في الولايات المتحدة، أي شخص تابع التلفزيون ولو قليلًا خلال السنوات القليلة الماضية ربما سمع عن "هوميرا"، وهو علاج (يؤخذ عن طريق الحقن) لأشكال مختلفة من التهاب المفاصل والصدفية وقُرح القولون، والذي بُثت إعلاناته أكثر من 46 ألف مرة خلال النصف الأول من هذا العام، بحسب "فورتشن".
شركة المنتجات الصيدلانية "آب في" المنتجة لـ"هوميرا" -والتي تأتي في المرتبة 381 بقائمة فورتشن جلوبال 500 لأكبر شركات العالم- أنفقت نحو 490 مليون دولار خلال العام الماضي لتسويق الدواء، أي إن إنفاقها على الحملة الدعائية فاق أي شركة أدوية أخرى بشكل كبير.
تأخير المستقبل
- الإنفاق التسويقي الضخم لم يكن فقط لكون "هوميرا" أفضل الأدوية مبيعًا في العالم، حيث سجلت مبيعاته 20 مليار دولار خلال العام الماضي، ولكن لكونه أيضًا جوهر أعمال "آب في" نفسها، حيث يمثل 60% من إيرادات الشركة السنوية منذ عام 2014.
- في الحقيقة يخشى عملاق المنتجات الصيدلانية فقدان عرشه الذهبي إلى الدرجة التي دفعته للقيام بكل مناورة معروفة للحفاظ على مكانته، ودشن حصنًا لا يمكن تجاوزه من براءات الاختراع التي تركز على عمليات التصنيع والتسليم المعقدة للدواء.
- شملت جهود "آب في" أيضًا مقاضاة لمنافسين محتملين بقوة، وفي النهاية توقيع صفقات مع العديد منهم، والتي من شأنها تأخير دخولهم إلى السوق لسنوات قادمة، وهنا يكمن الخطأ الذي وقعت فيه صانعة المنتجات الصيدلانية.
- ما أقدمت عليه "آب في" هو محاولة لتأخير المصير المنتظر في المستقبل بدلًا من الاستثمار فيه، حيث تخلت عن أفضل الفرص المتاحة لتحقيق النمو بعيدًا عن منجم الذهب الخاص بها "هوميرا".
- يبدو أن الصفقة المقترحة لشراء صانعة البوتكس "أليرغن" مقابل 63 مليار دولار، أكثر من مجرد محاولة لركل الحجر بعيدًا عن الطريق (تجنب المنافسة في المستقبل)، حيث تسعى الشركة لإيجاد بديل جاهز يحظى بالقبول بالفعل، بدلًا من الاستثمار بجدية في الجيل التالي من الأدوية.
ريادة اليوم لا تعني الهيمنة على الغد
- "آب في" ليست وحدها في هذه اللعبة، لقد كان هذا حال كبرى شركات الأدوية والمنتجات الصيدلانية منذ بعض الوقت، وجاء ذلك نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج وتراجع الابتكارات، وفي النهاية، يبدو أن المستهلكين وحملة الأسهم سيدفعون الثمن.
- في زاوية بعيدة عن صناعة الدواء، نظر الكاتب "جوناثان فانيان" في موضوع مشابه داخل عالم الأعمال، وإن كانت عواقبه هذه المرة أقل خطورة على المجتمع من تخبط شركات الأدوية، ويتعلق بالصراع المحتدم في سوق الخدمات السحابية.
- تنتج "مايكروسوفت" ألعاب الفيديو ومنصات تشغيلها منذ بداية الألفية الثالثة، واعتقد الكثيرون أنها ستفوز بالسباق نحو الهيمنة على العصر الجديد من الصناعة، والذي يعرف بالألعاب السحابية دون بذل الكثير من الجهد.
- لكن في مواجهة تحديات المبتكرين الذين يعملون على نطاق واسع مثل "أمازون" و"ألفابت"، ستعاني "مايكروسوفت" للحفاظ على مكتسباتها، ناهيك بارتفاع المخاطر بشكل أكبر عندما يتعلق الأمر بمعركة الهيمنة العالمية.
العلاج الأمثل: الاستثمار في المستقبل
- على مدى العقدين الماضيين، نمت أعمال الشركات الصينية بسرعة كبيرة لدرجة أنها تفوقت هذا العام على الولايات للمتحدة في التصنيف السنوي لمجلة "فورتشن" لأكبر الشركات، في سابقة هي الأولى من نوعها.
- أصبح لدى الصين الآن 129 شركة مدرجة في قائمة "جلوبال 500" (تشمل 10 شركات تايوانية)، مقارنة
بـ121 شركة للولايات المتحدة، ورغم أن المراتب الصينية تتركز أسفل القائمة وليس القمة، فإن الزخم الذي تحظى به بدا قويًا للغاية.
- قبل عشرين عامًا، احتوت القائمة على 8 شركات صينية فقط من أصل 500 شركة عالمية، لكن جهود الحكومية الصينية للاستثمار في المستقبل، مثلما فعلت مع شركة "كوسكو" للشحن، فاق ما بذلته الولايات المتحدة.
- لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان القرن الأمريكي سيفسح المجال للقرن الصيني الجديد، لكن الجواب بالتأكيد سيعتمد على ما تفعله الولايات المتحدة ومعالجتها لمزايا اقتصادها المتراجعة.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}