نبض أرقام
14:20
توقيت مكة المكرمة

2024/07/23

ليست البيئة فقط من يعاني.. الاحتباس الحراري "تدمير" اقتصادي للدول

2019/08/30 أرقام - خاص

"كثيرًا ما يبدو الحديث عن الاحتباس الحراري بمثابة رفاهية للكثيرين، فمن يكابد كي يجد قوت يومه أو حتى من يعيش في مستوى رفاهية أعلى لن يهتم لارتفاع  درجات الحرارة من حوله بأرقام عشرية أو حتى بدرجة مئوية كاملة أو درجتين، فالإنسان "يحس" بالحرارة لذا لا يصدق كثيرًا ما يقال حولها".
 

هذا ما تؤكده مجلة "تايم" الأمريكية حول الاحتباس الحراري، مشيرة إلى أن كثيرين لا يدركون حجم "الكارثة" البيئية والاقتصادية التي يتسبب فيها.
 

 

نفقات باهظة
 

وتمت مناقشة الجانب البيئي مطولًا، أما عن الجانب الاقتصادي فبحلول عام 2030، ستحتاج البلدان الفقيرة إلى إنفاق ما بين 140 و300 مليار دولار كل عام على التدابير التي تعينها على مكافحة التغير المناخي، مثل مصدات الأمواج، إذا أرادت تجنب الضرر الناجم عن الاحتباس الحراري.
 

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة فإن هذه التكاليف سترتفع إذا زادت الحرارة بمعدل درجتين مئويتين فحسب فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، وهو ما يبدو غير وارد إذ ترجح دراسات عدة ارتفاع درجات الحرارة بثلاث درجات إلى 3.2 درجة مئوية بحلول هذا التاريخ بما يعني تضاعف النفقات لمواجهة هذه الارتفاعات.
 

وعلى الرغم مما يبدو عليه الأمر من غرابة، أجرت "إمبريال كولدج" للأعمال دراسة حول تأثير الاحتباس الحراري على الفوائد التي تُفرض على الدول من أجل ما تحصل عليه من قروض، واتضح أن تلك التي تعاني من مخاطر مرتفعة للاحتباس الحراري تقترض بنسبة 1.2% أعلى من تلك التي تتهددها مخاطر أقل.
 

ولذلك أسبابه المنطقية، فالأعاصير التي تزداد في فيتنام والجفاف الذي يضرب شرق أفريقيا وفساد محاصيل القهوة في هندوراس ما هو إلا ناتج ثانوي للاحتباس الحراري، وفي ظل ما يخلفه هذا من عدم استقرار اقتصادي لدول، هي بالأصل فقيرة، فإن تكلفة الاقتراض سترتفع يقينًا.
 

الأضعف الأكثر تضررًا
 

أسعار الفائدة المرتفعة تعكس إلى حد كبير مخاوف تخلف تلك الدول عن السداد، لذلك فإن الكثير من وكالات التصنيف الائتماني تبحث في مخاطر المناخ أيضًا.
 

 

وتقول "ماري ديرون" من وكالة "موديز" لـ"إيكونوميست" إن الاقتصادات غير المتنوعة التي تعتمد على الزراعة معرضة بشكل خاص لإعادة تقييم جذرية مع تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري، مضيفة أنه في البلدان الـ 37 التي تعتقد الوكالة أنها الأشد ضعفًا من الناحية الاقتصادية، تمثل الزراعة 44٪ من العمالة في المتوسط، بما يجعل تأثيرات الاحتباس الحراري عليها "استثنائية.
 

وبناء على ذلك تعاني تلك الدول الفقيرة معًا من ديون بقيمة 2.8 تريليون دولار، أي حوالي 4٪ من إجمالي الديون العالمية، على الرغم من ضعف قدرتها على سداد تلك الديون بطبيعة الحال، فضلًا عن ضعف قدرات مؤسسات تلك الدول على التخطيط لمواجهة التدهور المُقبل في البيئة والاقتصاد معًا.
 

تأمين ولكن
 

وبرزت في الفترة الأخيرة محاولات من جانب بعض الدول النامية من أجل التغلب على مشكلة نقص الاستثمارات بسبب المخاوف من أضرار الاحتباس الحراري وما يرتبط به من كوارث على الاستثمارات.
 

وكانت أول محاولة من هذا القبيل هي مرفق التأمين ضد مخاطر الكوارث في منطقة البحر الكاريبي، الذي دفع 139 مليون دولار منذ إنشائه في عام 2007 للتأمين ضد الاحتباس الحراري وهو مبلغ زهيد بطبيعة الحال لكنه جيد كلبنة أولى خاصة مع وجود محاولات لتبني تجارب مماثلة من دول أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا الوسطى والمحيط الهادئ.
 

 

وعلى الرغم من تلك المحاولات المضنية إلا أن دراسة لجامعة "لندن" تشير إلى تراجع بنسبة 10% في الاستثمارات إلى الدول التي تعاني من الاحتباس الحراري، وذلك مع تحييد عوامل شتى مثل البنية التحتية ومؤشرات الفساد وغيرها من العوامل التي تؤثر على جذب الاستثمارات.
 

والشاهد هنا أن الاحتباس الحراري لا يؤذي الصحة العامة أو البيئة فحسب ولكنه يؤذي الاقتصاد أيضًا، ولعل ما يعرقل التضافر لمواجهة آثاره أن المتضررين منه –في المراحل الأولى على الأقل- الدول الفقيرة.

تعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

{{Comments.indexOf(comment)+1}}
{{comment.FollowersCount}}
{{comment.CommenterComments}}
loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.

الأكثر قراءة