أعد مجلس دبي الاقتصادي ورقة عمل حول الشراكة بين القطاعين العام والخاص من حيث مفهومها ومزاياها الاقتصادية وأهم الممارسات العالمية وأهميتها لاقتصاد دبي وآفاق المستقبل.
وتشير الورقة إلى أن مفهوم الشراكة يعد آخر ارهاصات الفكر الاقتصادي العالمي في مجال السياسة العامة وتحديدا في مجال صناعة الخدمات العامة والتي تسهر حكومات جميع دول العالم على تقديمها لافراد المجتمع سعيا منها لاشباع حاجاتهم منها والعمل على رفع معدلات الرفاه الاقتصادي والاجتماعي.
ونشأ نهج الشراكة بين القطاعين على أثر " ثنائية الفشل " التي شهدتها النظم الاقتصادية المتعاقبة في العالم الرأسمالي خلال القرنين الماضيين " فشل الحكومة " في القيام بوظائفها المعهودة من تنظيم ورقابة وتحفيز وفشل مقابل هو " فشل السوق" والذي تجسد بفشل القطاع الخاص في اشباع حاجات الافراد وتوفير سوق متوازنة ومستدامة ومستقرة.
وتدلل الورقة بسلسلة الازمات الاقتصادية التي عصفت بالاقتصاد العالمي والتي اثرت بغير حدود على برامج الدول وبالتالي على رفاهية الافراد وجودة الحياة .
وعلى نحو محدد لم تفتأ العديد من دول العالم المتقدمة والنامية على حد سواء تعاني من اختناقات بيئية مثل تقادم الطرق والجسور وتراجع كفاءة وجودة الخدمات العامة والتلوث وغيرها.
وأبرزت الورقة اهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص بوصفه أداة فاعلة لاصلاح الخلل الذي أصيبت به مختلف النظم الاقتصادية في العالم والتي تأتي بسبب أهمال القطاع الخاص وعدم تسخير امكانياته كما ينبغي أو انها اهتمت به على حساب الدور الحيوي للدولة في تنظيم الاقتصاد وضمان استقراره.
وتوضح الورقة أنه رغم أن العالم المتقدم سبق غيره بالولوج في طريق الشراكة بين القطاعين ووضعه في سلم أولوياته وكما هو الحال في استراليا وكندا وبريطانيا والولايات المتحدة واليابان يلاحظ ان هذا المفهوم أخذ ينتشر خلال السنوات الأخيرة على مساحة واسعة من العالم ليشمل الدول الناشئة أيضا خاصة مجموعة البريكس " البرازيل روسيا الهند الصين جنوب أفريقيا " إضافة الى عشرات الدول النامية في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.
وتشير التقارير الدولية الى ان حجم وعدد مشاريع الشراكة قد شهد نموا متصاعدا خلال العقدين الماضيين ومما ساهم في إذكاء هذا التوجه هو التغيرات الحاصلة في الانظمة الاقتصادية وفي الفكر الاقتصادي لدى الكثير من دول العالم نحو تعظيم مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشاريع الكبيرة وتوظيف طاقاته وامكاناته وروح المغامرة لديه.
وتستأثر القارة الأوروبية وبعض دول آسيا بالحصة الاكبر من مشاريع الشراكة التي تم تنفيذها خلال السنوات الماضية تأتي بعدها دول امريكا اللاتينية وأمريكا الشمالية .
وطبقا لتقارير البنك الدولي فان هناك 134 دولة نامية تساهم بحوالي 15-20بالمائة من اجمالي الاستثمارات العالمية في البنية التحتية وأصبحت اسواقا للشراكة وتشير الأرقام إلى أن القطاع الخاص قام بتمويل قرابة 20 بالمائة من البنية التحتية بما يقارب 850 مليار دولار في الدول الناشئة والنامية.
أما بخصوص التوزيع القطاعي لمشاريع الشراكة يشكل قطاع النقل الحصة الأكبر 51 بالمائة بقيمة 55 مليار دولار وبمعدل نمو بلغ 40 بالمائة خلال السنوات الستة الماضية يليه الطاقة ومن ثم الخدمات البلدية كالمياه وتصريفها.
كما تشير الورقة الى أن هناك مزايا وفوائد عدة لمشاريع الشراكة شجعت العديد من حكومات دول العالم على تبنيها والتخلي تدريجيا عن عقود التعهيد التقليدية تأتي في مقدمتها ما يمكن أن تسهم به الشراكة في تنفيذ مشاريع مبتكرة ومتميزة بوصفها ترتكز على خبرة وامكانات القطاع الخاص سواء أكانت تقنية أو مالية أو ادارية والتي قد يفتقرها القطاع العام.
وتهدف الشراكة في المقام الأول الى تحسين جودة الخدمات العامة بطرائق أكثر رشادة وكفاءة من التعهيد التقليدي وتلبية الحاجات المتزايدة على هذه الخدمات نتيجة للنمو السكاني الكبير وخاصة في المدن الكبيرة اضافة الى العمل على ترميم البنية التحتية القائمة وتطويرها وتحسينها بصورة مستمرة.
وتشير التقارير الى اهتمام دول مجلس التعاون الخليجي بمفهوم الشراكة بين القطاعين واعتماد بعضها على هذا المفهوم لتنفيذ العديد من مشاريعها التنموية الضخمة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}