بالنظر إلى الأسواق العالمية، فإنها تبدو كتداولات تجري في بحر عاصف، حيث التسارع للتخلص من أصول المخاطرة والبحث عن ملاذ آمن وسط مزيج من المشاعر المتضاربة والحسابات، وتساءلت "الإيكونوميست" في تقرير: هل تستعد الأسواق لركود وشيك؟
كانت الأسواق تتجنب التركيز على المخاطر حتى وقت قريب، ولكن زاد القلق وأصبح من الصعب تجاهل الإشارات البارزة على السطح مما دفع المستثمرين نحو السندات الحكومية كأصول آمنة أقل تذبذبا.
في ألمانيا، أظهرت البيانات انكماش الاقتصاد الأكبر في أوروبا، وانقلب منحنى العائد على السندات في أمريكا، وهي إشارة لطالما اعتبرها المستثمرون نذير ركود، وفي سويسرا، انخفض العائد على السندات أجل خمسين عاماً إلى نطاقات سالبة، وحتى في إيطاليا المثقلة بالديون، بلغ العائد على سنداتها العشرية 1.5% فقط، وارتفع الدولار أمام أغلب العملات الرئيسية كما انتعش الذهب وهبط النفط أدنى 60 دولارا.
خوف لا واقع
- يخشى الكثيرون من أن تكون كل هذه الإشارات خاطئة وأن الاقتصاد العالمي ليس على شفا الركود، ولكن الصين هي الأخرى أعلنت أن إنتاجها الصناعي سجل نموا بأقل وتيرة سنوية منذ عام 2002.
- في غضون ذلك، تعد فترة نمو الاقتصاد الأمريكي الحالية هي الأطول في تاريخها، ويرى محللون أن هذه الفترة بدأت تبلغ ذروتها، والخطر هذه المرة أن معدلات الفائدة في الولايات المتحدة قرب أدنى مستوياتها بالفعل، وبالتالي لو حدث الركود، ربما لا تصبح أداة خفض الفائدة بنفس فاعليتها في الماضي.
- يقول مستثمرون إنهم لا يزالون يخافون الركود لكنه لم يصبح واقعاً بعد، فالاقتصاد العالمي لا يزال ينمو وإن كان بوتيرة أبطأ عام 2018، وتبدو الأمور بخير في أمريكا وسط وفرة في الوظائف وسهولة في الائتمان وزيادة في الأجور.
- مجالس الإدارات في الشركات المدرجة بالبورصة الأمريكية فيما يبدو لم تشعر بعد بالخطر الوشيك مع استمرار انتعاش أعمالها وإقبال المستثمرين عليهم نتيجة توليد سيولة جيدة دون الحاجة للأصول الثابتة.
إذن لمَ هذا الهلع؟
- إذا كانت كل هذه الإشارات ضعيفة ولا يزال الاقتصاد العالمي في حالة انتعاش، فلم كل هذا الهلع السائد بالأسواق؟ تكمن الإجابة الأفضل عن هذا السؤال في "عدم اليقين" الذي يمزق الأسواق والشركات، وهذا – لا التعريفات الجمركية – هو السبب وراء القلق من الحرب التجارية بين أمريكا والصين.
- تصاعدت الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم ولم تعد تقتصر على مجرد فرض رسوم على سلع أو معادن صناعية، بل تطرق الأمر إلى القطاع التكنولوجي وسلاسل التوريد وحرب العملات.
- بالتزامن مع ذلك، ظهرت جبهات أخرى مثلما حدث بين اليابان وكوريا الجنوبية، وذكر محللو بنوك كبرى أن هناك تراجعا في الإنفاق الرأسمالي عالمياً كما أن استطلاعات رأي ومسوح تظهر تباطؤ ثقة الأعمال وتباطؤ في نشاط القطاعات الصناعية.
- البنوك المركزية ليست بمعزل عن كل ذلك، وبدأت تخفف سياساتها النقدية بخفض الفائدة، ففي يوليو، خفض الفيدرالي الأمريكي معدل الفائدة للمرة الأولى منذ عام 2008، وبالمثل، هرعت بنوك مركزية في نيوزيلندا والهند والبرازيل وبيرو والفلبين وتايلاند نحو خفض الفائدة وربما يستعد المركزي الأوروبي لإطلاق برنامج تيسير كمي جديد.
- بالطبع لا يجب تجاهل كل هذه الإشارات والتي من بينها الإقبال على الدولار كملاذ آمن وأيضاً سعى البيت الأبيض نحو تهدئة المخاوف التجارية مع الصين من خلال تأجيل فرض رسوم جمركية على بعض السلع الصينية حتى منتصف ديسمبر، وذلك تمهيدا لانتخابات الرئاسة التي يسعى "دونالد ترامب" للفوز بها مجددا عام 2020.
- هناك أمر آخر يجب عدم تجاهله أيضا وهو عوائد سندات الخزانة الأمريكية التي تعد ملاذا آمنا بالنسبة للمستثمرين وشهدت طلبا قويا في الآونة الأخيرة مما دفع العوائد عليها نحو التراجع.
- لا يمكن تجنب متابعة بيانات أخرى كسوق العمل الأمريكي والأجور وثقة الاستثمارات والأعمال، وهي أمور ركز الفيدرالي على متابعتها في بياناته.
التعليقات {{getCommentCount()}}
كن أول من يعلق على الخبر
رد{{comment.DisplayName}} على {{getCommenterName(comment.ParentThreadID)}}
{{comment.DisplayName}}
{{comment.ElapsedTime}}