نبض أرقام
23:17
توقيت مكة المكرمة

2024/07/25

لماذا يستمر الجدل حول صفقة شراء "ماركة" لـ"ريم البوادي"؟

2018/11/25 أرقام - خاص

تعود صفقة شراء شركة "ماركة" لمطاعم "ريم البوادي" لإثارة الجدل مجددا حولها، مع حلول موعد تاريخي للشركة سيتم فيه تحديد مصيرها وكيفية إنقاذها، أو تصفيتها وإنهائها، يوم الخميس القادم موعد العمومية البديلة.

عندما أُدرجت شركة "ماركة" في سوق دبي المالي بعد اكتتاب عام في منتصف 2014، كانت نموذجا لمساعي إدراج شركات تجزئة وتجارة في السوق المشبع بشركات العقار والتأمين والبنوك دون التجارة، التي كانت ولا زالت عمود اقتصاد دبي.

إلا أن الشركة حديثة التأسيس لم تنجح في الاستفادة المثلى من قطاع التجزئة والتجارة القوي في دبي، وتم إيقاف التداول على أسهمها قبل عدة أشهر.

واعتمدت "ماركة" سياسة الاستحواذ على شركات ومحلات علامات تجارية في الداخل والخارج، وكان على رأسها صفقة ريم البوادي، ولم تتبنى مفهوم اسمها وتبني علامتها التجارية (ماركتها) بنفسها من الأموال التي جمعتها، وتنشئ متاجر ومطاعم خاصة بها.

وكان استحواذ "ماركة" على مجموعة مطاعم ومقاهي "ريم البوادي" في مايو 2015 بمبلغ 315 مليون درهم، مفاجأة قوية للمساهمين والمتابعين والأوساط الاستثمارية والتجارية.

وأبرز ما يلفت بهذه الصفقة أن قيمتها تشكّل 63 % من رأس مال "ماركة" البالغ 500 مليون درهم، وتفوق هذه القيمة النسبة المطروحة من رأس المال للاكتتاب والبالغة 275 مليون درهم، وكأن ريم البوادي هي من تم طرحها للاكتتاب تقريبا.

وعند إبرام الصفقة في مايو 2015، كانت "ريم البوادي" تمتلك وتدير 4 فروع في دبي، إضافة إلى 3 اتفاقيات امتياز (في كل من دبي وجدة، وباكستان، بواقع فرع واحد لكل منها).

وبعد إبرام الصفقة مباشرة وفي شهر مايو 2015، قال العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس إدارة الشركة حينها "خالد المهيري"، في بيان نشره سوق دبي عن نقاش دار مع مستثمري الشركة حول الصفقة والشركة وتوسعاتها، إن إدارة الشركة لا تعلّق على تقييم صفقة بعينها، (رغم أن الحوار المنشور كان مع مستثمري الشركة الذين يهمهم تقييم الصفقة بعينها)، ولكنها تتبع سياسة توجيهية خاصة بعمليات الاستحواذ التي تقوم بها ليبقى نطاق التقييم ضمن 6 – 8 أضعاف من الأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين EBITDA، حيث تعتمد على هذا النطاق في معظم عمليات الاستحواذ التي تبرمها.

وردًّا على سؤال مفاده: "إذا أخذنا معدل هذا النطاق، فستكون نتيجة الأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين لريم البوادي ما يقارب 45 مليون درهم، هل هذا صحيح؟"، أجاب نائب رئيس مجلس الإدارة بتأكيد هذا الرقم بشكل تقريبي، إذ قال: "لا يمكننا الخوض في تفاصيل هذه الصفقة! ولكن هذا الرقم قريب جداً من الرقم الفعلي لريم البوادي من حيث الأرباح قبل الفوائد والضريبة والاستهلاك وإطفاء الدين. ويجب أن يؤخذ بالحسبان أن التقييم لا يأخذ بعين الاعتبار التوسع المقرر لريم البوادي في دولة الإمارات وفي أرجاء المنطقة على نطاق أوسع".

وبالنظر إلى قيمة الاستحواذ فإن مساهمين ومحللين قالوا إن القيمة عالية جدا، ومبالغ بها بشكل كبير، إذ بلغ متوسط تكلفة الاستحواذ على الفرع الواحد من الأفرع السبعة 50 مليون درهم (مع غض النظر عن أن 3 أفرع منها هي امتياز وليست ملكية كاملة)، وهي قيمة مرتفعة جدا لشركة مطاعم ومقاهٍ لها 7 أفرع فقط ولو كانت شهيرة.

وتوقّع نائب رئيس مجلس الإدارة في حواره المشار إليه، نمو الأرباح بمعدل يفوق 25% سنوياً خلال السنوات التالية للاستحواذ، بعد عملية توسع تشمل افتتاح 4 فروع و3 امتيازات جديدة.

وعلى ما يبدو لم تجر الأمور كما هو مأمول في صفقة ريم البوادي، فقد تم افتتاح أفرع جديدة عدة في السنوات التالية فعلا، لكن شركة "ماركة" واصلت تسجيل خسائر فصلية ربعاً تلو الآخر، حتى وقعت في أزمة تراكم خسائرها وارتفاع مديونيتها، وتبحث الآن عن حل لها.

وعادة ما تواجه المطاعم ومحلات التجزئة منافسة شرسة لا سيما في دول الخليج ودبي، حيث تنتشر المطاعم بشكل كبير وتتزايد بسرعة، وتتنافس فيما بينها، وقد لا تفي الشهرة والسمعة بالدفاع عن الاسم في جميع الأحوال وبشكل مطلق، مع كثرة البدائل والمنافسين، لا سيما إذا كانت تلك المطاعم الموجهة لفئة من الناس والجنسيات أكثر من البقية (العرب في حالة ريم البوادي).

كما أن عوامل أخرى واجهتها ريم البوادي ومنها التباطؤ الاقتصادي عموما وفرض ضريبة القيمة المضافة على المستهلكين، وتشريع الضريبة الانتقائية التي فُرضت بنسبة 100 % على الدخان بأنواعه والذي كان تحديا بالنسبة إلى ريم البوادي أيضا، إذ أن جزءاً مهما من أعمالها وشهرتها يدور حول تقديم "الشيشة".

ويقول بعض المساهمين في تعليقات لهم على الصفقة، إن قيمة الصفقة المرتفعة كان من الممكن أن يتم توجيهها لصفقات أخرى عقارية، أو تجارية أو غيرها، أو إنشاء شركة مطاعم خاصة بتكلفة قد لا تصل إلى نصف تكلفة الاستحواذ على ريم البوادي.

وأكد رئيس مجلس إدارة الشركة الحالي "خالد بن كلبان" أن هذه الصفقة خاسرة، ولم تحقق ربحاً، رغم تصريحه في نفس الوقت بأنها ليست مشكلة "ماركة" إنما مشكلتها في أسعار الصفقات المرتفعة، مع العلم أنها كانت الأعلى سعراً من بين الصفقات.

وعليه لم تحقق "ماركة" 45 مليون درهم من ريم البوادي كما توقعت حين الاستحواذ عليها، ولا حتى نصف هذا المبلغ الذي بُنيت عليه دراسة الاستحواذ عليها، ويبدو أنها لم تحقق أي ربح منها بل خسائر متتالية، ساهمت في ارتفاع الخسائر المتراكمة لشركة "ماركة" إلى 497.72 مليون درهم وبنسبة 99.54 % من رأس المال، لتمسح رأس المال بشكل شبه كلي.

وقد تم شراء "ريم البوادي" من "أيمن عبد الجابر" حسبما يظهر من إعلان الشركة، وهو الرئيس التنفيذي ومؤسس ريم البوادي، وتم الإعلان وقتها عن انضمامه إلى "ماركة للضيافة" بصفة استشارية.

وتولت "باين تري كابيتال Pine Tree Capital" تنسيق واتمام تلك الصفقة، وهي الشركة الاستشارية الخاصة بريم البوادي.

وقامت الشركة بعدة صفقات منذ تأسيسها وإدراجها، وليس فقط "ريم البوادي" ويبدو أن معظم تلك الصفقات غير رابحة، بل شكّلت عبئا على الشركة، فعلى سبيل المثال بلغت القيمة الإجمالية للصفقات المبرمة حتى منتصف عام 2015 بعد الاستحواذ على ريم البوادي، 565 مليون درهم، وقد تم تمويل هذه العمليات بالاعتماد على التمويل المصرفي بصورة رئيسية، وفق خالد المهيري العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس الإدارة حينها.

وفي أكتوبر الماضي أكدت هيئة الأوراق المالية أنها تجري تحقيقات بشأن التصرفات والصفقات التي تمت خلال فترة مجلس الإدارة السابق، وذلك تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها في حال ثبوت مخالفات، وقالت إنه سيتم الإفصاح عن نتائج التحقيقات التي تجريها بهذا الشأن بعد اكتمال التحقيق النافي للجهالة الذي تجريه شركة تدقيق عالمية، ولم يتم الإعلان عن أي شيء بهذا الخصوص حتى الآن.

وستناقش الجمعية العمومية لـ"ماركة" الخميس القادم، تخفيض رأس المال بنسبة 90 % ومن ثم زيادته إلى 250 مليون درهم، فعمومية الشركة أمامها إقرار استمرار الشركة وخفض رأس المال، أو عدم الموافقة على بنود الجمعية العمومية وشطب الشركة، وفق رئيس مجلس إدارتها.

وكانت عمومية الشركة كلفت خلال اجتماعها في 30 أبريل الماضي بيت خبرة عالميًّا مستقلًا بالنظر في الاستحواذات والتخارجات الخاصة بالصفقات السابقة قبل مايو 2017 وعرض التقرير المستقل على مجلس الإدارة والمساهمين.

الأمر المثير للتساؤل في تصريحات رئيس مجلس إدارة الشركة "خالد بن كلبان" الأخيرة لـ"الإمارات اليوم"، هو نفيه أن تكون "ريم البوادي" مشكلة الشركة الرئيسية، وتصريحه عن الاتجاه نحو إبرام صفقات جديدة بعد تخفيض رأس المال وزيادته، وهو ما يستدعي من المساهمين التعرّف بشكل أوضح على جميع الخطط والتفاصيل السابقة والقادمة حول جميع الصفقات.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة