نبض أرقام
17:19
توقيت مكة المكرمة

2024/07/22
14:15

تقليص حجم المنتجات.. ممارسة صناعية تربك البنوك المركزية وتضلل الاقتصاديين

2019/08/21 أرقام

قبل عامين، شعر مصدرو الشوكولاتة إلى بريطانيا بالضيق إزاء قرار مغادرة الاتحاد الأوروبي، حيث تزامن مع الاستفتاء الذي تقرر فيه ذلك، انخفاض في قيمة الجنيه الإسترليني، وبالتالي أصبحت مكاسب الشركات العالمية التي تبيع منتجاتها في المملكة المتحدة أقل، بحسب تقرير لـ"الإيكونوميست".

 

 

بدلًا من رفع سعر الحلوى، اختارت بعض الشركات تقليص أحجام المنتجات مثل شوكولاتة "توبليرون"، رغم أن منتجها -شركة موندليز- قال إن "بريسكت" لم يكن السبب في تقليص الحجم.

 

وعانت منتجات أخرى من نفس عملية التقليص في الحجم مع إبقاء الأسعار على حالها، وشمل ذلك، أوراق المناديل ومعجون الأسنان، وبشكل عام أصبحت هذه الظاهرة أكثر وضوحًا مع إعلان انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لكن ذلك لا ينفي حقيقة أنها شائعة بشكل مدهش من قبل.

 

تسعير المنتجات في فئات موحدة

 

- مع انخفاض الطلب، تشير الرسوم البيانية التقليدية إلى أنه يمكن للشركات إما بيع سلع أقل حجمًا بالسعر المعتاد أو خفض الأسعار لدعم المبيعات، لكن البيع بالتجزئة عبر الإنترنت، والذي يجعل من السهل جمع بيانات أسعار جديدة، يكشف مدى ضعف هذه النماذج التقليدية في عكس ديناميات السوق الحقيقي.

 

- أسعار المستهلك تتصرف بشكل غريب، ووفقًا لورقة بحثية من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لا تميل الشركات التي تبيع آلاف السلع إلى طرحها مقابل آلاف الأسعار المختلفة بل تسعّرها وفق مجموعة محدودة من المستويات السعرية.

 

 

- زيارة سريعة لموقع "إتش آند إم" تفي بالغرض لفهم ذلك، فتاجر تجزئة الأزياء، يضع مجموعة هائلة من المنتجات مقابل سعر 9.99 جنيه إسترليني (12.11 دولار)، تشمل القبعات والأوشحة والإكسسوارات والأحزمة والحقائب وأربطة العنق وغيرها.

 

- هناك مجموعة كبيرة ثانية من العناصر التي تباع مقابل 6.99 إسترليني، وأخرى مقابل 12.99 إسترليني، وعمومًا، تبين أنه عندما يغير البائعون سعر منتج ما، فإنهم لا يميلون إلى دفعه قليلًا، بل يعيدون إدخاله في واحدة من الفئات السعرية الموجودة بالفعل.

 

- بالنظر إلى حدوث تحولات كبيرة في أوضاع السوق، مثل الزيادة في تكاليف العمالة، فإن الشركات غالبًا ما تعيد تصميم المنتج بحيث يناسب السعر، بدلًا من تعديل السعر، وقد يحدث ذلك عبر جعل عملية الإنتاج أقل كثافة عمالية أو عن طريق تقليص حجم المنتج.

 

تأثر التضخم أم تأثيره

 

- بدأت البنوك المركزية في رؤية العواقب، التضخم لا يستجيب للأوضاع الاقتصادية كما كان يفعل في السابق، وعلى سبيل المثال، كان انكماش الأسعار خلال فترة الركود الكبير معتدلا وقصير الأجل، وبعد ثلاث سنوات من معدل بطالة لا يقل عن 5%، لا يزال التضخم الأمريكي دون المستوى المستهدف 2%.

 

- في تقريره السنوي المنشور مؤخرًا، قال بنك التسويات الدولية، إن "التسعير الكمي" (الاسم الذي أطلقه باحثو معهد ماساتشوستس في تقريرهم على ظاهرة التسعير المشار إليها) والظواهر ذات الصلة يساعدان في إضعاف استجابة التضخم للتغيرات الاقتصادية.

 

 

- لكن نفور الشركات من ارتفاع الأسعار قد يكون نتيجة للتضخم أيضًا بقدر ما هو مساهم في إضعافه، فعندما يرتفع سعر كل شيء عامًا تلو الآخر، كما في السبعينيات والثمانينيات، يمكن للشركات أن تعدل بسهولة التكلفة الحقيقية.

 

- على سبيل المثال، لو قفز سعر منتج ما بنسبة 5.5% بعد سنوات من الارتفاع بنسبة 5%، لن ينفر المستهلكون ويبدؤون البحث عن بديل له، كما سيفعلون إذا ارتفع بنسبة 0.5% بعد سنوات من الثبات، وبالتالي فإن انخفاض التضخم يجعل الأسعار أكثر ثباتًا.

 

- لتعويض ذلك، تبحث الشركات عن بدائل لتحميل التكاليف الجديدة على المشترين، مثل جعل منتجاتها أصغر أو أقل جودة، علمًا بأن التضخم المنخفض يؤثر على سوق العمل أيضًا ويفقد الشركات قدرتها على تقليل الأجور عن طريق تطبيق وتيرة زيادة دون مستوى التضخم.

 

تشويه سوق العمل والبيانات الاقتصادية

 

- يلقي الاقتصاديون باللوم على ثبات الأجور في تفاقم البطالة أثناء فترات الركود، فمع انخفاض الطلب، وعدم قدرة الشركات على الحد من الأجور للحفاظ على هوامش الربح، وتخفيض الأسعار بدلًا من الإنتاج، يضطر أرباب العمل إلى إقالة العمال.

 

- في مثل هذه الحالة، تلجأ الشركات الذكية إلى خيار الشوكولاتة السابق ذكره، لكن هذه المرة مع العمال، حيث تميل إلى خفض التكاليف عن طريق زيادة الإنتاج لكل عامل، وهي عملية شاقة وتحتاج إلى ضغط على العمال.

 

 

- لكن في الوقت الراهن، يبدو أن نمو الإنتاج مقابل كل عامل يميل إلى الانخفاض خلال فترات الازدهار ويرتفع خلال التباطؤ، وعلى وجه التحديد انعكس النمط الطبيعي قبل 40 عامًا عندما كان التضخم مرتفعًا.

 

- يمكن للشركات الاستجابة لضغوط السوق عن طريق تقليل المزايا المتاحة للعمال مثل خفض بدل الإجازات، أو حتى بإقرار جداول عمل أكثر إرباكًا، وخلال الأوقات الجيدة عادة ما تختار الشركات مكافأة العمال بمزايا لمرة واحدة بدلًا من زيادات الأجور التي لا يمكن تعويضها خلال فترات الركود الاقتصادي.

 

- إذا حدث ذلك على نطاق واسع كفاية، فإن ممارسات التغيير والتبديل في الجودة بدلًا من السعر يمكن أن تلحق الضرر بالبيانات الاقتصادية الأساسية، وستظل الوكالات الإحصائية تعاني لحساب تغيرات الجودة غير المتوقعة أو الخفية، والتي تواري حقيقة التضخم وتجعل الصورة الاقتصادية أكثر اضطرابًا وضبابية.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة