هل شعرت يومًا أنك "محاصر" من جانب الإنترنت، فعليه تخطط لحياتك المستقبلية، ولنزهتك، ولعملك، وفيه تجد كما كبيرا من المعلومات التي يغرقك، حتى ولم تكن مهتمًا بما يُعرض عليك، وبه آلاف الإعلانات و"المغريات" التي تزيد حياتك صعوبة وتعقيدًا.
الرفض هو المفتاح
حسنًا، الكاتبة الأمريكية "جيني أوديل" حاولت تقديم حل لهذه المعضلة من خلال كتابها "كيف تمتنع عن عمل أي شيء: مقاومة اقتصاد الاهتمام" والذي تقدم فيه رؤية فلسفية حول كيفية مقاومة حصار الإنترنت لمختلف مناحي حياتنا المعاصرة.
وتضع "أوديل" "الرفض" كمفتاح أساسي من أجل تجنب تأثير الاقتصاد الذي يسعى للاستئثار بالاهتمام من أجل حصد الأرباح، مشيرة إلى أن هؤلاء الذين يقضون أقل من ساعة يوميًا على الإنترنت يشترون سلع الرفاهية بنسبة أقل بـ70% من هؤلاء الذين يقضون 3 ساعات على الشبكة العنكبوتية.
بل تقل نسبة هؤلاء الذين يعانون من "ديون كبيرة" (أي تلك التي تفوق دخلهم في 3 أشهر) بين هؤلاء الذين يقضون أقل من ساعة على الإنترنت بنسبة 40% عن هؤلاء الذين يقضون أوقاتًا طويلة، بما يؤكد تأثير الإنترنت السلبي على القرارات الشرائية للمستهلكين بشكل عام.
ويكون المفتاح هنا بممارسة ما تصفه "أوديل" بـ"ضبط النفس" و"رفض التنميط" بمعنى أن قيام المحيطين بنا بتصفح الإنترنت بشكل مكثف لا يجبرنا بالضرورة على ذلك، بل يمكننا وضع "برنامج حياة" خاص بنا يستغل أوقات الفراغ في الطبيعة وليس على الإنترنت.
رضا أكبر
وتزداد السعادة بشكل استثنائي بين هؤلاء الذين يقضون أوقاتًا أطول مع الطبيعة، حيث تشير دراسة إلى أن 80% من الذين يقضون أوقاتًا أطول في حياتهم الطبيعية عنها في تصفح الإنترنت يعربون عن درجة عالية من الرضا وتقل النسبة إلى 35% بين هؤلاء الذين يقضون أوقاتًا طويلة على الإنترنت.
فالمكوث لفترات طويلة على الإنترنت، وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعي، يقوم بتغيير أولويات الإنفاق لدى المستهلك، بما يخلق عليه ضغوطًا متزايدة لكي يصبح "مثل غيره" بمعنى أن يقتني نفس الأجهزة ونفس السيارة والمنزل بما يشجع المنتجين بطبيعة الحال لكنه يضغط على المستهلكين.
ووفقًا لـ"أوديل" فإن الأمر سهل للغاية، فإما أن تقضي أوقاتك وتنفق مالك في تصفح الإنترنت، الذي أثبتت كافة الإحصاءات التي عرضتها أنه يزيد من الضغوط النفسية أو تستغل الوقت والمال لتنمية الذات والشعور بإشباع حقيقي من خلال ممارسة "أنشطة حقيقية".
وتضرب الكاتبة مثلًا بنفسها، حيث تمكنت من زيادة إنتاجيتها وثروتها بعد اهتمامها بعدد من الهوايات المرتبطة بالطبيعة، وذكرت منها مراقبة الطيور والرسم في الطبيعة، حيث جعلها هذا تشعر باسترخاء أكبر واستطاعت تأليف كتب وساهمت بدرجة أكبر في أعمال تطوعية واستشارات إدارية للشركات بما أثرى حياتها ماديًا ومعنويًا.
إبقاؤك مرتبط
فالاقتصاد يعتمد على جذب اهتمام المستهلك بصورة كبيرة من خلال الإنترنت، حيث 20% من المواد التي يتعرض لها المستهلك على الإنترنت إما "إعلانية" أو ذات طبيعة ترويجية لمنتجات، وبالتالي يسعى المنتجون لجذب اهتمام المستهلك باستمرار وإبقائه "مرتبطًا" بالإنترنت باستمرار.
وتسعى الشركات لـ"تنميط" المستهلكين أو جعلهم متشابهين في سلوكهم حتى يسهل عليها تسويق منتجاتها، فعلى سبيل المثال فإن عددا محدودا من الشركات يقدم أجزاء من الجوالات لكافة الشركات المصنعة للأخيرة ("آبل" و"سامسونج" و"هواوي" مثلًا)، بما يجعل التنميط حتميًا.
فبإنتاج نفس الكاميرات ومساحات الذاكرة والشرائح الإلكترونية وبرامج التشغيل يصبح الفارق بين جوال وآخر في "المزيج" الذي يتضمنه من أجزاء، لتبقى مساحة "التميز" محدودة للغاية، ولذلك حققت "هواوي" اختراقًا للسوق بتقديم جوالات بإمكانيات متوسطة وأسعار أرخص بما لاقى قبولًا أوسع من المنافسين.
وفي كل الأحوال يبقى عليك سؤال نفسك: هل سأصبح أسعد بقضاء المزيد من الوقت على الإنترنت أم غير ذلك؟ مع ملاحظة أن "الحصار" الذي تفرضه الشبكة العنكبوتية، يفرض قدرًا كبيرًا من الرقابة الذاتية يراعي "التنبه" لآثارها على السلوك الاقتصادي بل والشخصي، ويسعى لعلاقة "صحية" مع الإنترنت تحصد المزايا وتتجنب المساوئ.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}