل البنوك التي صمدت في وجه الأزمة المالية العالمية التي عصفت وأثرت في معظم البنوك العالمية، وأثبت البنك قدرته على التحمل، ولم تؤثر الأزمة في قدرته على توزيع الأرباح على مساهميه منذ عام 2009.
* كم بلغ حجم المخصصات الإجمالي؟
-يصل حجم مخصصات البنك الإجمالي إلى حوالي 170 مليون د.ك.
* كم نسبة تغطية المخصصات؟
-لدينا تغطية بنسبة %250، وهذه النسبة تعتبر من أعلى النسب، سواء على المستوى المحلي أو الدولي. وتعطي البنك نوعاً من الأمان لمواجهة أي تداعيات، قد تؤثّر في مراكز العملاء أو تؤثّر في حجم أعمالهم الأساسية.
الحوكمة والمنافسة
* ما الذي يمكن قوله على صعيد تطبيق معايير الحوكمة، لا سيما العلاقة بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة؟
-لقد أكدت الأزمة المالية العالمية أهمية تطبيق مبادئ الحوكمة، حيث كشفت هذه الأزمة أن الإخفاق في تطبيق ممارسات الحوكمة السليمة كان من بين العوامل الرئيسية التي أدت إلى حدوث الأزمة المالية.
وقد قام بنك الكويت المركزي بإصدار تعليمات جديدة بشأن قواعد ونظم الحوكمة في البنوك الكويتية في شهر يونيو 2012، وألزمها بتطبيق تلك المبادئ اعتبارا من يونيو 2013. وقد تضمنت هذه التعليمات مجموعة من المحاور الأساسية لمعايير حوكمة البنوك ابتداء بأهمية الدور المنوط بمجالس الإدارة، حيث أكدت التعليمات على ضرورة اضطلاع مجلس الإدارة بكامل مسؤولياته تجاه البنك وتحمل جميع المسؤوليات المتعلقة بسلامته المالية، والحفاظ على مصالح المساهمين والمودعين والأطراف أصحاب المصالح. كما تضمنت التعليمات التأكيد على ترسيخ مبدأ استقلالية مجلس الإدارة من حيث التزام كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة بالقيام بدوره تجاه البنك وجميع مساهميه الآخرين مع الأخذ بعين الاعتبار حماية حقوق صغار المساهمين.
وقد حددت هذه التعليمات بشكل واضح مسؤولية مجالس الإدارة ومسؤولية الإدارة التنفيذية، ورسمت العلاقة بينهم، والتي ارتكزت على فصل المسؤوليات بينهم وعدم تداخلها.
* ما أدوات المنافسة التي يطورها «الأهلي» في سوق شديد التنافس بالخدمات والمنتجات؟
-يتميز البنك الأهلي الكويتي بتقديم خدمات مصرفية متميزة في قطاع تمويل الشركات منذ وقت طويل. كما يتمتع بتقديم أفضل الخدمات المصرفية في قطاع تمويل الأفراد. ونقوم دائما بتطوير منتجات جديدة، خصوصاً في الخدمات المصرفية المقدمة للأفراد مثل بطاقات الائتمان المتنوعة والمتعددة الأغراض وتقديم خدمات عبر شبكة فروعنا المنتشرة في الكويت وعبر تواجدنا في دولة الإمارات من خلال فرعينا في دبي وأبو ظبي.
ونحن نركز على تبسيط الإجراءات واختصار وقت التنفيذ للعمليات لتلبية حاجات العملاء بسرعة. والبساطة والسرعة هما رسالة البنك الأهلي الجديدة التي يدخل بها عصرا جديدا من الخدمات المصرفية.
دروس وعبر
* ماذا كانت دروس الأزمة برأيك على صعيد القطاع المصرفي؟
-من أهم الدروس التي استفادها القطاع المصرفي من الأزمة ما يلي:
1- من الضروري تقوية مراكز البنوك المالية من خلال تعزيز قواعدها الرأسمالية.
2- تحسين إدارات المخاطر وتعزيزها بموظفين محترفين من ذوي الخبرة وتطويرهم وتدريبهم على أحدث تقنيات إدارة المخاطر.
3- تطبيق معايير الحوكمة بحيث تتوافق مع المعايير الدولية والشفافية في تدفق المعلومات.
4- مراجعة السياسات لتعزيز سلامة المؤشرات المالية للبنوك ودعم دور الرقابة الداخلية لكل العمليات.
5- تنويع مجالات التمويل والاستثمار والابتعاد عن المضاربات.
6- الاعتماد على حجم التدفقات النقدية وليس الضمانات كأساس لمنح وسداد التسهيلات والقروض الممنوحة.
7- يجب تعزيز أجواء الثقة في الاقتصاد الوطني وتحفيز النمو الاقتصادي.
السوق المالي
* ما رأيك بأداء البورصة؟
-أداء سوق الكويت للأوراق المالية لم يكن حسب التوقعات، حيث انخفض المؤشر خلال 2014 بنسبة كبيرة متأثرا بالعوامل السياسية والاقتصادية السائدة في المنطقة. وتعتبر البورصة مرآة تعكس مدى قوة ومتانة الشركات المدرجة والتي هي بدورها تعتبر إحدى ركائز الاقتصاد الكويتي.. إلا أنه منذ الأزمة المالية العالمية في أواخر 2008 لم تساعد المبادرات التي قدمت على إيجاد حلول ناجعة وفاعلة بالشكل الذي يرتقي بالسوق ويعزز الثقة فيه ليحتل مكانته بالمقارنة مع بقية الأسواق الخليجية والتي شهدت دعماً حكومياً لا مثيل له خلال وبعد الأزمة المالية العالمية. ولم يتم تقديم أدوات مالية جديدة لتشجيع الاستثمارات وتعزيز السيولة لجذب المستثمرين، خصوصاً الأجانب لدخول السوق الكويتي، ولم يكن هنالك تنويع في الخيارات والفرص أمام المستثمر المحلي والقطاع الخاص. ومن الضروري أيضا إنشاء سوق لتداول السندات، وهذا الموضوع فكرته قديمة ولكن لم يتم اتخاذ أي خطوة حتى الآن لتنفيذه.
.. والعقاري
* ما رأيك بأداء السوق العقاري؟
-كان أداء سوق العقار في دولة الكويت في أفضل حالاته خلال عام 2014 رغم انخفاض أسعار النفط الذي بدأ خلال النصف الثاني من 2014. وواصلت الصفقات العقارية ارتفاعها من جديد، مما ساهم في رفع قيمة التداولات العقارية خلال عام 2014 إلى أعلى المستويات لتزيد على تلك التي شهدتها مبيعات السوق خلال الأعوام 2003 و2007. إلا أنه وخلال بداية 2015 شهدنا تراجعا للأسعار لبعض العقارات الخاصة بنسب متفاوتة، إلا أن أكبر تراجع كان في قطاع العقارات التجارية الاستثمارية ولكن بنسبة متفاوتة.
الأداء التنموي
* ما رأيك بالأداء التنموي للحكومة؟
-خلال 2014 تحسن الأداء الحالي بشكل ملحوظ وقياسا على السنوات السابقة، من الممكن ملاحظة ذلك في حجم الأعمال التي تمت مباشرتها.
وهناك الكثير من الإجراءات التي ستساعد على تحسين بيئة الاستثمار ونلاحظها فيما يلي:
1- تفاهم السلطتين التنفيذية والتشريعية سيكون له أثر إيجابي وإستراتيجي لتحويل الكويت لمركز مالي، وخلق بيئة وفرص عمل كبيرة للأجيال القادمة.
2- قيام الحكومة باتخاذ خطوات عديدة لتسهيل دخول رأس المال الأجنبي وما يتطلبها من تيسير الإجراءات اللازمة وتوفير التسهيلات المطلوبة وتأمين حماية الاستثمارات وفتح خطوط الائتمان للقطاع الخاص، مثل: زيادة رؤوس أموالها لتزداد قدرتها على الإقراض عموماً وعلى الإقراض بآجال متوسطة وطويلة الأجل على وجه الخصوص.
3- دعم البنوك لتشكيل تحالفات أو شركات فيما بينها، وبالتعاون مع مصارف خارجية لتعزيز قدرتها على تمويل المشاريع الكبيرة بالقروض المشتركة مجمّعة، والسماح بإصدار سندات ذات آجال طويلة نسبياً.
4- تعديل قانون البناء والتشغيل والتحويل B.O.T ليكون أكثر واقعية لجذب المستثمرين مع الاحتياجات الفعلية، وبالتالي، تسهيل إقراض هذه المشاريع.
5- تيسير وتقصير الدورة المستندية لترسيه المشاريع، بما في ذلك تيسير صرف الدفعات بما يسهل تمويل هذه المشاريع، ويخفض حجم احتياجاتها للتمويل النقدي.
6- وضع معايير وشروط واضحة تسمح بإعطاء أولويات للمقاولين الذين لديهم تاريخ جيد في تنفيذ مشاريعهم السابقة والتزامهم بشروط العقد وحسن التنفيذ، بالإضافة إلى حصولهم على الموافقات المصرفية المسبقة لتمويل مشاريعهم.
7- إيجاد نظام يسمح، ضمن معايير واضحة، بتعويض المقاولين في حالة ارتفاع أسعار المواد الإنشائية بأكثر من نسبة محددة، وخاصة عندما تمتد الفترة الفاصلة بين طرح المناقصة لحين الموافقة على ترسيتها على المقاول الفائز.
8- تغيير نمط طريقة ترسية المناقصات الكبيرة بحيث لا تكون الترسية على أساس أرخص الأسعار ولكن على أساس القدرة على التنفيذ والخبرة السابقة ووجود الإدارة الفعالة لإدارة المشروع وتنفيذه خلال المدة المطلوبة.
خاتمة
أعتقد أنه إذا ما تحسنت الظروف السياسية والاقتصادية فسوف يساعد ذلك على نمو الاقتصاد الكويتي ولا بد للحكومة أن تساهم في دفع عجلة الاقتصاد عن طريق البدء بتنفيذ مشاريع التنمية وتسهيل الإجراءات والقيود التي من شأنها أن تنعكس إيجابا على أوضاع الاقتصاد بشكل عام وتساهم في دعم النمو.
وصفة تنموية
1- تسهيل دخول رأس المال الأجنبي
2- تعديل جملة قوانين أبرزها الــ B.O.T
3- الأولوية للمقاولين أصحاب التاريخ الجيد
4- تسريع وتبسيط إجراءات الطرح والترسية
5- الابتعاد عن قاعدة اعتماد أقل الأسعار
6- تعويض المقاولين في حال ارتفاع الأسعار
7- دعم التحالفات المصرفية لتمويل المشاريع
8- السماح بإصدار سندات ذات آجال طويلة
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}