نبض أرقام
11:15 ص
توقيت مكة المكرمة

2024/10/02
2024/10/01

فضلا فكر ثانية..لا يمكن لكل الأعمال الهرب من فخ الركود؟

2019/09/07 أرقام - خاص

خلال لقاء تلفزيوني قبل أيام قال رئيس مجلس مستشاري الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الاقتصاديين إنه لا يعتقد في إمكانية حدوث ركود وشيك في المدى المنظور، غير أنه حذر من تداعيات الاستمرار في تداول مثل تلك المخاوف بما قد يسبب ركودًا في نهاية الأمر.

 

 

الأمل

 

ووفقًا لـ"نيويورك تايمز" فإن هذا يعد الاعتراف الأول أو حتى أول مرة يبدي فيها أحد المستشارين الاقتصاديين لـ"ترامب" مخاوفه من الركود (ايًا كانت أسبابه)، بما يعني أن قلق الأسواق نجح أخيرًا في التسرب إلى الإدارة الأمريكية التي أبقت على موقفها المتمسك بتحقيق الاقتصاد لأفضل معدلات أدائه منذ سنوات، والنفي القاطع لأي احتمالات للركود بغض النظر عن الكثير من السحب التي تتجمع في الأفق.

 

وبناء على ذلك يصبح الحديث عن الركود أكثر منطقية، ويضحي لزامًا على الأعمال التهيؤ للعاصفة (الركود) أولًا ثم تحضير خطط التصرف معها بما يحفظ لها بقاءها، بل وربما يحقق لها الازدهار.

 

وعلى الرغم مما يعكسه الكساد من تحديات لبيئة الأعمال إلا أن هناك أملا للشركات دائمًا، ومن ذلك ما كشفه الباحث الشهير "نيتن نوريها" بشأن فترات الكساد المتقطعة بين عامي 1980-2000 ، حيث  يرى أن 17% من الشركات إما أفلست أو تراجع نشاطها بشدة أو حتى استحوذت عليها شركات أخرى.

 

وفي المقابل، فإن 9% من الشركات انتعشت خلال فترات الكساد، ومفهوم كلمة انتعشت هو زيادة مبيعاتها بنسبة 10% وزيادة الأرباح بنسبة موازية أيضًا، بما يعكس أن تلك الأعمال لم تكتف بالبقاء على قيد الحياة فحسب بل تمكنت من الازدهار والنمو.

 

دروس الماضي

 

ويقول "سايمون لندن" المستشار في "ماكنزي" للاستشارات الإدارية إنه بينما لا يمكن للشخص التنبؤ بالمستقبل فإنه بوسعه باستمرار النظر إلى التجارب الماضية كي يستلهم منها القرارات الصحيحة التي قام بها من سبقوه في النجاة من الكساد.

 

 

وتأتي "مايكروسوفت" كإحدى أبرز الشركات التي نجت في مرحلة التأسيس من فترة الكساد بل وحققت نجاحًا واضحًا في يومنا هذا (أسست الشركة في الرابع من أبريل 1975) أي في قمة فترة كساد مر بها الاقتصاد العالمي والأمريكي بين عامي 1973-1975، غير أنها تمكنت من تجاوز تلك الفترة وما تلاها، لتناهز قيمتها حاليا التريليون دولار.

 

وتعليقا على ذلك يقول "بيل جيتس" عن تلك الفترة في مدونته "لقد كانت فترة عصيبة للغاية، فأنت مطالب بجذب الاستثمارات، في الوقت الذي تكون فيه تلك الاستثمارات مترددة في التوسع"، وبناء على ذلك كان "جيتس" مطالبًا بتسويق "فكرة" جديدة متعلقة بتطوير لغات البرمجة للكمبيوتر.

 

ومكنً هذا "جيتس" من تجاوز الأزمة التي عصفت حينها بأكثر من 80% من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، حيث أعطى "جيتس" المستثمرين أملًا في استثمار يتخطى فترة الأزمة وبالتالي أقبلوا على مشاركته مغامرته (والتي أثمرت بعد ذلك بطبيعة الحال).

 

"أمازون" مثالًا

 

ووفقًا لدراسة لجامعة "هارفارد" فقد قامت "أمازون" ببيع سندات بقيمة 672 مليون دولار في بداية عام 2000، وبعد تقييد الشركة لنفسها بمثل هذا المبلغ الكبير من الديون بشهر واحد ضربت الأسواق فقاعة "دوت كوم" التي أدت لغرق الكثير من الشركات.

 

ووفقًا لتقديرات الدراسة فقد أفلس أكثر من 50% الشركات التكنولوجية الناشئة خلال فترة 5 أعوام على تلك الفقاعة التي سببت كسادًا طال الشركات التكنولوجية بالذات (حيث بدأت الأزمة بالأساس) بما أدى لإفلاس عدد من المنافسين المحتملين لعملاق التكنولوجيا الحالي.

 

وأحد أهم أسباب انتعاش "أمازون" هو اتخاذها قرارًا استراتيجيًا بزيادة العمالة في الوقت الذي قللت فيه الشركات الأخرى العمالة، حيث تمكن عملاق التكنولوجيا من استقطاب أفضل العناصر التي غادرت الشركات بسبب الإفلاس أو بسبب برامج تخفيض العمالة.

 

ويشبه ذلك ما كشفت عنه الحكومة الفرنسية عام 2009، من أن 4% من العمالة، و11% من الشركات حققت استفادة واضحة من برامج أقرتها الحكومة للتشغيل المؤقت للعاملين، وعلى الرغم من محدودية النسبة إلا أنها تبقى مؤشرًا على وجود فرصة سانحة في الأفق.

 

 

كما كان أحد أسباب استمرار "أمازون" هو قرارها بالبقاء على استراتجيتها بالتحول من مجرد موقع لبيع الكُتب لموقع عام للتجارة على الرغم من صعوبة بدء مثل هذا النشاط في فترة الكساد، إلا أنه كما يقول "جيف بيزوس" حول فترات الكساد "عليك تذكر أن الكساد فترة وستنتهي فلا تضع كل خططك بناءَ عليه".

 

الأصغر الأشد عرضة للخطر

 

غير أن دراسة لـ"ماكنزي" تحذر من أن تأثير الكساد يبدو أشد كثيرًا على الشركات الأصغر، حيث استطاعت الشركات الـ10% الأكبر النمو بدرجة تفوق أكثر من ضعفي الشركات الأصغر خلال فترات الكساد بما يعكس اختلافًا جذريًا في تأثير الكساد على كليهما.

 

ويرجع ذلك لأن الشركات الصغيرة لا تملك السُمعة التي تجعل بعض المستثمرين يقبلون على الاستثمار فيها رغم الصعوبات الاقتصادية العامة، كما أن كثيرا منها يُدار بشكل يفتقر للنظام ورسم الاستراتيجية طويلة المدى بما يجعلها توجه كل مواردها لمواجهة الركود، فتصبح غير قادرة على الانتعاش حتى لو صمدت خلال الركود.

 

ولكن الركود يأتي بناحية أخرى تفيد الشركات الأصغر، ومنها أنه يترافق مع انخفاض بعض التكاليف المهمة والرئيسية للشركات الأصغر حجمًا، ومن ذلك على سبيل المثال تراجع تكاليف الإيجارات بنسبة 20-55% في وادي التكنولوجيا والمناطق المحيطة به في أعقاب الكساد الأخير قبل عقد من الزمان بما قلل من التكاليف.

 

كما تراجعت أجور العمالة "قليلة المهارة" بنسبة 10% وأصحاب الياقات الزرقاء (العمال) بنسبة 6% وأصحاب الياقات البيضاء (الموظفين) بنسبة 14% بينما انخفضت أجور الإدارة العليا بنسبة 28% في المتوسط بما قلل المزيد من التكاليف.

 

تقليدي تمامًا أو مبتكر تمامًا

 

ولذلك ينصح "إنفستبيديا" في هذه الحالة بالتركيز على "الأفكار المبتكرة للغاية" أو "الصناعات التقليدية جدًا"، وأورد الموقع عدة مجالات يمكن للأعمال البدء أو التوسع فيها دون قلق وهي: المحاسبة، الرعاية الصحية، البقالة، الاستشارات المالية، إصلاح السيارات، خدمات صيانة المنازل، مديرو الأصول.

 

وتشير دراسة لجامعة "ماساتشوستس" إلى أن الأعمال التي تمكنت من الحفاظ على زيادة ديونها مقابل رأسمالها بنسبة لا تتعدى 20% خلال فترة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي تمكنت من الازدهار إلى حد بعيد بعد انتهائه، بينما عانت الشركات التي حصلت على معدلات ديون 38% أو أكثر خلال نفس الفترة من الإفلاس أو من تراجع حاد في الأعمال.

 

 

ويجب الحرص على الاحتفاظ بالحد الكافي من السيولة باستمرار، خاصة أن فترات الكساد تعد فرصة لمن يحتفظ بالسيولة لأنه يكون قادرا على عقد الصفقات الرابحة في ظل انخفاض أسعار السلع بشكل عام بسبب الركود، لكن ذلك الانخفاض لن يكون مفيدًا إذا لم يكن لدى الشركة الأموال التي تمكنها من استغلاله.

 

وفي فترات الركود أيضًا تميل الشركات إلى اتخاذ ما يصفه "فيليب كوتلر" رائد التسويق عبر التاريخ بتخفيض نفقاتها للدعاية والإعلان بشكل خاص والتسويق بشكل عام، باعتبارها "عبئا" على الشركة.

 

ويقول "كوتلر": "سر البقاء على قيد الحياة في الركود هو البيع باستمرار، فإذا كنت تنفق بسخاء والمستهلكون مستعدون للإنفاق بشكل طبيعي، فكيف لا تمتنع عن الإنفاق إذا توقفوا هم عن الإنفاق وتتوقع نتائج أعمال إيجابية؟ أقل ما يمكن قوله إن هذا الأمر ليس منطقيًا على الإطلاق".

التعليقات {{getCommentCount()}}

كن أول من يعلق على الخبر

loader Train
عذرا : لقد انتهت الفتره المسموح بها للتعليق على هذا الخبر
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي بوابة أرقام المالية. وستلغى التعليقات التي تتضمن اساءة لأشخاص أو تجريح لشعب أو دولة. ونذكر الزوار بأن هذا موقع اقتصادي ولا يقبل التعليقات السياسية أو الدينية.