تحاول بعض الدول الالتزام بخطط ووعود قطعتها على نفسها لمكافحة التغيرات المناخية، وتقف التكلفة الهائلة حجر عثرة في طريق التنفيذ، ولكن هولندا جسدت نموذجًا واقعياً لمعالجة المشكلة بفضل حقولها الزراعية القريبة من البحر حتى أصبحت مثالاً يحتذى به في العقود الأخيرة، وفقا لتقرير نشرته "الإيكونوميست".
ومع ذلك، فإن هناك مخاوف بشأن تهديدات هذه الحقول الزراعية التي تتخذ شكلاً مستوياً قرب سطح البحر، ففي الثامن والعشرين من يونيو، أصدرت الحكومة الهولندية اتفاق المناخ الوطني بعد مفاوضات بين صناعات وجماعات استهلاكية وساسة من أجل الوفاء بأهداف تقليص انبعاثات الكربون.
وبناء على اتفاقية باريس لمكافحة التغيرات المناخية عام 2016، تلتزم هولندا بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 49% بحلول عام 2030 ثم بنسبة 95% عام 2050، والسؤال: "كيف سيحدث ذلك؟ ومن سيدفع؟
مفاوضات وجدل
- عقدت الحكومة محادثات مع مسؤولين في خمسة قطاعات هي توليد الكهرباء والبيئة والصناعة والزراعة والنقل، وكان البعض منها مؤهلاً وجاهزاً لتلبية أهداف مكافحة التغيرات المناخية، فالطاقة على سبيل المثال تتجه نحو مصادر متجددة كتوربينات الرياح والألواح الشمسية بعيدا عن منشآت الفحم.
- رغم هذا، عارضت الصناعات الثقيلة في هولندا خطط خفض انبعاثات الكربون بشكل حاد نظرا لما تراه من زيادة في التكاليف وتغيير في أنشطتها، بينما تعهدت قطاعات أخرى بالتنفيذ بشكل قوي ومتسارع من استبدال مواقد الغاز من خلال أخرى كهربائية إلى تثبيت محطات لشحن السيارات الكهربائية.
- وافق مزارعون بشكل كبير على خفض انبعاثات الكربون في هولندا عن طريق القيام بأدوارهم في التوسع بأنشطتهم الزراعية والحقول المستوية.
- عندما طرح قانون المناخ في ديسمبر، أثار جدلا كبيرا وقلقا سياسياً واسعاً خاصة فيما يتعلق بالتكلفة الباهظة لتنفيذ هذه الخطط والأهداف وأيضاً كيفية فرض إجراءات على المواطنين كإجبارهم على استبدال مواقد الغاز من خلال أدوات كهربائية.
- يأتي ذلك رغم ما عرف عن الهولنديين من كثرة استخدامهم للدراجات وعدم الاهتمام كثيراً بالسيارات العاملة بالبنزين، ورغم هذا، فإن هذه الدولة سجلت واحدة من أسوأ بيانات انبعاثات الكربون في أوروبا.
- عام 2017، تسبب الهولنديون في انبعاث 12 طناً من ثاني أكسيد الكربون لكل مواطن - أكثر من انبعاثات دول كبولندا وألمانيا، ويرجع ذلك إلى انتعاش صناعات البتروكيماويات المتركزة قرب "روتردام" وأيضا صناعة الطيران.
التحرك الحكومي
- أظهر مسح أجري في يونيو انخفاض الدعم السياسي للإنفاق الحكومي على خفض انبعاثات الكربون إلى 38% من 46% في مارس، ويرجع ذلك إلى سخط الأحزاب على الخطط والنفقات المعلن عنها.
- تتكون الحكومة الائتلافية في البلاد من عناصر ليبرالية وتابعة للحزب الديمقراطي المسيحي وعناصر حقوقية مدافعة عن البيئة وغيرها، وتتخوف أحزاب المحافظين من تكلفة خفض انبعاثات الكربون التي قدرها البعض بتريليون يورو (نحو 1.1 تريليون دولار).
- ربما تصل التكلفة الحقيقية لإجراءات خفض انبعاثات الكربون - تشمل أهداف اتفاق المناخ - بنحو 5.2 مليار يورو (نحو 5.7 مليار دولار) سنوياً بحلول عام 2030 أي ما يعادل 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي الهولندي.
- نتيجة لذلك، قررت الحكومة في الفترة بين يناير ويونيو تغيير بعض الأجزاء المثيرة للجدل في الخطة مثل دعم المزارعين بمليار يورو لمساعدتهم على شراء معدات موفرة للطاقة وتأجيل خطة فرض رسوم بالكيلومتر على قائدي السيارات إلى عام 2026.
- في ظل الأهداف الحكومية الهولندية لتقليل انبعاثات الكربون والالتزام بأهداف مكافحة التغيرات المناخية وإمكانية تمرير التكلفة إلى المستهلكين، يبدو من كل ذلك مدى صعوبة إقناع المواطنين بالتضحية من أجل إنقاذ كوكب الأرض.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}