نبض أرقام
02:25 م
توقيت مكة المكرمة

2024/10/21
2024/10/20

فخ «المنافذ» لجذب الجمهور القسائم الشرائية

2019/08/24 الخليج

مستهلكون كثر يعبّرون عن استيائهم جراء سياسة «جر أقدامهم» للتسوق، واعتبروه استغلالاً صارخاً لهم، من خلال منحهم قسائم مشتريات، لكن تحت شروط محددة، منها أنها تكون صالحة للاستخدام في اليوم التالي للتسوق، كذلك إنفاق حد أدنى من النقود لإمكانية استخدام القسيمة، وغالباً تفوق ال 500 درهم، الأمر الذي يجعلهم على يقين أن المستهلك سيشتري بهذه القيمة أو أعلى لضمان استخدامه القسيمة وحصوله على خصم محدد. 

 

شعرت بسعادة وأنا أستلم قسائم مشتريات في أحد منافذ البيع، لاعتقادي أنني كسبت جائزة، لكنني وبمجرد النظر إلى صلاحية الاستخدام، أصبت بخيبة أمل، كيف لا، وهي تحتم عليّ العودة في اليوم التالي لتفعيل الكود الخاص بالقسيمة، كي أتمكن من التسوق، بل وهناك شرط يوجب إنفاق ما يزيد على 500 درهم، من أجل قبول التسوق عبر القسيمة.


بهذه الكلمات بدأ هاني عيد - طبيب في أحد المستشفيات الخاصة - حديثه وهو يشعر بالاستياء، جراء شروط استخدام القسائم الشرائية في عدد من منافذ البيع، والتي بحسب وصفه بعيدة عن المنطق، وتجعل الفرد يشعر بالاستغلال المباشر.


وأضاف أن المستهلك يتصف بذكاء حاد، ولديه القدرة على تحليل الوقائع قبل وقوعه في فخ المنافذ وعروضها الترويجية، التي هدفها الوحيد تواجد المتسوق في فروعها وشراؤه ما لذ وطاب من المنتجات، إلا أنها تغفل عن حقيقة أن السوق يفيض بالمنافذ والتعاونيات التي تواصل عروضها طوال العام، على أمل أن تجذب أيد شرائية جديدة ودائمة لديها، ومع ذلك فإن المستهلك لا يمكن له أن يقع ضحية مرتين، خاصة أن متطلباته محدودة والعروض كثيرة.

 

وقال فراس العارضة، ويعمل مهندساً في إحدى الشركات الخاصة، إن تحكم منافذ البيع بأسلوب تسوق الفرد، يعتبر استغلالاً واضحاً، إذ إنها تعمد إلى إلزامه بموعد الشراء في يوم آخر، عقب منحه قسائم مشتريات بقيمة محددة، الأمر الذي يعني عودته إلى ذات المنفذ، وصرف مبلغ أكبر من المحدد بالقسيمة، وبذلك فإن المنفذ كسب عودة «الزبون» وصرفه مبلغاً إضافياً عن قيمة القسيمة.


وأكد أن تقديم حوافز للمستهلك أمر مستساغ، شريطة ألا يتحول إلى إلزام كما يحدث في العروض الترويجية وما يرافقها من قسائم شرائية، حيث إن ظاهرة انتشار الحملات التخفيضية على مدار العام إيجابية، تأتي لصالح المستهلكين، وأن المراكز التي تقدم حوافز للمتسوقين تجد رواجاً بين الناس وإقبالاً على السلع التي تطرحها، إلا أنه بات ضرورياً إحكام الرقابة من قبل الجهات المعنية للتأكد من فترة سريان صلاحية السلع المعلنة، وأن نسبة التخفيضات المعلنة حقيقية وصدق الإعلانات التي وجدت انتشاراً في مواقع التواصل الاجتماعي.


صعوبة الإقناع


في المقابل، أوضحت سلوى قدومي، ربة أسرة، أن سياسة جذب المستهلك للشراء مرة أخرى، لا تعد مجزية، كونها تصعب إقناع الفرد بالتسوق طالما شعر بالاستغلال، في ظل وجود كثرة المنافذ المتنافسة فيما بينها، حيث تقدم خدمات تنال رضا الجمهور، وحوافز تشجيعية لاستمرارية العملاء، وخلق علاقة طيبة مع المستهلكين، مما يسهم في تحقيق معاني المسؤولية المجتمعية لهذه المنافذ، ويدعم أصحاب الدخل المحدود، ويوفر لهم السلع بأسعار تناسبهم. وأضافت: أن جذب الأيدي الشرائية يمكن أن يجري بأساليب إبداعية، بعيداً عن العبارات البراقة للعروض والقسائم التي تخضع للشروط، بحيث يتم منح المستهلك حرية الاختيار بأوقات التسوق من خلال القسائم، ودون تحديد حد أدنى للصرف، كذلك استبدال النقاط التي تم تجميعها عند التسوق في فترة سابقة، بسلع غير محددة النوع أو الوزن، وتقديم حوافز من أجل تعزيز العلاقة بين الطرفين، وبذلك يصبح متعاملاً دائماً.


مرونة الاستخدام


من جهته، أكد رامي خضر، مدير مشاريع في إحدى الشركات، أن سياسة «جر أقدام المستهلكين» للعودة بشكل دائم لمنفذ ما، لم تعد مجزية، في ظل وجود مواقع التسوق الإلكتروني، والتي تواكب الحياة المجتمعية، من خلال مرونة استخدام الفرد للقسائم الشرائية، وتعدد الأماكن التي يمكن له استخدامها فيها، الأمر الذي يجعله غير مقيد بوقت أو مكان محدد، ولا حتى بقيمة أدنى للتسوق، كما يحدث في منافذ البيع والتعاونيات الكبرى. وقال إن التنافس ما بين المنافذ ومراكز التسوق الكبرى في تقديم تنزيلات للسلع والخدمات، يجد الترحيب عند المستهلكين، ويشدهم للتسوق منها، إلا أنه يمكن للمستهلكين معاقبة هذه الجهات، طالما كانت غير صادقة في عروضها، من خلال الامتناع عن الشراء منها.


أسلوب علمي


فيما أكد وليد المغربي، مدير المشتريات والعمليات في جمعية الإمارات التعاونية بدبي، أن الشروط التي تضعها منافذ البيع عادة من أجل استخدام المستهلك للقسائم الشرائية تكون منطقية، ويتم حسابها بحسب الفكرة من التسويق وقيمة بطاقة الهدية ذاتها، إذ إن سياسة «جر قدم» الزبون تعتمد على أسلوب علمي ومدروس، خاصة أن السوق يشهد منافسة قوية، كما أنه يتم تقديم القسائم للمستهلك من أجل تعزيز ولائه للمنفذ نفسه، بأن يعود للشراء وقتما يشاء.


وأضاف أن لجوء بعض المنافذ أو التعاونيات إلى تنظيم مسابقة لاختيار فائز بجائزة قيمة، يهدف بالأساس إلى ضمان عودة الزبون للتسوق مرة أخرى، سعياً منه للفوز بالجائزة، إلا أن البعض يغفل عن واقع ذكاء المستهلك، الذي لم يعد يتهافت على مثل هذه السحوبات للفوز بسيارة مثلاً، كما أنه يعي أن إنفاق حد أدنى خلال التسوق لاستخدام «بطاقة هداية» لم يعد حافزاً للشراء، في ظل وعيه الواسع بآلية التسوق والخيارات الكثيرة المتوفرة بالسوق.


مسؤولية مجتمعية


في المقابل، قال محمد المهيري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لحماية المستهلك، إنه من الطبيعي سعي أية مؤسسة أو شركة تجارية، إلى تحقيق أكبر نسبة ربح، وقد يرى البعض أن ذلك يمثل منطلق العمل التجاري، فكل تاجر لا بد عند التفكير بأي عمل تجاري، أن يضع الربح في أول سلم أولوياته، ولذلك يضع خطة تسويقية تهدف إلى زيادة عدد الزبائن، لتحقيق الأرباح، لكن لابد لنا في الوقت ذاته، من فهم التداخل بين أخلاقيات التسويق والمسؤولية المجتمعية والأخلاقية، فرغبة المؤسسة التجارية في الربح، تقابلها كما هو معلوم رغبة الزبائن في أن يكونوا راضين عن السلع أو الخدمات التي تقدم إليهم، وبالتالي تحقيق الرفاهية للمجتمع، لكن ما يجب أن نتذكره هنا دائماً هو أن المؤسسات التجارية أو الشركات التي لا تتبنى المسؤولية المجتمعية عادة ما تكون أكثر عرضة للمخاطر، ولا سيما في عصرنا الحالي، الذي يشهد ممارسات تجارية قد تكون غير مسؤولة أحياناً.


وتابع: إن سبب المخاطر هذه هو أن المستهلكين يستطيعون محاسبة المؤسسات أو الشركات التجارية، التي لا تنتهج الأسلوب الأخلاقي في التسويق ولا تعتمد الشفافية في ذلك، من خلال العزوف عن منتجاتها، إذ إن المسؤولية الأخلاقية بالنسبة لأي مؤسسة تجارية مهما كان نوعها، تعني الصدق والوضوح، وفهم الحقوق والواجبات في عملية التسويق، إضافة إلى ذلك أن أي عملية تسويقية ذات طابع أخلاقي لها فوائد على المجتمع، لكنها لا تقل عن الفوائد التي تعود على المؤسسات التجارية ومنافذ البيع ذاتها، وتهدف إلى مساعدة المستهلك في توفير احتياجاته بالسعر الأفضل، مع الحفاظ على جودة المنتج أيضاً، وإرضاء أكبر شريحة من المجتمع.


وأضاف أن جمعية الإمارات لحماية المستهلك تؤكد على التزام المعايير الأخلاقية في عملية التسويق، إلا أن بعض منافذ البيع تلجأ إلى تقديم مغريات للمستهلكين، من خلال قسائم شراء مشروطة بإنفاقات سخية، ضمن حيز زمني محدود، بهدف الدفع من قبل المستهلك أكثر مقابل تخفيض بسيط في السعر، أو زيادة ضئيلة لا تذكر في الكمية، وهنا تبدأ مسؤولية المستهلك نفسه، والتي هي بحثه عن الأساسيات وجعلها أولوية خلال تسوقه، بدلاً من الكماليات التي لا فائدة منها ولا حاجة له بها في الوقت الحالي، وما سيعود عليه من توفير أكبر قدر ممكن من النفقات، ومع أن حماية المستهلك تتطلب وعياً من المستهلك ذاته، إلا أنها تتطلب أيضاً مراقبة من الجهات المختصة، المنوط بها ضبط آلية سير العملية التجارية، وعدم تحريفها عن المعايير الأخلاقية الضرورية، لسعادة وأمن المجتمع.


وشدد على أهمية التعامل بجدية مع أي شكوى من المستهلكين ضد أي مؤسسة تجارية، أو حتى خدمية، في التعامل التجاري، رغم الازدحام الكبير في الإعلانات التجارية التي تتنافس فيما بينها، ولذلك فإننا نؤكد أن جمعية الإمارات لحماية المستهلك لن تتردد في حال ورود أي شكاوى باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة، بهدف حماية وتوعية المستهلك والمجتمع بشكل عام.
 

ترغيب مالي مختلط بترهيب زمني


قال الدكتور محمد فراس النائب، أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في كلية المدينة الجامعية، إنه لطالما كان سلوك المستهلك موضع دراسة وجدل من خبراء الاقتصاد، لتبيان أسس السلوك الرشيد وبالمقابل ليضعوا هامشاً من الأخلاق للسياسات التسويقية للشركات تجاه المستهلك، ولعل قسيمة الغواية «إذا صح التعبير» هي في بؤرة الجدل كونها تغوي وتستخدم وسائل الترغيب المالي المختلط بالترهيب الزمني في غير صالح المستهلك، عبر سلسلة من الإغراءات الآنية التي لا تتكشف خيوط غاياتها وسلبياتها إلا بعد فوات الأوان بالنسبة للمستهلك، فنراه يذهب بعيداً في مجاراتها دون أن يعلم بأنها أحياناً ليست في صالحه كونها تقحمه في سلوكيات شرائية غير رشيدة. وتابع: بطبيعة الحال، علينا أن نأخذ في الاعتبار أن القسرية مفقودة من هذه السياسات التسويقية للشركات على الرغم مما يكتنفها من سلبيات، الأمر الذي لا يمكن معه إلقاء اللائمة على تلك السياسات، وتكفي حملات التوعية للمستهلك بهذا الصدد كما نفعل اليوم.

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.